«اسرائيليون» رأوا في الآونة الأخيرة ابو مازن عن كثب، أخذوا الإنطباع بأنه يشعر بالتعب، عديم الطاقة، يسلم تقريباً مصير زعامته لأيدي الآخرين. فهو مكفهر الوجه ليس فقط لأن شروطه السياسية ردت ولأن هيلاري كلينتون تقلل من اهمية المطلب الفلسطيني بتجميد البناء بل لأنه عن حق وحقيق تعب. هذه ليست مجرد مناورة ابتزاز. هذه حالة نفسية ـ شخصية لرجل ابن 76 يقول لمحيطه ولنفسه فليكن ما يكون.
لا بد ان له تأييداً. من أجهزة الأمن التي تستعين بالولايات المتحدة و«إسرائيل» ومن «الشماليين» المستمتعين في جنين وغيرها من المدن الفلسطينية، الذين يشهدون ازدهاراً اقتصادياً واجتماعياً. وكذا من الرباعية، وبالأساس الكتلة الكبرى من الأنظمة العربية المعتدلة. ولكنه يحصي ايضاً معارضيه، وهم ليسوا فقط ايران و«حماس» و«حزب الله» بل وايضاً متفرغين سياسيين مدعين في «فتح» نفسها. مروان البرغوثي هو النموذج البارز وليس الوحيد.
في «إسرائيل» لا يستبعدون امكانية أن يكون ابو مازن يستغل ضعفه كي يحظى بالمزايا، ومع ذلك فان معظم من يرونه يدعون بان هزال يده ليس مجرد مسرحية دبلوماسية لرجل داهية. شمعون بيريس وبنيامين نتنياهو يدعيانه شريكاً (بارتنر) ويتحدثان عن دوره التاريخي، ولكن الجميع أخذ الانطباع بانه على الأقل في الجولة الحالية هو عديم الشدة، وهذا يبشر بالمصاعب للطرفين.
بداية سيعنى الطرفان بالتجميد، ولكن الفلسطينيين لاحظوا بان حتى الولايات المتحدة لا تعود لتطالب بشمولية وقف البناء، وتميل الى القول ان هناك حاجة الى حل ابداعي، وبشكل عام فان اهمية الموضوع ليست اولى في سموها. وهذا تواصل مباشر للقاء نتنياهو مع باراك اوباما في بداية تموز (يوليو)، والأمر يعطي تعبيره ايضاً في الحوار المتوثق بين المستويات المهنية للولايات المتحدة و«إسرائيل» على مستوى اسحق مولكو، عوزي اراد ورون ديرمر.
في شرم الشيخ سيبحثون في التجميد قبل ان يصلوا الى نهايته (26 ايلول/سبتمبر) ولكن في «إسرائيل» ايضاً يفهمون بان موقف التملص من البحث في المواضيع الجوهرية انتهى، وليس واضحاً اذا كانت الأغلبية في الحكومة وفي السباعية ستمنح نتنياهو حبلاً طويلاً للمناورة.
شيء واحد مفهوم : «إسرائيل» لا يمكنها أن تدير مسبقاً سياسة من يرغب في القاء المسؤولية عن الفشل على الفلسطينيين. كي تكون هذه هي النتيجة، فانها ملزمة بان تأتي بكامل الجدية بافكار ابداعية من النوع الذي تحدث عنه رئيس الوزراء في اطلاق المفاوضات المباشرة. لن يبعد اليوم وسيضطر الى فتح أوراقه ويقول ما الذي يقصده.
ابو مازن تلقى رسالة واضحة من «إسرائيليين» كبيرين بان الحكومة لن تكرر التنازلات التي تقدم بها ايهود اولمرت والفلسطينيون بسخافتهم رفضوا قبولها. الآن ايضاً يتساءل ما الذي سيعرضونه عليه، ويقول انه نفدت قوته من المساومة. إما ان يقبلوا بشروطه أو أن يعتزل الى بيته.
**«معاريف»