الجمعة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2018

فصائل مقاومة تقاتل لثمرة أوسلو...!

الجمعة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2018 par أيمن اللبدي

حلَّ محمود عباس المجلس التشريعي معللا ما فعل بقرار «محكمة دستورية» شكّلها لهذا الغرض ولأرب آخر ربما قد يظهر لاحقا، وما هي إلا ساعات وانفجرت المواقف والتحليلات على أعنتها، وكأن المجلس التشريعي هو الفارق المتبقى لكي لا تنهار الصورة من على جدار الوضع الفلسطيني المتآكل بكل زواياه إلا من صورة وحيدة مضيئة فيه، تشكّلها أيدي أبطال الانتفاضة المندلعة منذ اوكتوبر عام 2015 ولغاية يومنا هذا، بوتائر وصور مختلفة آخرها المستمرة حتى الساعة في الضفة المحتلة في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه، أو على تخوم غزة عبر مسيرات العودة وبالوناتها الحارقة.

الفصائل التي أخذت تولول وتصيح عقب هذا الفعل وفي مقدمتها تلكم التي تصنّف على أنها فصائل المقاومة، لم تقل لنا على أي أساس هي أصلا دخلت هذا المجلس التشريعي العائد لاتفاق« أوسلو» الذي تلعنه جهارا نهارا وتقول أنه أكبر مصيبة جرت على فلسطين وقضيتها، والبعض الآخر منها والذي لم تنزلق قدمه إلى الدخول في هذا المجلس عام على عوم الآخرين مدعيا أن عباس بذلك يدمّر الحياة السياسية الفلسطينية، ويسوق الواقع الفلسطيني إلى نظام الفرد المستفرد والمتجبر، خاصة إن كان هذا الفرد هو عباس الذي يسجّل في ولايته أطول قائمة فشل على جميع الأصعدة.

هل حل هذا المجلس هو الذي سيقود إلى تكلّس الوضع السياسي الفلسطيني؟ بالتأكيد لا فهو متآكل أصلا قبله بكثير وطيلة السنوات التي كان هذا المجلس فيها عاطلا حتى عن اجتماع حقيقي لمناقشة قضية حقيقية من أي نوع، والذين استمروا بتحليلاتهم السياسية على أساس انتخابات تجري مجددا وحظوظ المترشحين المختلفين، وإمكانية عقدها بالضفة والقدس وغزة أو من غير بعضها، ويتحفونا باستيراد آراء القانونيين الفاهمين لما يسمى دستور هذه السلطة، جميعا يخوضون في ذات أوسلو إياه من حيث شعروا أم لم يشعروا.

المدهش أن بعضهم ناقش مسألة ما يسمى الانشقاقات في الوضع الفلسطيني وما يسمى الانقسام بين الضفة وغزة ومثلها ما يسمى المصالحة ولا زالوا يناقشون، ولا يقولون لهذا الشعب الصابر عليهم قبل صبره على احتلاله، كيف تكون هناك مسألة تلاقي بين خط يقول أنه خط مقاومة وأن حده الأدنى هو انتصار مسيرات العودة بفك الحصار، وانتصار الانتفاضة بطرد الاستيطان والاحتلال عن القدس والضفة دون قيد أو شرط، وبين خط يلعن أوسلو للمسايرة وهو ولدها الطبيعي الذي خطه التفاوض والقبول بسلطة قابلة لأي تسمية بما فيها الدولة طالما هي تطبق التنسيق الأمني وتعتقل المقاومة والمقاومين، وتعلن أنه لن يكون هناك انتفاضة بعهدها.!

عقد المجلس المركزي وقبله المجلس الوطني ونشره على مقاس عباس نفسه وبالطريقة التي أرادها طيلة عقد كامل لم يكن فيه ما يثير هذه الفصائل وهذه القوى والتحليلات لجهة أنه سيقود حكما لخلل كبير في النظام السياسي الفلسطيني وهي المفترض أنها مستندة إلى منظمة التحرير التي ليس لها على الاقل في قيامها ونشوئها استناد إلى اوسلو، أما المجلس التشريعي فهو يثير ذلك كله ليس على أساس أوسلو حكما ولكن على أساس ما تقدمه هذه الأوسلو من سلطة على مساحة جزء محتل من الوطن وبما تثيره هذه الثمرة الموهومة من صراعات وانقسامات ومناكفات.

عباس لن يصالحكم ولن يلتقي معكم إلا على أساس ما يقوم به وما يفهمه هو، لا على أساس آخر، دعوا عنكم هذه النظريات والتحليلات والسجالات فكلها غير ذات صلة مع هذا النوع من التسلّط الفردي المثير والذي لم يسبقه في الحالة الفلسطينية مثيل سيما وهو يتسلّح بدكتاتورية الجغرافيا، ودكتاتورية التنسيق الأمني الذي يفرضه رغم كل المجالس الوطني والمركزي واللا مركزي، هل سيكون هذا التشريعي هو الفارق بالقصة؟! جل هذا الحراك هو طحن في الهواء وحرث في البحر، واللغة الوحيدة التي يفهمها عباس والاحتلال هي لغة فرض الانتفاضة وأجنحتها في الوطن المحتل، عندها يمكن صناعة تاريخ حقيقي وجديد للنظام السياسي الفلسطيني وللمسيرة الفلسطينية.

على فصائل المقاومة أن تكون أمينة مع نفسها ومع جماهيرها وقواعدها وشعبها وأن تفهم أن القطع مع أوسلو وصفقة العصر وكل الأحابيل المجرمة تبدأ من الانكفاء عن التعامل مع تمظهرات هذه جميعا بدءا من السلطة ومؤسساتها المقامة تحت الاحتلال المتحكم بمفاصل حركتها ومنتجاتها،كما عليها أن تدرك أن قيمتها الحقيقية تكمن فيما تنجزه على الأرض وطنيا من خلال ترجمة خطها المقاوم بالاشتباك مع هذا العدو، ولا يوجد أوضح من مسيرات العودة في غزة والانتفاضة المنتظرة في الضفة المحتلة حيث تغوّل الاستيطان القاضم لكل شيء هناك، وإذا كانت المقاومة قد أنجزت رد ثلاث عدوانات مختلفة على غزة خلال السنوات الماضية، فهذه صورة وضيئة تبقى ناقصة إذا لم تكتمل بانتصار انتفاضة القدس والضفة لكنس الاحتلال منها من غير شرط ولا قيد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 131 / 2183366

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مستشار التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2183366 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40