ينشب جدل قوي عندنا في ضرورة وجدوى تعديل قانون الجنسية، الذي فحواه أن كل متجنس لا بفعل قانون العودة سيُطلب اليه أن يؤدي يمين الولاء لدولة «اسرائيل» على انها «دولة يهودية» (لأنه لا جدل في المقدمة ديمقراطية).
عرب «اسرائيل» أول من صرخوا تعبيرا عن خوفهم على الديمقراطية «الاسرائيلية»، أو كما يُسمون انفسهم الفلسطينيين مواطني «اسرائيل»، الذين يُخيل الينا مع سماع احتجاجهم وكأنهم أوجدوا الديمقراطية، وهم الآن يعظون «الاسرائيليين» الذين يستعملون الفاشية ويهدمون الديمقراطية. ويؤيد «اسرائيليون» ليبراليون غير قليلين، حقيقيون ومتوهمون، هذه المزاعم الباطلة.
يعلم اولئك العرب علما صحيحا أن جميع بلدان «الشرق الاوسط» تؤكد قوميتها العربية (حتى دون ذكر الديمقراطية على انها جزء من هويتها) دون أن يطرف لها جفن، لكن ليست عندهم كلمة انتقاد لنظم الحكم المجيدة في تلك البلدان التي هجرها يهودها كلهم بسبب مطاردتهم. ومن المثير للعناية انه يأتي من الاردن والسودان ودارفور آلاف العرب يطلبون لجوءا الى دولتنا المضطهِدَة، ولا يجري أحد بطلب لجوء في سورية أو ليبيا. لكنّ هذه أموراً ضئيلة الشأن فقط. فجُلّ النضال يجري في الصعيد السياسي المبدئي، الذي يتجاهله المتحفظون من تعديل القانون، من هنا ومن هناك. تقرر المادة العشرون من الميثاق الوطني الفلسطيني، الذي لم يُعدل ولم يُلغَ قط، أن اليهود ليسوا شعبا، ولهذا لا يستحقون دولة. فليس عجبا أن يرفض محمود عبّاس «المعتدل» مُنكر المحرقة، الاعتراف بأن «اسرائيل» (دولة الشعب اليهودي). وليس عجبا أن يطلب جميع قادة عرب «اسرائيل»، الذين هم اعضاء في «كنيست اسرائيل» ايضا، تنفيذ حق العودة. فهم يعلمون أنها اذا تمت سيصبح أكثر مواطنيها عربا فلسطينيين، وبهذا تكون نهاية «اسرائيل»، الدولة التي يريدون في ظاهر الأمر الدفاع عن ديمقراطيتها. اذا كان الأمر كذلك، فان طلب الاعتراف بـ «الدولة اليهودية» ليس نزوة بل ثمرة تفكير عميق لمن يرى مستقبل الأمة إزاء ناظريه. لو طلب حكماء اوسلو أن يعترف الفلسطينيون مقابل اعتراف «اسرائيل» بحقهم في تقرير المصير، بحق مشابه للشعب اليهودي، لأيّد العالم كله هذه التبادلية المطلوبة. ولو أننا طلبنا مقابل اعترافنا بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي حركة تحريرهم الوطني، أن يقبلوا الصهيونية على أنها الموازي للشعب اليهودي، لبطلت جميع المشكلات التي نطلب تعديلها اليوم من تلقاء أنفسها، ولكان الميثاق السيىء الذكر قد بطل ايضا من تلقاء نفسه، لأنه بخلاف ما يقول قادتنا، الذين لم يقرأوه ولم يفهموه، لم يكن فيه وليس فيه اليوم شيء على «اسرائيل»، وكل شيء فيه على الصهيونية التي يريدون اقتلاعها من الجذور، ويستعملونها فزاعة يُحملونها كل معيب قبيح في خزانة شتائمهم الغنية.
نحن في النهاية نسد الخروق التي تُركت في تسويات اوسلو الفاشلة. ولذلك لا ينبغي الذعر لا من احتجاجات الفلسطينيين القوية ولا من صيحات انكسار الليبراليين بيننا لذلك. فلينطلق التعديل اذا.
[**البروفيسور رافي يسرائيلي│«هآرتس»│13 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]