نجحت الفنانة التونسية المقيمة في بروكسل، غالية بنعلي في أن يكون لها حضور مميز في أوروبا باختيار لون من الغناء أساسه الشعر العربي بمنحاه الصوفي مطعّماً بمسحة من الجاز مع حركة لا تتوقف على الخشبة إلى جانب تجربة سينمائية محترمة. بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وفي انتظار عرضها في السينغال، ستكون غالية بنعلي في اختتام «مهرجان دقة الدولي» (شمال) يوم 13 آب (أغسطس) وفي «مهرجان قابس الدولي» يوم 14 آب (أغسطس).
حضورها المحدود في تونس، لم يكن اختياراً من غالية بن علي المغنية العالمية التي قالت لـ«الأخبار»: «يؤلمني أن لا أكون متواجدة في المهرجانات التونسية بالقدر الكافي. أشعر بألم كبير لظروف المهرجانات أيضاً في تونس وظروف العرض بالنسبة لي، فجمع أعضاء الفرقة في فترة محددة في تونس مع الالتزامات في الخارج ليس أمراً هيناً». وتضيف: «ليس اختياراً أن لا أكون في مهرجانات تونس، بالعكس أنا متعاونة جداً مع المهرجانات وأراعي الظروف ولست متطلبة، وأجورنا كفنانين تونسيين أقل بكثير من الفنانين الأجانب. أحترم الجمهور التونسي، وأحبّ التواصل معه وحفلتي الأخيرة في تونس كانت ناجحة جداً، لكن للأسف ليس بيدي أن أكون موجودة في تونس».
وعن اختيارها للشعر العربي والصوفي تحديداً وما إذا كانت تعتبر نفسها مغنية صوفية، قالت: «أنا درست الرياضيات والفرنسية قبل العربية التي لم أكن أحبّها. لا أدري لماذا، ربما لبيداغوجيا التدريس في سنتي الأولى عندما عدت من فرنسا ربما لصعوبتها أيضاً. لكن كنت أحب القرآن والصور المتحركة التي كانت تبثها التلفزة باللغة العربية الفصحى، وهناك أستاذ درسني العربية أحدث انقلاباً في حياتي حبّبني باللغة العربية والعروض والشعر. اكتشفت الجانب الروحاني في اللغة العربية، ولا أصنّف نفسي كمغنية صوفية، لكني روحانية تعشق التصوف والشعر الصوفي لأني أدين بالحب». أما عن أفتتانها بالحركة فوق الخشبة، فاعتبرت ذلك ترجمة لقصائدها التي لا يفهمها الجمهور الأوروبي: «في عروضي هناك الكثير من الحركة لكنها حركة غير مدروسة بل تلقائية، ولهذا ارتباط ببداياتي في أوروبا، إذ كنت أقدّم عروضي في المسارح الأوروبية، وكانت القصائد بالعربية الفصحى ثقيلة نسبياً على المستمعين، فكنت أترجم هذا عبر الحركة والتخمّر لتصل الكلمة للجمهور، فالقصيدة تقودني وتختارني. في حفلاتي الأخيرة، صرت أجلس وأعتبر ذلك نوعاً من الحركة، أريد أن أنصت لأرواح الناس حين أغني. أشعر أنني في خفة فراشة وإنني أعانق الناس في كون غير الكون. الجمهور يحب الصدق ولست من الفنانات اللواتي يهتممن بالمظاهر. أحب أن يتذكر الجمهور أغنياتي الجديدة وليس ملابسي». واعتبرت بن علي أنّ أوروبا منحتها مساحة كبيرة للعمل:
«الإقامة في أوروبا جعلتني أكتشف بلادي تونس من بعيد ومنحتني فرصة التعايش مع ثقافات أخرى وآفاق أكبر، ولو لم أغادر تونس ربما، لم أكن لأكون سفيرة الثقافة العربية كما سموني وليس مغنية فقط». وأضافت عن الحضور الفني العربي في أوروبا: «في بدايات التسعينيات، لم يكن هناك حضور كبير للفنانين العرب، خصوصاً في بلجيكا. هناك من يغني في أوروبا للعرب فقط، لذلك هناك فرق بين التواجد والحضور».
وتعتبر غالية بنعلي أن السينما جزء من تجربتها الفنية لكنها لا تستطيع التفرغ لها: «في «موسم الرجال، اقترحت علي مفيدة التلاتلي رحمها الله خفت من التجربة وكنت أعتبر التمثيل كذباً، لكن هناك مخرج بلجيكي صديق شجعني على التجربة. وفي «حلة عيني» و«فتوى»، تطورت تجربتي وفهمت عالم التمثيل أكثر. في التمثيل، أريد أن أبتعد عن شخصية غالية المغنية، لكن السينما تتطلب الكثير من الوقت وأنا لديّ الكثير من الالتزامات. لذلك، ظلّ حضور السينمائي متقطعاً. كما أني أختار مشاركاتي بدقة».