لن تتكشف أسرار اختفاء المستوطنين الثلاثة من محيط مجمع “غوش عتصيون” الاستعماري المتربع على أراضي جبال الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ومدينتي القدس وبيت لحم، في وقت قريب، ولعله لا يفترض بها ذلك، خصوصاً إن كانت عملية الاختطاف تمت من طرف فصيل مقاومة، ما يعني بالضرورة أن الوقت قد يطول إلى حين جلاء الأمر وتوضيح الصورة .
المهم في هذا الوقت الفاصل عن كشف أسرار المسألة، أن يتمسك الفلسطينيون على المستويين الرسمي والشعبي بموقفهم الرافض لعدوان وهجمات الاحتلال اللا متناهية التي لا تنفك تتمدد وتتصاعد في شكل انتقامي ثأري من عامة الفلسطينيين، وعلى طول وعرض أراضي الضفة المحتلة التي باتت مركز عمل عسكري عدواني غير مسبوق .
بالتوازي مع ذلك، لا بد من تحركات وسياسات مواجهة، فالجانب الفلسطيني لا يمكن أن يستمر في التنديد والإدانة، وعليه أن يغادر هذه الخانة إلى مستويات أخرى، وأن يكف في جانب آخر عن أي جر للموضوع إلى خانة تجاذب سياسي أو داخلي، وعليه أيضاً وقف كل من يحاول التعاطي مع الوضع وكأنه واضح ومكشوف، وفي هذا ما زالت القيادة السياسية الفلسطينية موفقة في التعاطي مع الأمر، لكن عليها التركيز على محاولة إدانة ووقف هذه الحرب المفتوحة .
الاحتلال لا يحتاج إلى ذريعة أو حجة لشن عدوان ضد الشعب الفلسطيني، لكنه الآن يستغل واقعة لا يمكن التأكد من حدوثها، لصرف الأنظار عن جملة من القضايا المهمة والمصيرية، فمن ناحية هو يشعل الوضع في ظل تواصل إضراب الأسرى المفتوح عن الطعام الذي تخطى شهره الثاني، في أكبر احتجاج حقوقي من نوعه ضد الجريمة بحق الإنسانية المسماة “الاعتقال الإداري”، بل إنه يستغل الفرصة لزيادة أعداد المعتقلين الإداريين، وللاستفراد بالأسرى .
من ناحية ثانية، فإن الكيان يستغل أيضاً هذه الفرصة لمواصلة خطوات تهويد القدس المحتلة، والتوسع الاستعماري، ويوظّف الأمر في إدانة الفلسطينيين على مستوى دولي، حين يضع أوصافاً مثل “مراهقين” و“فتية” لوصف الثلاثة المختفين، وهم بالأساس من فئة المستوطنين الأشد تطرفاً، ويتلقون تعاليم التشدد والعنصرية في معهد يوصف زوراً بأنه “ديني” هو نفسه الذي خرّج كبار مجرمي الحرب الصهاينة، وحركات عنصرية مثل مجموعة “الانتقام وتدفيع الثمن”، و“الموت للعرب” التي لم تترك مسجداً ولا كنيسة ولا شجرة ولا إنساناً إلا وطالته بالنيران والتخريب والتدنيس .
حصيلة عدوان على مدى أيامه العشرة الأولى، بلغت حسب وزارة الصحة الفلسطينية، 6 شهداء و118 جريحاً، إلى جانب مئات المعتقلين، بالتوازي مع عمليات الدهم والتخريب في مختلف مناطق الضفة، وقطّاع الطرق من جنود الاحتلال الذين يخنقون المدن ويقطعون أوصال الضفة، والواضح أن هذه الهجمة لن تتوقف عند حد طالما ما زالت الفرصة سانحة للمزيد .
الاحتلال يختطف أكثر من 5 آلاف فلسطيني، ويتخذهم رهائن يمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب والتنكيل، ويطبق عليهم تجارب محظورة، ويمنعهم من الحصول على أدنى الحقوق الإنسانية، ويبدو ذلك أمراً طبيعياً لدى العالم وقواه الدولية ومنظماته الموظّفة لخدمة مصالح الأقوياء، لكن إعلاناً من طرف واحد عن اختطاف 3 مستوطنين متطرفين يقيم الدنيا ولا يقعدها، فأي اختلال في الموازين وأي انحطاط قيمي هذا؟
الأربعاء 25 حزيران (يونيو) 2014
حتى لا يتمادى الاحتلال
الأربعاء 25 حزيران (يونيو) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
56 /
2182781
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
25 من الزوار الآن
2182781 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 27