الاثنين 6 تموز (يوليو) 2020

واشنطن بوست تروي قصة الصعود المدهش لابن نايف وسقوطه التراجيدي في “لعبة العروش” السعودية

الاثنين 6 تموز (يوليو) 2020

فصل جديد قاتم في “لعبة العروش” للسيطرة على السعودية جارية، حيث يحضّر محمد بن سلمان، ولي العهد لتوجيه اتهامات بعدم الولاء والفساد إلى ولي العهد السابق، ومنافسه ذات يوم، محمد بن نايف، الرجل الذي دعمته الولايات المتحدة في وقت سابق لمواجهة الإرهاب.

وتحت عنوان “الصعود المدهش والسقوط التراجيدي لمحمد بن نايف السعودي” نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا مطولا في أكثر من 3 ألاف كلمة للمعلق والصحافي الاستقصائي ديفيد إغناطيوس عن قصة محمد بن نايف في تفاصيلها المثيرة والتراجيدية. وقال فيه إن المعركة النهائية في العائلة المالكة تتشكل منذ أن قام محمد بن سلمان (ويعرف أيضا بـMBS) بالتخلص من سلفه في انقلاب أبيض في حزيران/ يونيو 2017. ولكن المعركة كما يقول أعمق من كونها تخلصاً من محمد بن نايف، فجذورها العميقة تعود إلى الخلاف بين أنصار الملك عبد الله الذي مات عام 2015، الذي حمى عن محمد بن نايف (أو كما يعرف بـMBN) وبين حاشية خليفته الملك سلمان وابنه المتهور محمد، والتي بدأت بعد وفاة الملك عبد الله مباشرة.

الصعود الباهر والسقوط التراجيدي لمحمد بن نايف، هي تراجيديا شكسبيرية مسرحها الصحراء.

ويرى الكاتب أن الجولة النهائية في هذه المواجهة تأخذ شكلها من خلال ما نقله عن مصادر سعودية وأمريكية أن لجنة محمد بن سلمان لمكافحة الفساد تقترب من إكمال تحقيقها في اتهامات، وهي أن محمد بن نايف قام بتحويل مليارات الدولارات عبر واجهات تجارية وحسابات خاصة عندما كان يدير حملة مكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية.

وعمل محمد بن نايف كمسؤول بارز مع والده الأمير نايف قبل أن يخلفه في الوزارة من عام 2012- 2017. وقال مقرب من ابن نايف إن المحققين طلبوا منه دفع 15 مليار دولار يزعمون أنه سرقها، رغم أن أحدا لا يعرف الكيفية التي حسبوا فيها الرقم.

ويقول أنصار محمد بن نايف إن هذه الاتهامات كاذبة ومتناقضة مع المرسوم الملكي الصادر من الملك عبد الله عام 2007، والذي صادق على كل نشاطات الأمير ابن نايف وقدموا تفاصيل عن نشاطاته التي ضمنت تقرير سنوي عن نفقاته.

وتكشف الوثائق التي قدمها المقرب من ابن نايف عن صحة ما يقوله أنصار ولي العهد السابق، وهي أن الملك قدم موافقة عامة لكل نفقاته. ففي مرسوم سري صدر في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2007 ويظهر عليه توقيع الملك عبد الله أكد على “الدعم لوزير الداخلية (محمد بن نايف) لمواصلة إدارة مالية ونفقاتها بطريقة تدعم جهود مواجهة الإرهاب”. ومنح المرسوم الأمير صلاحيات تشكيل “الآليات المناسبة في القطاع الخاص لإخفاء النشاطات الحساسة”، وتحدث المرسوم بشكل محدد عن ضرورة قيام محمد بن نايف بـ”إحاطتنا بنهاية كل سنة مالية” حول النفقات على التمويل السري.

