الأحد 28 حزيران (يونيو) 2020

يا نبض الضفة ....

ملف صحيفة الاخبار
الأحد 28 حزيران (يونيو) 2020

- أبو عبيدة: الضم إعلان حرب وسيندم العدو عليه
قال المتحدث باسم الذراع العسكرية لحركة «حماس»، «كتائب القسام»، أبو عبيدة، إن قرار الضم الإسرائيلي للضفة المحتلة والأغوار هو «إعلان حرب... لن نتكلم كثيراً وسنقول كلمات معدودة وواضحة على الاحتلال أن يفهمها»، متوعّداً بأن المقاومة ستكون «الحارس الأمين والوفي للدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقدساته... المقاومة ستجعل العدو يعضّ أصابع الندم على قرار الضم الآثم». جاء ذلك في كلمة مصورة بمناسبة مرور ذكرى عملية «الوهم المتبدّد» حين أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، قال فيها أمس: «نقدم التزاماً وعهداً لأسرانا أن إنجاز صفقة جديدة يقع على سلم أولوياتنا ولن تمر أي صفقة دون أن يتصدرها القادة الأبطال والمجاهدون». كما أكد أن «المحرمات التي كسرت في صفقة وفاء الأحرار سوف تكسر وأكثر في صفقة قادمة بإذن الله، وإلا فإن المقاومة لم تتعب نفسها في تفاوض على أقل من هذا الثمن».

- ما بعد الضمّ: الانتفاضة... أو أُكلنا يوم ضاعت فلسطين
عبد الرحمن نصار

يبدو أن السؤال الملحّ، بناءً على التجربة الطويلة من سبعة عقود مع الاحتلال الإسرائيلي، يجب أن يكون عمّا بعد الضم، أي ماذا سيفعل العدوّ، المعروف بتخطيطه البعيد المدى وبخطواته التدريجية الهادفة إلى مشروع أوسع ومدروس، بعد أن يُعلن الضم. لا يعني هذا أنه لا داعي للسؤال عما بعد الضم فلسطينياً، أي عن رد الفعل (انتفاضة جديدة، هبّة شعبية محدودة، حرب أو مواجهة عسكرية محدودة أيضاً)، مع أن هناك غياباً لأيّ استراتيجية ردّ فلسطينية واضحة، بل فقداناً للمؤشرات ذات العلاقة في الشارع، لكن القلق يجب أن يكون الآن في مكان آخر، وخاصة أن احتمالات التصعيد فلسطينياً ليست مرتبطة بقرار الضمّ حصراً، بل بما يمهّد له القرار لاحقاً. بعبارة أخرى: من يريد أكل أكثر من 90% من فلسطين الآن «لن يغصّ بالباقي». ومتى بدأ ضم 30% من الضفة، وأصلاً هناك سيطرة إسرائيلية على 52% منها تقريباً (تصير السيطرة شبه كلية: 82%)، فستكون خطوة العدو التالية الإجهاز على ما تبقى، وخلال أقل من عقد كما يظهر تسلسل الأحداث.

ماذا حدث كي نفيق في الأول من تموز/ يوليو 2020 ونجد بنيامين نتنياهو يعلن الضم؟ القصة الفلسطينية تعيد نفسها: يوماً ما سمعنا عن موجات هجرة يهودية إلى فلسطين. قال بعض كبار القوم: لا يهمّ، الأمر ليس بهذه الخطورة. تكونت مستوطنات زراعية صغيرة. أيضاً لم يلمس كثيرون الخطر بعد، إذ لا نزال تحت رعاية «بقايا الخلافة العثمانية»... إلى أن جاء «الانتداب» البريطاني، ليصير تسلسل الأحداث أسرع، وينفجر العنف الإسرائيلي مؤدياً إلى النكبة. هكذا، من خسارة إلى خسارة حتى مضت 19 سنة بين 1948 و1967 «ارتاح» خلالها الفلسطينيون إلى وضع ما: خسرنا ما خسرنا، ولن يكون أكثر. لكنّ «صدمة» 1967 مثّلت تحوّلاً خطيراً في مسار الضياع. صحيح أن هذه النكبة الكبرى، لا الانتكاسة، أطلقت لاحقاً مسار المقاومة الفلسطينية من دون عناوين عربية، لكن السلوك نفسه بقي مستمراً في: قصر النظر وغياب الاستراتيجيات والدخول في حسابات إقليمية خاسرة.

ليس بإمكان أحد أيّاً كان إلغاء الرهان على الشعب الفلسطيني

1987 وجاءت الانتفاضة الأولى التي شكّلت علامة فارقة لجهة النموذج والأداء، باستثناء النتيجة: من كان يتخيل أن تفضي هبّة شعبية كبيرة ومميزة مثل انتفاضة الحجارة (تحتاج الآن تحديداً إلى إعادة دراسة وتعميم)، بكل ما فيها من تضحيات وإدارة شعبية منقطعة النظير، إلى اتفاق مسخ مثل «أوسلو»! من بعد «أوسلو» عباس ــــ عرفات، حدّث ولا حرج. ومن بعد الانتفاضة الثانية تحوّل المشروع الفلسطيني، بجناحيه «فتح» و«حماس»، إلى مشروع سلطة. خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ورغم انفجار الانتفاضة الثانية على مدى خمس سنوات، عمل الأميركي والأوروبي على «تسمين» الفلسطينيين وإتخامهم بفكرة الحياة تحت الاحتلال وإمكانية الموازنة بين أن نبني ونعمر ونتاجر، وأن نقاوم ــــ أو نتعايش لدى بعضهم مع ــــ الاحتلال! معادلة غريبة أفضت إلى حالة شلل فصائلي وجماهيري غير مفهومة، في حين أن غزة التي تمثل الاستثناء تحولت إلى «نقطة ارتكاز» للمقاومة، لكنها محكومة بمعادلات جعلت المواجهة تتحول من مقاومة مستمرة هدفها استنزاف الاحتلال حتى التحرير إلى مقاومة مكبّلة بحسابات الحكم المحلي واعتبارات المواجهات الحربية الكبيرة.
في خلاصة عاجلة ومزعجة: نحن من سهّل على الاحتلال الوصول إلى الوضع الذي نحن فيه الآن. صحيح أن مقاومتنا أعاقت نجاح المشروع الصهيوني عن صورته المثلى، بل أخّرت وأحبطت كثيراً من مشروعاته، بجانب جهد المقاومة الإسلامية في لبنان والمقاومات العربية، لكن ما نحصده اليوم هو نتاج الخيبات التي زرعها المفاوضون من جهة، وأخطاء الفصائل كافة من جهة أخرى. أما يوم قررت المنظمة، ثم السلطة، الاستغناء عن فلسطين 1948، فقد انتهت فلسطين كاملة، وما عاد من وجه حقٍّ لمطالب، إن كانت القصة باعتبارات الحد الأدنى من الكرامة، أو حتى المنطق السياسي المقبول! أيضاً يوم أن قرر أحدهم أن يكبّل المقاومة بدخول منتجات «أوسلو» والعمل تحت ظلها، بتنا أعجز عن صنع الفعل، بل حتى صنع رد الفعل الذي صار بدوره يُدرس إسرائيلياً كأنه عامل يمكن التحكم فيه بأريحية!
بجمل سياسية وعملية أكثر تحديداً: لقد بتنا بحاجة إلى صدمة أكبر من كل هذه الصدمات. فلعل الحاجة إلى الاحتلال تكون أسوأ من الاحتلال نفسه. بمعنى أكثر وضوحاً: ربما يكون ضم الضفة فوراً وكاملاً هو الفتيل الأفضل لإشعال برميل البارود، بدلاً من الخطوات التدريجية التي تعلمت السلطة جيداً كيف تتأقلم معها، وكيف تجبر شعبها على التأقلم معها. وإن كان الإسرائيلي يعرف نتائج مثل هذه الخطوة، ولذلك يمكن أن ينحو صوب خطوات تدريجية كما جرت عادته، فإن إحساس الشعب الفلسطيني بأنه لم يعد هناك ما يخسره أكثر سيعجل بالانتفاضة كونها الواجب، لا الخيار، الأكثر منطقية في ظل حالة الاحتلال القائمة لا المستجدة، وبعدما أثبتت الحروب الأخيرة في غزة أن القضية لم تكن يوماً في نوعية السلاح حصراً، بل في عقلية المقاومة وطريقة إدارة المواجهة.

