السبت 18 تموز (يوليو) 2020

ملف ألأخبار: «رشوة» نتنياهو لا تثمر: إسرائيل في «اللايقين»

السبت 18 تموز (يوليو) 2020

- «رشوة» نتنياهو لا تُثمر: «بيبي هبايتا»!
بقلم: بيروت حمود

في ظلّ التجاذبات السياسية داخل الائتلاف الحاكم، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتفشّي فيروس «كورونا» الذي تأتي الموجة الثانية منه لتزيد الأوضاع سوءاً، يحاول بنيامين نتنياهو امتصاص السخط المتعاظم على أداء حكومته بخطوات استرضائية، كان آخرها صرف ما يشبه «الرشوة الجماعية». على أن محاولات نتنياهو تلك لم تقابَل إلا باستمرار التظاهرات المطالبة باستقالته، والتي تقودها حركة «الأعلام السود» منذ عدة أشهر، احتجاجاً على ما تصفه بـ«تآكل الديمقراطية» في إسرائيل

ما إن حاول الاقتصاد الإسرائيلي التقاط أنفاسه إثر انحسار الموجة الأولى من فيروس كورونا، حيث فتحت المؤسسات العامة والخاصة والمحالّ التجارية والمراكز الترفيهية أبوابها، حتّى تجدّدت الخلافات داخل الائتلاف الحاكم على عدد من المسائل، في مقدّمتها موعد تنفيذ ضمّ الأغوار ومستوطنات الضفة الغربية وكيفيته، مروراً بإقرار الموازنة لعام أو عامين، وليس انتهاءً بالتهديد المتواصل من قِبَل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالذهاب إلى انتخابات مبكرة وفضّ الشراكة مع حزب «أزرق أبيض» وزعيمه، بني غانتس.

ما كان ينقص هذا المشهد سوى بلوغ الموجة الثانية من الفيروس ذروتها خلال الأسبوع الأخير، بتسجيل أعداد قياسية وغير مسبوقة من المصابين. ولتفادي ما خلّفته الموجة الأولى من تداعيات على الاقتصاد، قدّمت الحكومة خطّتها التي ووجهت بالرفض. هكذا، عاد الآلاف إلى الشوارع، وهذه المرة أمام مقرّ نتنياهو نفسه عند تقاطع شارعَي غزة وبلفور في القدس، احتجاجاً على فشل الحكومة في إدارة أزمة كورونا.