وأضاف إغناطيوس أن تقريرا في عام 2013 من محمد بن نايف إلى الملك عبد الله واطلعت عليه الصحيفة، لخّص فيه النفقات السرية على مكافحة الإرهاب في تلك السنة المالية. وتعود الوثيقة إلى 20 أيار/ مايو 2013. وتطلب المصادقة على إنفاق خمس مليارات ريال (1.3 مليار دولار) على ثمانية مشاريع بما فيها 378 مليون ريال لإنشاء “مطارات سرية” و1.6 مليار ريال على “خدمات الطيران السري” و1.5 مليار ريال على “المصادر” الأمنية مثل الأسلحة.

قال مقرب من ابن نايف إن المحققين طلبوا من الأمير دفع 15 مليار دولار يزعمون أنه سرقها، رغم أن أحدا لا يعرف الكيفية التي حسبوا فيها هذا الرقم

والمطارات السرية هي على ما يبدو لبناء قاعدة طائرات بدون طيار في المملكة قبل ذلك بعامين. وأعيد التقرير بعد يومين إلى محمد بن نايف برسالة من مدير الديوان الملكي خالد التويجري.

وإلى جانب المصادقة على طلب خمس مليارات ريال، توجد ملاحظة ربما جاءت من الملك: “ما في مشكلة”، حسب الوثيقة التي اطلعت عليها الصحيفة. وقال المقرب من محمد بن نايف إن الوثائق هذه مودعة مع محامي الأمير في لندن وسويسرا وسيتم توفيرها في أي محاكمة دولية قد تعقد.

ولم يرد مسؤول سعودي عمل مع محمد بن سلمان على طلب التعليق ولا السفارة السعودية في واشنطن. وقال مسؤولون سابقون في المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إنهم يعرفون بإدارة محمد بن نايف لهذه الحسابات السرية لمكافحة الإرهاب، وأنها استخدمت لتمويل المشاريع الأمريكية- السعودية.

وشرح مدير “سي آي إيه” السابق جون برينان الذي عمل بشكل قريب مع محمد بن نايف: “مُنحت وزارة الداخلية ميزانية حتى تبني قدراتها وتوظف عاملين وتطور الخدمات الأمنية لاختراق تنظيم القاعدة.. وكان رأي الملك عبد الله أن عليه الاستثمار في النشاطات التي يقودها محمد بن نايف، والذي كان واحدا من المفضلين لديه”. وناقش برينان الاتهامات التي قدمها سعوديون مقربون من محمد بن سلمان قائلا: “خلال تعاملي مع محمد بن نايف، لم يكن الشخص الذي أعتقد أنه منخرط في الفساد أو يختلس المال”.

أما جورج تينيت الذي كان مدير “سي آي إيه” عندما تولى محمد بن نايف مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية عام 2003، فقد تحدث عنه بعبارات براقة في مذكراته: “في مركز العاصفة: سنواتي في سي آي إيه” والصادر عام 2007 حيث قال: “كان رجلا بنينا معه علاقة ثقة واحترام كبير” و”الكثير من النجاحات أمام القاعدة كانت بسبب شجاعته”.

قصة محمد بن نايف

يقول إغناطيوس إن قصة ولي العهد السابق كما سمعها ولخصها من العارفين والمقربين منه تلخص التحول البطيء للمملكة نحو الحداثة، رغم أنها كانت تعاني من تناحر وحسد داخل العائلة الحاكمة.

ونشأ الأمير البالغ من العمر الآن 60 عاما في عائلة وراثية، وله وجه هادئ، كان ولدا مطيعا. وتولى والده الأمير نايف، نجل مؤسسة المملكة عبد العزيز بن سعود، وزارة الداخلية في الفترة ما بين 1975 إلى 2012، أي لمدة 37 عاما.

وجسّد الأمير نايف الحرس السعودي القديم، فقد كان محافظا وواعيا بدور المؤسسة الدينية الوهابية. وفي عهده كانت الوزارة بيروقراطية بطيئة مجردة من أي أدوات الخدمة الحديثة، وبدا هذا الضعف واضحا عندما بدأت السعودية تدعم حرب أفغانستان، وأخذ السعوديون يسافرون إلى هناك، حيث مالوا نحو تنظيم القاعدة.

