الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010

أنا مؤمن بأوباما

الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010

ثمة شيء عجيب في رد اليسار على بدء المحادثات المباشرة بين «اسرائيل» و«السلطة الفلسطينية» في الأسبوع القادم في واشنطن الذي يتلخص في ثلاث كلمات: «لن يحدث شيء». اليسار يحرق أسنانه في خيبة أمل لا من نتنياهو بل من أوباما.

ليس أوباما رئيسا عاديا. فهو في نظر اليسار من اليمين، وفي نظر اليمين من اليسار. كتب البروفسور جوزيف شتيغلتس، الحائز جائزة نوبل وخبير الاقتصاد اليساري كتابا عنوانه («سقوط حر») في مركزه انتقاد قاتل لاوباما لانه «متابع نهج جورج بوش». يكتب شتيغلتس ان اوباما «يقامر على استمرار السياسة التي سنتها ادارة بوش» في جميع المجالات المهمة، ولا يقوم بانقلابات بل «يرتب من جديد الكراسي على التايتنك».

شتيغلتس خائب الأمل من اوباما لان الرئيس لا يضاعف تحويل الميزانية للعجز، ولا يؤمم المصارف الكبيرة، ولا يزيد الضرائب على الاغنياء ولا يجعل الولايات المتحدة دولة رفاه على شاكلة الدول الاسكندنافية. في مقابلة ذلك، ومن الجانب الاخر من المتراس يغرق مجال الخطاب العام الامريكي باتهام اوباما بأنه اشتراكي (ان لم يكن شيوعيا متخفيا)، وبأنه رئيس «غير أمريكي»، وبنياته الخفية ان يجعل الولايات المتحدة دولة رفاه على شاكلة الدول الاسكندنافية، لان اوباما يجيز من جهة قانونا ثوريا في مجلس النواب يوجب على كل مواطن أن يكتسب تأمينا صحيا، واذا عجز عن ذلك فان الدولة تشتري التأمين من أجله، لكنه يعتمد من جهة ثانية على الجهاز القائم من شركات التأمين وصناديق المرضى التي تعمل من أجل أهداف ربحية.

أما سياسة اوباما الخارجية فانها أكثر تعقيدا. فهو من جهة يسحب القوات المحاربة من العراق. ومن جهة اخرى يزيد القوة العسكرية في افغانستان. ويمد يده من جهة لمحادثة ايران ومن جهة ثانية يستعمل عقوبات لم يسبق لها مثيل عليها. وقد ابتز نتنياهو تجميد البناء في الضفة مؤقتا من جهة. ومن جهة ثانية يثير هذا خاصة غضب اليسار ـ فباراك حسين اوباما، وهو رئيس أمريكي أسود اللون أبوه مسلم، يمنح نتنياهو شهادة حل شاملة على أنه باحث حقيقي عن السلام، بعد أن كشف نتنياهو له، في سلسلة محادثات وحدهما، عن اطار التسوية الدائمة من جهته وعن حدودها.

إن تميز اوباما يراه خصومه ضعفا، وعمودا فقريا مرنا جدا، ومهادنة زائدة. والحقيقة عكس ذلك: فأوباما ذو تصميم، يسعى بلا كلل الى احراز أهدافه وهو يلتزم وعوده كما يلتزمها القليل من الساسة فقط. جميع القوانين التي اجازها مجلس النواب بوحي منه لقيت في البدء عدم ثقة كاملا من قبل المحللين الذين تنبأوا للرئيس بفشل كما يتنبأون اليوم في اليسار «الاسرائيلي» بفشل معلوم سلفا للمحادثات التي يعقدها بين نتنياهو وأبي مازن.

لكن أوباما فاجأ، ولزم الهدف السياسي مثل شعاع ليزر وبلغه. ليس كاملا فهو لا يمضي على مئة في المئة من النجاح. انه يمضي على 75 في المئة فقط من النجاح. انه يكتفي بإحراز ثلاثة أرباع الهدف: فعدو الانجاز هو الانجاز الكامل، يقول اوباما ويجب الاصغاء اليه.

لو كانت نتائج المحادثات متعلقة بـ «الاسرائيليين» و«الفلسطينيين» فقط، لأمكن أن نتلو عليها دعاء الوفاة في يوم ولادتها من جديد. لكن النتيجة متعلقة بالداعي باراك اوباما. سيسعى مؤمنا بفلسفة انجازه الى أن يؤدي بنتنياهو وأبي مازن الى اتفاق يكون مختلفا عما تعودنا حتى الآن. ليس من المحقق أن يمكن تسميته «تسوية نهائية»، لكن من المحقق أن يحدث تغييرا جوهريا في علاقة «اسرائيل» ـ فلسطين ـ العالم العربي.

هاكم برهانا أول على ذلك: جعل نتنياهو في مركز المحادثات نقاش الترتيبات الامنية، التي هي أكثر عملية وذات احتمال اتفاق ايجابي. يقول نتنياهو للقيادة الفلسطينية: «عمق الانسحاب كعمق الامن». هذا مقترح جديد يقبله اوباما. أما ما سبقه هو «عمق الانسحاب كعمق السلام» فقد فشل.

انا مؤمن بأوباما ولهذا أنا متفائل.

- [**تسيفر بلوتسكر | «يديعوت» | 25 آب (اغسطس) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2182307

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2182307 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40