دان حالوتس: علينا إخراج نتنياهو قبل أن يهدم الهيكل الثالث

التظاهرات التي كانت بدأت منذ أشهر، وتقودها بشكل رئيس حركة «الأعلام السود»، تبدو مدفوعةً بثلاثة عناوين: فشل حكومة نتنياهو في السيطرة على وباء كورونا، الفساد الحكومي المستشري وتردّي الأوضاع الاقتصادية. يوم الثلاثاء الماضي، بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها، مع تظاهر الآلاف في «بلفور» تحت شعارات مستوحاة من يوم سقوط سجن «الباستيل» الذي انطلقت منه شرارة الثورة الفرنسية. واعتقلت الشرطة الإسرائيلية عشرات المشاركين في التظاهرة، التي تخلّلتها أعمال عنفية ومحاولات لعرقلة حركة القطار الخفيف في القدس. وكان من المتوقّع أن يشهد ليل الخميس - الجمعة أحداثاً مماثلة، لولا أن المحتجّين، الذين اتخذوا من تقاطع «غزة - بلفور» ما يشبه مقرّ إقامة دائماً، استقبلوا الشرطة بفعّاليات «سلمية» من مثل رياضة اليوغا والسيرك.
واقعة الثلاثاء الماضي دفعت بنتنياهو إلى محاولة تقديم «رشوة جماعية» للإسرائيليين بلغت قيمتها نحو ستة مليارات شيكل (قرابة مليار و700 مليون دولار). وهي كناية عن مساعدة مالية لكلّ إسرائيلي بحوالى مئتي دولار، بغضّ النظر عمّا إذا كان المستفيد قد تضرّر من إجراءات الإغلاق خلال الموجة الأولى من الفيروس أم لا، وعما إذا كان خسر عمله أم لم يخسره. على أن محاولة نتنياهو إخماد الغضب الشعبي ضدّه آتت مفعولاً عكسياً، بخروج انتقادات لاذعة لخطوته من جانب شركائه في الائتلاف وخبراء اقتصاديين وسياسيين.
وتمثّل آخر تلك الانتقادات في ما صدر عن محافظ البنك المركزي، أمير يارون، الذي اعتبر أن «ثمة طرقاً أفضل وأنجح لإعطاء الأموال إلى مَن هم في أشدّ الحاجة إليها، وهي أفضل من توزيع الأموال على جميع المواطنين لمساعدتهم على تجاوز الوباء وضخّ الأموال في الاقتصاد المتعثر». وفي مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، أوضح يارون أنه «كان على الحكومة رفع إعانات البطالة بشكل مؤقت وبأثر رجعي للعاطلين عن العمل، أو الذين هم في إجازة من دون راتب، أو العاملين المستقلين، إلى 90 بالمئة من دخلهم الشهري».
من جهتها، رأت المديرة العامة لوزارة المال، كيرين تيرنر- إيال، أن خطة نتنياهو بمثابة «إلقاء لحقائب المال الذي لا نملكه إلى البحر»، بحسب ما نقلت عنها «القناة 13». أما حزب «أزرق أبيض» فلم يتحفّظ على فكرة تحويل الأموال مباشرة إلى المواطنين، إنما يجب - بحسبه - «التركيز على أولئك الذين تضرّرت مصادر رزقهم». ودعا حزب «دريخ إيرتس» الذي يمثله في الحكومة الوزير يوعاز هندل، بدوره، إلى «تعويض المواطنين الذين تضرّروا فقط، وفي مقدّمتهم العاملون المستقلّون والعاطلون عن العمل والعائلات الفقيرة، وليس العائلات العاملة التي لا تحتاج إلى المال». وهو ما ذهب إليه أيضاً وزير الرفاه الاجتماعي والنائب عن حزب «العمل»، إيتسيك شمولي، الذي قال إن «الخطة تتجاهل 80 ألفاً من أصحاب الأشغال المحتاجين إلى الدعم، وهي لا تلتفت إلى تمويل ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال المعرّضين للخطر».

رشوة «بيبي» عبارة عن مساعدة بقيمة 200 دولار لكلّ إسرائيلي

بالتوازي، استمرّ المئات، أمس، في التظاهر أمام مقرّ إقامة رئيس الوزراء في القدس، مؤكّدين مواصلة تحرّكهم حتى تقديم نتنياهو استقالته. وحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها: «مال- سلطة- عالم سفلي (عالم الجريمة)»، و«بيبي هبايتا» (بيبي إلى البيت، أو ارحل). كذلك، بدا لافتاً حضور رئيس هيئة الأركان السابق، دان حالوتس، الذي اعتبر أن «نتنياهو يحوّل إسرائيل إلى دكتاتورية صغرى. ممنوع أن يدفع شعب كامل الثمن... قبل أن يُهدم الهيكل الثالث (في إشارة إلى الدولة العبرية الثالثة) علينا إخراجه من هنا، فهو على استعداد لأن يحرق كلّ شيء»، وفق ما نقل عنه موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت».
وفي حديث إلى الموقع نفسه، قال العازف الإسرائيلي الشهير، أساف أمدورسكي: «أنا أعتذر باسم الجيل الشاب الذي استغرقه وقت طويل ليكون هنا ... ولكن في النهاية نحن هُنا وسنظلّ هنا كلّ أسبوع كي يرحل الفاسد الذي لا أريد ذكر اسمه حتى (نتنياهو)، ذلك الذي وراء الستائر السوداء في المقرّ (الحكومي)».

من ملف : «رشوة» نتنياهو لا تثمر: إسرائيل في «اللايقين»

- إسرائيل في «اللايقين»
بقلم: يحيى دبوق

تتجاذب إسرائيل جملةُ ملفات مشبعة بالتحديات في مرحلة لايقين على أكثر من صعيد، وهي تتنازع في ما بينها على سلّم أولوياتها: محاولة مواجهة التهديد الأمني المتعاظم من حولها، وتحدّي «كورونا» الذي بات يضغط بقوة على الاقتصاد والأمن الاجتماعي، إضافة إلى خطة الضمّ التي باتت موضع شك، فيما التجاذب بين أقطاب المؤسسة السياسية على خلفية المصالح الشخصية الضيّقة، وتحديداً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يلقي بتبعات سلبية على مختلف الملفات بلا استثناءات.