هنا عودة إلى الضفة. منذ 2002 ــــ 2005 خسرت المقاومة المسلحة قاعدة استناد كبيرة هناك. يمكن أن يقال ما يقال حول السبب: عملية «السور الواقي»، عقيدة «الفلسطيني الجديد» ودور الجنرال الأميركي كيث دايتون، توريط المجتمع في القروض والديون الذي قاده رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض، إخفاق الفصائل في إدارة الانتفاضة وحمّى التنافس في العمليات الاستشهادية وتسارعها والاختلاف في جدوى بعض الأماكن المستهدفة... لكن النتيجة واضحة: منذ أن خرجت الضفة من المعادلة الفعلية للانتفاضة الثانية، انتهت الانتفاضة عملياً، بل إنه منذ 2005 تقريباً لم يجرِ أي عمل رسمي للفصائل في الأراضي المحتلة عام 1948 كما في سنوات الانتفاضة، لتتحمل غزة العبء الأكبر، قبل أن ينتهي مصير القطاع بين 2006 و2007 إلى حالة حصار وحرب وكر وفر.
هذه المراجعة السريعة لتلك الأحداث هي إجابة واضحة عما يحدث في 2020، فالمشكلة ليست في دونالد ترامب كأنه صاحب الفكرة الجديدة والصدمة. يكفينا أن بنيامين نتنياهو يرافقنا في هذا الصراع منذ 2009، وهذا دليل على عمق الأزمة فلسطينياً: هل عجزنا عن مواجهة رجل/ عقل واحد منذ 11 سنة؟ طبعاً لا، فشخصنة المشكلات هي عمق أزمتنا، ولذا يصير أي قراءة أو مراجعة نقدية للسلوك الفلسطيني (المقاوم أولاً بصفته صاحب المسؤولية والأمانة الكبرى والسياسي ثانياً بصفته حاصد النتائج) كأنه استهداف شخصي يوجب الدفاع عن الذات بدلاً من تقديم الحلول والإجابة عما هو مقبل.
مع هذا كله، ليس بإمكان أحد أياً كان إلغاء الرهان على الشعب الفلسطيني. من المؤسف لهذا الشعب أنه قدم كمّاً ونوعاً كبيراً من التضحيات مقابل نتائج لا تذكر. ولذلك علّمته هذه التجربة العميقة والمؤلمة ألّا يثق بأحد بقدر ثقته بنفسه، وهنا لبّ الخطاب. والإسرائيلي، وإن كان قلقاً من غزة ومقاومتها من جهة، وغير مشغول البال من السلطة والأنظمة العربية من جهة أخرى، فإن أكثر ما يخشاه هو الناس الذين خبرهم جيداً منذ عقود. ربما يمر صباح 1 تموز/ يوليو، إن أُعلن الضم، كأيّ صباح آخر في الضفة والقدس والـ 48 وغزة، لكن ما بعده من أيام حبلى بما هو غير متوقع، فلسطينياً وإسرائيلياً.

- صيف لاهب في الأغوار
مي رضا

بخطوات متسارعة، يلوّح العدو الإسرائيلي بفرض سيادته على الأغوار التي تشكل ربع مساحة الضفة المحتلة. وأمام تاريخ من تهميش السلطة الفلسطينية للمنطقة، ووقوع غالبية أراضيها تحت تصنيف «ج» وفق اتفاق أوسلو، يجد فلسطينيو الأغوار أنفسهم وحيدين في مواجهة كابوس الضم، وأمام اعتداءات تضاعفت وتيرتها منذ إعلان نية العدو. منذ أيام، أعلنت رام الله تخصيصها حزمة مساعدات لسكان الأغوار، لكنها جاءت «متأخرة وغير استباقية»، إذ بدأ العدو التمهيد للضم عبر مقدمات فعلية منذ الشهر الماضي، منها: إزالة العلم الفلسطيني عن سطح مجلس قروي، وتكثيف الحواجز المفاجئة، وإزالة الإشارات التحذيرية للمستوطنين من دخول القرى الفلسطينية، بل للمرة الأولى منذ وجود السلطة تُسلّم «الإدارة المدنية» الإسرائيلية فواتير كهرباء مباشرة للمجالس القروية نهاية الشهر الماضي، مع الدعوة لتسديدها، وإلا سيُفصل التيار، وقد جرت العادة أن مستحقات المياه والكهرباء تسدّدها رام الله.

للأغوار قيمة عالية في الثروات، فهي تمتد على مساحة تزيد على 1.5 مليون دونم بما يشمل شمال البحر الميت، وتُقسم إلى: الأغوار الشمالية (تضم محافظة طوباس)، الوسطى (تضم مناطق تتبع نابلس)، الجنوبية (تضم مناطق تتبع أريحا)، ويقطنها نحو 55 ألف فلسطيني (2% من سكان الضفة)، ضمن 27 قرية وبلدة ثابتة إضافة إلى عشرات المضارب البدوية، وفق البيانات الرسمية. يقول رئيس مجلس قرى المالح والمضارب البدوية، مهدي دراغمة، إن الأغوار «ثالث أكبر حوض مائي في فلسطين، وتزخر بالينابيع والأودية. المزارعون كانوا يستغلون هذه المياه لري المزروعات بنظام القنوات، لكن سيطرة شركة ميكروت الإسرائيلية على المنطقة سبّبت كارثة مائية لهم، بعدما حفرت مجموعة من الآبار وحولت المياه إلى المستوطنات الزراعية». الثروة الحيوانية مهدّدة هي الأخرى خاصة مع دخول فصل الصيف ودرجات الحرارة المرتفعة جداً مقارنة ببقية المناطق الفلسطينية، خاصة مع نقص المياه. وفق دراغمة، يحتاج المزارع يومياً إلى ما بين 10 إلى 20 كوباً من الماء للثروة الحيوانية والاستعمال المنزلي، في حين أن نقص المياه أجبر المزارعين على استعمال الصهاريج المتنقلة من مناطق بعيدة، بتكلفة باهظة ولذلك، هاجر جزء من العائلات القروية للحصول على المياه بتكلفة أقل.

