السبت 14 كانون الأول (ديسمبر) 2019

رأي اليوم: تل أبيب لن تتدّخل بالنزاع السعوديّ- الإيرانيّ والعلاقات مع ترامب باردة

السبت 14 كانون الأول (ديسمبر) 2019

رأت ورقة بحثيّة صادِرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، والتي تعتمِد بطبيعة الحال على أرفع المصادر في كيان الاحتلال، أنّ عدم الاستقرار الشديد وانعدام الثقة يزيدان من حدّة التوتّر في الخليج العربيّ، وخاصّةً بين إيران الـ”شيعيّة” والسعوديّة الـ”سُنيّة”، مُضيفةً أنّ شهية أمريكا للمشاركة العسكريّة تلاشت بعد قرابة عقدين من الحرب، وتفتقِر المنطقة إلى أيّ شكلٍ من أشكال إطار الأمن الجماعيّ، إذْ أنّ غياب الولايات المُتحدّة ترك فراغًا أمنيًا كبيرًا، كما اعتبرت الورقة في الوقت عينه أنّ مبادرات دول الخليج للتطبيع مع إسرائيل تُعتبر جزءًا من محاولة لإنقاذ الالتزام الأمنيّ الأمريكيّ ​​بالمنطقة وتقديم الدعم عبر هذه العلاقة بهدف التخفيف من نفوذ طهران المتزايد، على حدّ تعبيرها.
وتابعت أنّ العلاقة بين إسرائيل والسعودية قد انتقلت لمرحلة الدفء عندما شعرت الرياض وتل أبيب بالقلق إزاء ضعف إدارة الرئيس الأمريكيّ السابِق، باراك أوباما في مواجهة قوّة إيران الصاعِدة، كما عارضتا الاتفاق النوويّ مع إيران، مُشيرةً إلى أنّ كلاهما تُريدان رؤية الكثير من الإجراءات الأكثر صرامةً التي تتخذ ضدّ نفوذ طهران الذي لا يتوقّف عن الانتشار والتمدد، وليس فقط في سوريّة، ولكن مع كلّ ذلك، شدّدّت الورقة البحثيّة، فإنّ إسرائيل، التي لا تستورِد أيّ شيءٍ من الخليج، تُفضِّل عدم التدّخل مُباشرةً في الصراع السعوديّ-الإيرانيّ، ذلك أنّها لن تستفيد من ذلك، لا بلْ ستلحق فيها الأضرار الجسيمة، على حدّ تعبير الورقة.
وأشارت الورقة أيضًا إلى أنّ دول الخليج المُنحازة للسعودية تعمل على تنشيط اهتمام واشنطن بالمنطقة، لكن هذا بات صعبًا ممّا كان بالماضي، وليس فقط لأنّ الأمريكيين سئموا من المشاركة العسكريّة في صراعاتٍ بعيدةٍ، بل لأنّ الرئيس دونالد ترامب صرّح بأنّ أمريكا لا تحتاج لنفط الخليج، وعلى هذه الدول دعم واشنطن ماديًا، مُوضِحةً أنّه إضافةً إلى التحدّي المذكور الذي يُواجِه الرياض، فإنّها تعمل على تحسين صورة قيادتها المُشوهة، بعد الكشف عن علاقةٍ بين وليّ العهد، محمد ابن سلمان وقتل الصحافيّ السعوديّ جمال خاشقجي، والانتقادات المُتزايدة للمملكة بسبب سلوكها في الحرب على اليمن، وبالتالي فإنّ أحد المخارِج من هذه الأزمات يكمن بتقديم مبادراتٍ سلميّةٍ لإسرائيل، الأمر الذي قد يُعزِّز وزنها بواشنطن، بالإضافة لفوائد أخرى، قال البحث الإسرائيليّ.