وكانت الوزارة بحاجة إلى تحديث، حيث شجع ولي العهد في حينه الأمير عبد الله، والحاكم الفعلي نظرا لمرض الملك فهد، محمد بن نايف على العمل في الوزراة كمساعد لوالده. وعاش كشاب مثل غيره من أبناء العائلة، حيث باع العقارات في جدة ودخل مغامرات تجارية مع شركاء من العائلة المالكة.

ويتذكر الأصدقاء أنه كان يحب الحصول على المال وإنفاقه. وما كان يميزه وأعجب الملك، هي شهادته الجامعية من أمريكا وإتقانه اللغة الإنكليزية بشكل جيد، بالإضافة لتدريبه على مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) واسكوتلاند يارد.

وكان أول مشروع له عام 1999 هو تحديث أكاديمية الشرطة التي كان يتم اختيار أفرادها من خلال المحاباة والمحسوبية. وقام بإصلاح الأكاديمية بمساعدة من سعد الجبري، الذي واصل دراسته وحصل على دكتوراة في علم الكمبيوتر من جامعة أدنبرة. وظلت الشراكة بينهما حتى الإطاحة بمحمد بن نايف.

وبعد الأكاديمية كلف ابن نايف الجبري بإعادة تنظيم مكتب الشؤون العسكرية في الوزارة، والذي كان مركزا للمحسوبية وبأداء فقير. وواجه محمد بن نايف أول امتحان له عام 2000 في مدينة نجران التي تعيش فيها أقلية من الطائفة الإسماعيلية. وبعد اعتقال رجل اسماعيلي بتهمة الشعوذة، انشق عدد من الضباط العسكريين وتعرض مكتب أمير المنطقة للهجوم. ودعا الحرس القديم إلى رد قوي، إلا أن محمد بن نايف توصل لمصالحة ظلت جزءا من أسلوبه.

واجهات

ولأن الإصلاح يحتاج إلى تمويل، فقد أعطى عبد الله الأمير في عام 2003 صلاحية لاستخدام نسبة 30% من موارد الوزارة التي يتم تحصيلها من الغرامات وإصدار جوازات السفر ورسوم الإقامات وغير ذلك من الموارد. وكانت هذه بداية العلاقة المالية التي قادت إلى التحقيق الحالي، حسبما قال المقرب من ابن نايف.

وعندما حدثت هجمات 9/11 كانت المملكة بطيئة في الرد، واقتنع الأمير نايف أنها مؤامرة تهدف لتشويه سمعة المملكة. وظل موقف السعودية المنكر حتى أيار/ مايو 2003، عندما هاجم أتباع القاعدة مجمعا سكنيا للأجانب وقتلوا 35 شخصا، وعندها سافر تينيت على عجل إلى الرياض، وأخبر عبد الله أن المملكة تواجه تهديدا خطيرا.

وتذكر تينيت اللقاء مع عبد الله والذي حضره نايف وابنه وبندر بن سلطان، السفير السعودي حينها في الولايات المتحدة والذي قام بالترجمة. وقام تينيت بتحذير الملك قائلا إن مؤامرات القاعدة هي “موجهة ضد عائلتك والقيادة الدينية” وحثّه على “إعلان الحرب” كما كتب في مذكراته.

وعين عبد الله القائد في اللقاء: “نظر الملك إلى محمد بن نايف وقال أمام الآخرين: ستكون مسؤولا عن ملف مكافحة الإرهاب”. وقام محمد بن نايف بإعادة إصلاح الخدمات السرية في الوزارة خاصة “المباحث” وقام بتمويل عمليات الوزارة من نسبة 30% من التي خصصها من الموارد، إلا أن النفقات زادت، وبحلول عام 2006 قرر الملك عبد الله أن يعطي محمد بن نايف أموالا للعمليات السرية خاصة ضد تنظيم القاعدة في اليمن.

وكانت الأموال مدفوعة بالعملية الجريئة التي قام بها التنظيم الذي حفر عام 2006 نفقا بطول 460 قدما لتحرير 23 من أفراده في السجن، بمن فيهم أحد المشاركين في الهجوم على بارجة أمريكية عام 2000.

