الأحد 13 أيلول (سبتمبر) 2020

ملف الأخبار: تطبيع آل خليفة: بالنيابة عن ابن سلمان

الأحد 13 أيلول (سبتمبر) 2020

تطبيع آل خليفة: بالنيابة عن ابن سلمان

في ظلّ تسارع وتيرة التطبيع الخليجي مع العدوّ الإسرائيلي، واقتناع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أخيراً، بأن الأنظمة العربية ستتجاوز سلطته لجعل العلاقات طبيعية مع إسرائيل بعيداً من أيّ مكسب للقضية الفلسطينية، وبأن مسار «أوسلو» السلمي انتهى عند أعتاب «صفقة القرن» ومشروع ضمّ الضفة الغربية المحتلّة، تنتعش، للمفارقة، عملية المصالحة بين حركتَي «فتح» و»حماس»، والتي تُوّجت بعقد مؤتمر «الأمناء العامين» للفصائل لمواجهة «صفقة القرن».

حالياً، ثمة ثلاثة مسارات تعمل عليها الفصائل الفلسطينية، سواءً تلك المنضوية تحت لواء «منظمة التحرير» أم تلك التي هي خارجها. بحسب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، خلال لقائه صحافيين لبنانيين وعرباً، فإن هذه المسارات تبدأ باستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، مروراً ثانياً بوضع برنامج سياسي مشترك يقطع مع مرحلة أوسلو ويعتمد على المقاومة، وصولاً ثالثاً إلى إعادة بناء «منظمة التحرير» لتنضمّ إليها كلّ من «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي».
أدركت الفصائل أنها لم تعد تمتلك ترف الوقت، وخاصة أن الطرف المقابل، أي الأميركي والإسرائيلي، يعمل لفرض وقائع على الأرض حتى يستثمرها الرئيس دونالد ترامب على بعد أقلّ من شهرين من الانتخابات الأميركية المقبلة. لذلك، تسعى الفصائل إلى توحيد برنامج عملها ميدانياً وسياسياً، قبل الانتخابات الأميركية أيضاً، لاقتناعها بأن أيّ إدارة مقبلة لن تُغيّر أو تعلّق قرارات ترامب الحالية.

مشروع أوسلو، الذي كان سبب الانقسام، وصل إلى نهايته، ولم يعد صالحاً للتداول

هذا الواقع يتطلّب، بحسب هنية، إيجاد برنامج سياسي واضح يعتمد على المقاومة، وخاصة أن «خطر صفقة القرن لا يهدّد فتح أو حماس، بل يهدّد السلطة نفسها»؛ أما «مشروع أوسلو، الذي كان سبب الانقسام، فقد وصل إلى نهايته، ولم يعد صالحاً للتداول الداخلي». وأكد هنية نجاح مؤتمر الأمناء العامين في وضعه تصوّراً متكاملاً لإنهاء الانقسام وتفعيل المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، مشيراً إلى أن حملة الاعتقالات التي شَنّها العدو في الضفة سببها التقارب بين «فتح» و»حماس»، كاشفاً أن سلطات الاحتلال هَدّدت المعتقلين بالسجن في حال شاركوا في أنشطة مشتركة بين الفصيلين.
وخلال لقائه مع الصحافيين، تطرّق «أبو العبد» إلى علاقات حركته مع دول المنطقة، مشدّداً على أهمية دور سوريا، ومعتبراً أنه «لا يمكن لأيّ فلسطيني أن يتجاهل سوريا، لا تاريخها ولا عمقها القومي ولا استضافتها قيادة حماس لعشر سنوات، ونحن نسجّل ذلك لسوريا وللشعب السوري وللحكومة وللرئاسة السورية». وعمّا إذا كانت هناك مبادرة للاتصال بالدولة السورية، قال هنية إن «من غير المناسب الحديث عن ذلك في الإعلام حالياً، ولكلّ حادث حديث».
وفي ما يتعلّق باتفاقية التهدئة مع العدو الإسرائيلي، أوضح أنها تقوم على إلزام الاحتلال بتنفيذ التفاهمات التي اتُّفق عليها سابقاً. أمّا الضمانة لذلك فهي «المقاومة في غزة، فسلاحنا معنا وشبابنا على الأرض، وهم سيجبرونه».