دوماً كانت الأغوار ساحة لعدوان الجيش والمستوطنين بطرق مختلفة

يقول أحد المزارعين، ويدعى فوزي عوض، إن «المستوطنين يهاجمون المحاصيل دائماً في كل مكان ننتقل إليه داخل الأغوار، إما بإطلاق قطعان الماشية لتتلف المزروعات، أو تسييجهم الأراضي الزراعية»، مستدركاً: «نحن صامدون لكن الاعتداءات لا تتوقف، وبُعد مناطق الأغوار عن المحافظات يجعلها فريسة سهلة». وهذا الصيف مثلاً شهدت منطقة الساكوت بالأغوار الشمالية خسارة فادحة لموسم البطيخ والشمام . يوضح المزارع محمد بشارات أنهم تلقوا ضربة قوية بسبب موجة الحر نهاية الشهر الماضي، إذ تعرض نحو 60% من المحصول للتلف. أما النسبة المتبقية من البطيخ الجيد، فكانت فريسة لبطيخ المستوطنات الذي غزا السوق الفلسطينية. يكمل بشارات: «سنعزف عن زراعة البطيخ في الأغوار الشمالية.. إلا إذا عوضتنا وزارة الزراعة والحكومة». أما المزارع مؤيد هريش، فيقول إن السلطة «قدمت الأشتال ودعماً جيداً لإحياء أراضي الأغوار ومنع العدو من السيطرة عليها بحجة فراغها، لكن قبيل بدء الموسم والإنتاج تعرّض المزارعون لموجة الحر»، مضيفاً: «خسرت نحو 40 دونم من البطيخ في مزرعتي قرب الجدار الفاصل وبمحاذاة المستوطنات في قاعون».
من جهة أخرى، حوّل العدو القرى والمضارب البدوية لمناطق تدريب عسكرية، إذ صارت الأراضي مسرحاً لعشرات الآليات بما فيها دبابات، إضافة إلى قوات المشاة والمظليين. ويتخلل هذه التدريبات طرد الفلسطينيين من خيامهم واستعمال الذخيرة الحية، الأمر الذي يؤدّي إلى أضرار متنوعة فضلاً عن الآثار النفسية التي تَلحق بالأطفال. ومن الأضرار المادية تدمير خطوط المياه، وإتلاف المحاصيل، وإحراق مساحات شاسعة منها. من ذلك ما شهده بداية الشهر الجاري حين التهمت النيران نحو تسعة آلاف دونم من القمح والشعير والمراعي قرب خربة حمصة الفرشه وفي خربة حمصة البقيعة. وسط ذلك، يشعر عدد من المزارعين، الذين قابلتهم «الأخبار» في الأغوار الشمالية، أن «الضم قادم»، وليس شرطاً أن يكون فورياً. ويشتكون من غياب السلطة من الأساس قبيل الضم، ولذلك الضم يعني تحكّماً إسرائيلياً أكبر بالأغوار، كما يرون، بل يرى مزارعون أن ضم الأرض من دون السكان يعني أن يتحول الفلسطينيون إلى رهائن وأن تُقسّم الأغوار إلى قطع صغيرة بينها بوابات وحواجز تفصل المزارعين عن أراضيهم. مع ذلك، هناك قلة ترى أنه لا فرق بين ما قبل الضم وما بعده بحكم سيطرة العدو الكاملة على الضفة والأغوار، لكن الحد الأدنى من الخطورة أن تتحول الأغوار إلى مناطق إسرائيلية تُطبق عليها قوانين العدو، مثل قانون أملاك الغائبين الذي يتيح الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين إذا لم يكونوا فيها، علماً بأن عدداً كبيراً من العائلات تمتلك أراضي في الأغوار لكنها لا تقطن فيها.

- ... وحيداً في وادي عربة
وسيم محمد

لا صورة ولا حتى خبر قديم عن زيارة عبد الله الثاني إلى القدس. يبدو غريباً أن يغيب صاحب الوصاية عن أمانته منذ تسلّمه العرش عام 1999، بل يبدو ضرباً من الخيال أن نجده على أعتاب المسجد الأقصى هذه الأيام، ليغيظ بأقلّ تقدير الخصم التاريخي القابع في الرياض: من أخرج أجداده من مكة، وسرق «شرف» خدمتها، بل لاحقهم إلى تخوم معان ليقتلهم، وها هو اليوم يزاحمه على «السلام مع أبناء العم» قبل مفاتيح المدينة المحتلة! إذاً، يقف عبد الله وحيداً ليحمي ملكه. هو يعرف هذه العزلة، فقد عاشها منذ بدء الحديث عن «صفقة القرن» وترتيبات الوضع الجديد الذي يتغوّل على مساحة وصايته على الحرم المرتبطة بسيادة حكمه ومشروعيته. أما ما حدث خلال الأعوام القليلة الماضية، بين القصر وحلفائه من العيار الثقيل، فيشي بالموقف الهزيل لعمّان التي تمارس منفردة الاعتراض على الضم على نحو يثير السخرية، بعد أن تجاوزت مصالح تل أبيب جغرافيا المملكة إلى ما هو أبعد، في الخليج.