كما لفتت إلى أنّ السعودية تُواجِه عواقب وخيمة ناجمة عن اشتباكاتها مع إيران ووكلائها، حيثُ توقّف نصف إنتاج البلاد من النفط نتيجة غارات الطائرات بدون طيّارٍ التي شنّها الحوثيون على منشآت شركة (أرامكو)، وأثبتت الضربة أنّ الرياض عرضةً لهجمات طهران وعملائها، مُشدّدّة على أنّ المزيد من الضربات الحوثيّة على قطاع النفط السعوديّ ستكون كارثيّةً لأنّ النفط هو الركن الأساسيّ لاقتصاد المملكة وحجر الزاوية في تنميتها.
وأردفت أنّ السعوديّة تحتاج بشكلٍ عاجلٍ إلى طريق تصديرٍ بديلٍ لنفطها، وهذا سببٌ إضافيٌّ لمبادرات الرياض نحو تل أبيب، إذْ تتحدّث المملكة بالفعل مع الكيان عن خطٍّ إلى إيلات لاستيراد الغاز الطبيعيّ الإسرائيليّ، وهذا الخطّ يُمكِن أنْ يُشكِّل بديلاً لنقل النفط السعوديّ إلى ميناء حيفا، ومنه التصدير إلى أوروبا والغرب، حيثُ سيكون هذا الخطّ أسرع وأكثر أمانًا لأنّ المملكة ستتجنّب العدوان الإيرانيّ على مضيق هرمز ومضيق باب المندب، بالإضافة إلى أنّ الخطّ سيُوفِّر الرسوم العالية التي ينطوي عليها عبور قناة السويس، كما أكّد البحث.
وتابعت الورقة البحثيّة بأنّ الكيان يقوم بتطوير احتياطياته من الغاز الطبيعيّ، لكنّه لا يملك ما يكفي لتبرير بناء خطّ أنابيب تصدير لأوروبا، ومع ذلك، قد يؤدي الارتباط مع السعودية لرفع المقاييس لصالح خط أنابيب شرق البحر المتوسط، والذي قد يكون مُربحًا للغاية لكلا الشريكين، وسواءً كانت السعودية تضغط من أجل الحرب مع إيران أمْ لا، فإنّ خياراتها لتجنّب ذلك تضيق، ولديها الكثير لتخسره من هذه الحرب وأكثر بكثيرٍ مُقارنةً مع خسائر إيران، التي تُواصِل بسط هيمنتها الإقليميّة.
ووفقًا لها، يُمثل “الهلال الشيعيّ” المكتمِل تحديًا خطيرًا للمصالح السعوديّة في المنطقة، إذْ أنّه يُهدّد طرق التجارة الحيويّة وأمن المنطقة ككلّ، وسيجعل التدّخل في المناطق التي تُهيمِن عليها إيران أكثر تعقيدًا، مُختتمةً بالقول إنّ الوجود الإيرانيّ يُغذّي الطائفيّة المُتنامية، والتي ستُشكّل تهديدًا للاستقرار الإقليميّ لسنواتٍ قادمةٍ، وبناءً على ذلك، جزمت الورقة البحثيّة الإسرائيليّة بأنّ المملكة السعوديّة ستبذل كلّ ما في وسعها للتخفيف من هذا التهديد، حتى لو كان ذلك عبر مدّ أيادي السلام والصداقة للدولة العبريّة، على حدّ تعبيرها.

وبالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيليّ، كما تؤكّد المصادر السياسيّة الرفيعة في تل أبيب، بالنسبة له فإنّ أيّ لقاءٍ بين الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، وبين الرئيس الإيرانيّ، حسن روحاني، سيمسّ مسًّا سافِرًا بالمساعي الإسرائيليّة الحثيثة لعزل الجمهوريّة الإسلاميّة، وتشديد العقوبات لإلزامها على الإعلان رسميًا عن تنازلها عن البرنامج النوويّ، عُلاوةً على ذلك، يُشدّد المسؤولون في تل أبيب، كما أفادت صحيفة (هآرتس) العبريّة، على أنّ لقاءً بين الرئيسيْن روحاني وترامب هو بمثابة كابوس لصُنّاع القرار في تل أبيب، وتحديدًا لرئيس الحكومة الانتقاليّة، بنيامين نتنياهو، الذي يقود الـ”الحرب الناعِمة” ضدّ إيران.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، فقد لفتت المصادر عينها إلى أنّ السياسة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط في فترة ترامب تُواصِل سيرها بصورةٍ غيرُ مُستقرّةٍ ومن الصعب التنبؤ حول وجهتها، كما أنّها تتأرجح بين تلميحات إلى تهديداتٍ بالحرب وبين تغريدات بشأن اتفاقاتٍ بين واشنطن وطهران خلال أربعة أيّامٍ، على حدّ قول المصادر، التي أضافت أنّ التحولّات المفاجئة في سياسة واشنطن بالشرق الأوسط تطرح تحديًا مُركّبًا للغاية بالنسبة إلى دول المنطقة، وبطبيعة الحال الكيان أيضًا، إذْ أنّ تل أبيب، تابعت المصادر عينها، تُحاوِل أنْ تعرِف إلى أين تسعى إدارة الرئيس ترامب.
وتابعت المصادر قائلةً في حديثها مع الصحيفة العبريّة إنّه بدا أنّ الصعوبة في فهم نوايا واشنطن بالشرق الأوسط ارتفعت بعد الانتخابات التي جرت بالكيان في الـ17 من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، إذْ أنّ الرئيس الأمريكيّ لم يقُم بالاتصال هاتفيًا مع نتنياهو بعد الإعلان عن الانتخابات، الأمر الذي فسّره المُحلِّلون للشؤون السياسيّة بأنّه بمثابة تعبيرٍ عن إرادة ترامب الابتعاد عمّن يعتبره خاسرًا، وعن ضعف علاقته مع نتنياهو.
ولكن على الرغم من ذلك، لوحِظ أنّه في الأسابيع الأخيرة، تجدّدّت الصلة المُباشِرة، وجرت على الأقل محادثتان هاتفيتان بين الزعيمين، كما التقى نتنياهو خلال زيارته البرتغال وزير الخارجية الأمريكيّ مايك بومبيو، وشدّدّت الصحيفة العبريّة في تقريرها على أنّ أحد المصادر العليمة أكّد لها أنّه لم تكن هناك، بشكلٍ فعليٍّ، برودةً في العلاقات بينهما بعد الانتخابات، ومن جهة ثانية، الحديثان اللذان جريا مؤخرًا لا يدُلان على عودة الحرارة، ووفقًا لهذا التفسير، يعتقد نتنياهو أنّه يتعيّن عليه المبادرة لإجراء حديثٍ هاتفيٍّ مع ترامب فقط عندما يكون هناك سبب واضح لذلك، ومن الأفضل عدم ترتيب محادثة ليس لها هدف واضح. يُشار إلى أنّ البيت الأبيض كذّب نتنياهو علنًا هذا الأسبوع عندما زعم أنّه ناقش مع بومبيو في ليسبون ضمّ غور الأردن للسيادة الإسرائيليّة، كما أنّه من اللفِت أنّه خلال مؤتمر حلف الناتو، الذي عُقِد أخيرًا في لندن، حاول نتنياهو الاجتماع مع بومبيو، ولم يطلب الاجتماع مع ترامب على الرغم من أنّه تواجد هو الآخر بالاجتماع، الأمر الذي يُدلّل على برودة العلاقات بين نتنياهو وترامب.
وكشفت المصادر في تل أبيب أيضًا أنّه في أيلول (سبتمبر)، عندما كان الاجتماع بين ترامب وروحاني مطروحًا على جدول الأعمال، بدأت شركات أجنبية متعددة التفكير في إعادة نشاطها إلى إيران، وقال سفير تل أبيب بواشنطن رون دريمر لمسؤولين كبار في الإدارة إنّ الاجتماع سيُقلِّل من التأثير السيكولوجيّ للعقوبات إحساس إيران بالعزلة، وسيسمح للنظام في طهران بأنْ يُقدِّم لمُواطنيه أفقًا إيجابيًا على الرغم من الوضع الاقتصاديّ الخطير في البلاد.
وتابعت أنّ بومبيو ومسؤولون كبار آخرون في الإدارة الأمريكيّة عبّروا عن تفهمهم لتفسيرات الكيان، لكنّ ترامب نفسه لم يتأثر، وكان على استعدادٍ للقاء روحاني أوْ التحدث معه هاتفيًا، من دون شروطٍ مسبقةٍ، على الرغم من كلّ التحفظات التي ساقتها تل أبيب، الاجتماع لم يحدث في النهاية، في الأساس بسبب رفض الإيرانيين إجراءه، من دون بوادر طيبّةٍ من قبل الولايات المُتحدّة.
وبرزت برودة العلاقات بين تل أبيب وواشنطن بشكلٍ واضحٍ وجليٍّ بعد قرار ترامب التنازل عن الأكراد في سوريّة، حيث أكّدت آنذاك (تشرين الأوّل-أكتوبر الماضي)، المصادر في تل أبيب أنّ إيران هي الرابحة الوحيدة من هذه الخطوة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ انسحاب أمريكا من المنطقة هو الكابوس الإسرائيليّ وترك واشنطن للأكراد رسالةً سيئةً وخطيرةً للكيان مفادها أنّ ترامب مزاجيٌّ ومتقلِّبٌ ولا يُمكِن الاعتماد عليه، كما قالت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة للقناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ.
وأردفت أنّ الكيان يرى بالتطورّات الأخيرة إثباتًا بأنّه لا يستطيع الاعتماد أكثر على ترامب بشأن سوريّة، وشدّدّت المصادر أنّ نتنياهو اعتبر في السنوات الثلاثة الماضية ترامب بأنّه الحليف الأوثق لإسرائيل، والآن يقوم الكيان بدفع الثمن دون أنْ يتمكّن من الانتقاد، ليبقى وحيدًا أمام التهديد المتصاعِد في سوريّة، كما أكّدت المصادر للتلفزيون العبريّ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2184648

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2184648 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40