كل عام ٠٠٠٠

عامان عمري يزيد عن عمرك وانت اكبر من اعوامنا واعمارنا بالف عام، لم تكوني صدفة، ولم تظهري فضلة، بل كنت الراوي، وكنا الحكاية، هكذا يكون الاختصار٠

لم تكن قيادتك من الانبياء، ولا كانت لجنتك المركزية من الصحابة، ولم نكن نری اخوتنا واخواتنا من حولهم سوی ثوار ولكن اصحاب قرار٠

في الحساب والهندسة والجبر، كنت ام المعادلات وام التحولات، نقلت اللاجيء المشرد، من لا عنوان الی عنوان، وامسكت بفك الجغرافيا وحبر التاريخ معا، والفكرة المركزية فيك هي اصدق وابسط الرٶی والثمار معا٠

انبل الحكايا ان تروی كما تحب ان تكون، وحكايتك ظلت دوما في مقدمة المعقول والمستحيل معا، جرب المجربون من كل كتاب ومن كل قصة، وانتهوا جميعهم الی حيث وقفت اول خطوة، ببساطة لانك القصة والبداٸل٠

حين تروی حكايتك، هناك الذين يبحثون في تفسخات القماش، وهناك الذين يكثرون الزعيق فوق ركام نتوءات لم تكن لتكون، لو لم يكن هناك مسير ولم تكن هناك قوافل، وممن هذه القوافل، ليست من الشرق ولا من الغرب، بل من تراب بلدك٠

من يظهر لنا مهارة لغوية او حذقا بصريا، كلما اقترب من اسمك او رسمك، بعدسة مكبرة لدنس او خطيٸة لا نقلب حرامها لحلال، هو فاسق ومدعي في كل علوم الارض، وخبر السماء معا، وما هكذا تورد الابل٠

ولكن بعيوننا نحن، انت شلال الدم، وجبل الرصاص، وبستان الحجارة، ونصاب باب الطهارة في جنة الله، وفي ارض حرمه وقدسه، كنت كل عمرنا وكل حياتنا، وكل امالنا والامنا، ولم تغلقي يوما باب مدرسة العشق، ولا قطعت طريق العشاق، ومن دمك سقيت كل زهور المسير بكل الوانها٠

في حكايتك صعاليك ومدعون وافاقون كثر، وفي حكايتك ايضا رجال وابطال وفرسان كثر، اما الاولون فقد تسلطوا علی الحكاية وسرقوا متاع المعبد وباعوا كتاب الدم بكل سوق وبازار، لدينا ايضا لصوصنا ومصرفنا، ولنا في هندسة الثعالب، واما الاخرون فاجبروا علی الخروج بيافطات وكراريس وبنادق كلها تحمل اسمك وتضيف عنوانا فرعيا لها كي لا يصيبها سخام الاولين، لكنها منك ولك وبك٠

حكاية الحكاوي شهيدك الختيار، هذا الذي مضی شهيدا رغم انف الالوان جميعا، وقضی وهو يكشف كل المستور بحصاره ودمه، وكل افاق دعي لا يری في خطاه ولا في نهاية انفاسه الا اصطياد لحظات سواد في الصورة لم نقبلها يوما ولا غفرناها ساعة، وان فهمنا حقيقتها وعلتها دوما، فهذا الرجل لم يكن الا سرة الامان، وخطٶه الوحيد انه لم يحسن اعداد الجسر التالي، واسلم الامانة قبله٠

انت ستبقين كما العادة، حكاية الفصل الثاني كلها، وهذه مسيرةورواية وليست قصة قصيرة، وفي الوقت عينه ستكونين ملهمة الفصل الثالث من روايتنا بلا نقاش ولا كثير كلام، والذين يحملون ارواحهم اليوم من ازهار شعبنا ويطلقون رصاصهم دون تردد فهموا السر وفهموا الجوهر والباقي رتوش وخربشات٠

نحن سنبقی علی عهدك وقسمك، مثلما بقي اخوتنا واخواتنا، ومثلما قضی فرساننا ونخلاتنا، وعلی وصاياهم وحروفهم، من فم المغربية صاحبة الجمهورية، وحتی فم ناصر ابواحميد جنرال الصبر، لا نحيد ولا نرتد، ننتظر ونردد مع الرجال الرجال، مع مروان وسعادات والاحبة هناك، الفجر قريب، والصبح اقرب٠

وكل عام وانت ثورة، كل عام وانت فتح٠٠٠

ايمن اللبدي
٢٧ كانون ٢٠٢٢٠