يغيب عن بال كثيرين أنه وفقاً للدستور الأردني، الضفة الغربية بما فيها القدس أراضٍ أردنية، وسواء كنّا مع فك الارتباط أو ضده، ذلك لن يغير حقيقة قانونية مفادها أن فكّ الوحدة عام 1988 غير مقونن حتى الآن، ما يعني أن على المملكة أن تسترد هذه الأرض المحتلة مع أنها فرّطت بحقها في ذلك لما وقّعت «وادي عربة»، لتمسي حدودها الدولية الغربية مع إسرائيل «دولة جارة» لا عدوّة، بمعزل عن أي دولة فلسطينية تتمسك عمّان بها على حدود الرابع من حزيران. كما لا يغيب أن الأردن اشترك في المفاوضات مع الفلسطينيين والإسرائيليين، ومع أن عبد الله كان أبعد ما يمكن من مجالس صنع القرار في عهد والده، فإنه أمسى وريثاً لاتفاقية عايشها وهو ملك لأكثر من 21 عاماً. لم يكن لاعباً بارعاً في ردهاتها، بل احتكم لصوت التوازن من دائرة مستشاريه الذين صار أحدهم مستشاراً لولي عهد السعودية! فبقيت «وادي عربة» تحت السيطرة على رغم التوترات الكثيرة مع تل أبيب، وعبر هذه السنوات، كان «الملك الشاب» محاطاً بطاقم المفاوضات الذي اختاره والده، بل حافظ الابن على سَدنة المعاهدة، عبر تعيينهم في مناصب الدولة التشريعية والتنفيذية، أو إبقائهم قريبين في مجلسه (مجلس الأعيان)، لكنهم كبروا الآن، وبعضهم أعياه المرض أو تقدّمت به السن، عدا انتهاء صلاحية تلك الرؤية في الانفتاح على العدو بحكم الأمر الواقع والظرف العربي الذي أعقب الحرب على العراق بداية التسعينيات.
أكثر من ذلك، حتى الحلفاء كشفوا عن شروطهم الجديدة، والممولون يحبسون دولاراتهم للاعبين الجدد، وعبد الله في الخانة الضيقة يحاول إدارة أزمة حكمه بنفسه هذه المرة، وبوزير خارجية أداؤه أقلّ من عادي، وبرئيس وزراء يفتقد الحنكة ولا إجماع على شخصه بين دوائر القرار أو الحرس القديم، وحتى جماهيرياً بعد أن خذل معظم من هلّلوا لقدومه. هذا الوضع دخله القصر قبل عامين، إذ كان الصمت قد بدأ بين عمّان وواشنطن، لكنه انقطع بالتحديد في مثل هذه الأيام، حين وصل فجأة بنيامين نتنياهو إلى الأردن الخارج للتوّ من موجة احتجاجات أفضت إلى إقالة الحكومة وتسمية أخرى بصبغة اقتصادية. جاءت الزيارة بعد حادثة السفارة (تموز/يوليو 2017) التي أودت بحياة أردنيين، وكان نتنياهو قد استقبل القاتل بحفاوة مستفزّة! بعد الزيارة المفاجئة، التي خلت من أي مراسم أو صور تذكارية، غادر عبد الله إلى واشنطن والتقى دونالد ترامب رسمياً للمرة الأخيرة مذّاك. كان من الواضح أن الخطوط العريضة لـ«صفقة القرن» لم تعجب عبد الله، وقبوله يعني إطلاق النار على قدميه، ولذلك بدأ حراكه وتوجه إلى أصدقائه في الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين، ثم توالت زياراته ولقاءاته في أوروبا والدول «الإسلامية»، وبدأ التركيز أكثر على الوضع الداخلي، إذ غيّر رؤساء المناصب الأمنية والعسكرية. جفوة البيت الأبيض للقصر جعلت أي لقاء من أي مستوى مع الأميركيين ذا ثقل، ولهذا اشتد الترقب للقاءات عبد الله وولي عهده «الافتراضية» على مدى يومين (الأسبوع الماضي) مع لجان في الكونغرس منها لجان المخصّصات المالية. وباء كورونا جعل اللقاء مستغرباً مع أنه تواصل دوري، سواء إن عقد في واشنطن أو من عمّان. الحديث مع الأميركيين رفع معنويات عبد الله لكن الدفقة الإيجابية لم تدم طويلاً، إذ يبتزّ البيت الأبيض المملكة هذه الأيام بتلويحه بالنظر في تسليم مواطنة (أحلام التميمي) مقابل استمرار المعونات التي تتجاوز الـ 1.3مليار دولار سنوياً. في الميزان الاقتصادي الحساس، لهذه المحاولات أثرها الصارخ، فإن حُرمت المملكة هذا المبلغ سيكون كل التضامن والمساندة من أوروبا مثلاً غير مؤثر، وهذا ينسحب على تدخل ألمانيا التي يأمل القصر أن يكون في وسعها إحراز تقدم مع حكومة نتنياهو، ولا سيما أن برلين لعبت دور الوسيط بين المقاومة والعدو سابقاً.

سواء كنّا مع «فكّ الارتباط» أو ضده، ذلك لن يغير حقيقة قانونية مفادها أن فكّ الوحدة عام 1988 غير مقونن حتى الآن

على المقلب العربي، يتقاطع الموقف الأردني مع السلطة الفلسطينية حتى بدا أنه موحّد، فمتنفّس رام الله الوحيد يمر عبر عمّان. وهنا يذكر وجود صائب عريقات في المملكة بصورة شبه دائمة منذ إعلان ترامب القدس «عاصمة لإسرائيل»، لكن ذلك يفقد أهميته أمام الزيارة الفجائية وغير المعلنة لوزير الخارجية أيمن الصفدي لرام الله حاملاً رسالة إلى محمود عباس من الملك، بعد أن هاتف الأخير الإماراتيين والبحرينيين، ما يدل على رسالة أردنية للأطراف المعنية تبلورت أخيراً. التوجه إلى أبو ظبي مفهوم ولم يكن استثناء، ففي موجة الاحتجاجات الأخيرة في عمّان كان تفاعل محمد بن زايد «إيجابياً»، إذ كان أول المتصلين بعبد الله من بين العواصم الخليجية التي حضرت لاحقاً «قمة مكة» الرباعية، كما لا يمكن تجاوز موقف ابن زايد من قصة الأميرة هيا (الأخت غير الشقيقة لعبد الله)، بجانب تأثير تيار محمد دحلان في المملكة اقتصادياً أو شعبياً، ما يفرض علاقة ثنائية لا يمكن إغفالها. أما قطر، فلا يبدو أنها تشكل فرقاً في معادلة واشنطن بخصوص الضمّ، لأن يهم الدوحة أساساً الوضع في غزة حيث تدعم «حماس» التي تكاد تكون مكبّلة في الضفة. لكن على صعيد الدبلوماسية تقف الدوحة في نقطة أقرب إلى عمّان (إلى جانب أنقرة) في دعمها الوصاية الهاشمية نكاية بالرياض، بل يبدو التطبيع على الطريقة الأردنية يناسب القطريين أكثر من التساوق مع التطبيع السعودي «الفجّ». مع كل ذلك، لم تشفع خدمات الحكم الهاشمي للخليج في تحسين موقفه من صورة الوضع الإقليمي الجديد، بل واضح أن الاتفاق الأميركي ــ الإسرائيلي تمّ مع السعوديين ومعهم الإماراتيون دون أدنى تأثير من عمّان في الصورة العامة. هكذا أصلاً كان الدور الأردني في الحرب على سوريا، في غرف «الموك» وأخواتها، جهداً غير مشكور، ولا حتى إرسال الدرك لسحق الحراك في البحرين، أو مساندة سلاح الجو الأردني لقصف طرابلس الغرب مع الحلف الخليجي، وحتى انحيازه في الشأن الليبي أخيراً، بل قوبلت هذه الجهود بمساعدات محدودة حين خرج المحتجون في عمّان.
على الصعيد الداخلي، يشلّ «قانون الدفاع» الحياة السياسية، فكل النشاطات برسم التأجيل، والتركيز منصبّ على الوضع الاقتصادي، مع تململ واضح من الخسائر الفادحة بسبب «كورونا». لم يكن وضع الاقتصاد أفضل قبل الإغلاق التام، لكن الناس الآن منهمكون في حساب خسائرهم ومراجعة الرسائل القادمة من الضمان الاجتماعي بنصف رواتبهم، ولا يوجد على جدول أعمالهم رد فعل بسبب الضم، بل لم تثر الوقفة الاحتجاجية المنفردة للنائب سعود أبو محفوظ، عن كتلة «الإصلاح» الممثلة عن «الإخوان المسلمين»، أمام السفارة الأميركية حميّة الجمهور، بل تفاعلوا أكثر مع رد أحد المطاعم الأردنية على تغريدة لإيدي كوهين يقول فيها إن دبابتين إسرائيليتين قادرتان على احتلال المملكة في ثلاث ساعات!
على أيّ حال، قد تتعثر الإجراءات الإسرائيلية للضمّ، أو قد تكون أقل من المتوقّع، وربما هناك تفاهمات مع عمّان ورام الله كما رشح أخيراً عن رسالة نقلها رئيس «الموساد»، يوسي كوهين، إلى عبد الله. عموماً ما ستفعله تل أبيب هو في واقع الأمر ترجمة للممارسات الفعلية للاحتلال في الضفة والغور، التي لم تؤزّم العلاقة مع عمّان قبل، فالأخيرة لا تطمح إلا لشراء الوقت وانتهاء الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وما سيتبعها من هدوء بعد «حفلة ترامب». وإلى ذلك الحين، سيبقى عبد الله وحده برغم الرفض الخليجي الشكلي لخطة الضم، بل حيدت حتى اللحظة أجهزته الأمنية الكتلة الفلسطينية الداخلية في المملكة تماماً، مع أنها قد تغامر وتؤجّجها في وقت لاحق، لتفتح الباب على مصراعيه لتأثير أطراف فلسطينية خارجية، سواء في الإمارات أو قطر. قد ينسحب سيناريو التحريك الأردني للكتلة الفلسطينية على تحذيرات الصفدي خلال حديثه مع المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، حين قال له: «المنطقة كلها تقف على مفترق حاسم: إما سلام عادل طريقه حلّ الدولتين، وإما صراع طويل أليم».
مخطئ من يظن أن النظام الهاشمي متماهٍ مع الحلول المطروحة، فما كشفته بنود الخطة الأميركية ستجعل منه أقل من موظف لدى إسرائيل والخليجيين، وفي أحسن الأحوال ضابط ارتباط محدود المهمات، إذ ستسلب منه سيادته بالمفهوم الدولي والشعبي الداخلي، وهذا سيسهل تغييره بآخر أردني من أصل فلسطيني أو بشرق أردني يؤدي المهمة على أكمل وجه، وكلا الخيارين لا يحمل أيّ صفة اعتبارية قد تكون عثرة أمام أي تبديل مستقبلي. إلى ذلك، سيبقى عبد الله ممسكاً أوراق «وادي عربة» وهو يقف على الكثبان الرملية بانتظار أن ينتهي هذا الكابوس.

