الأحد 16 آب (أغسطس) 2020

الأخبار: «إسرائيل» تكذّب ابن زايد: في انتظار بقية العرب!

الأحد 16 آب (أغسطس) 2020

- جهر بخيانة مكشوفة

وليد شرارة

أَبلغُ رد على اتفاق الخيانة الإماراتي مع إسرائيل برعاية أميركية جاء من المصلين في المسجد الأقصى، الذين رفعوا صورة محمد بن زايد وعليها كلمة خائن. قد تستخف نخب الارتزاق بهذا الموقف، الذي يعبّر عن اقتناعات الاتجاه الرئيسي بين جماهير الأمّة من المحيط إلى الخليج، بل ومن طنجة إلى جاكرتا، إلا أن المهم في مواجهة مثل هذا التطور هو ليس مناقشة حججها الفارغة ومنطقها المتداعي. المهم بالنسبة إلى المعنيين بمستقبل قضية فلسطين والصراع مع الكيان الصهيوني والهيمنة الأميركية وأذنابها المحليين، من مشيخات وممالك اخترعها الاستعمار في قلب جزيرة العرب، هو القراءة الصحيحة لخلفيات هذا الاتفاق والاعتبارات الفعلية لأطرافه، ولتداعياته على المعركة الدائرة بين قوى المقاومة في الأمة وأعدائها. آلة الحرب الإعلامية-الدعائية للجبهة المعادية تروّج للاتفاق باعتباره حدثاً «تاريخياً»، «زلزال جيوسياسي ضرب الشرق الأوسط»، بحسب عنوان المقال الأخير للمبشّر الأميركي الصهيوني توماس فريدمان.

في الواقع، نحن أمام عملية استعراضية، تكثر مثيلاتها في سياق عالمي تحاول فيه الدول الغربية التعويض عن ضمور هيمنتها وتراجع قدرات وكلائها المحليين بتنظيم مهرجانات مشهدية، يتكفل «التطبيل» الإعلامي الذي يرافقها بتقديمها على أنها دليل حسي على استمرار تحكمها في مجرى الأحداث. اتفاق التطبيع الكامل بين دويلة الإمارات واسرائيل نموذج جديد على هذا الفن الاستعراضي، يجهر بطريقة دراماتيكية بخيانة مكشوفة منذ زمن طويل للقاصي والداني من أبناء الأمّة، لكنه يشي في الآن نفسه بمصاعب وتحديات يواجهها جميع الأطراف المشاركين فيه وحاجتهم إلى انتصارات وهمية، تغطي عجزهم عن تغيير موازين القوى، المتحولة لغير مصلحتهم في الميدان.
سعي الجيل الجديد من النخب الحاكمة في الإمارات والسعودية والبحرين وعمان في الانتقال، بعلاقات أنظمتها بإسرائيل، من التقاطع إلى التحالف، السرّي ومن ثم العلني، تعزّزَ بقوة بعد موجة الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة العربية سنة 2011، وما نجم عنها من شعور بالتهديد الوجودي لدى هذه الأنظمة. قبل هذا التاريخ، منذ بداية ستينيات القرن الماضي، تعاونت هذه الأخيرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل للتصدي لصعود أي قوة إقليمية مستقلة، مرشحة لأن تتحول قطباً جاذباً لقسم من دوله وشعوبه، ولأن تعدّل موازين القوى فيه باتجاه متناقض مع الهيمنة الأميركية ووكلائها المحليين. الأسباب نفسها دفعت المشيخات والإمارات والممالك الخليجية إلى محاربة مصر الناصرية في الستينيات، والعراق في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، وإيران منذ انتصار ثورتها، ولكن بشراسة أكبر منذ بداية الألفية الثانية. قيام هذه الانظمة وبقاؤها ارتبطا بالهيمنة الغربية والأميركية، وهي لم تتورع عن الاندراج في مخططاتها، جنباً إلى جنب مع إسرائيل، لمواجهة أي مشروع استقلالي ذي أفق إقليمي، عربياً كان أو إسلامياً. هذا سرّ عدائها اليوم لإيران وحتى لتركيا إردوغان. لكن مشهد هروب الرئيس التونسي بن علي وسقوط نظيره مبارك وانتشار موجة الانتفاضات الشعبية في طول المنطقة وعرضها في ظل تخبط أميركي وغربي، وعجز عن دعم «الحلفاء» هو الذي أصابها بالذعر. في هذه اللحظة المفصلية بالذات تفتقت عبقرية الجيل الجديد من حكامها عن خيار «ورقة الأمان الإسرائيلية».

