السبت 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

معاريف: اللبدي ومرعي.. بين تهامس المخابرات وغضب الشارع الأردني

السبت 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

فجر وزير الخارجية الأردني هذا الأسبوع عبوة ناسفة في وجه إسرائيل، ولكن القصة الحقيقية، كالمعتاد، تختبئ بعيداً عن العنوان. فالوزير أيمن الصفدي، بالتنسيق مع ملكه، أمر سفيره في إسرائيل غسان المجالي، بالعودة إلى الديار حتى إشعار آخر، لأن إسرائيل ترفض تحرير مواطنَين أردنيين، رجل وامرأة، محتجزين هنا مع كومة من الشبهات الأمنية.

هي، هبة اللبدي (32 سنة) مضربة عن الطعام منذ شهر، وهو، عبد الرحمن مرعي (29 سنة) مريض بمرض قاس. كلاهما معتقلان إدارياً بأمر من المحكمة. اعتقلا في جسر اللنبي في موعدين مختلفين، عند وصولهما إلى المناطق للمشاركة في عرس لأقرباء لهما. تصر إسرائيل على أن يقضيا مدة الاعتقال الإداري حتى نهايتها، مما يشهد على أن الشبهات ضدهما هامة على نحو خاص. وللتذكير، فإنهما ليسا من مواطني السلطة الفلسطينية، الذين يعد الاعتقال الإداري بالنسبة لهم وسيلة قاسية، ولكن معروفة، بل إنهما مواطن دولة أجنبية.

ما الذي يجلب مدققة حسابات أردنية إلى أقبية المخابرات الإسرائيلية؟ محاميها جواد بولص، قال أول أمس في صوت الجيش إنه لا يعرف الشبهات التي تدور ضدها ولا يمكنه أن يهاجم الاعتقال في المحكمة. إذا لم يتحرر الاثنان.. بل وقدما إلى المحاكمة، فسيكشف بعض من تفاصيل الملف وكذا أساس الاتهامات ضدهما. أما استعراض العضلات الذي أجراه الأردنيون هذا الأسبوع فكفيل بأن يجعل الأمر صعباً على إسرائيل عندما تقرر تقديمهما إلى المحاكمة.

القصة الثانية هي القلق الذي يتملك الطرفين عند معالجتهما لأحداث كهذه. ففي الدولة السليمة، التي تتفجر فيها أزمة دبلوماسية، يتجه الحكم إلى نشر بيان رسمي للجمهور، بشكل متوازن، يشهد على رباطة الجأش، ولا يضر الاتصالات. تقرير للجمهور في مثل هذه القضية يعد مهمة بسيطة، ولكن إسرائيل دولة سليمة عندما يروق لها. وهنا، يبدو إشراك الجمهور بالأفراح متبعاً، دون الأتراح السياسية مهما كانت صغيرة.

صندوق فارغ

إن تردد تل أبيب لا شيء مقارنة بمشاغل عمان، ففي الأردن تجري منذ بضعة أسابيع حملة ضغوط على الحكومة للعمل على تحريرهما. ومن خلف الحملة يقف نشطاء سياسيون وآخرون في الشبكة. بدونهم، مشكوك أن يعيد النظام السفير المجالي إلى الديار. أكثر من ذلك: يمكن بالتأكيد؛ لأنه لو عرف الأردنيون ما شبهات المواطنين لأغمضوا العين وتمنوا للمخابرات الإسرائيلية النجاح في مهمتها. ولكن الهمسات في جهة والجمهور الغاضب في جهة أخرى. في حملة جماهيرية من أجلهما تشارك محافل معارضة ذات نفوذ هدفها المس بصورة القصر وعرضه هزيلاً أمام الإسرائيليين. هذه حملة جارفة وصاخبة، وتخرج من كثير من المتصفحين السم والنفور تجاه إسرائيل ونظام الحكم على حد سواء.

في السنوات الأخيرة، وبسبب تزامن الأحداث والملابسات، ازداد الضغط الذي يمارسه الشارع الأردني على حكامه في المواضيع المتعلقة بإسرائيل. رويداً وبالتدريج، تصبح إسرائيل بشكل دائم هدفاً، والقصر يجد نفسه عديم الوسيلة أمام العداء العاصف. هكذا طالب المتظاهرون بغضب إلغاء اتفاق الغاز بين الطرفين، سخروا من النظام في قضية الحارس، طالبوا باستعراضية استعادة الباقورة والغمر، وبالطبع عربدوا غضباً في ضوء كل حدث استثنائي في الحرم. في الماضي نجح النظام في لجم مظاهر كهذه، أو وجد القوى للتعامل معها برباطة جأش. أما اليوم فيخشى من تجمع القوة والخروج عن السيطرة.