- المخاطر... وتحدّي المواجهة
علي حيدر

كل مقاربة لأيّ من متفرعات القضية الفلسطينية تتحدّد مساراتها وفق الرؤية التي تنطلق منها، فمن يتعامل معها كعبء ينبغي التخلص منه بأي ثمن سيكون منطقه وموقفه بما يحقق هدفه، بل يتحول كيان العدو لديه إلى حليف ومصالح مشتركة. أما من يرى أن الأمر ليس إلا خلافات حدودية، فسيكون أسير معادلات التسوية التي ظهرت نتائجها. وجراء ما تتعرض له فلسطين من مخططات لمسخها، يصير ضرورياً إعادة تأكيد أن قضية فلسطين هي قضية شعب وقع ضحية مشروع استعماري استيطاني، وتخاذل عربي، بهدف إقامة وتوسيع كيان يسعى إلى تجميع يهود العالم بدلاً من السكان الأصليين. ويرتكز هذا المشروع إلى شعار «شعب بلا أرض لأرض بلا شعب»، وصولاً إلى إقامة «إسرائيل الكبرى» التي تتحدد حدودها حيث «تصل أقدام جنودها». كما لا تقلّ أهمية إعادة تأكيد البعد الوظيفي لهذا الكيان، فهو موقع متقدم للاستعمار الغربي الذي يعمل على تكريس هيمنته لمنع نهوض المنطقة، ولاستمرار نهبه، مع الإشارة إلى أن هذا الدور لا ينكره أيّ من مؤسسي الكيان ولا قادته الحاليين، وإن عبّروا عن ذلك بعبارات أقلّ حدة.

لم يبلغ العدو ما بلغه حتى الآن دفعة واحدة، ولم يكن نجاحه أمراً مسلّماً بل واجه تحديات كبيرة، فكان يمكن لما نجح أن يفشل، وما فشل أن ينجح، لكن النتائج تحققت وفق ما واجهه من تصميم وتدبير مضاد، واستعداد على المواجهة مهما غلت التضحيات. بنظرة عابرة إلى تاريخ الحركة الصهيونية، بدأ مسلسل «إنجازاتها» منذ المستوطنة الأولى تحت حماية الاحتلال البريطاني، بل قبل ذلك، وقد تراكم وصولاً إلى تحوّله إلى واقع ديموغرافي يمكن الاستناد إليه لإنشاء كيان دولتي. مرَّ هذا المسار بمحطات أبرزها قرار التقسيم عام 1947 الذي منح الصهاينة 54% من فلسطين، ثم السيطرة على 78% نتيجة حرب 1948، فالتوسع عام 1967. أما «الضم القانوني»، فبدأ بالقدس عام 1967، وصولاً إلى شرقي القدس والجولان، والآن دور الضفة بما يتناسب مع الواقع الديموغرافي والسياسي الذي تحدّدت مساحته وفق رؤية دونالد ترامب بـ30% منها. وفي المقابل، واجهت «منظمة التحرير الفلسطينية» المشروع الصهيوني باستراتيجية تنازلية، فانطلقت من «تحرير فلسطين»، ثم «إقامة الدولة الديمقراطية على كل فلسطين» بعد هزيمة المشروع الصهيوني، ثم إقامة الدولة على أراضي 67، ثم إقامة سلطة بناءً على رهان لتحوّلها إلى دولة (تبين فشل ذلك)، ثم تحوَّل الحفاظ على هذه السلطة إلى هدف قائم، والمطلوب منها أميركياً وإسرائيلياً أن توافق على الضم، أي أن توافق على التوسع الصهيوني وشرعنته فلسطينياً.