الفرضية الرئيسية التي تأسّس عليها هذا الخيار هي أن إسرائيل تمتلك في الولايات المتحدة منظومة مؤيدة

الفرضية الرئيسية التي تأسس عليها هذا الخيار هي أن إسرائيل تمتلك في الولايات المتحدة منظومة مؤيدة لها، وليس مجرد لوبي، وأن قدرتها على التأثير على سياستها الشرق أوسطية هائلة بكل ما للكلمة من معنى. إضافة إلى ذلك، فإن هذا الجيل الجديد مقتنع بأن إيران وحلفاءها في الدرجة الأولى، تليها في الدرجة الثانية تركيا وحلفاؤها، هم أعداء وجوديون مشتركون لهم ولإسرائيل. أخيراً، فإن هذا الجيل المعولم الذي ينظر إلى روابط العروبة والدين على أنها من مخلفات ماض بائد يرى في الشراكة مع إسرائيل، القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، فرصة لتعظيم قدرات نظمه. عمل هؤلاء على توثيق أواصر الصلة مع الكيان الصهيوني ونخبه لتأكيد أنهم «كنز استراتيجي» لإسرائيل، كما وصف الوزير الصهيوني الأسبق بنيامين بن اليعازر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بعد أيام من سقوطه. ومن الواضح أنهم نجحوا في هذا الأمر. وحتى دونالد ترامب اعترف لهم بهذا «الجميل» عندما رد على منتقديه على دعمه لمحمد بن سلمانـ بعد فضيحة قتل الصحافي جمال خاشقجي، مذكّراً بدور الأوّل في الوقوف إلى جانب إسرائيل ضد الذين يريدون إزالتها.
التحالف الأميركي-الإسرائيلي-الإماراتي-السعودي لم يعد سراً بالنسبة إلى أحد، لكن الحرص على تظهيره، مع الإمارات بداية، يرتبط بحسابات سياسية داخلية لدى أطرافه الثلاثة، وبرغبتهم في تسجيل نجاح وهمي ضد محور المقاومة عبر الاحتفال بتحقيق مثل هذا «الاختراق»، بينما هم فشلوا في المعركة المركزية معه، المتمحورة حول مراكمته وتطويره لقدرات عسكرية وصاروخية تسهم في تغيير تدريجي ولكن متواصل لموازين القوى في المنطقة لغير مصلحتهم.
ترامب، الذي يرى فرص إعادة انتخابه تذوي، والعاجز عن القيام بأي إنجاز داخلي يحول دون ذلك، يبحث بدلاً منها عن إنجازات خارجية لعلها تساعد في وقف انحدار شعبيته المتسارع. نتنياهو، المتهم بالفساد، والذي يواجه احتجاجات لم يسبق أن واجه رئيس وزراء صهيوني مثيلاً لها منذ إنشاء الكيان، إلى درجة دفعت البعض إلى الحديث عن احتمالات حرب أهلية، يأمل أن يخفف من حدتها عبر إبراز نجاح ما في الخارج. الإمارات امتثلت لطلبات الراعي الأميركي والحليف الإسرائيلي، لكنها بدورها متورطة في نزاع مفتوح مع تركيا وحلفائها، وليبيا أبرز ساحاته حالياً، وهي طرف في المحور المعادي لإيران على رغم محاولاتها لتطبيع خجول معها صدّته الولايات المتحدة. هي تنصاع للطلبات الأميركية والإسرائيلية في مقابل حمايتها من خصومها الأقوياء. أطراف مأزومون، لم يتمكنوا من الانتصار في معركة الصواريخ المركزية ضد محور المقاومة، يحتفون بالجهر بما كان معلوماً. أما محمد بن زايد، فعليه التوقف والتفكير ملياً في ما قد يترتب على تصنيفه خائناً في باحات الأقصى، في القدس، عاصمة الأمّة.