تطبيع آل خليفة بعد عيال زايد: بالنيابة عن ابن سلمان

- علي حيدر

«ثمّة اليوم حدث يستحقّ الاحتفال». قد لا يبدو مستغرباً ما علّق به بعض الإسرائيليين على إعلان انضمام البحرين إلى ركب التطبيع العلني مع كيان العدو، خلافاً لما أظهروه من لامبالاة لدى إشهار أبو ظبي علاقاتها مع تل أبيب. ذلك أن إقدام المنامة، المرتهَنة بالكامل لآل سعود منذ ما قبل اجتياح جند الأخيرين للجزيرة الصغيرة لقمع انتفاضة «14 فبراير»، على مثل هذه الخطوة، يعني أن الرياض تقف خلفها تماماً وتُزكّي ما قامت به وتنتظر الفرصة للكشف عن نفسها. ليست المسألة هذه المرّة مسألة «بالون اختبار» تلقي به السعودية من خلال «كناري مناجم الفحم» التابع لها والمُتمثّل في آل خليفة، بل هي قاطرة انطلقت بها أبو ظبي بمباركة من محمد بن سلمان وستصل إلى الأخير حتماً متى تهيّأت الأسباب. يمضي ثلاثيّ التطبيع الخليجي، برعاية أميركية، في خطّته لتكريس الأمر الواقع، بينما تعكف فصائل المقاومة على نسج خيوط واقع مغاير، انطلاقاً من حقيقة أن حديث التسوية قد مات ولم يعد صالحاً للتداول.

لم يكن متوقعاً أن يقتصر «اتفاق السلام» الأخير مع كيان العدو الإسرائيلي على النظام الإماراتي، تماماً مثلما لم يكن مفاجئاً أن يَلِي أبو ظبي في الدور نظامُ القمع في البحرين، والذي سَجّل اسمه باكراً ضمن لائحة المتآمرين على قضية فلسطين وشعبها، بعدما أثخن شعبه تنكيلاً وظلماً. المساحة المشتركة بين هذه الأنظمة، في ماهيّتها وتبعيتها وتموضعها وغربتها عن شعوبها وقضاياها، تجعل تواليها في هذا المسار أمراً مُسلّماً به، يصل حدّ التماهي والتطابق في المضمون والسياق والتوقيت.
وكما هي الحال مع نظام آل زايد، سبقت الإعلانَ عن «اتفاق السلام» مع نظام آل خليفة خطواتٌ علنية وسرية، بادر إليها النظام البحريني القمعي تجاه كيان العدو، بما وطّأ للخطوة الأخيرة. وبعيداً من كون النظام الإماراتي هو مَن مَهّد الطريق للنظام البحريني، فالأخير يُعدّ مِن أكثر أنظمة الخليج حاجة إلى مظلّة خارجية؛ بالنظر إلى أنه منبوذ من شعبه، الأمر الذي يجعله أسير مصالح الخارج، فضلاً عن أن نهجه يُعبّر عن حقيقة مَن يهيمنون على القرار في المنامة. ومن المتوقع، في هذا السياق، الكشف في الأيام اللاحقة عن الكثير من اللقاءات والزيارات المتبادلة مع كيان العدو، تماماً كما حصل في أعقاب الإعلان عن الاتفاق مع الامارات.
وفق الإيقاع نفسه أيضاً، أتى الاتفاق مع نظام البحرين تلبية لحاجات الثنائي دونالد ترامب - بنيامين نتنياهو، في المضمون والتوقيت والسياق. ومع كون هذه الخطوة جزءاً من مخطّط تآمري يستهدف فلسطين والمنطقة، إلا أنها، بوجه آخر، تنطوي على إيجابية كشف المزيد من أقنعة أنظمة القمع التي تحاول الاحتماء بعناوين مذهبية مصطنعة. ذلك أن فرز المعسكرات على أساس الموقف من قضايا التحرّر هو دائماً في مصلحة الشعوب، الأمر الذي يحتاج إليه شعب البحرين المضطهد. بعد المجاهرة بالتحالف مع كيان العدو، لن يبقى هناك عذر لأحد (ولم يكن هناك عذر سابقاً) من أجل اتخاذ موقف صريح ومباشر من هذا النظام الطاغي، إلّا مَن قرّر أيضاً، ولحسابات خاصة، أن يجاهر بتموضعه في معسكر تل أبيب.
كذلك، ومثلما هي حال الاتفاق الإماراتي، يعدّ الاتفاق البحريني تظهيراً لواقع قائم أكثر من كونه تأسيساً لواقع جديد. وهو ما لا يتعارض مع كون مسلسل التطبيع يستهدف الارتقاء بالتحالفات إلى مرحلة جديدة على قاعدة أن مصير هذه الأنظمة مرهون بمصير كيان الاحتلال، وفي مواجهة التهديدات ذاتها. والأهمّ أن يتواصل المسلسل الى حين نيل نتنياهو الجائزة «السعودية» الكبرى بعقد اتفاق مشابه مع نظام آل سعود. مع ذلك، يبدو من الصعب تقرير مَن هو الأكثر وقاحة، بين نظام البحرين ونظام الإمارات، في التعبير عن السياسات التي تنطلق من أن قضية فلسطين هي عبء ينبغي التخلّص منه بأيّ ثمن. وهذا الأمر يسمح، هو الآخر، بمنح المعسكرات عناوينها التي تعبّر عن حقيقة تموضعها.

