ما يحدث لأقلية «الروهينغا» المسلمة في ميانمار هو التعبير الأوضح عن عجز المجتمع الدولي المريع والسقوط الأخلاقي المدوي للأمم المتحدة في مواجهة القضايا الدولية الساخنة والتصدي لأبشع عمليات الإبادة والتطهير العرقي والجرائم البربرية التي ترتكب في العصر الحديث.
ليست قضية الروهينغا مسألة تمرد على الدولة أو محاولة للإخلال بالنظام أو السعي لإسقاطه، أو حتى الصراع مع الإثنيات الأخرى، بقدر ما تسعى هذه الأقلية، ببساطة، للدفاع عن نفسها وتثبيت هويتها ونيل أبسط حقوقها في الحياة والعيش بسلام على الأرض التي ولدت عليها وتأمين مستقبل أبنائها. فهذه الأقلية التي يتجاوز تعدادها 1,1 مليون إنسان لا تعترف بها الدولة، ولا تمنحها أية حقوق، بما في ذلك الهوية أو جواز السفر أو حتى حق التملك والتعليم وغير ذلك، بذريعة أنها تكونت أساساً من المهاجرين، خصوصاً البنغاليين، كما لا تعترف بها الغالبية البوذية والهندوسية التي تسيطر على الدولة، بل تعمل على استئصالها من البلاد. وهي تتعرض، ليس فقط، للحرمان من الحقوق، بل لاضطهاد وحشي لم تشهد البشرية مثيلاً له، حيث يقوم الجيش المزود بأحدث الأسلحة بمشاركة البوذيين والهندوس بحرب إبادة حقيقية وعمليات تطهير عرقي بحق هذه الأقلية المسلمة، شيوخاً وشباناً نساء وأطفالاً، حرقاً وذبحاً وتنكيلاً فرادى وجماعات، ومعها لم تنج المساجد والمنازل والممتلكات وحتى قرى بأكملها من عمليات الإحراق والتدمير ما أدى إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى وفرار عشرات آلاف اللاجئين إلى بعض الدول المجاورة.
كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر المجتمع الدولي والأمم المتحدة، باستثناء بيانات الشجب والاستنكار والتحذير من كارثة إنسانية، والعجز عن فعل أي شيء لوقف جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها نظام ميانمار وحلفاؤه بحق هذه الأقلية المنكوبة، إذ لم نعد نسمع أصوات الغرب الحريص على الحريات وحقوق الإنسان في مناطق أخرى، بمعاقبة هذا النظام أو تقديمه لمحكمة الجنايات الدولية، ربما لأن أقلية الروهينغا تعتنق الدين الإسلامي ويتم ذبحها بصمت ومن دون كلفة سياسية على الأرجح، لكن هذه الأصوات ستعلو بالتأكيد في حال تحولت هذه الأقلية إلى العنف والتطرف، وهي كما يبدو تدفع إلى ذلك دفعاً على يد النظام الهمجي وتخاذل المجتمع الدولي ومنظمته الأممية.
ومع ذلك، لا مفر من مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالعمل على وقف هذه المجزرة الإنسانية الرهيبة، والضغط على حكومة ميانمار للاعتراف بهوية هذه الأقلية وحقوقها المشروعة، إن أرادت الأسرة الدولية غسل العار الذي تتلفع به حتى الآن.
السبت 9 أيلول (سبتمبر) 2017
«الروهينغا» والسقوط الأممي الأخلاقي
السبت 9 أيلول (سبتمبر) 2017
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
108 /
2198582
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
10 من الزوار الآن
2198582 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 10