وتلقى محمد بن نايف المساعدة الإضافية بقيمة 200 مليون ريال (53 مليون دولار) عام 2006 لكي يدعم عمليات الوزارة ضد القاعدة في اليمن. وتؤكد وثيقة الملك عبد الله عام 2007، أنه وافق على كل التمويلات بما فيها عملية الأموال المخصصة لمكافحة القاعدة في اليمن.

وأكدت الوثيقة نقاطا أخرى، وهي استمرار محمد بن نايف في إنفاق ما يحتاجه لمكافحة الإرهاب، وبتقرير سنوي للملك، ويمكنه أن ينظم شركات خاصة “حسبما يراه مناسبا” بالإضافة للحصول على جزء من موارد الوزارة حيث رفع النسبة من 30 إلى 45%.

وأرسل الملك المذكرة إلى نايف الذي كان وزيرا، والذي رد بتعليق بخط يده: “في الحقيقة هذا دعم عظيم من سيدي خادم الحرمين الشريفين”. ومنح ابن نايف بناء على المرسوم صلاحية كتابة شيكات من الميزانية السعودية.

ومن أجل القيام بعمله، قام بإنشاء واجهات تجارية أطلقت عليها سي آي إيه “عقارات” للقيام بعمليات سرية. وأخبر المسؤولين في الوزارة أنه قام بتقليد المعايير التي تتبعها المخابرات الدولية، وأراد إنشاء الشركات التي يمكن من خلالها تأمين التكنولوجيا ونقل الأسلحة والأفراد بدون “إحراج السعودية”، أي الخطوط الجوية السعودية.

وطلب ابن نايف من مساعدين له الإشراف على الشبكة، وهما الجبري وعبد الله الحمد، المسؤول البارز في الوزارة. ولتعويضهم عن إدارة النظام، وعدهم بنسبة 5% من أرباح الشركات المملوكة، حسبما ورد في الوثيقة التي اطلعت عليها الصحيفة.

وهذا الترتيب ممنوع في الوكالات الأمنية الغربية، ولكن السعودية كانت تعمل بطريقة مختلفة في مجال المكافأة على الولاء. وتم إدارة الواجهات التجارية من خلال شركة “سكاب السعودية القابضة”، ومقرها الرياض.

ومعنى “سكاب” هي الخيل التي تتحرك مثل انسياب المياه. وبحسب بنود إنشاء المجموعة التي تعود إلى 9 أيار/ مايو 2008 فقد عينت مديريْن اسمييْن لها بنسبة 1% من الأرباح السنوية. وأدارت “سكاب” أربع عمليات وكلها في الرياض: ألفا ستار أفييشين سيرفسز، التي قامت بنقل رجال الأمن وأسلحتهم، وشركة بناء تشاركت مع شركة إنشاءات تركية معروفة قامت ببناء البنى الخاصة بالمباحث بما فيها المقرات الجديدة. وهناك سيكيورتي كونترول التي وفرت العربات المصفحة وخدمات أمنية أخرى. والرابعة هي تكنولوجي كونترول، التي عملت مع الشركات الأمريكية والسعودية لتوفير خدمات التشفير وفكها والبحث عن البيانات وخدمات رقمية أخرى.

وأكد ابن نايف في تقريره السنوي للملك: “أريد أن أوكد لجلالتكم أن المعلومات متوفرة في أضيق الدوائر وكل خطوة تم توثيقها توزع بسرية عالية”. وبالنسبة للولايات المتحدة التي كانت تخاف قبل سنوات من سيطرة القاعدة على السعودية، فقدرات مالية جيدة للقيام بالعمل ومتوفرة لمحمد بن نايف كانت بمثابة منحة من السماء.

أقوى وزارة

وفي برقية للسفارة الأمريكية بالسعودية كشفت عنها ويكيليكس، مؤرخة بتاريخ 30 آذار/ مارس 2000، وأرسلت لوكالات الاستخبارات الأمريكية في واشنطن، تفاخر كاتبها بأن وزارة الداخلية هي أكثر وزارة محلية مؤثرة في السعودية “الكلب الأكبر”.