التحدّي الأمني
في التحدّي الأمني، وهو الذي بات يُعرف بتهديد الجبهة الشمالية الأوسع الممتدّة من بيروت مروراً بدمشق فبغداد وصولاً إلى طهران، واضح أن تل أبيب تسعى، بمعية الولايات المتحدة، في تحقيق جملة إنجازات تحدّ وتُضعف مركبات محور أعدائها، وإن كانت حتى الآن في مرحلة المساعي التي لا تعرف إن كانت ستحقق النتائج المأمولة منها. وهذه الحقيقة تدركها وإن كان يتراءى لها إلى الآن أنها تحقق «مكاسب» على المدى القريب، فيما الهدف الذي تسعى إليه فعلياً بعيد جداً عن التحقق: صدّ تشكّل التهديدات وتناميها وأيضاً تعاظمها في ساحات أعدائها، التي لم تعد مركّزة في ساحة واحدة، ومنها أيضاً ما بات في حكم تعذّر مواجهته.
في مساعي الصد تتحرّك تل أبيب على حدّ السيف، وإن كانت تسعى جاهدة في الموازاة إلى تحقيق أقصى نتيجة ممكنة، مع كثير من الحذر أن لا تتسبب بمواجهات واسعة تدرك أن تحمّل تبعاتها متعذّر عليها، وإن كانت، في المقابل، قادرة على إلحاق الأذى الواسع في صفوف أعدائها. لكن القدر المتيقن بالأذى الذي تتوقعه لنفسها كافٍ كي يردعها ويدفعها إلى توخي أقصى درجات الحذر.
المعركة ضمن هذه الحدود تدور منذ سنوات، وتحقق إسرائيل بمعية الولايات المتحدة إنجازات في جولاتها التي تبدو أنها لا تنتهي، لكن دون أن تنهي التهديدات التي وجدت المعركة لصدها، بل يثبت يوماً بعد يوم تراكم التهديد وتعاظمه، ما يدفع تل أبيب إلى الاستعانة بالولايات المتحدة، عرّابتها، التي بات عليها هي حماية الكيان الإسرائيلي وحفظه والعمل بنفسها على منع التهديدات الإقليمية ضده، بدل أن يكون الكيان نفسه الوسيلة القتالية التي تحقق الإرادة الأميركية في المنطقة، من دون قدرة على مواجهتها.
المعركة مستمرة بلا توقف، لكن يتداخل فيها أكثر من عامل متناقض بين الكبح والدفع والتحفيز والردع وموازنة الثمن الحالي للأفعال الاعتدائية مقابل أثمان لاحقة أكبر وأوسع وأكثر إيلاماً. الحديث هنا يتعلق بمعركة ضد المقاومة في لبنان ومنع تعاظم قدراتها نوعياً، وتقصد إسرائيل بذلك منع حزب الله من امتلاك الصواريخ الدقيقة. إلى الآن، تصمد قواعد الاشتباك وتمتنع إسرائيل قسراً عن كسرها، إذ إن من شأن محاولة الكسر التسبب بردّ وردّ على الرد، وسلسلة ردود متبادلة... ومن ثم التدحرج إلى مواجهة عسكرية من الصعب تقدير المدى الذي يمكن أن تبلغه.
كذلك الأمر في ما يتعلق بالوجود الإيراني في سوريا، وهو ما تطلق عليه إسرائيل «التمركز الإيراني»، الذي صدرت إزاءه وعود كثيرة منذ سنوات ولا تزال، بل وكانت بالأمس القريب أعلنت أنه كاد ينتهي وبات الإيرانيون في مرحلة الرحيل النهائي عن سوريا. ولا يبدو أن الضربات الإسرائيلية، المدروسة جيّداً والحذرة جيّداً، في الساحة السورية من شأنها إنهاء «التمركز»، بل في المقابل بدأ يترسخ أكثر فأكثر، وخاصة أنه مبني على إرادة سورية - إيرانية مشتركة، كان آخر تعبير عنها اتفاقات أمنية وعسكرية ثنائية أثارت حفيظة إسرائيل. في هذه الساحة تحديداً، التحدّي كبير جداً وتأثيراته قاسية على تل أبيب، وبشكل أكثر تأثيراً على المدَيين المتوسط والبعيد، وإن بإمكانها حالياً التعايش النسبي مع مرحلة «التشكّل والتمركز».

