إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو عام ،1993 الذين يضمون عدداً من فلسطينيي الأرض المحتلة عام ،1948 بات أمراً مشكوكاً في تحققه، إن لم يقع في خانة “المستحيل”، خصوصاً أن مختلف مجرمي الحرب في الكيان المحتل هددوا بتعطيل العملية التي من المفترض أن تتم في 29 من الشهر الحالي، أي قبل شهر تقريباً من نهاية مهلة المفاوضات المستأنفة برعاية أمريكية بين الجانبين الفلسطيني و“الإسرائيلي” .
الموقف “الإسرائيلي” المعلن بالتزامن مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن، ومحادثاته مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قابله بعد عودة عباس تهديد فلسطيني بالسعي إلى عضوية منظمات دولية، الأمر الذي لا يمكن أن ينظر إليه بأي حال على أنه خطوة مضادة للسلوك العدواني “الإسرائيلي”، بقدر ما هو تكتيك مكشوف لا يدعم تنفيذه أي مؤشر واقعي .
عندما حصلت فلسطين على عضوية مراقبة في الأمم المتحدة، تعالت الأصوات منادية بأهمية الانضمام إلى الهيئات الدولية وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية، وغيرها من الهيئات المتخصصة في مواجهة جرائم الحرب، لكن تلك الدعوات لم تجد ترجمة واقعية حتى الآن، وبعيداً عن البحث في أسباب ذلك، يطفو تساؤل إلى السطح يتمحور حول التأثير المحتمل للخطوة إن تمت في كيان الاحتلال والعنصرية والقتل، لكن السؤال لم يلق إجابة، كون منطق الاحتلال أثبت ويثبت أنه لا يعبأ بالقانون الدولي وحقوق الإنسان .
في حالة مشابهة لما تمر به القضية الفلسطينية في الفترة الراهنة من تهديد وجودي، يبدو الاستمرار في انتهاج التكتيكات السياسية والتفاوضية أمراً بلا معنى أو أثر، ذلك أن هذه التكتيكات تأتي منفصلة وغير متناسقة في إطار عمل استراتيجي مخطط ومدروس، وكونها كذلك فإن “إسرائيل” لن تعبأ، ولن تعد العدة للمواجهة .
لم يستطع أحد حتى الآن أن يطلع الرأي العام العربي والفلسطيني على كواليس لقاء عباس - أوباما، وعلى نوعية الضغوط التي تمارسها واشنطن حالياً، ومطالبها التي قدمتها إلى الجانب الفلسطيني، لحساب ومصلحة “إسرائيل”، ووسط هذا الغموض لا يمكن لأحد التكهن أو توقع أي شيء، رغم أن مطلب تمديد التفاوض حتى نهاية العام الحالي على الأقل، يبدو مرشحاً بقوة لأن يكون على رأس المطالب “الإسرائيلية” - الأمريكية .
هذا ما يعيدنا إلى النقطة الأساسية، الجانب الفلسطيني بحاجة إلى إعلان ملامح استراتيجية سياسية واضحة في مواجهة كل ما تحاول سلطات الاحتلال تثبيته على الأرض، وفي مواجهة خطوات الضم والتوسع والقتل التي تفاقمت مؤخراً حتى بات متيقناً منه أن الكيان يستثمر المرحلة في أمرين، الأول كسب الوقت، والثاني نزع الشرعية والأهلية عن الجانب الفلسطيني، الذي يعلن ليل نهار أنه “لا يجد فيه شريكاً” للمضي في مسيرة التسوية .
أيام تفصل عن الموعد المحدد لإطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى القدامى، وشهر وبضعة أيام على انتهاء مهلة التفاوض، والمطلوب بشدة على المستوى الفلسطيني مغادرة خانة التكتيكات اللحظية إلى الاستراتيجية العامة التي توظف كل عناصر القوة مهما اختلفت أشكالها .
الأحد 23 آذار (مارس) 2014
استراتيجية لا تكتيك
الأحد 23 آذار (مارس) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
35 /
2197617
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
8 من الزوار الآن
2197617 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8