من خلف هذا القلق يختبئ الصندوق الفارغ. فوضع الأردن النقدي مهزوز مثلما لم يكن منذ زمن بعيد. البطالة حادة، والسكان ازدادوا بفضل اللاجئين، وأموال الدعم من الأخوة العرب قلت. ويخشى القصر من أن يجتمع التوتر السياسي مع جيب المواطن الفارغ ليصبح فتيل حريق. بطريقته الرقيقة، يبث الأردن إشارات الضائقة. وهو يتوقع من إسرائيل أن تعفيه من التصدي الخطير للشارع، يصرخ لدول الخليج كي تدعمه مالياً مثلما في الماضي ويصلي من البيت الأبيض ألا يدير له ظهر المجن بعد سنوات تعامل فيها معه.

إن إعادة السفير المجالي إلى الديار جاء لتبديد التوتر ورفع الضغط الجماهيري عن النظام. رحل كي يعود. أما الآن فالكرة في الملعب الإسرائيلي، وعمان تنتظر ما ستفعله إسرائيل في القناتين. إذا حررتهما، سيعاد السفير. وإذا لم تحررهما فقد تتضخم القضية. فرص الحل جيدة. مرعي واللبدي معتقلان لزمن قصير نسبياً، ولدى إسرائيل مجال مناورة واسع في هذه القضية.

إن بوسع هذه القصة أن تجسد كيف يبنى هذه الأيام أمام ناظرينا واقع جديد في المملكة الهاشمية، واقع يجد فيه النظام، بخلاف السنوات الماضية، صعوبة في الوقوف صامداً في وجه الغضب الجماهيري. هذا غضب مصادره داخلية، ولكن كلما تعاظم يتجه نحو إسرائيل أيضاً.

بقلم: جاكي خوجي

معاريف 1/11/2019

- على نتنياهو أن يستعد لإيران بدلاً من ترويع مواطنيه

أنزل رئيس الوزراء هذا الأسبوع على رؤوسنا وابلاً من التهديدات: “من إيران، والعراق، وسوريا، ولبنان”، والإضافة الجديدة الحادة: “من اليمن”. التهديدات حقيقية ومقلقة بما يكفي. وكان من أفضل لنتنياهو بدلاً من تخويف المواطنين الإسرائيليين أن يركز على إخافة الإيرانيين. لا جدوى من إلقاء كل هذه الرؤوس المتفجرة على المواطن الإسرائيلي، القلق على أي حال. المطلوب الآن هو قيادة تعرف كيف تبلور استراتيجية قومية للمعركة الجديدة مع إيران وبناء الأدوات التي تخدمها.

في إسرائيل يتغلغل الوعي في أن الحرب السرية التي أدرناها في السنوات الأخيرة مع إيران -أو ما يسمى الحرب ما بين الحروب- انتهت أو توشك أن ترتدي شكلاً جديداً، لمعركة أكثر علنية ومباشرة. فخليط من الجسارة الإيرانية الجديدة والوهن الأمريكي يجبر إسرائيل على تعديل مفهوم الأمن لديها. لهذا الغرض، عليها أن تجيب عن أسئلة أساسية، ومنها: ما الذي ينبغي أن تكون عليه الغاية في المواجهة بين إسرائيل وإيران؟ ما الذي ترغب إسرائيل في تحقيقه في الصدام مع إيران؟ ويجب أن تستخلص استراتيجيتنا العملياتية بعد الأجوبة عن هذه الأسئلة.

ولكن، كما هو متبع في مطارحنا، لا تجري عملية التفكير هذه في الطابق السياسي. وبغياب عقيدة، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه يتردد في المسائل التكتيكية: كيف نرد على ضربة إيرانية لمنشأة عسكرية؟ أي ثمن يجدر جبايته من إيران على ضربة لبنية تحتية مدنية؟ أي أدوات مطلوبة لحالة دخولنا في مواجهة طويلة مع إيران؟ وفي مثل هذه المواجهة: ما وضع الختام المرغوب لنا؟ لشدة الأسف، التكتيك هو الذي سيملي الاستراتيجية في النهاية، وليس العكس.

***

إن تهديد الصواريخ الباليستية من إيران ليس جديداً. فهو يرافقنا منذ أكثر من عشرين سنة. كما أن انتشار الصواريخ في لبنان وسوريا يظل حدثاً يشغل بال إسرائيل منذ غير قليل من السنين. ما تغير في صباح الـ 14 من أيلول هو القدرة التكنولوجية والعملياتية التي أثبتتها إيران في إطلاق صواريخ جوالة ومسيرات هجومية نحو منشآت النفط في السعودية، والجسارة التي وقفت خلف الهجوم. من الـ 18 مسيرة التي أطلقها الإيرانيون، أصابت 17 الهدف بدقة تامة. ووفقاً لكل المؤشرات، فهذه مسيرات ذات مدى يصل حتى ألف كيلومتر، “عميان” بلا اتصال وبلا رأس استهداف. والمعنى هو أنه من اللحظة التي تطلق فيها لا يعود ممكناً التحكم به، وهي تطير حتى الهدف المحدد لها.

