من جديد، يأتي من كيان الاحتلال ما يفضح عنصريته، ولا يتعلق الأمر هذه المرة بمخططات التهويد والاستيطان التي أصبحت أمراً واقعاً تم فرضه على الفلسطينيين قهراً، وإنما يخص الأجيال الفلسطينية المقبلة التي تعمل سياسات الاحتلال على تجهيلها وحرمانها من اكتساب مفاتيح العلم، وفق ما نشرته دراسة جديدة في القدس المحتلة، تقول إن ثلث التلاميذ المقدسيين يتسربون من المدارس الخاضعة لإدارة الاحتلال، وإن مصيرهم يبدو مجهولاً.
هذه الظاهرة الشريرة جزء من الحرب الصهيونية على القدس، وتكمل في أبعادها المختلفة الاستهداف اليومي للمسجد الأقصى وهدم البيوت والترحيل والاستيطان لترسم صورة شاملة عن عدوان واسع النطاق يستخدم كل الأسلحة ويضرب كل شيء. ورغم أنه من النادر أن تم تسليط الضوء على وضع المدارس العربية داخل الكيان، فإن الدراسة الجديدة الصادرة عن منظمة «عير عميم» العبرية تفتح الباب للتذكير بالوضع الكارثي لتلاميذ القدس. وما قالته الدراسة كان جزءاً من الحقيقة، أما الواقع فهو أن المدارس العربية هناك تعرف انهياراً على جميع الصعد، ولم تجد الشكاوى التي يرفعها الفلسطينيون مجيباً، خصوصاً بعد تسجيل مزيد من الإجراءات الانتقامية رداً على الإحباط الصهيوني بعد هبة الأقصى الأخيرة التي لعب فيها طلاب المدارس دوراً في تأجيجها، وانتهت بإرغام سلطات الاحتلال على فتح البوابات الإلكترونية وإزالة كاميرات المراقبة. ومع بدء العام الدراسي الجديد بدأت جملة من الإجراءات للتضييق على الكادر التربوي والمناهج الدراسية، ومثلما تم منع عدد من مديري المدارس والمعلمين من العمل بحجة اعتقالهم مؤخراً وخضوعهم للمتابعة «القضائية»، تم حرمان عدد من المدارس من المناهج الفلسطينية بزعم أنها تشجع على «الإرهاب» و«تفتري على التاريخ»، وكلها إجراءات لضرب القطاع التعليمي وتعطيله إضماراً لنية مبيتة لإجبار عائلات فلسطينية على مغادرة القدس إلى الضفة الغربية أو أي وجهة أخرى لاستكمال تدريس أبنائها في شروط أفضل.
التقارير القليلة القادمة من القدس تؤكد أن شرائح الشباب هناك تعيش ظروفاً قاسية تعمل سلطات الاحتلال على تعميقها. وباحتساب أن عدد التلاميذ في المدارس التابعة لبلدية الاحتلال في القدس تضم نحو 46 ألف تلميذ، فإن ثلثهم من التلاميذ المتسربين يكون في حدود ال 15 ألف تلميذ. وفي ظل أوضاع اجتماعية قاسية تشكو البطالة سيكون مصير هؤلاء الأطفال غامضاً، بل إن هناك من المصادر الفلسطينية ما يؤكد أن سلطات الاحتلال تشجعهم على الانحراف بكل أشكاله لتخلق لنفسها ذريعة معاملتهم أمنياً، ومن ثم سجنهم أو ترحيلهم، وهي غاية الغايات بالنسبة إلى كيان لا يوفر أي وسيلة من أجل تنفيذ مخططاته لتصفية الشعب الفلسطيني واجتثاثه.
تقصي سياسات الاحتلال يقود إلى اكتشاف حرب خفية على التعليم في الأراضي الخاضعة للسلطات الصهيونية، وهي حرب لا تقل خطورة عن الإجراءات الأمنية والعسكرية الأخرى، بل إن نتائجها البعيدة ربما تكون أكثر خطورة طالما هدفها خلق أجيال فلسطينية تجهل تاريخها أو دفعها إلى التنكر له. ولا شك أن هدفاً كهذا لا يغيب عن استراتيجية عنصرية ينفذها الكيان الصهيوني على مراحل وفي معارك توهم أنها منفصلة، بينما هي تتكامل وتتضافر لغاية واحدة، وعلى الفلسطينيين الانتباه.
الجمعة 1 أيلول (سبتمبر) 2017
مدارس القدس المنسية
الجمعة 1 أيلول (سبتمبر) 2017
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
73 /
2197600
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
2197600 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 17