تحدثت «القناة 13» عن أن هناك اتفاقاً ثالثاً سيُعقد مع دولة عربية قبل شهر تشرين الثاني المقبل

وإلى جانب الأبعاد المتصلة بالسياق والتوقيت الذي يخدم كلاً من الرئيس الأميركي في مواجهة واقعه الداخلي، ورئيس وزراء العدو الذي يواجه تحدّيات داخلية غير مسبوقة، يتميّز نظام القمع في البحرين بأنه يخضع بشكل تامّ للنظام السعودي، على خلاف نظام الإمارات الذي يتمتَع بهامشه الخاص. ومن هذه الزاوية، يمكن القول إن الاتفاق بين المنامة وتل أبيب مزكّى سعودياً بالكامل، وهو ما يؤشّر إلى اقتراب موعد الإعلان عن اتفاق مماثل مع الرياض، وبذلك تكتمل الدائرة. وكانت البحرين أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها ستسمح للرحلات الجوية بين إسرائيل والإمارات بعبور مجالها الجوي، عقب اتخاذ السعودية قراراً مماثلاً.
في البعد الإسرائيلي، كرّر نتنياهو التفاخر بـ»الإنجاز» الذي وفّره له النظامان البحريني والإماراتي، على اعتبار أن الاتفاقين يجسّدان معادلة «السلام مقابل السلام، والاقتصاد مقابل الاقتصاد». وليس صدفة أن يكرّر نتنياهو هذه المواقف كشعارات، لكونها تتّصل بمسارين: الأول إزاء القضية الفلسطينية، والثاني في الداخل الاسرائيلي. وهو، بذلك، كَمَن يعلن أن الفضل يعود للنظام السعودي، من دون أن يذكره، وللنظامين البحريني والإماراتي في تسجيل «الإنجاز» السياسي الذي يهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، بتياراته كافة.
وتتويجاً لهذا «الانتصار» اليميني - الصهيوني، في سياق التجاذبات تحت سقف مخطّط التسوية وفي الساحة الداخلية الإسرائيلية، نقلت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو أعلن بنفسه «اتفاق السلام» بين إسرائيل والبحرين، وأنه سيوقعه يوم الثلاثاء في البيت الأبيض إلى جانب اتفاق التطبيع مع الإمارات. وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن ولي العهد البحريني، سلمان بن حمد آل خليفة، سيشارك في مراسم التوقيع، حيث سيعلِن رسمياً ‎تطبيع العلاقات مع الكيان العبري. ولم يفوِّت نتنياهو هذه اللحظة من أجل محاولة توظيفها في سياق الترويج للمنطق الإسرائيلي - اليميني إزاء عملية التسوية، إذ أعلن، بعد وصف ترامب هذه المحطة بـ»الإنجاز التاريخي»، أن هناك «مرحلة جديدة من السلام، وستنضمّ دول أخرى»، وتَوجّه إلى الإسرائيليين بالقول: «أشعر بالانفعال لأبشّركم الليلة بتوصّلنا إلى اتفاق سلام جديد مع دولة عربية أخرى، مع البحرين. هذا ينضمّ إلى اتفاق السلام التاريخي مع الإمارات». وأضاف مُتوجّهاً إليهم بالوعود في ظلّ ما يواجهونه من أزمات اقتصادية ومالية، أن هذه الاتفاقيات «ستجلب الكثير من الاستثمارات إلى الاقتصاد الاسرائيلي». وحاول الإيحاء بأن ما جرى استوجب بذل جهود استثنائية من قِبَله، في حين أن الأنظمة المُطبّعة حديثاً تقيم علاقات سرّية مع إسرائيل، قد تكون في بعض جوانبها أكثر أهمية مما تمّ الإعلان عنه.
وفي أصداء الحدث في الساحة الإسرائيلية، رأت «القناة 12» أن «الاتفاق مع البحرين هو من نوع تأثير الدومينو... وهو ما أراده البيت الأبيض، بمعنى أن المسألة ليست مسألة دولة واحدة تعقد سلاماً مع اسرائيل، بل بداية شرق أوسط جديد». من جهتها، تحدثت «القناة 13» عن أن هناك اتفاقاً ثالثاً سيُعقد مع دولة عربية قبل شهر تشرين الثاني المقبل. وتوقف المحلل السياسي في القناة، آري شابيط، عند البعد السعودي للاتفاق مع البحرين، مشيراً إلى أن الأخيرة «دولة تحت الرعاية السعودية، وهي ليست مستقلّة حقاً، وهذا يعني أن السعودية هي تماماً في المسار، لم توقع، لكن أرجحية أن توقع خلال 6 أشهر أو سنة ارتفعت بشكل دراماتيكي. يوجد هنا حدث يستحق الاحتفال به».