بعد ساعتين من إطلاق المسيرات، أطلقت أيضاً سبعة صواريخ جوالة كي تصل كلها معاً إلى الهدف. أربعة منها أصابت الأهداف. الصواريخ الجوالة التي استخدمتها إيران في هذا الحدث هي ذات الصواريخ التي تزود بها الحوثيين في اليمن: صواريخ من طراز قدس 1، طراز صغير من الصواريخ الجوالة الإيرانية سومار. ومداها المقدر هو 700 – 800 كيلومتر.

ليست الصواريخ الجوالة ولا المسيرات ما يمكن أن يهدد إسرائيل من الأراضي الإيرانية أو اليمنية. ولضرب إسرائيل يتعين على إيران أن تنقلها إلى غربي العراق. وإذا كانت صحيحة تلك المنشورات في وسائل الإعلام الأجنبية، فقد أثبتت إسرائيل حتى الآن بأن لديها قدرات استخبارية للعثور والإحباط لمثل هذه التحركات للآليات الإيرانية. ولكن رغم كل الإنصات الاستخباري الموجه لإيران، لم تعرف إسرائيل عن ذلك الهجوم المخطط ضد السعودية، رغم أن هذه كانت حملة واسعة شارك فيها مئات الأشخاص.

وعليه، فإن إسرائيل ملزمة بأن تفترض بأنها كفيلة بأن تفاجأ بوابل من الصواريخ الجوالة ومن الطائرات الهجومية وتحسين قدراتها الدفاعية. لقد ثبتت الدفاعات الإسرائيلية كناجعة جداً ضد الصواريخ الباليستية، ولكن مواجهة الطائرات أو الصواريخ منخفضة الطيران تتطلب قدرات. والهجوم في السعودية سرّع خططاً للتزويد برادارات متطورة أخرى لاكتشاف الصواريخ الجوالة، وقريباً سيتم رفع مستوى صواريخ الاعتراض لمنظومة مقلاع داود، التي يفترض أن تتصدى لها.

لقد ألمح نتنياهو بأن إيران نصبت أيضاً صواريخ باليستية دقيقة نسبياً في اليمن قادرة على ضربنا حتى من مسافة 1.800 كيلومتر. ثمة تقدير كهذا، وإن لم يكن هناك ما يكفي من معلومات للتأكيد بيقين، ستجد إسرائيل صعوبة في توسيع إنصاتها الاستخباري حتى اليمن. وبالتالي، وفي ضوء مثل هذا التهديد، ستعتمد أساساً على قدراتها الدفاعية. وبالتوازي، فإن إسرائيل ملزمة بتحسين قدراتها الهجومية في هذه المسافات. لهذا الغرض، عليها أن تسرع تزودها بأسلحة ذات صلة بالمواجهة مع دولة بعيدة ومواصلة تدريب سلاح الجو على هجمات بعيدة المدى. وسيكلف هذا الاستعداد المليارات، ولكن يبدو أنه لا مفر من ذلك.

***

وفي هذه الأثناء تحسب إسرائيل وإيران على حد سواء قدراتهما التالية بحذر. فقد أوقفت إسرائيل الهجمات في سوريا منذ أعياد تشري، وهي تعيد تقويم الأهداف المناسبة للهجوم في ضوء المخاطرة في أن تجر رداً من جانب إيران. إيران هي الأخرى تفهم بأن إسرائيل ليست السعودية، وسيكون هنك ثمن لعمل إيراني ضد هدف إسرائيلي.

إن نشوب الاحتجاج في العراق يعقد الحسابات الإيرانية أكثر فأكثر. ففي ضوء أصوات المتظاهرين الذين يطالبون إيران بالخروج من العراق، سيكون من الصعب على إيران تبرير استخدام الأراضي العراقية لإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل.

وأضيف إلى هذا أيضاً الاحتجاج في لبنان، الذي يبدأ في احتلال اتجاه سياسي ضد حزب الله. ما هو مشوق في هذه المظاهرات هو صورة الشيعي اللبناني الجديد التي تنشأ عنها. مسلم مؤمن يذهب إلى المسجد، ولكنه يحتسي أيضاً البيرة وترتدي زوجته الجينز. مجال مقارنته ليس الجيران في سوريا أو الأردن، فهو يقارن نفسه باليونان أو إيطاليا. يريد أن يعيش مثلما في أوروبا، لا أن يموت في سبيل مصالح إيرانية. في داخل المعادلة التي يحاول الإيرانيون صياغتها، ينقص تصريح واضح من إسرائيل عن الثمن الذي ستدفعه إيران لقاء ضربة توجه لنا. قال رئيس الأركان هذا بكلمات عمومية، وعلى رئيس الوزراء أن يقول بصراحة: ضربة لبُنية تحتية إسرائيلية ستجر ضربة بالاقتصاد الإيراني، وبجيشها أو ببرنامجها النووي.

لدى إسرائيل تفوق عسكري واستخباري كبير في وجه قدرات الجمهورية الإسلامية. يمكنها، بجد غير كبير، تعطيل قسم هام من إنتاج النفط في إيران أو إيلامها في أماكن أخرى. من المجدي بين الحين والآخر تذكيرها بهذا.

بقلم: الون بن دافيد

معاريف



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2184537

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2184537 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40