- «إسرائيل» متمسّكة بخطّة الضم: في انتظار بقيّة العرب
يحيى دبوق

«إسرائيل» متمسّكة بخطّة الضم: في انتظار بقيّة العرب
إخراج العلاقات إلى العلن لا يضيف أيّ عامل وازن جديد من شأنه تغيير المعادلات القائمة (أ ف ب )

واصلت إسرائيل، أمس، تكذيب الادّعاءات الإماراتية في شأن إلغاء خطّة الضمّ بموجب «اتفاق السلام» المُعلَن بين أبو ظبي وتل أبيب. وفيما بدأ بنيامين نتنياهو، سريعاً، استثمار الحدث داخلياً في مواجهة خصومه السياسيين، بدا لافتاً تقليل المُعلّقين الإسرائيليين من أهمية الاتفاق، ووصفهم إيّاه بـ»الإنجاز المتواضع»، وعدّهم تعليقات نتنياهو ودونالد ترامب عليه «تضخيماً إلى حدّ خيالي»

تنتظر إسرائيل مملكة البحرين وسلطنة عمان، لتُنجزا بدورهما «اتفاقاً تاريخياً» معها، على غرار ما فعلته الإمارات، مستبشرةً بأن هذه الاتفاقات ستكون مقدّمة لانضمام دول عربية وإسلامية أخرى إلى ركب التطبيع، وفي مقدّمتها السعودية التي يبدو أنها تُفضّل الانتظار منعاً لتشويش عملية انتقال السلطة فيها، والمقدّر أن لا تكون بعيدة. وردّاً على مواقف التأييد والدعم الصادرة من عدد من «دول الاعتدال» في المنطقة، شكر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومملكة البحرين وسلطنة عمان، على دعمهم اتفاق السلام التاريخي مع دولة الإمارات»، معتبراً في تغريدة على «تويتر» أن «هذا الاتفاق سيُوسّع دائرة السلام، ويعود بالفائدة على منطقة الشرق الأوسط بأسرها».

وفي وقت عمّ فيه الاحتفال تل أبيب بتحقيق المصالح الإسرائيلية عبر الاتفاق مع أبو ظبي، وإن خلافاً لمصلحة الفلسطينيين الذين أجمعت التعليقات العبرية على أنهم أوّل الخاسرين، بدا لافتاً تركّز التطلّع الإسرائيلي في الموازاة إلى موقف السعودية، التي يمكن فهم تريّثها في هذه المرحلة، علماً بأن عدداً من المعلّقين، ومن بينهم رئيس «معهد أبحاث الأمن القومي» اللواء عاموس يدلين، اعتبروا أن «(ولي العهد السعودي الأمير) محمد بن سلمان أيّد الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، وإن جاء تأييده عبر الصمت والامتناع عن التعليق إلى الآن».
على أن إخراج العلاقات بين إسرائيل ودول «الاعتدال العربي» إلى العلن، وبشكل رسمي عبر اتفاقات وتحالفات، لا يضيف أيّ عامل وازن جديد من شأنه تغيير المعادلات القائمة في وجه المحور المقاوِم للهيمنة الأميركية والإسرائيلية، لكون تلك العلاقات قائمة بالفعل، وجلّ ما حدث هو إشهارها. وكما ورد في صحيفة «هآرتس» أمس، فإن التطبيع مع الإمارات إنجاز لا يمكن المجادلة في شأنه، لكن اللافت في سياقاته هو تضخيمه إلى حدّ خيالي من قِبَل نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب. ورأت الصحيفة أن «المؤكد أن إقامة علاقات رسمية مع إمارة خليجية تسعد الإسرائيليين، لكنها إنجاز متواضع»، معتبرة أن «توصيف الاتفاق مع الإمارات على أنه اتفاق استراتيجي يشبه في وزنه وتأثيره الاتفاق مع الجانب المصري عام 1979، هو مبالغة، وجلّ ما حدث هو قرار شجاع بإخراج العلاقات إلى العلن»، علماً بأنها كانت شبه معلنة. وأضافت «هآرتس» أن «لا شيء استراتيجياً في ما حدث، وإن وردت الكلمة على لسان نتنياهو، وشدّد عليها».

