وزير الخارجية صقر دبلوماسي. اذا كان قد أعلن بعد يوم من عودة رئيس الحكومة من جولة المحادثات مع أبي مازن في طنجرة الضغط الامريكية، بأنه لا يؤمن بامكانية تسوية دائمة وعرض الاكتفاء بسلسلة ترتيبات مرحلية لأمد بعيد، فمن الواضح أن هدفه تعويق كل سلام ممكن. عندما تقوم هذه الترتيبات على اتفاق حدود مع تبادل أراض، وعندما تكون الاراضي المقترح تبادلها هي وادي عارة، فمن الواضح أن ليبرمان يريد دس عصّي في عجلات المسيرة.
لكن يتبيّن أن كلاما مشابها يصدر عن نظيرته الامريكية هيلاري كلينتون وعن صحافيين يُعدون معتدلين ايضا.
عندما جاء رابين بـ «اتفاق اوسلو» الثاني الى «الكنيست»، كتب الصحافي أري شبيط («هآرتس»، 16/9/2010)، التزم بالحفاظ على وحدة القدس والكتل الاستيطانية، وألا تعود «إسرائيل» الى حدود حزيران (يونيو) 1967. نبع هذا الالتزام من تصور السلام الذي تلقاه رابين من هنري كيسنجر، والذي يختلف على الاطلاق عن ذاك الذي يحاول الامريكيون فرضه الآن. بحسب تصوره، ينبغي السعي بدل اتفاق دائم غير ممكن الى اتفاق مرحلي بعيد الأمد، لا يُنهي لكن يخفف الصراع، وينشىء كيانا فلسطينيا مستقلا، ويُمكّن الشعبين من العيش من غير أن يتحكم ويقتل بعضهما بعضا. يقترح شبيط العودة الى طريق رابين وكيسنجر البراغماتية : وهي تقسيم البلاد الآن والسلام بعد ذلك. كذلك لا ترفض خطة ليبرمان تقاسم القدس وتسليم «السلطة الفلسطينية» الأجزاء العربية، أربما ترمي هي ايضا الى منع انفجار؟.
أوضح الصحافي ايهود يعاري في مجلة «فورين أفيرز»، معتمدا على اقوال اشخاص عرب، انه لا يمكن التوصل الآن الى حل سلام شامل، لكن نشأ وضع يكون العرب مستعدين فيه للتوصل الى تسوية هدنة طويلة، يمكن في اثنائها التباحث فيما اعتيد تسميته «المسائل الجوهرية» القدس وحق العودة. لكن الكلام نفسه إذ يصدر عن ليبرمان يُرى على نحو ما تحرشا. هل يجب على الكبش من اجل إرضاء ناخبيه أن يلبس جلد ذئب؟.
إن صيغة حزيران (يونيو) 1967 مع زيادة تبادل الاراضي كحل مناطقي كادت تصبح بديهية. ساعد «الانفصال» عن قطاع غزة في فهم واسع أن الاخلاء الشامل للمستوطنات يكاد يكون غير ممكن إذ أي اراض ستُسلم عوضا عنها؟
في الخاطرة الاولى مناطق فارغة أو ضئيلة عدد السكان بطبيعة الأمر. لكن لماذا لا يكون وادي عارة؟ وُجد ساسة، ليسوا من اليمين، أشاروا الى هذه الامكانية. من المؤكد أن أبا مازن سيفرح لتلقي منطقة ذات سكان ميسوري الحال يرفعون مستوى الحياة في فلسطين في طور بنائها عدة رتب. ويُزال عن علاقات الشعبين الاحتكاك الذي يُحدث شعورا بعدم المشايعة لجنسيتهم «الاسرائيلية» التي أخذت تقوى عند جزء من هؤلاء السكان.
ليس هذا ترحيلا. فلا يوجد هنا اقتلاع أناس وفصلهم عن بيوتهم وممتلكاتهم، بل رسم خط حدودي بتفاوض، بين بلدة يهودية مكتظة وبلدة عربية مكتظة، تبقيان كلاهما في دولتيهما القوميتين عن جانبي خط وقف اطلاق النار في 1949. يبدو أن نفس المبدأ الذي يقترحه ليبرمان فيما يتعلق بالقدس تقاسم يُبقي في الجانب الفلسطيني مئات آلاف الفلسطينيين الذين يسكنونها ليس مقبولا عند اليمين المتطرف فقط.
ينتج اذا أننا اذا نظرنا في كلام ليبرمان من جهة مضمونه لا من جهة اسلوبه، ولا حتى من جهة سمعة قوماني عضود انشأها الرجل لنفسه، لم يبق لنا سوى التساؤل لماذا كل هذا الضجيج؟.
[**تيريز لانغ│«معاريف»│14 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]
[**♦ صحافية في الصحافة الكيبوتسية.*]