الثلاثاء 31 آب (أغسطس) 2010

ليس شيخاً خرفاً

الثلاثاء 31 آب (أغسطس) 2010

من السهل جداً أن نرد الكلام الآثم للحاخام عوفاديا يوسف على أنه تفوه من تفوهات كثيرة، لحاخام خرف لا يملك فمه دائماً. هذه تعلة سهلة جداً. كذلك تعلة أن يوسف نفسه متفوه على الدوام على العرب وحدهم لا يمنحه أي اعفاء من المسؤولية بل العكس. لو كانت هذه مرة واحدة فلربما قلنا زلة. اما عندما تصبح متسلسلة فان الامر أشد خطورة.

يقولون لنا ان عوفاديا يوسف عظيم في التوراة. وعبقري وحيد في عصره. وقد أسر سحره علمانيين كثراً. ويقولون إن هذا الشخص ذو ذاكرة مدهشة، فهو يحفظ كتباً عن ظهر قلب وغير قليل. وهو قادر على التنقيب في خفايا الشريعة اليهودية، ويشك في أن يكون له قرين. قد يكون هذا صحيحاً بيد انه لا يغير الصورة. إن خطبه في كنيس هايزدي في حي البخاريين تعاني الضحالة والتفاهة المدهشة. أهذا هو الشخص العبقري؟ أهذا هو زعيم حركة سياسية تمسك بدولة «اسرائيل» من مكان حساس؟ أهذا هو الشخص الذي يحج اليه كل زعماء «اسرائيل» بلا شذوذ تقريباً كي يحظوا بمباركة بائسة ما؟

إن هذا الشخص، وهو أحد أصحاب القرار والتأثير في برنامج العمل «الاسرائيلي»، عنصري صغير مصاب بكراهية النساء ايضاً. قال على أثر موجة المد البحري في نيو اورليانز : «يوجد هناك زنوج. أيتعلم الزنوج التوراة؟ هيّا لنأتهم بتسونامي ونغرقهم، كل ذلك لأنه ليس لهم القدوس جل شأنه». ولقب رئيس الولايات المتحدة بسخرية «عبداً». وقال في مناسبة أخرى ان «المشي بين امرأتين كالمشي بين حمارين». وقال في شلوميت ألوني انه «يجب عمل احتفال في اليوم الذي تموت فيه».

لم يعان السود والنساء فقط من لسانه، بل المتدينون ايضا مثل البروفسور يعقوب نئمان الذي قال فيه : «إنه يرتدي ملابس الصلاة لكن في دماغه سرطاناً. هؤلاء الاشرار، الذين يتحدثون الى التافهين، لتفن ِ السنتهم في أفواههم ولتذُبْ عيونهم في محاجرها». تلقى نئمان الضربة لأنه أراد تجنيد شبان المعاهد الدينية. وهذا لا يعد شيئاً قياساً بما تلقاه يوسي سريد : «شرير كبير. إنه شيطان. ليمح اسمه. وليمح ذكره كذكر العماليق. يجب اقتلاعه من العالم وتعليقه في شجرة عالية خمسين ذراعاً». وفي استئناف طبيعي لذلك أتى هذا الأسبوع الكلام الذي قاله يوسف في أبي مازن ورعاياه : «ليزولوا عن العالم. ليبعث عليهم الله وباء الطاعون، على هؤلاء الاسماعيليين الفلسطينيين، الاشرار الكارهين لـ «اسرائيل»». انهم على الأقل في صحبة جيدة. أي سيئة. مع سريد ونئمان وألوني ويمكن أن نضيف سلسلة التصريحات، ذات الأسلوب السيىء نفسه، عن ايهود أولمرت واريك شارون وكثيرين آخرين أيضاً.

ليست حقيقة أن الحديث عن أزمة كثيرين عزاء أغبياء، لانه بدل إيقاف هذا الشخص مكانه يحظى بما لا يحصى من الحجّ. يأتونه قبيل كل حسم سياسي (في الداخل او في الخارج). وليس الأمر ممكناً من غيره. يملك هذا الرجل أكثر من عشرة نواب، وقوته أكبر من النواب لأنه لسان الميزان منذ سنين كثيرة. وعلى حسب رغبته يكون زعيم لـ «اسرائيل». فلو أنه شاء فقط لأصبحت تسيبي ليفني من اليوم التالي كذلك. ولو شاء فقط لأسقط نتنياهو من غير أن يطرف له جفن، بل سيحظى فقط بمراودات أخرى.

أشك في أن تكون في العالم الديمقراطي ظاهرة أخرى مثل عوفاديا يوسف. يوجد أصحاب فتوى مثل يوسف القرضاوي، رجل الاخوان المسلمين، الذي ينطبق لسانه من آن لآخر أيضاً. عندما يقول القرضاوي أو آخر في رتبته كلاماً مشابهاً في اليهود أو النصارى فاننا نتأثر. ونتأثر بحق. لأن لهذه الكلمات تأثيراً. ولهذه الكلمات من يقبلها وينصرها. حتى لو لم يقم أحد ليقتل نئمان او سريد او أبا مازن فان هذه الكلمات تنشىء جواً ومزاجاً.

ليست المشكلة عوفاديا يوسف. المشكلة هي الغفران. إنه نفس الغفران الذي تستعمله حلقات اليسار مع المسلمين. يحل لهم. انهم مساكين. لم يقصدوا ما قالوا حقاً. صحيح انهم عنصريون ومعادون للسامية. لكنهم مضطهدون ويحق لهم. والغفران نفسه موجود بيننا، وفي اليمين خاصة لسب يوسف وشتائمه. يحق له. فهو ينتمي الى البائسين.

ما دام هذا الرجل حاخاماً وزعيماً صاحب قرار في «اسرائيل»، فان العار يقوم فوق كل سلطة في «اسرائيل».

- [**بن درور يميني | «معاريف» | 31 آب (اغسطس) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2182293

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2182293 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40