وجاء فيها أن محمد بن نايف “يحظى باحترام عال” من الملك عبد الله “يحترم من الرأي العام السعودي لفاعليته في هزيمة القاعدة بالمملكة وإدارته برنامجا لمكافحة التشدد والذي كسب دعما واسعا من الشعب والقبائل.. والنتيجة هي من مصلحة أمريكا العامة ويمكن أن تدار بطريقة فاعلة وتعاونية داخل المملكة”.

وقال مسؤول أمريكي سابق: “كل واحد في حكومة الولايات المتحدة فهم أن محمد بن نايف لديه سلطة واسعة من الملك للإنفاق” مع أن هذه القناة التي مولها السعوديون كانت في عمليات مشتركة أمريكية- سعودية. والإنفاق الأجنبي كان خارج الرقابة التشريعية في أمريكا، إلا أن المسؤول أكد أن هذه الأموال لم تنفق بطريقة سيئة.

وأثمر التعاون في عام 2010 عندما اكتشفت السعودية مؤامرة لنقل قنابل بلاستيكية تم زرعها في علب طابعات الكمبيوتر والتي كانت سترسل عبر الطائرات الدولية. وأدت العملية التي قام عملاء تابعون لمحمد بن نايف بكشفها إلى إنقاذ حياة الكثيرين.

وكان بإمكان محمد بن نايف كتابة شيكات من المصرف المركزي السعودي. وكان الشيك الأول بقيمة 300 مليون ريال ومؤرخ في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008. وتم إيداعه في حساب لمحمد بن نايف كما يقول المقرب منه، وبملاحظة “الوزير المساعد لشؤون الرقابة الأمنية للعمليات الأمنية الخاصة العاجلة” ثم قامت “سكاب” بإدارة المال في الحساب لتقديم واجهة تجارية.

وقال المقرب من ابن نايف إن المال منحه قوة استثنائية “أن يكون لديك حساب سري باسمك هو الكأس المقدمة في السعودية”. وبهذه المالية الخاصة، أصبح محمد بن نايف مؤتمنا على عمليات سرية لتوزيع المال إلى الأمراء والأعيان.

كان بإمكان محمد بن نايف كتابة شيكات من المصرف المركزي السعودي. وكان الشيك الأول بقيمة 300 مليون ريال ومؤرخ في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008. وتم إيداعه في حساب لابن نايف

وهذه الدفعات هي ممارسة معروفة في السعودية كوسيلة لتحسين الأمن من خلال المشاركة في بعض أموال العائلة. وتلقى الأمراء البارزون مثل سلمان عندما كان أميرا للرياض، ونايف عندما وزيرا للداخلية رواتب بملايين الدولارات.

ووثِق الملك عبد الله بمحمد بن نايف، وزادت الثقة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في 27 آب/ أغسطس 2009، حيث سارع الملك لزيارته في المستشفى.

ولم تتراجع ثقة الملك عبد الله به خاصة بعد توليه منصب وزير الداخلية بعد وفاة والده. وعند وفاة الملك عبد الله تم تعيينه وليا للعهد، ولكن تعيين محمد بن سلمان نائبا له كان نذير شؤم على ابن نايف.

وعلم محمد بن نايف أن موقعه المميز قد انتهى بوفاة الملك عبد الله. ويقول مسؤولون سعوديون وأمريكيون أنه بدأ منذ منتصف عام 2015 بتجميد شبكته السرية، وتحويل ملكيتها لهيئة الاستثمارات العامة. وفي رسالة مكتوبة باليد ومؤرخة في 1 آب/ أغسطس 2015، وتشير إلى التقييم وزيادة في قيمة الشركات مثل ألفا ستار التي كانت قيمتها بعد اقتطاع القروض والعلاوات والنفقات، 4.5 مليار ريال.

أما شركة تكنولوجي كونترول، فقيمتها 464 مليون ريال، وسيكيورتي كونترول، مليار ريال، وكانت الحصيلة الإجمالية من هذه الشركات هي 5.9 مليار ريال (1.6 مليار دولار).

