في الدستور العراقي الذي تناسل عن قانون إدارة الدولة وتم الإستفتاء عليه بتاريخ (15-10-2005 م) ليس هناك ما يشير إلى هوية العراق العربية، وكل ما جاء في الحديث عن هوية العراق ( أن العرب في العراق جزء من الأمة الإسلامية)، وبذلك أفقد المواطن العراقي أهم مرتكز في هويته، فأصبح في دوامة تحمل في طياتها إحتمالات عديدة جميعها تؤسس لضياع بوصلة العراقي، وفي المحصلة ترتبك قضية “المواطنة”.
جرت عمليات تكريس لهذا الدستور بكل ما يحمله من الغام ومخاطر، فسارعت الإدارة الأميركية وبتعاون مع الجهات والأحزاب المدافعة للعملية السياسية والداعمة لها لإجراء إنتخابات برلمانية بعد شهرين من الإستفتاء على الدستور، الذي جرى وسط فوضى أمنية عارمة، ولم يكن هناك أي إشراف على إستفتاء الدستور ولا على إنتخابات (15-12-2005)، وسيرا على تكريس هذا الدستور جرت الإنتخابات الثانية بوجود القوات الأميركية في (9 ـ3 ـ 2010)،ولم تتوقت عمليات التكريس لدستور يعزل العراق من محيطه العربي على مسار تحويله إلى كيانات تابعة لدول وقوى خارجية.
يقول أحمد بيضون الباحث اللبناني، أن لفظ “المواطنون” لم يدخل الدستور اللبناني إلا عام 1990 م، أي بعد إتفاق الطائف، الذي توقفت بموجبه الحرب الأهلية، بعد نشوبها عام 1975م، وتواصلت بدموية ودمار وخراب حتى أواخر عام 1989 م، عندما تم إتفاق الاطراف اللبنانية على وقف الحرب في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية، التي سُمي الإتفاق نسبة إليها،أما قبل ذلك التاريخ، فأن ما يرد في الدستور اللبناني هو لفظة “لبنانيون”، لكن هذا التبديل في اللفظ أو المصطلح لم يغير من واقع النفوس شيئا، وهنا يردد الكثيرون في لبنان من المطالبين بإصلاح حقيقي عبارة: نريد إصلاحا للنفوس لا إصلاحا للنصوص، في دلالة واضحة على أن الأزمة متجذرة وليست وليدة نزاعات انية أو خلافات في الديانة والعقيدة فقط، ويحاول بيضون في هذا الصدد إثبات مكمن الخطر، من خلال مناقشة المواد الخاصة بالدستور،إذ يرى، أن من الضروري الالتفات إلى ما يخرج في نص الدستور أوّلا، وفي غيره من القوانين ثانيا،عن الروح العامة، مشيرا إلى مجموع النصوص التي تحدثت بها الصفة الطائفية للنظام السياسي القائم في لبنان من حين صدور الدستور- بل قبله ايضا- وهي نصوص متصلة بأخرى تسبغ الصفة الطائفية على جوانب رئيسية من الحياة المدنية للّبنانيين ايضا.
هناك إنتقادات لتعديلات دستورلبنان عام 1990 م، التي أُريد منها في الإعلان عن التعديلات “إلغاء الطائفية السياسية” لأن ما جاء بدستور 1926 م بهذا الخصوص لم يتغير، وبذلك أوجب التعديل إلغاء الطائفية السياسية وحددّت الإجراءات اليات ذلك، وهذه مادة بقيت معطلة، فلم يتّخذ شيء من الإجراءات المذكورة فيها في الأعوام المنقضية مذاك، أي أن عملا واقعيا للتخلص من الطائفية السياسية لم يحصل إلا على الورق،ما يعني تكريسا لها في ظل ظروف كثيرة الإلتباس والتداخل.
في العراق يتحدث غالبية السياسيين عن رفضهم للطائفية السياسية، لكنهم جميعا يصرون على تكريس هذا المرض بإصرارهم على الدفع ب“العملية السياسية” إلى أمام دون تحرك عملي حقيقي للتخلص من الأخطار والألغام الكثيرة في الدستور.
الأحد 9 حزيران (يونيو) 2013
هل يؤسس العراق لطائفية مشابهة ل« لبنان»؟
الأحد 9 حزيران (يونيو) 2013
par
وليد الزبيدي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
67 /
2189834
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
12 من الزوار الآن
2189834 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 7