لماذا يخشى محمد بن زايد الظهور؟

- عباس بيضون

لا يبدو مفاجئاً اعتذار وليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، عن عدم حضور الاحتفال المشؤوم بتوقيع ما يوصف بأنه «اتفاق سلام» بين أبوظبي وتل أبيب (والمنامة وفق ما أعلن أمس)، مرتقبٌ إمضاؤه منتصف الشهر الجاري في البيت الأبيض. وعلى عكس السياسة الهجومية التي يتّبعها ابن زايد على المستويين الداخلي والخارجي، فهو يبدو متحفّظاً في البروز الإعلامي، ومواجهة الكاميرات والصحافيين. قد تجد تصريحات لرجل الإمارات الأول، أغلبها ليس جديداً، لكنها عادة ما تكون في اتجاه واحد: ابن زايد مرسِلاً، والجمهور، أيّاً يكن مستواه، مسؤولين أو طلبة، مستقبِلين سلبيين. ويقول الخبراء إن أسوأ أنواع الاتصال تلك التي تفتقر إلى الأخذ والردّ.

مؤخراً، حين أراد ابن زايد مخاطبة الفلسطينيين، الذين يمثّلون ثقلاً عددياً ونوعياً في أبو ظبي (أكثر ممّا هم في الإمارات الستّ الأخرى التي تشكّل مع أبو ظبي الدولة السباعية الاتحادية)، لم يُلقِ الكلمة بنفسه، مع أنها لم تُتلَ في لقاء مباشر، بل عبر دائرة تلفزيونية، وقرأها نيابة عنه شقيقُه الأصغر منه بنحو عشر سنوات، عبد الله بن زايد. الأخير خاطب الفلسطينيين وكأنه يفهم قضيّتهم أكثر منهم، مُنظّراً عليهم بأن اتفاق بلاده مع الدولة التي مسحت فلسطين من الخارطة يمثّل فائدة عظيمة للمشردّين والمحتلّة أرضهم. لكن الكلمة، من منظار الفلسطينيين، تحمل تهديداً مبطناً، ودعوة قاسية إلى أن يلتزم الفلسطينيون الصمت، وأن لا يحذوا حذو السلطة الفلسطينية التي وصفت الإجراء الإماراتي بـ»الخيانة، والطعنة في القلب».
لم يُعطَ الفلسطينيون في الإمارات حق الردّ. ولا شك في أن قليلاً منهم قد ينساق وراء البروباغندا الإماراتية، خصوصاً منهم الموالين للمفصول من حركة «فتح» محمد دحلان، لكن التقديرات تشير إلى أن غالبية فلسطينية إمّا مؤيدة لـ»فتح» أو لـ»حماس»، وهي ترى أن التطبيع العربي المجاني مُضرّ بقضيّتها. بيد أن خشية المقيمين في الدولة الخليجية الغنية ليست من انتفاء حق الكلام والردّ، فهذا ممتنع على الإماراتيين أنفسهم الممنوعين من حرية التعبير تحت طائلة السجن، بل من تعرّض بعض العرب للطرد من الإمارات لأسباب تتعلّق بهويتهم العقائدية ورؤاهم السياسية المفترضة، وهو أمر سبق أن حصل للمئات من فلسطينيين ولبنانيين وجنسيات أخرى.
وإزاء شحّ البروز الإعلامي لمحمد بن زايد، سنجد في المقابل حوارات ليست كثيرة لأمير قطر تميم بن حمد، وأخرى لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وثالثة باتت أقلّ لنظيره البحريني سلمان بن حمد، مع جهات إعلامية غربية. بيد أن الرصد الموضوعي يخلص أيضاً إلى القول إن ملوك وأمراء وسلاطين الخليج المتوارثين نادرو الظهور في مقابلات تتضمّن أسئلة حقيقية، لكن هذا ينطبق أكثر على الزعيم الإماراتي النافذ، الذي يكاد يخلو سجل عمله من لقاء صحافي، منذ ما قبل تسيّده المشهد الإماراتي بعد وفاة والده في عام 2004، ومن ثمّ إصابة الرئيس الإماراتي، خليفة بن زايد، بجلطة أقعدته عن ممارسة عمله في 2014.