ولكن آثار محمد بن سلمان بدأت تظهر في الديوان الملكي. ففي أيلول/ سبتمبر 2015، عزل مساعد محمد بن نايف، الجبري بعد لقائه مع برينان. وفي 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أمر محمد بن نايف، الجبري بالتحرك وتجميد الشركات القائمة.

ومع أنه وعد الجبري وحماد نسبة 5% من الأرباح، إلا أنه أعاد النظر بها إلى النصف، وتم الدفع في نهاية 2015. ورفض الجبري المقيم في تورنتو التعليق، ولم يتم التوصل إلى حماد الذي يعتقد أنه في السجن.

وبحسب المسؤولين الأمريكيين، لم يكن محمد بن نايف مبذرا مقارنة مع الأمراء البارزين، ولكنه زاد من ثروته الخاصة أثناء عمله في الحكومة. وربما عمل كل شيء بمباركة من الملك كما تقترح الوثائق. ولكن المشكلة الكبرى للمملكة هي الفساد. وبالمقارنة فمحمد بن سلمان مسرف في النفقات ولكنه لاحق الأثرياء ورجال الأعمال. وما يثير الخوف حول سجن محمد بن نايف ومحاكمته هي استخدام ولي العهد الحالي موضوع الفساد لتدمير منافسه.

الفصل الأخير

ويعلق إغناطيوس أن الفصول الأخيرة من مسيرة ابن نايف تشير إلى حتمية حزينة، فهو لم يكن متساويا في قدرة محمد بن سلمان لحماية أصدقائه ومعاقبة أعدائه. ويقول أصدقاؤه السعوديون والأمريكيون إن قدرته كانت محدودة بسبب المسكنات التي بدأ بتناولها بعد محاولة اغتياله.

وما زاد من قوة محمد بن سلمان، هو انتخاب دونالد ترامب في عام 2017. وقام الجبري بالهرب من السعودية في أيار/مايو 2017. وبعد شهر استدعي بن نايف وطلب نائبه الإسمي منه استقالته.

ولكنه طلب الاتصال بأميرين وهما خالد بن سلطان ومحمد بن فهد، وأخبر أن اللعبة انتهت، فقد قاموا بعقد صفقات مع منافسيه وليس أمامه إلا الإستقالة. وصدر مرسوم ملكي في 21 حزيران/يونيو 2017 بتعيين محمد بن سلمان وليا للعهد.

صادرت السلطات 21 مليار ريال (5.6 مليار دولار) من أرصدة العائلة بما فيها 17.8 مليار ريال (4.7 مليار دولار) في ودائع خاصة و3.1 مليار ريال (826 مليون دولار) متعلقة بساكب.

وقام بعض أصدقاء ابن نايف في الوزارة بتغيير ولائهم ودعموا بن سلمان، فيما اعتُقل آخرون وعذِبوا. وشدد الحصار على بن نايف، ومُنعت زوجته وابنتاه من السفر. وصادرت السلطات 21 مليار ريال (5.6 مليار دولار) من أرصدة العائلة بما فيها 17.8 مليار ريال (4.7 مليار دولار) في ودائع خاصة و3.1 مليار ريال (826 مليون دولار) متعلقة بساكب.

واعتقل ابن نايف في 6 آذار/ مارس 2020 إلى جانب عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز بتهمة التآمر على النظام.

ويقول الكاتب إنه “من الصعب تصديق أن هذه الرأس ترتدي التاج” في إشارة لمسرحية هنري الرابع. ويصدق هذا على كل ولي عهد في الماضي والحاضر. فالصعود الباهر والسقوط التراجيدي لمحمد بن نايف، هي تراجيديا شكسبيرية مسرحها الصحراء.

ومهما كانت أخطاء ابن نايف، فقد اعتبره المسؤولون الأمريكيون الذين عملوا معه كبطل ساعد على إنقاذ بلده عندما كانت تتعرض لتهديد وجودي، وتذكروا شعار المباحث التي أعاد محمد بن نايف تشكليها: “وطن لا نستطيع حمايته.. ليس من حقنا العيش فيه”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 610 / 2184557

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

2184557 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40