«هآرتس»: لا شيء استراتيجياً في ما حدث، وإن ورد التوصيف على لسان نتنياهو

تعليق الصحيفة لا يلغي، بطبيعة الحال، الفائدة الاستراتيجية لإسرائيل من الاتفاق مع الإمارات على مختلف الصعد، الأمنية والسياسية والاقتصادية، وكذلك المساهمة الإماراتية في تضييع القضية الفلسطينية وتهميشها، لكن تركيز «هآرتس» على تبعات الاتفاق على الداخل الإسرائيلي، وهو عيّنة من التعليقات العبرية، يؤكّد من جديد أن الاتفاق مع الجانب العربي بات في الوعي الإسرائيلي «تحصيل حاصل»، ولعلّ أهم ما فيه أنه يدفع إلى البحث أولاً في تأثيراته على الخصومة السياسية في إسرائيل، قبل أيّ تأثير آخر. في هذا السياق تحديداً، وفي إطار استثماره الحدث في مواجهة خصومه السياسيين، يأتي استعجال نتنياهو إتمام ترتيبات ما بعد الاتفاق مع الجانب الإماراتي، إذ طلب من رئيس «مجلس الأمن القومي»، مائير بن شابات، العمل على إنهاء التحضيرات اللازمة بين الجانبين، والتنسيق مع كلّ الجهات المعنية قبل اللقاءات العلنية المنويّ تسريع وتيرتها، بدءاً من اللقاء الأول المفترض أن يتمّ في العاصمة الأميركية واشنطن برعاية ترامب.
تبقى الإشارة إلى أن تل أبيب واصلت، أمس، دحض الإشارات الواردة من الجانب الإماراتي عن إلغاء خطة الضمّ في سياق «الاتفاق التاريخي» مع العدو. وبعد تأكيد نتنياهو بنفسه أنه تمّ تعليق الضم لا إلغاؤه، رَكّز حزب «الليكود» على التزامه العقائدي بضمّ الضفة الغربية إلى الكيان. وقال رئيس مركز الحزب، عضو «الكنيست» حاييم كاتس، إنه «إلى جانب التحدّيات الاقتصادية والأمنية العديدة التي تنتظرنا، فنحن لا نتخلّى عن مبدأ توسيع الاستيطان اليهودي وفرض السيادة الإسرائيلية على جميع أجزاء أرض أجدادنا. وسنعمل على تحقيق هذه الرؤية بهدف إحداث تغييرات فورية في هذا المجال». لكن مع ذلك، لم يفلح حديث تعليق الضم لا إلغائه في تهدئة اليمين المتطرّف في إسرائيل، والذي شنّ حملة عنيفة على نتنياهو، واتّهمه بتفضيل اتفاق سلام مع دولة عربية بعيدة على حساب «أرض الأجداد» في الضفة. ومن المحتمل أن تؤثر هذه الحملة إيجاباً على علاقات نتنياهو مع حزب «أزرق أبيض»، وتدفعه إلى إيجاد تسويات تنهي أو تؤجّل الخلافات معه؛ إذ إن آخر ما يريده رئيس الوزراء الآن انتخابات مبكرة، في ظلّ المزايدة من خصومه في المعسكر الواحد على الصوت اليميني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2184396

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2184396 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40