كان من بين أهم الإنجازات التي حققتها المقاومة خلال الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة تثبيت المصالحة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني والذهاب بوفد موحد إلى مفاوضات القاهرة، إدراكاً من الجميع أن فلسطين فوق الجميع وأكبر من الجميع وتحتاج إلى جهود الجميع للعبور نحو آفاق الحرية والاستقلال .
لكن هذه الآمال التي بدت للحظة قريبة المنال سرعان ما تبددت، عقب التوقيع على وقف إطلاق النار، مع عودة المناكفات والاتهامات المتبادلة بين حركتي “فتح” و“حماس” لتعود “حليمة إلى عادتها القديمة” كما يقولون، ويقفز شبح الانقسام الرهيب إلى الواجهة مجدداً، على أعتاب الجولة الثانية والحاسمة من تلك المفاوضات التي ستحدد مصير التهدئة ومستقبل العمل الوطني الفلسطيني في آن . فهناك من الأعباء والمهام الجسيمة، في إطار المشروع الوطني الفلسطيني، ما يفوق طاقة الجميع، ولا يجوز أن يبقى المصير الفلسطيني رهينة لخلافات ومناكفات بين حركتين ظن الجميع أنها ولّت إلى غير رجعة، فيما يكشف الواقع أنها عادت إلى نقطة الصفر . إذ لا يمكن فهم التراشق الجاري حول عدم تمكين حكومة التوافق الوطني من أداء مهامها في قطاع غزة ووجود حكومة ظل في القطاع وعدم دفع رواتب الموظفين هناك، إلى جانب العديد من القضايا العالقة، بغض النظر عن صحة ذلك من عدمه، إلا في إطار نسف الإنجازات التي تحققت ودفع ثمنها الشعب الفلسطيني أنهاراً من الدماء، ومئات الآلاف من المشردين الجدد، ودماراً هائلاً لم يشهد له التاريخ مثيلاً . فهل يجوز بعد ذلك الحديث عن إلغاء طرف لطرف آخر؟ وهل يجوز بقاء قضية رواتب موظفي غزة من دون حل، خاصة أن اتفاق التهدئة في القاهرة مرهون بتمكين السلطة من إدارة الشأن العام في القطاع والشروع فوراً في إعادة الإعمار؟ ولماذا لا يتم تسليم حكومة التوافق الوطني مقار الوزارات والهيئات في غزة؟ والأهم هل نحن بحاجة إلى مفاوضات فلسطينية فلسطينية قبل الشروع في المفاوضات غير المباشرة مع العدو؟ أسئلة كثيرة في الواقع بحاجة إلى إجابات حاسمة، لا يزال الشعب الفلسطيني ينتظر التعامل معها، من جانب الفصائل، بكل الجدية والحكمة والعقلانية، والارتقاء بالمسؤولية إلى مستوى القضية والوطن .
من حيث المبدأ، حسنا فعلت حركة “فتح” عندما شكلت لجنة خماسية للحوار مع “حماس” حول القضايا العالقة في اتفاق المصالحة، إلى جانب عدة ملفات رئيسية، بينها دور حكومة الوفاق الوطني في غزة وقرار الحرب والسلم مستقبلاً، والشراكة السياسية، لأن من شأن ذلك تكريس مبدأ الحوار والإقلاع عن فكرة الصدام مرة أخرى . لكن نجاح كل ذلك يبقى مرهوناً بمغادرة عقلية التسوية وخيار المفاوضات الذي انتهجته السلطة طوال السنوات الماضية ولم يحقق شيئاً على الإطلاق، والالتفات، بدلاً من ذلك، إلى بناء المشروع الوطني وتطويره .
يجدر بالفصائل الفلسطينية مجتمعة المشاركة في هذا الحوار، والبحث بجدية عن صيغ حلول لمختلف المشكلات والخلافات والقضايا التي تعترض إنهاض هذا المشروع على قاعدة المقاومة سبيلاً لاستعادة الأرض والحقوق وإنجاز الحرية والاستقلال، وربما يكون ذلك هو كلمة السر في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية من عدمها .
السبت 6 أيلول (سبتمبر) 2014
فلسطين . . وجدل الفصائل مجدداً
السبت 6 أيلول (سبتمبر) 2014
par
يونس السيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
34 /
2188408
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
27 من الزوار الآن
2188408 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 27