تخشى حكومة نتنياهو مزيداً من التداعيات الاقتصادية التي تزيد من حدة التأزّم لدى الإسرائيليين

واحد من جملة قيود تل أبيب في هذه الساحة هو أنها شبه مكبلة عن المبادرة وفقاً لاستراتيجيتها المعتمدة في ضرب أعدائها والتأثير في قراراتهم وتوجهاتهم، ذلك أنها مضطرة إلى الابتعاد وعدم المسّ بـ«مركز الثقل» الفعلي في سوريا، الذي يمكنها الرهان عليه كي يتسبب بالتشويش على «التمركز الإيراني». هذه ربما من الأمور التي يغفل البعض عن تظهيرها، وإن كثرت الأحاديث عن اعتداءات إسرائيلية هنا وهناك.
مركز الثقل الذي يمكن لتل أبيب أن «تحشر في الزاوية» عبر استهدافه أو التهديد الجدي باستهدافه، هو مركبات ومقدرات النظام السوري نفسه، إلا أن مركز الثقل هذا خارج القدرة الإسرائيلية الفعلية على الاستهداف المفضي إلى التأثير على إرادة دمشق أو إرادة طهران، مجتمعتين أو متفرقتين، نظراً إلى معادلات الساحة السورية وموازين القوى فيها وتشعبات وتضارب المصالح فيها لأكثر من لاعب، ومن بينها ما لا يمكن لتل أبيب أن تتجاوزه.
أي مسّ جدي بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة عسكرية واسعة، تحرص إسرائيل حتى الآن على تجنبها لأنها تتخوف من أثمانها وتخشى تداعياتها الإقليمية، وربما تؤدي إلى كف يد إسرائيل مطلقاً عن المس بسوريا. أمّا الاعتداءات التي تُعد «طَرقاً على الأطراف» البعيدة عن مراكز ثقل المحور ومركباته، فلا تجلب فائدة كبيرة إلا بما يتعلق بالعامل النفسي، مع قليل من الإنجاز المادي في السياق.

