الثلاثاء 23 تموز (يوليو) 2013

العراق يطحن أبناءه

الثلاثاء 23 تموز (يوليو) 2013 par بركات شلاتوة

المفخخات التي تصاعدت وتيرتها في العراق مع شهر رمضان المبارك وكأنها رسالة من الإرهابيين تقول لا احترام ولا لحرمة شهر رمضان ولا للصائمين الواقفين بباب الرحمن طلباً للرحمة والمغفرة والعتق من النار . كيف لا وهؤلاء لم يتوانوا عن نشر موتهم في الأحياء الآمنة وبين مدنيين عزل لا حول لهم ولا قوّة .

واضح أن من يقف وراء هذه الأعمال الجبانة هم “أناس” تبلّدت مشاعرهم وأحاسيسهم، خاصة أن المشاهد بعد كل تفجير تنقل صوراً مؤلمة لا يستطيع أي شخص لديه الحس الأدنى من الإنسانية أن ينظر إليها لأكثر من أجزاء من الثانية، أشلاء وبقايا أجساد غضة لا تعرف ما ذنبها لتستهدف بمئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة، دماء قانية تغطي الطرق وسواد يشير إلى المشهد العام في عراق كان يوماً مضرباً للأمثال .

أحياناً تثار التساؤلات . أليس لتجّار الإرهاب أسر وأطفال؟ ألا يتصورون أن ذاك الطفل الذي انتشل أشلاءً ممزقة من بين الحطام هو طفلهم؟ أم أن هؤلاء أجريت لهم عمليات خاصة انتزعت فيها ضمائرهم وقلوبهم وإنسانيتهم وباتوا كالروبوتات الآلية؟ لأنهم لو فكروا في ما يقومون به للحظة من هذا الجانب فإنهم حتماً سيتوقفون عن إرهابهم وزرع الموت في كل مكان .

ما لن يفهمه تجار الموت يوماً أن هذه التفجيرات والقتل المجاني على الهوية الذي يتوسع ويتمدد في جميع المناطق والمحافظات، لن يستطيع أن يلغي أي مكوّن من المكونات العراقية ولن يغيّر من حقيقة المشهد السياسي في البلاد، وأن ما تعجز عنه السياسة أبداً لن يتحقق بهذه الطريقة مهما تصاعدت وتيرة القتل والاستهداف والتدمير . والأكيد أن الجميع خاسر في هذه الجولة، لأن العنف يرتد على العراق ككل ويبعده عن السير نحو ركب الحضارة والتطلّع نحو المستقبل .

آخر فصول الخلاف السياسي هو مشروع قانون الانتخابات البرلمانية الذي يعجز مجلس النواب العراقي عن إقراره حتى الآن رغم اقتراب موعد الانتخابات، كل طرف يريد أن “يدير النار إلى قرصه” حتى يكون المستفيد الأكبر وحتى يحصد العدد الأكبر من المقاعد . كم من هؤلاء فكّر للحظة في مدى خدمة ذلك للعراق ككل، لا لمصلحة طرف أو جماعة أو حزب؟ الأكيد أن الأغلبية تفكر بعكس هذا التيار، لأن ذلك لو حدث لجرى التوافق منذ زمن ولكانت الأمور أفضل بكثير مما هي عليه اليوم .

لذلك نرى أن العراق “يحظى” بأعلى معدلات الفساد في العالم، كيف لا و”البرلمان” الذي من المفترض أن يراقب عمل الحكومة ويحاسبها على التقصير، مغيّب منذ زمن وتحكمه الطائفية والمذهبية المقيتة وتجمّد مشاريع القوانين داخله لأنها ليست مفصلة على مقاس هذه الجماعة أو تلك .

كل ذلك يدور وآلة الموت تطحن العراقيين، وآلة الفساد تفقرهم وتجوّعهم وتتركهم بلا مأوى أو أمن وأمان . أما آن لكم أن ترحموا العراق الجريح؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2182529

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2182529 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 30


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40