يندرج الضمّ ضمن التهويد، لكن هذه المرة من البوّابة القانونية

أما ما يُسمى خلافات أميركية ــ إسرائيلية، أو إسرائيلية ــ إسرائيلية، حول الضم، فليست إلا في تقدير التداعيات، وإلا فهم متفقون على المبدأ بل على أن كل الضفة ملك للصهاينة، لكن الظروف تحول دون ضمها كاملة. وإن كان هناك مستوى من التردد في تحديد حدود الضم وطريقة تنفيذه، فهو ناتج عن المخاوف من التداعيات. لذلك، تحضر بعض الرسائل الأساسية التي ينطوي عليها مشروع الضم. بداية، ينبغي ألا يغيب عن البال أن الاحتلال قائم مع الضم ودونه منذ عشرات السنوات. ومن هذه الزاوية، لا يُغير إعلان الضم شيئاً، لكن التغيير الذي يمكن أن يترتب عليه هو من جوانب أخرى، فهو تنفيذ لطموحات صهيونية يرفع رايتها في هذه المرحلة معسكر اليمين انطلاقاً من تقديره أن الظروف العربية والدولية (الأميركية تحديداً) تسمح بتنفيذ هذه الخطة. ولهذا، يشكل إعلان الضم خطوة متقدمة لدفع العالم وبعض الفلسطينيين إلى التكيّف مع الواقع المفروض وإجبارهم على التفاوض على أساس «صفقة القرن»، ويعني ذلك أيضاً أن الضفة لن تكون جزءاً من أي كيان سياسي فلسطيني مفترض (ضمن التسوية). كما يراد حشر الفلسطينيين وتسليمهم بالواقع بل إضفاء قدر من الشرعية (الفلسطينية) عليه، ما يعني أن الضم جزء من خطة أوسع تستهدف تصفية القضية.
أيضاً يندرج الضم ضمن التهويد، لكن هذه المرة من البوابة القانونية التي تفتح الأبواب على مسارات تهويد أخرى. فتغيير الوضع القانوني يعني تغيير قوانين ملكية الأراضي فيها بجعلها «إسرائيلية»، إضافة إلى منع سكان الضفة وغزة من دخولها إلا بتصاريح إسرائيلية. ينبغي التذكير هنا بسابقة ضمّ القرى المحيطة بالقدس بعد احتلالها عام 1967، عندما ضمت الأراضي التي تتبع لكل قرية وبلدية إلى «بلدية القدس»، فتحولت القرى إلى أحياء في المدينة، وأراضيها إلى أراضي بلدية الاحتلال، وهو الأمر الذي سينسحب على الأراضي والقرى المضمومة حديثاً. في الخلاصة، سيتبلور في تلك المناطق قانونان: واحد يتعامل مع اليهود الصهاينة وآخر مع الفلسطينيين. وفي ما يتعلق بمصير الفلسطينيين الذين يقطنون هذه المناطق، من المسلَّم أن إسرائيل لن تمنحهم جنسيتها. في مواجهة ذلك، يكمن التحدي الجوهري أمام الشعب الفلسطيني وفصائله، المقاومة وغير المقاوِمة، في تحديد ماذا يريدون على المدَيين المباشر والبعيد، وكيف يمكن تحقيق ذلك. والإطار العام الذي يحكم أي خيار هو أن تكون مواجهة الضم جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى مقاومة الاحتلال (مع أو من دون ضم). من المسلّم أنه لا يمكن أن يكون النهج الذي أضاع فلسطين، ويهدد ما تبقّى منها، هو نفسه الطريق إلى إنقاذها. وما هو أشد تهديداً من الاحتلال هو سعي كثيرين في فلسطين والمنطقة والعالم إلى بثّ روح اليأس في صفوف هذا الشعب كي لا يرى الجانب المضيء من تطورات البيئة الإقليمية بما تنطوي عليه من عناصر قوة وفرص (إلى جانب الجانب المظلم منها) تؤسِّس لمعادلات جديدة تشقّ الطريق إلى فلسطين.

- 3 خطط... والتداعيات البعيدة «أكثر خطراً»
بيروت حمود

منذ أكثر من شهر يتصدّر ضم الضفة المحتلة إلى كيان العدو جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية. تحاول الأخيرة تصدير المسألة على أنها خلاف بين قطبَين سياسيين على عدد الدونمات التي يُحضّر لقضمها. هكذا، عبر الأذرع الإعلامية المختلفة، راحت تل أبيب ترشق بالوناتها الاختبارية رصداً لردود الفعل المحتمَلة. سلوكٌ قديم ــ جديد غيّب النقاش المهم حول أبعاد الضم وماهيّة إعلان «السيادة» على الأراضي المحتلة أصلاً، وتبعات ذلك على الفلسطينيين. بل ربما السبب الأساسي الذي منع الحكومة الإسرائيلية من نشر أي خريطة هو أن تحيّد النقاش حول خطورة ما ترمي إليه، وتمنع أيّ محاولة لرصد أبعاده.

مع ذلك، ناقش عدد من الباحثين في «معهد أبحاث الأمن القومي»، في مقدمتهم رئيس المعهد، عاموس يدلين، أبعاد الضم. لكنه بداية يطرح ثلاث خرائط مختلفة.
الخريطة رقم 1 | أنقر على الصورة لتكبيرها

الخريطة الأولى (راجع خريطة رقم 1) تطرح ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت على نحو لا يختلف عن طروح وزير الشؤون الخارجية الإسرائيلي الراحل يغآل ألون لهذه المنطقة. فكرة ضم هذه المنطقة ذات منطق أمني صريح، لأنها تعرّف «الحدود الشرقية لإسرائيل كخطّ دفاعي»، وتتضمن غور الأردن بمعناه الأوسع، والتلال الشرقية لجبال نابلس، وصولاً إلى «محور ألون» (أي نحو 22% من مساحة الضفة). في قلب هذه المساحة 30 مستوطنة (عدد مستوطني هذه المنطقة أقل من 3% من مجمل مستوطني الضفة)، وفيها عدد من المناطق الفلسطينية تتقدمها مدينة أريحا التي لن تُحل عليها السيادة غالباً.
الخريطة الثانية (راجع خريطة رقم 2) فتطرح ضم الأراضي المحتلة الواقعة ضمن نطاق المستوطنات، البالغة مساحتها 10% من الضفة، ولا تشمل طرقات الوصول إلى المستوطنات. لا يتضمن هذا الطرح الذي يعبر عن «حل مؤقت» ميزات استراتيجية لإسرائيل لأن المستوطنات ستظل منعزلة ومقطعة، لكن الميزات أن تل أبيب ستطبّق السيادة والقانون الإسرائيلي على المستوطنات بخلاف القانون القائم حالياً هناك.

راحت تل أبيب ترشق بالوناتها الاختبارية عبر الأذرع الإعلامية رصداً لردود الفعل

ثمّة خريطة ثالثة تقترح ضم غور الأردن والمستوطنات بناء على خريطة «صفقة القرن» الأميركية (راجع خريطة رقم 3) التي تتضمن بدورها: غور الأردن في نطاق محدود بالمقارنة مع طرح رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو (17% من مساحة الضفة)، وكل التجمعات الاستيطانية، و16 مستوطنة منعزلة في قلب المناطق الفلسطينية، إذ يربطها مع إسرائيل عدد من الطرقات، وكلها بالمجمل تقدّر بـ30% من الضفة، وهو ما يعني من الناحية الأمنية أن إسرائيل ستؤمن الحدود الشرقية وكذلك المنحدرات الغربية لجبال «السامرة» التي تُشرف على عمق الكيان ومطار بن غوريون، إضافة إلى الحزام المحيط بالقدس. لكن هذا الطرح سيوّلد حدوداً بطول 1600 كلم، كما سيترك «مجتمعات إسرائيلية» في مستوطنات معزولة متصلة بمحاور طويلة وضيقة، الأمر الذي يصعّب حمايتها، ويُوّلد احتكاكاً دائماً بين المستوطنين والفلسطينيين، وفق تقدير باحثي المعهد.