أزمة «كورونا»
تضغط جائحة «كورونا» على إسرائيل في أكثر من اتجاه ومستوى، ولا تقتصر تداعياتها السلبية على الوضع الصحي للإسرائيليين. الموجة الثانية من الفيروس تضرب بقوة، ووصلت إلى حد احتلال إسرائيل المرتبة الثالثة، بعد الولايات المتحدة وتشيلي، بعدد الإصابات نسبة إلى عدد السكان. وزير الصحة الإسرائيلي يولي أدلشتاين حذّر من التداعيات المرتقبة للفيروس بعد تجدد انتشاره وانفلاشه، لافتاً إلى أن معجزة فقط هي التي يمكن لها أن تنجي إسرائيل من الكارثة. والحديث يتعلّق بأضعاف مضاعفة في عدد الإصابات عما كان عليه في الموجة الأولى للفيروس.
واضح لدى متابعي الشأن الإسرائيلي التخبّط في معالجة تداعيات «كورونا» وانتشاره السريع. ففيما تركّز الأجهزة المختصة على ضرورات الإغلاق الكامل، تواجه حكومة نتنياهو الإغلاق عبر التسويف والإغلاقات الجزئية الموضعية، إذ تخشى مزيداً من التداعيات الاقتصادية التي تزيد من حدة التأزم لدى الإسرائيليين وتزيد من نسبة البطالة التي زادت نتيحة الموجة الأولى من الفيروس عن نسبة 21 في المئة وهي مقدّرة أن تزيد. وبحسب البيانات، فإن عدد العاطلين عن العمل يقارب الـ 800 ألف، بينهم 575 ألفاً أُخرجوا في إجازة غير مدفوعة الأجر، علماً بأن قطاعات كاملة باتت بحكم الإفلاس والتوقف النهائي، من دون أفق فعلي للخروج من الأزمة.
في الوقت عينه، باتت جائحة «كورونا» وتداعياتها مركباً رئيساً في التجاذبات السياسية بين النخبة الحاكمة، بل امتدت لتكون مادة تجاذب بين المؤسستين السياسية والعسكرية، فيما الأفق مسدود عن المعالجة. المعجزة التي تحدث عنها وزير الصحة لا يبدو أنها مقبلة، وهو عملياً يقر ضمناً بأن المؤسسات الصحية باتت عاجزة عن مواجهة الفيروس، وإن كان يصر على مواصلة توليه مع أجهزة وزارية أخرى التصدي لتبعات الفيروس. مقابل وزارة الصحة، التي يسيطر عليها حزب «الليكود»، يضغط وزير الأمن بني غانتس، أي حزب «أزرق أبيض»، كي تتولى وزارته مع الجيش الإسرائيلي مواجهة «كورونا»، الأمر الذي يرفضه نتنياهو ويجهد كي يحول دونه، فمعالجة «كورونا» من قبل خصومه السياسيين الذين يسيطرون على وزارة الأمن تبعد الأضواء عنه مع التركيز على نجاحاتهم، وخاصة إن استطاع الجيش الحد من انتشار الفيروس حيث عديده ومؤسساته يسمحون له بذلك. ويخشى نتنياهو نتيجة كهذه في مرحلة حساسة جداً من ناحية سياسية، قد تشهد انفراط عقد الحكومة والتوجه إلى انتخابات مبكرة رابعة، ما يعني إعطاء رصيد بالمجان للخصوم، في انتخابات قد تكون مرجّحة، ولكن السؤال متى وتحت أي شعار؟
ويلقي الفيروس بظلال ثقيلة على الجيش الإسرائيلي، دفعه إلى إلغاء تدريباته ومناوراته المقرّرة ضمن برنامج تأهيل مكثف يهدف إلى تحقيق جهوزية في مواجهة إمكانات تصعيد على أكثر من جبهة. وإذا ما استمرت الإصابات بالزيادة وبالوتيرة التي هي عليه الآن، فلا يبعد أن يؤثّر الفيروس أيضاً على نشاطات الجيش وإجراءاته. ويكفي للدلالة الإشارة إلى مئات الإصابات في الوحدات العسكرية، وما يزيد إلى الآن عن 11.500 عسكري باتوا في الحجر، ما يُخرج من النشاط الجاري والاستعداد للسيناريوات المختلفة عديداً يوازي فرقة عسكرية كاملة في الخدمة الدائمة، ومن بينها قطاعات من وحدات استخبارية هي عماد قدرة إسرائيل ومنعتها الأمنية.
يرد في صحيفة «هآرتس» وصفٌ لتداعيات «كورونا» على خطة جهوزية الجيش، في تقرير تحت عنوان «كان لدى كوخافي خطط فجاء الواقع وصفعه على وجهه». حسب الصحيفة، أصيب كوخافي بضرر في أنه لم يعد قادراً على تحقيق رؤيته الاستراتيجية (خطة) «تنوفا»، التي كان يأمل من خلالها تحسين قدرات الجيش لضمان الحسم في الحروب المقبلة. اتضح له أن ما كان يطالب به لن يتحقق نتيجة الخلافات بين رئيس الحكومة ووزير الأمن، الأمر الذي يتسبب بلايقين سياسياً مع ضغط إضافي لـ«كورونا» الذي أدى إلى تدهور خطير في الاقتصاد وأعاق وفاقم بشدة عجز الموازنة.

شكوك حول الضمّ
خسرت خطة الضم واحداً من أهم مقوّماتها، وهو الزخم الأميركي الذي ميّز موقف الإدارة الأميركية عندما حدَّد نتنياهو موعد تنفيذها كاملة في الأوّل من الشهر الجاري. العامل الأميركي، وإن لم يكن وحيداً في منع خروج خطة الضم إلى حيز التنفيذ، إلا أنه أهم العوامل، ويوصف إسرائيلياً بأنه كاف في ذاته لمنع الخطة. وفقاً لمسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى، في حديث إلى نشرة «المونيتور» بنسختها العبرية: «باتت فرصة تنفيذ خطة الضم، حتى لأجزاء من الضفة، في مستوى أرجحية منخفضة جداً إلى معدومة»، لافتاً إلى أن «هناك كثيراً من الشروط والظروف التي يجب أن تتحقق قبل ذلك».
وتضغط على خطة الضم مخاوف أمنية يُقدّر أن تُفعّل فور صدور قرار الضم، وهو ما أكد عليه في «الغرف المغلقة مع نتنياهو»، وفقاً لمصادر إسرائيلية مختلفة، كل من رئيس الأركان أفيف كوخافي، والمدير للأمن العام الداخلي (الشاباك) نداف أرغمان: «سيؤدي الضم إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد إسرائيل، مع احتمال بمستوى مرتفع، أن يتسبب كذلك بتصعيد أمني مع جبهة غزة». إلا أن ذلك لا يعني انتفاء الخطة وترحيلها إلى «أجل غير مسمى». نعم بإمكان نتنياهو تجاوز تقديرات الجيش، والتي تبدو مبنية على الخشية من انشغاله في ملفات تحرف تركيزه عن مواجهة الجبهة الشمالية بمركباتها المختلفة، وهي التي تشهد سخونة واحتمالات لسيناريوات متطرفة، إلا أنه غير قادر على تجاوز ما يسمّيه الإسرائيليون التنسيق المسبق مع الإدارة الأميركية في قرار الضم، ومعناه تلقي موافقة مسبقة من دونالد ترامب، المشغول بجملة ملفات داخلية تتعلق بسباقه الرئاسي وتراجع حظوظه في التجديد لولاية ثانية.
لكن هل قرار ترامب نهائي؟ يمكن التأكيد على ذلك ضمن المدى المنظور والقريب جداً، لكن من الآن وحتى موعد الانتخابات في تشرين الثاني المقبل، مدة زمنية طويلة جداً، وقد تشهد تغييراً في الموقف إن وجد ترامب أن ذلك يخدمه انتخابياً، وخاصة مع موقف مطالب وملح من قبل ناخبيه الإنجيليين الذين يعوّل عليهم كثيراً في صناديق الاقتراع.

