الاثنين 6 تموز (يوليو) 2020

فرق من تحرر عمن لا زال منتظرا....

الاثنين 6 تموز (يوليو) 2020 par أيمن اللبدي

السؤال المركزي ليس هل قيادة الشعب الفلسطيني كانت على مقاسه أو مقاس تضحياته يوما ما ماضيا أو حاضرا، السؤال المركزي هل كان الشعب الفلسطيني نفسه على مقاس أو على أهمية قضيته الوطنية ماضيا أو حاضرا؟!

تركت هذا السؤال على مدونتي الشخصية في فيسبوك ، أحاول أن استجلب عصفاً ذهنيا حوله، ليس المقصود من هذا السؤال جلد الذات، وليس المقصود من هذا السؤال التقليل من التضحيات ولا الاستهانة بعذابات المحطات، ولا كما ظن بعض الأصدقاء أنه موجه لانتقاد أداء قيادات الشعب الفلسطيني، في الحقيقة سؤال القيادة هو جزء من إجابة سؤال الشعب نفسه، والنتائج التي وصلت له لم تكن كافية، مع تقديري وشكري للنخب النابهة التي تفاعلت مع هذا السؤال، علما أن هذه المدونة مقلة مقفلة في عموم همومها، فلذا أظن أني أشرك القاريء به.

السؤال ليس محددا في بعده السياسي كما قد يظن القاريء، السؤال له بعد ثقافي وبعد تربوي وبعد إنساني أيضا، نحن نتحدث عن مصير وطن قبل كل شيء، في تفسير السؤال صورة بسيطة وليست مركّبة، كما أظن بجملة واحدة نريد أن نحصل على ترجمتها، هل كان نشاط الشعب الفلسطيني اليومي والكلي ضمن احتياج : أريد أن أحرر وطني بكل الطرق ؟ هل كان هذا جمعياً هو سؤال النفس يوميا لكل فلسطيني وكل فلسطينية ؟ ترى كم حققتُ أنا الفردية والجمعية، لهذا الهدف إن كان فعلا هو كذلك؟

ببساطة وباختصار هل كان ذلك هو المنشط الإنساني الفلسطيني لمجموع هذا الشعب في كل محطات قضيته ولكل أو لمعظم أبنائه وما هي النسبة فعلا؟!

إن كانت تربية الفلسطيني الوطنية والثقافية الجمعية تمت على هذا النحو فعلا، فإن الفشل يكون في موضع آخر، ويكون الشعب الفلسطيني عندها على مقاس قضيته ومظلوما بهذا السؤال، فإن لم يكن كذلك، فنحن أمام لبّ الفشل وجوهره.

الأيام الماضية تضمنت في جعبتها خبراً استدعى هذا الفلاش ، لصورة لطالبان في أفغانستان ومفاوضاتها مع الولايات المتحدة لمدة عامين لاجلاء قواتها المحتلة، لدينا في الوسط فيتكونج ومفاوضاته لزمن قليل مع الولايات المتحدة لاجلاء قواتها المحتلة لفيتنام، لدينا قديما جبهة التحرير الجزائرية ومفاوضاتها لجلاء قوات فرنسا المحتلة لزمن مماثل، كلها مفاوضات تمت تحت النار، كلها مفاوضات لم تستغرق لا ربع قرن ولا عقد واحد، كلها نتج عنها تحرير وانعتاق واستقلال، ناهيك مثلا عن أناس لم تفاوض أصلا ولا جلست على طاولة كمثال حالة حزب الله اللبناني في جنوب لبنان، هل يضيف هذا الفلاش شيئا حول السؤال المقدّم ؟ ربما هناك يمكن التجوال من حول ذلك واكتشاف المزيد.

كان لدينا مقولة حول دور التعليم والتنوير والموضوعة الأكاديمية وبالذات عقب نكبة العام 48 في تحقيق الترانسفير أو التحوّل بالمعنى الشعبي العام من حالة اللجوء والتشرّد التي فرضت قسراً على هذا الشعب، إلى التشبّث بملامح طريق خلاص أو طريق تكريس وجود في الرد على هذه الكارثة، في الواقع العملية الأكاديمية كانت من الأنانية والسلبية أنها غدت معيقا لعملية التحرر والتحرير، هذا ما أزعمه،بل وهي ضمن أدوات أخرى قادت لسؤال غسان عن الدق على جدار الخزان، هي أدت إلى استخيال واستدعاء الحل الفردي على حساب الجمعي، هي أدت إلى اللهاث خلف الاغتراب بقصد تمتين الذات ليس تمتينها على طريق الكفاح الوطني مثلا، وبالأعم الأغلب نحن نقول هذا، صحيح جزئيا ربما ساهمت بتفعيل معادلة صمود من نوع ما في الوطن المحتل بفعل نواتجها الاغترابية الخليجية وتحديدا فضل الكويت ولكن بالمعنى الضيق فالأضيق في الواقع هذه لم تنتج سؤال طريق الخلاص الوطني أبد، ربما أنتجت تنويرا على سؤال الهوية الوطنية وهذا أضعف الايمان سيما عقب البتر الاجتماعي القاتل الذي تعرض لها الشعب الفلسطيني عقب النكبة.

مفيد أن نتذكّر أن المحطات كانت كذلك بالصورة الكبرى والصورة الصغرى، بمعنى عندما تعرضت ثورة الشعب الفلسطيني الثانية في عمان أو بيروت لمفصل، كان المفصل شبه كامل هناك، بالضبط مثلما كان لو واجهت الخليل هجمة كبيرة ونوعية استيطانية لبقيت الحالة كثيرا هناك، هذا لا يعني أنه تام مطلق بمعنى أنه لم تكن هناك استجابة هنا أو هناك بحجم ما لهذا المفصل، ولكن بالصورة التامة الاستراتيجية ليس هناك هذا السؤال اليومي ضمن ذهن الفلسطيني العادي بشكل جمعي، هذا ما قاد إلى طول فترة الانتظار وطول المعاناة واستمرار التدهور الكارثيلهذه القضية.

ليس المطلوب تعطيل حياة الفلسطيني أبدا، لا في الوطن المحتل ولا في الشتات، المطلوب أن تكون حياة الفلسطيني ضمن برنامج أولويات حتى أولوياته الذاتية جزءا وخادمة لأولوية الوطن،ماذا يحدث وما معنى كل الناجاحات الفردية والجمعية في أي موضوع يخطر لك على بال دون الوطن؟ لا شيء...لا شيء إطلاقاً، هذا يمكن أن يكون ترجمة لكلمات درويش : عابرون في كلام عابر التي أغاظت بيغن وشامير، هم عابرون حتما لأنه قانون التاريخ وناموسه، لكننا سنكون أيضا عابرين إن لم نتغير.

وإن كان كذلك فمتى سيحدث التغيير؟ متى يصبح سؤال المصير هو السؤال اليومي الجمعي، السؤال الواقع تحت فعل النفس اللوامة : ماذا قدمت اليوم لفلسطين وحريتها وما هو مطلوب مني في اليوم الثاني قبل السؤال عن أي شيء آخر؟

هذا فرق من تحرر عمن لا زال منتظرا.....



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2184414

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مستشار التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184414 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40