أول ما يصدمك هو مستوى النقاش. هذه هي الساعات الحرجة من الحرب. يجب اتخاذ قرارات مصيرية على الانتشار، انقاذ الجنود المحشورين، سلم الاولويات لتفعيل سلاح الجو والاحتياط، ووجهة الجهود السياسية.
لنفترض ان وزير الدفاع جاء من مقر الوزارة، وهو يفهم حقيقة الوضع على الارض، ويعرف المعطيات لنفترض، إذ ليس لهذا أي دليل في اقواله ولم يكن لهذا أي تلميح في قراراته. ولكن رئيس الوزراء، الشخص الذي يفترض أن يتخذ القرار النهائي، لا يحصل على أي صورة مرتبة باستثناء اقوال عامة لديان. ليس لها مشورة، ليست لديها دراسة، لا شيء. الاقوال نفسها، له ولها وللاخرين، هي خليط لا يطاق من العبارات المنمقة («العرب يريدون أن يراهنوا على كل بلاد «اسرائيل»»، «هذه هي الجولة الثانية منذ 1948»)، أقوال تبجح وانهزامية.
الامر الثاني الذي يصعق هو بعض الاقوال التي قيلت لم تكن تقوم على اساس الوقائع، بل ما يسميه رئيس الاركان اليعيزر نفسه (wishful thinking). فهو يصف، مثلا، نتائج هجوم سلاح الجو في سورية في ذاك اليوم (الحملة التي تسمى «عارض ازياء 5») : «في هجوم الصواريخ شلت 27 بطارية من أصل 36»، يقول. عمليا اصيبت في الهجوم بطاريتان فقط.
صحيح، في معمعان المعركة من الصعب الطلب من الاستخبارات ايضا ان تأتي بمعطيات دقيقة. ولكن اذا لم تكن هناك معطيات، فلماذا ذكر مثل هذه الارقام؟ كيف تنشأ، انطلاقا من الفشل الاشكالي للاستخبارات وللتنفيذ، صورة على هذا القدر من التفاؤل في الحقائق، ومن جهة اخرى التشاؤم في التقدير؟
الامر الثالث هو الفهم كم هي العقلية تقرر الوعي والقرارات، اكثر بكثير من أي معرفة كانت. فقد عرفت «اسرائيل» من مصادرها ان الخطط الحربية المصرية تملي التقدم نحو خط محدود من نحو 10 ذ 15 . ا ب ا ب.
[**عوفر شيلح | «معاريف» | 5 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]