من ملف : «رشوة» نتنياهو لا تثمر: إسرائيل في «اللايقين»

- انكماش بنسبة 6.9 بالمئة
في أحدث أرقام نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، يتبيّن أن الاقتصاد الإسرائيلي انكمش بنسبة 6.9 بالمئة منذ بداية الربع الأول من العام الحالي، وذلك بالمقارنة مع تسجيله نمواً بنسبة 4.6 بالمئة في الربع الأخير من العام المنصرم.

السبب الرئيس في هذا التراجع هو تفشّي وباء كورونا، والإغلاق العام الذي أعقبه. وبحسب ما نشرته الدائرة، فإن أكثر القطاعات تضرّراً من الإغلاق كان فرع السياحة والسفر الذي تراجعت خدماته بنسبة 85.2 بالمئة بفعل توقف الرحلات بين دول العالم، وتعطّل السياحة الداخلية.
كذلك، انعكس تراجع استيراد السيارات على الناتج المحلي، الذي تأثّر سلباً أيضاً بتراجع استيراد البضائع بنسبة 23 بالمئة. وانخفض الإنفاق الشخصي للفرد بنسبة 22.2%، فيما انخفض استهلاكه الشخصي، من دون احتساب منتجات «صراع البقاء»، بنسبة 16.8% بحساب سنوي. يضاف إلى ما تقدّم تراجع استهلاك المواد الغذائية والسجائر والألبسة والأحذية وغيرها من المنتجات.
وفي ظلّ فرض قيود الإغلاق مجدّداً، لا يتوقع للاقتصاد الإسرائيلي سوى مزيد من التراجع، مع تسجيل ارتفاع في أعداد العاطلين عن العمل، علماً بأن نسبة هؤلاء بلغت حتى الربع الأول من العام الجاري نحو 26 في المئة.

من ملف : «رشوة» نتنياهو لا تثمر: إسرائيل في «اللايقين»

- كورونا: عودة إلى النقطة الصفر
في حصيلة هي الأعلى منذ بدء تفشّي فيروس كورونا في إسرائيل، سُجّلت، أمس، إصابة 1929 إسرائيلياً، وفق ما أعلنته وزارة الصحة. وبذلك، ارتفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 47459، بينها 26323 حالة نشطة، 208 منها في خطر. ومع تسجيل ثماني وفيات جديدة منذ أول من أمس، بلغ إجمالي الوفيات 392.

هذا المؤشر التصاعدي دفع بالحكومة الإسرائيلية إلى المصادقة على توصية وزارة الصحة فرض قيود شديدة ترتقي إلى الإغلاق شبه التام. ومن ذلك تحديد حجم التجمهر في مكان مغلق بعشرة أشخاص وفي مكان مفتوح بعشرين شخصاً، وإغلاق المطاعم ومعاهد اللياقة البدنية والمجمّعات التجارية والمحالّ والأسواق وبرك السباحة وصالونات الحلاقة ومعاهد التجميل وغيرها.

وقال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بحسب ما نقلت عنه «القناة 12»، إن هذه القرارات هي «محاولة لمنع الوصول إلى 1600 مصاب في حال الخطر في غضون 3 أسابيع"، محذراً من أن «البديل قد يكون خطوات أشدّ في الغد، وهو الأمر الذي نحاول تجنّبه».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2184593

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ملفات  متابعة نشاط الموقع ملف مشارك   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184593 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40