عوامل مشتركة
رغم الفروقات بين الخرائط، فإنّها تتمحور حول ضمّ أراضٍ احتلتها إسرائيل. لكن ما الذي يعنيه ذلك؟ في الشكل العام، قد لا يكون هناك فرق بين «تطبيق السيادة» أو «الضم». مع ذلك، مصطلح «تطبيق السيادة» الذي تروّج له إسرائيل قد يحمل «نغمة سياسية» ذات دلالة على «الشرعية»، لا لهجة سلبية تعبّر عن الاستيلاء أو السيطرة. فهي برغم احتلالها الضفة عام 1967، لا تطبّق التشريع الإسرائيلي هناك مباشرة، وإنما عبر أوامر القيادة المركزية (القائد العسكري) المطبقة على المستوطنات، والمحاكم العسكرية التي تحاكم الفلسطينيين في قضايا مختلفة على رأسها الأمنية.
الخريطة رقم 2 | أنقر على الصورة لتكبيرها

ضم المستوطنات يعني أن المستوطنات كافة التي سيجري ضمها ستكون خاضعة للقانون الإسرائيلي المطبق على الأراضي المحتلة عام 1948، ما يسهل ويُسرّع مصادرة الأراضي الفلسطينية للمستوطنات الجديدة، أو توسيع القائمة، إذ لن يخضع الفلسطينيون في الأراضي المضمومة لقوانين السلطة، بل يصيرون مقيمين في «دولة إسرائيل»، وربما يمكنهم في حالات معيّنة التقدم بطلب للحصول على الجنسية، الأمر الذي تدرس تل أبيب كيفيات منعه لاحقاً. الأهم من ذلك أنه يوجد قانون أساس (ذو مكانة دستورية) يدعى «الاستفتاء الشعبي»، ينص على أنه في حال أرادت أي حكومة إسرائيلية «التنازل»، في إطار مفاوضات، عن أراضٍ ضمتها، ستكون بحاجة إلى موافقة 80 عضو كنيست (شبه مستحيل)، أو إجراء استفتاء عام. بذلك، يؤسس الضم (وفقاً لأيّ خريطة) لاستحالة تقديم أي «تنازل» في مفاوضات مقبلة لو حدثت.

تداعيات على المدى العام
بالعودة إلى باحثي المعهد الإسرائيلي. هم عرضوا التداعيات على إسرائيل في مقدمتها الإضرار باستقرار الوضع الأمني في الضفة، الذي «تميّز بالهدوء النسبي منذ نهاية الانتفاضة الثانية»، إذ إن «إحلال السيادة قد يؤدي إلى وقف التنسيق والتعاون الأمني كلياً بين إسرائيل والسلطة» (اللتين تتشاركان في إحباط عمليات المقاومة، وتفريق المظاهرات، وتبادل المعلومات، وغيرها). وقف هذا التعاون يعني أن الجزء الأكبر من إحباط عمليات المقاومة سيُلقى على إسرائيل، كما أن رام الله تتحضر، كما قال رئيس حكومتها محمد إشتيّة، لإعلان نفسها «دولة فلسطينية في حدود الـ67»، ما يعني أن دولاً وأطراً على الصعيد الدولي ستعترف بها، في حين أنه قد يُنظر إلى إسرائيل كدولة تحتل الدولة الفلسطينية أو أجزاء منها. في حالة ضم أجزاء واسعة، وتحت ضغط وغضب شعبي، قد تحل السلطة نفسها، و«تسلم المفاتيح» لإسرائيل التي ستصبح مسؤولة عن 2.7 مليون في الضفة، كما قد «يفقد اتفاق السلام مع الأردن مضمونه ولا يعود هناك معنى للتعاون الأمني بين المملكة وإسرائيل منذ سنوات طويلة»، يخلص الباحثون أنفسهم.
الخريطة رقم 3 | أنقر على الصورة لتكبيرها

في المقابل، نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم» خلاصات تقدير أجرته وزارة الاستخبارات، إذ يقول باحثو الوزراة إن «المرحلة الحالية هي الأنسب لضم مناطق في الضفة والغور». اللافت في تقدير هؤلاء أن استنتاجهم مبنيّ على المعطيات التي «لا تتوقع حدوث تصعيد أمني»، وأنه في حال تضررت العلاقات مع الدول العربية، «المياه ستعود إلى مجراها سريعاً»، لأن الضمّ «لن يؤجج الشارع العربي ضد أنظمته، وبالتالي قد يقود ذلك إلى وضع برنامج لتحسين العلاقات مع إسرائيل لا يستند بالضرورة إلى تسوية فلسطينية ــ إسرائيلية»، كما أن «الانتقادات الدولية ستتلاشى سريعاً». هذه الورقة، التي قُدمت إلى وزير الاستخبارات، إيلي كوهين، شدّدت على ميزات مخطط الضم الذي سيجري على مراحل، فهو «سيشكل ورقة تضغط بها على السلطة (في حال أي عودة مستقبلية إلى المفاوضات) على قاعدة وقف مراحل الضم كشرط لهذه العودة»، مع أن القانون الإسرائيلي يصعّب أصلاً التنازل عن أجزاء جرى ضمها. وبسبب عوامل منها «وجود الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في سدّة الحكم، وعدم رغبة حماس في خوض حرب، إلى جانب المكانة المتدنية التي تحتلها السلطة بسبب خلافها مع الولايات المتحدة وعدم رغبتها في استخدام العنف حفاظاً على وجودها، وانشغال العالم عامة بمواجهة وباء كورونا، ومن ثم انشغال الشعوب العربية بقضايا محلية اقتصادية واجتماعية... هذا الوقت الأنسب للضم».
كما يبدو، إن أي جزء قد تضمه إسرائيل إلى الأراضي التي احتلتها عام 1948، بغض النظر عن التداعيات المرحلية التي ستعمل جاهدة على احتوائها، لا يلغي انعكاسات هذه الخطوة على المدى البعيد، كونها خطيرة جداً على الفلسطينيين ليس في الضفة فحسب، بل على أولئك المنسيين في مخيمات اللجوء. فهي خطوة تنطلق قبل كل شيء من سرديات توراتية وتاريخية إلغائية حرمت الفلسطينيين حقهم في الأراضي التي احتلت إبان النكبة، واليوم تتابع تكريس الواقع الذي فرض على مهل منذ 1967. فهل ينتج الضم واقعاً أشد قسوة يصبح فيه الفلسطينيون كأنهم يحيون في قلب «محميات»؟ على الأقل، لا تبشر أفعال الغزاة بوقائع مختلفة لكن تاريخهم قابل للانتهاء أيضاً، وهو ما تحدده دائماً وأبداً قرارات المواجهة... الجريئة.

