الجمعة 14 حزيران (يونيو) 2019

فورين بوليسي: حملة بن سلمان الزائفة لمكافحة التطرف.. قمع المعتدلين وتقوية المتشددين

الجمعة 14 حزيران (يونيو) 2019

نشر موقع مجلة “فورين بوليسي” مقالا مشتركا لعبدالله العودة الباحث في الشؤون القانونية، والزميل في مركز العلاقات المسيحية – الإسلامية بجامعة جورج تاون، وعلا سالم، الصحافية البريطانية- المصرية وطالبة الدراسات العليا بجامعة نيويورك، حللا فيه حملة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المزيفة ضد التطرف.
وقال الكاتبان إن الحملة ضد المتطرفين متناقضة في أهدافها؛ لأنها لم تطل إلا دعاة الإسلام المعتدل دون غيرهم. وذكّر الكاتبان بتعهدات ولي العهد عندما وصل إلى ولاية العرش بمحاربة التشدد والعودة بالسعودية إلى “الإسلام المعتدل” والذي زعم أن المتشددين قاموا باختطافه عام 1979. وقال: “لن نضيع ثلاثين عاما من حياتنا للتصدي إلى الأفكار المتطرفة” مضيفا: “سندمرهم اليوم”.

الحملة ضد المتطرفين متناقضة في أهدافها؛ لأنها لم تطل إلا دعاة الإسلام المعتدل دون غيرهم

وخلافا لهذه المزاعم والتعهدات، فسجل ولي العهد على مدى العامين الماضيين يظهر أن رجال الدين الذين استهدفهم كانوا أي شيء إلا متطرفين. ومن بين الذين رماهم في السجن عدد كبير منهم دعاة للاعتدال الذي يزعم أنه يدافع عنه. في وقت واصل فيه المتشددون الدينيون والناقدون المعروفون لخطواته الإصلاحية نشاطهم في المملكة دونما عقبات.

ففي أيلول/ سبتمبر 2017، اعتقلت قوات الأمن السعودية العشرات من الصحافيين والأكاديميين. وعلى مدى العام الذي تلاه أجبر 5000 شيخ دين على تقديم تعهد بعدم انتقاد الحكومة، حسبما قال مسؤول عربي مقرب من الحكومة السعودية.
وعلى خلاف الصورة التي قدم فيها محمد بن سلمان حملة ملاحقة التشدد للغرب، فإنها لم تستهدف في الحقيقة أراء المتشددين. بل على العكس تلاحق الحكومة من يعارضون سياساته ولديهم القدرة على تعبئة الجماهير ضدها.
وأحسن مثال عن هذه المعايير المزدوجة هي هيئة كبار العلماء في السعودية، التي تعد أعلى مؤسسة دينية في البلاد. ومهمة المجلس المكون من 21 عضوا بارزا هي تقديم النصح للملك فيما يتعلق بالشؤون الدينية وإصدار الفتاوى. ويختار الملك أعضاء المجلس بعناية وتدفع الحكومة رواتبهم.

ومن بين أعضاء هذه المؤسسة المحافظة جدا، أثار عضوان فيها الجدل بسبب ايديولوجيتهما المتطرفة. فصالح الفوزان الذي يحترمه ولي العهد تحدث عام 2017 على التلفاز الرسمي أن الشيعة ليسوا مسلمين. أما صالح اللحيدان الذي ترأس مؤسسة القضاء حتى عام 2008، فقال مرة أنه يجب قتل أصحاب المؤسسات الإعلامية التي تبث برامج مخالفة للإسلام والأعراف الأخلاقية معتبرا فعلهم خروجا عن الإسلام.
وخلافا للعلماء المعتدلين الذين اعتقلوا عام 2017، أصدر العلماء المعروفون بقربهم من ولي العهد، فتاوى عدة تحرم على المسلمين الاحتجاج أو حتى انتقاد الحكام علانية، ولا حتى قيادة تمرد يعتبر مبررا لاستخدام الحكام العنف ضدها.

ففي عام 2017 أصدر المفتي العام للسعودية عبد العزيز آل الشيخ عددا من التصريحات والفتاوى الداعية إلى طاعة ولي الأمر واتباع سياساته دون مساءلة لها. وقال في عام 2016: “من الواجب على المؤمن حب حاكمه والدفاع عنه وتجنب إهانته”.
ولم يكن هؤلاء فقط من رجال الدين الذين تدعمهم الدولة ممن عملوا على تصوير حملة بن سلمان ضد المعارضين له والإعتدال الإسلامي بأنها حملة ضد التشدد. ومثل اللحيدان ذهب آخرون من طبقة المتشددين أبعد في دعوة وتثبيط همة المواطنين عن انتقاد حكام البلد.