يصعب أن يكون غياب محمد بن زايد عن الاحتفالية ورقة سياسية

محمد بن زايد يتهيّب مقابلة الإعلام الغربي، خشية الوقوع في خطأ ما، أو حتى مواجهة أسئلة يراها محرّمة، وهو الذي لا يقبل رأياً آخر في الإمارات أو غيرها. وهو يستثمر المغني الشهير، حسين الجسمي، لتعزيز صورته قائداً مغواراً وحكيماً. وخلال الأشهر القليلة الماضية، أصدر أحد أشهر فناني الإمارات أغاني عديدة تُمجّد ولي عهد أبو ظبي، ومنها ،»بو خالد» و»سيد الطيب”، “وحامي الحمى»، ومطلعها “سر بنا بر وبحر أرض وسِما.. وين ما تامر عـلينا حاضرين”! وفي بعض الحالات، يبدو أن المنافس لقناة «الجزيرة» القطرية، في تعزيز مكانة الإمارات، ليس قناة «سكاي نيوز عربية» التابعة لأبو ظبي، بل الجسمي، بصوته الأخّاذ وكلماته المغالية في تعظيم رجل الإمارات الأول.
عدوى ابن زايد انتقلت إلى المسؤولين الخليجيين الآخرين. فلم يعد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، يتحدّث إلا نادراً، على عكس ما كان يفعل سابقاً. كذلك، أقفل عادل الجبير فمه، حتى لا نكاد نرى اسم وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي. أما وزير خارجية البحرين، عبد اللطيف الزياني، فقد اتخذ مساراً مناقضاً لما كان يتّبعه سلفه خالد آل خليفة، الذي كان يغرّد في اليوم عدة مرات بعبارات قريبة إلى لغة الذباب الإلكتروني.
عبد الله بن زايد، الذي يشغل منصب وزير الخارجية، سيقوم بالتوقيع باسم الإمارات، إلى جانب رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو، على الاتفاقية، التي يراد منها تقديم خدمة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في حملته الرئاسية المترنّحة، وتعزيز مكانة نتنياهو في أوساط الرأي العام الصهيوني ذي الغالبية اليمينية. كما يراد إظهار الإمارات على أنها الأقرب إلى واشنطن، ويمكن الاعتماد عليها لقيادة الدول العربية البائسة، في ظلّ انهيار لا يخفى للنظام الرسمي، فلا أحد يريد حمل الراية العربية، إن بقيت لهم من راية غير منكّسة، بعدما تقهقرت دول المركز جميعها من دون استثناء، وإلا فإن الراية العربية ستؤول إلى تركيا أو إيران، خصمَي المحور السعودي، الذي يفضّل التحالف مع الصهاينة، بدل التفاهم مع الدول الإقليمية القديمة الإسلامية المجاورة.
ويصعب أن يكون غياب محمد بن زايد عن الاحتفالية ورقة سياسية، ذلك أن الإمارات تمضي مغمضة العينين نحو تحالف استراتيجي مع إسرائيل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2184573

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ملفات  متابعة نشاط الموقع ملف مشارك   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2184573 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40