- يا نبضَ الضفّة...
بيار أبي صعب

يتهيّأ بنيامين نتنياهو، حسب معظم المؤشرات، لتنفيذ وعوده الانتخابيّة، عبر ضم أجزاء من الضفّة الغربيّة وأغوار الأردن، في الأوّل من تموز/ يوليو المقبل. ما الذي يمكن أن يردع «إسرائيل» عن هذه الخطوة الجديدة، والخطيرة، ضمن استراتيجيّة استيطانيّة هي فلسفة وجودها منذ نكبة فلسطين؟ إن استراتيجيّة الاحتلال والاستيطان والضمّ، هي جوهر الكيان الذي تأسّس على المجزرة، واغتصاب الحقوق، ومصادرة الأرض. ولم تنجح في الحدّ منها اتفاقيات «السلام» المتعاقبة منذ «كامب ديفيد»، بل بالعكس، مكّنت العدو منا أكثر، فحيّد مصر، ودجّن منظمة التحرير، وقضى على «الكفاح المسلّح» حينذاك، وواصل سياساته الاستعماريّة الدموية بعدما اكتسب مزيداً من الثقة والزخم و«الشرعيّة» والغطاء الدولي، وازداد غطرسة وإجراماً. كل ذلك بحماية غربيّة سافرة، وجدت في سرديّة السلام الجوفاء ما تحتاج إليه من تبريرات للخديعة الكبرى. لقد واصلت «إسرائيل» جرائمها بمنأى عن أي محاسبة أو ضغط دوليين، أو رد فعل عربي يمكن أن يُحسب له حساب.

نتحدّث هنا عن «زمن عربي سعيد»، كان هناك مكان فيه للوهم، وكانت الأنظمة العربية ترفع، على الأقل في الشعار، لواء مواجهة الاحتلال واستعادة الحقوق العربيّة المسلوبة. فماذا نقول عن الراهن، وقد سقطت الأقنعة عن أنظمة الاستبداد والانحطاط والخيانة؟ الأنظمة التي تنازلت عن حقوق شعوبها، وباعت فلسطين، وباتت تبشّر بـ«نهضة إسرائيلية» موعودة، هي الطريق إلى التقدّم، وإلى تجاوز «التخلّف العربي» الذي لم يأتِ على ما يبدو لشعوبنا إلا بالخيبة. تلك بروباغندا محمد بن سلمان التي تشق طريقها بين الناس في الجزيرة العربية وبعض الخليج... عبر وسائل ترويج مختلفة وصلت أخيراً إلى الدراما الرمضانيّة.
العالم العربي الممزّق، السائب، يبدو اليوم أشبه بمشروع «نيوم» كبير، على طريقة المشروع الذي يحلم به عُصابيّ الرياض ضمن «الشرق الأوسط الجديد». وفي سبيل تحقيقه يهجّر ويقتل المواطنين السعوديين ويصادر المدن والبلدات والمزارع في شمال الجزيرة، ليقدمها مهراً لحليفه المفترض، ضمن استثمارات مشبوهة في منطقة اقتصادية حرّة تضمّهما مع الأردن ومصر. وفي هذا السياق «المنطقي» لا يطلب الكيان التوسّعي الشيء الكثير: يريد فقط أن يسترد الأراضي التي لم تخرج عن سيطرته عمليّاً، لكنّه تظاهر بالتصدّق بها على «السلطة الوطنية»، في مهزلة «أوسلو» التي لم يبق لها أي أساس قانوني أو سياسي. وها هي السلطة تتخبّط الآن في عجزها وعقمها، بل وتلجم غضب الناس في الضفّة، وهي لم تكن يوماً أكثر من إدارة ذاتية وحارس حدود، تحت رحمة الاحتلال وفي خدمته.
من يردع نتنياهو اليوم عن ضم أراضٍ عربيّة جديدة؟ هل ننتظر الغيث من مصر التي باتت «شريكاً استراتيجياً» للعدو (في الحقيقة تابعاً بائساً)، والغارقة في مواجهاتها بين إثيوبيا جنوباً وليبيا غرباً؟ لن يترك عبد الفتاح السيسي حتى تظاهرة تضامن واحدة تخرج في الشارع، في بلد نعرف أن شعبه مسكون بهاجس الدفاع عن قضيّة فلسطين. هل ننتظر الموقف المجلجل من النظام الأردني المفطور على التبعية للغرب؟ هل يقف العاهل الأردني بوجه «إسرائيل» بـ«الحزم» نفسه الذي أبداه بعد شطب القدس التي يفترض أنّه وصيّ على أماكنها المقدّسة؟
أم أن هناك من يظنّ أن الكيان الغاصب سيتردّد قبل القيام بخطوته الانتحاريّة، لأنّه يقيم وزناً للتحفّظات الأميركيّة على الضمّ مثلاً؟ وللعريضة التي وقّعها البرلمانيون الأوروبيون الألف؟ أو غير ذلك من احتجاجات غربيّة ودوليّة خانعة وخجولة؟ تعرف «إسرائيل» تماماً أنها فوق أي قصاص أو عقوبة أو محاسبة، وأن العالم المدعو حرّاً ــــ أي الاستعمار الأبيض ــــ كلّه في خدمتها، ومستعدّ لحمايتها وتغطية جرائمها. إلا إذا... طبعاً! إلا إذا تعرّضت مصالحه للخطر، وانجرّ إلى استنزافات ومواجهات يخشاها ولا يريدها وليس مستعدّاً لها.
إلا إذا اشتعلت الضفّة وكل فلسطين بالغضب. إلا إذا قلنا كلمتنا، دافعنا عن أرضنا وحقّنا بأيدينا، بكل الأشكال والوسائل المتاحة. هذا ما لمّح إليه ‫أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسّام»، حين أكّد أن المقاومة «تعتبر قرار الاحتلال ضمّ الضفة الغربية والأغوار، إعلان حرب على شعبنا الفلسطيني».
إذا لم يتعلّم العرب والمسلمون إلا درساً واحداً على امتداد العقود الماضية، فهو أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة الحديد والنار. بالأمس القريب أُرديَ الشاب المقدسي الأعزل أحمد عريقات، على حاجز للاحتلال شرقي القدس المحتلة، وترك ينزف حتّى الموت، وهو يستعدّ لعرس أخته وعرسه. بالدم البارد نفسه، قَتل جندي إسرائيلي في نابلس، قبل 44 عاماً، طالبة في السابعة عشرة تتظاهر في ذكرى النكبة (16 أيار/ مايو 1976). كان اسمها لينا النابلسي، وأشعل استشهادها الضفّة وكل فلسطين. خلّدها الشيخ إمام «لؤلؤةً حمراء»، في أغنية من شعر فدوى طوقان. ونستعيدها كل يوم في قصيدة حسن ضاهر التي غنّاها أحمد قعبور: «‫للجسد المصلوب الغاضب/ للقدس ويافا وأريحا/ للشجر الواقف في غزّة/ للنهر الهادر في الأردن/ للجسد الغاضب في الضفة/ يا نبضَ الضفة لا تهدأ/ أعلنها ثورة/ حطّمْ قيدك/ اِجعلْ لحمك/ جسرَ العودة./ فليمسِ وطني حرّا/ فليرحل محتلّي فليرحل».
الشعر وحده قد لا يحرّر فلسطين، لكنّه يدلّنا على الطريق. الباقي يمهّد له الغضب الشعبي وتتولّاه المقاومة. دراكولا الصهيوني الذي لا يرتوي من دمائنا، ليس أمامنا إلا أن نزرع خازوقاً في قلبه، كما في حكايات مصاصي الدماء. الشعب الفلسطيني يخوض اليوم معركته الأخيرة. على الشرفاء في المنطقة والعالم، ألّا يتركوه وحيداً...

من ملف : يا نبضَ الضفّة...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2184583

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2184583 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40