ففي فيديو انتشر بشكل واسع برر الشيخ عبد العزيز الريس، وجوب طاعة الحاكم الفاسق وعدم انتقاده حتى لو شرب الخمر علانية أو مارس الجنس على التلفزيون لمدة 30 دقيقة في اليوم. وكلاهما فعل تعاقب عليه الشريعة، لكن الريس يرى أن انتقاد الحاكم هو بمثابة تحريض عليه وهذا محرم. وتتناقض هذه الآراء بشكل كبير مع مواقف وآراء العلماء والدعاة المعتدلين والذي كان مصيرهم السجن.
فقد ناقش الأكاديمي عبد الله المالكي أن السيادة وحرية الاختيار للناس يجب أن تتقدم على تطبيق الشريعة. وأن العدل وحرية الاختيار هما عماد أي مجتمع سياسي. واعتبرت الدولة السعودية أفكاره مهددة ولهذا اعتقلته في أيلول/ سبتمبر 2017، ثم أحالته في العام الماضي إلى محكمة سرية.

الشيخ عبد العزيز الريس دعا إلى وجوب طاعة الحاكم الفاسق وعدم انتقاده حتى لو شرب الخمر علانية أو مارس الجنس على التلفزيون لمدة 30 دقيقة في اليوم

أما الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي لمح إلى هذه الموضوعات عن بعد، فقد قتل بطريقة بشعة وقطع جسده في القنصلية السعودية في اسطنبول العام الماضي. كما واعتقل من دعا لحقوق الإنسان والديمقراطية والمشاركة السياسية.
وهي شخصية بالنسبة لعبد الله، المشارك في كتابة المقال، حيث اعتقل والده الشيخ سلمان العودة رغم سجله الطويل الداعي للتسامح الديني ورفضه دعوات الجهاد في العراق وسوريا وأماكن أخرى. وطالب بتغيير ديمقراطي ودعم تقوية وضع المرأة وقاتل ضد التمييز واحترام الأقليات الدينية التي تعرضت للتهميش في المملكة. واعتقل في أيلول/ سبتمبر، حيث لم يتم التحقيق معه بشأن أي من هذه المعتقدات والمواقف بل سئل عن تغريدة (لديه 3 ملايين متابع) تساءل فيها عن الحصار الذي فرضته بلاده ودول أخرى على الجارة الصغيرة قطر. ويواجه إمكانية الإعدام لا لأنه متطرف ولكن كما قال خاشقجي مرة بسبب آرائه التقدمية.

ويقول الكاتبان إن الحكومة السعودية تواصل دعم والترويج لشخصيات مثل الفوزان واعتقال والتحرش وتعذيب الأصوات المعتدلة، من المثقفين والناشطات النسويات. وتطالب الحكومة في بعض الحالات بحكم الإعدام وفي محاكمات سرية تنقصها الإجراءات القانونية والمستقلة عن التأثير السياسي. وتؤدي هذه السياسة لتشويش موقف السكان من الإرهاب وتجرم أي دعوة لاحتجاج المدني والتجمع. فالمساواة بين حالات التطرف والنشاط السلمي باتت متجسدة في عدة قوانين أصدرتها الدولة مثل قانون مكافحة الإرهاب الذي يجرم النشاط ويعتبر نقد سياسات الحكومة عملا إرهابيا.
ومن هنا فمن الصعب معرفة عندما تقول الحكومة أنها تقاتل التطرف فيما إن كانت فعلا تواجه التطرف العنيف والحقيقي أم النشاط السلمي. وتعهد سياسي سعود الشهر الماضي بوضع النشاط النسوي ضمن قائمة الأعمال الإرهابية.

وفي النهاية يقول الكاتبان إنه على العالم التعامل مع سياسات ولي العهد في سياقها، فما يقوم به محمد بن سلمان منذ عامين، لا علاقة له بمكافحة الإرهاب والتطرف بل استهداف الاعتدال وإضعاف الخطاب المستقل والذي كان من الناحية التاريخية حاجزا ضد التطرف. وفي الوقت نفسه يقوم بتقوية وتعزيز مواقف المتشددين الذين أضفوا الشرعية على حكمه القمعي. وربما عملت هذه السياسة ولو مؤقتا على إسكات الأصوات الناقدة لكنها تخلق جوا يسمح بنمو التشدد في المملكة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14137 / 2184636

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2184636 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40