الأربعاء 27 نيسان (أبريل) 2022

العدو على أعصابه بانتظار مرور يوم القدس القادم

الضفة: شهيد وثلاثة إصابات في اقتحام العدوّ لمدينة جنين
الأربعاء 27 نيسان (أبريل) 2022

- الضفة: شهيد وثلاثة إصابات في اقتحام العدوّ لمدينة جنين

استُشهد أحمد محمد لطفي مساد (21 عاماً)، من بلدة برقين، فيما أُصيب ثلاثة آخرون خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم، لمدينة جنين ومخيّمها.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، عن مدير مستشفى «ابن سينا» في جنين، جاني أبو جوخة، أن «الشاب مساد استُشهد متأثراً بإصابته بعيار ناري في الرأس. وأصيب ثلاثة آخرون بجروح متوسطة (فتى 16 عاماً برصاصة في القدم، شاب 19 عاماً برصاصة في الحوض، وإصابة بالقدم واليد لشاب 19 عاماً)».

وفور الإعلان عن استشهاد مساد، انطلقت مسيرة من أمام مستشفى ابن سينا في مدينة جنين، حمل فيها المشيّعون الشهيد على الأكتاف، وجابوا شوارع المدينة ومخيّمها، وسط هتافات غاضبة منددة بجرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي. وسيتمّ تشييع جثمان الشهيد الساعة الحادية عشرة من أمام مستشفى جنين الحكومي، إلى مسقط رأسه برقين، حيث سيُوارى الثرى في مقبرة البلدة.

وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، قد اقتحمت فجر اليوم، مدينة جنين ومخيّمها، وانتشرت في أزقة المخيّم ونشرت قناصتها على أسطح عدد من المنازل.
ودارت مواجهات عنيفة بين الشبان في جنين ومخيّمها وقوات الاحتلال، التي أطلقت باتجاههم الأعيرة النارية، ما أدّى إلى استشهاد الشاب مساد وإصابة ثلاثة آخرين.

وقالت مصادر أمنية لـ«وفا»، إن «قوات الاحتلال اعتقلت من مخيم جنين، كلاً من: عاصم جمال أبو الهيجا، ويزن مرعي، ونضال أمين خازم، بعدما داهمت منازلهم وفتشتها».
وأضافت المصادر ذاتها، أن «قوات الاحتلال اعتدت بالضرب على والدة المعتقل أبو الهيجا، وحطمت محتويات منزله وعاثت فيه فساداً وخراباً».

وفي السياق ذاته، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة قباطية جنوب جنين، وداهمت عدداً من منازل المواطنين وفتّشتها وعبثت بمحتوياتها.

وقالت مصادر أمنية إن «قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة مواطنين خلال اقتحامها قباطية، وهم: ياسر أبو الرب، والأسيران المحرران علاء حنايشة، وعلي أبو الرب».

- إسرائيل تُراوح مأزقها: الصفقة النووية لن تردع إيران / علي حيدر

مع وصول المفاوضات النووية بين إيران والغرب إلى مرحلة حاسمة، تتتابع التقديرات الإسرائيلية في شأن ما سيعقبها، خصوصاً إذا ما أفضت إلى إحياء اتفاق عام 2015. في هذه الحالة، تعتقد تل أبيب أنّ حقيقة «اللاارتداع» الإيرانية ستَتعزّز، مع ما سيعنيه ذلك من تداعيات لن تقتصر على الداخل الإيراني، بل ستمتدّ لتشمل البيئة الإقليمية برمّتها

لخّص السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايك هرتسوغ، التحدّي الرئيس الذي تواجهه إسرائيل في ما يتّصل بإيران، بأن أيّ اتفاق مع الأخيرة لن يضعها في صندوق «ما لم يكن هناك ردع جادّ تجاهها»، معرباً عن أمله، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، بأن يرى هذا الردع متحقّقاً «مع أو بدون اتفاق». أهمّية هذا التشخيص تنبع من كونه يأتي في ظلّ وصول المفاوضات النووية إلى محطّة مفصلية، ستَعقبها إمّا العودة الى الاتفاق ضمن الخطوط الحمراء الإيرانية، أو إعلان عن فشلها، ولكلّ من النتيجتين تداعياتها الاستراتيجية على البيئة الإقليمية. أيضاً، تتمثّل أهمية تقدير هرتزوغ في أنه يتمحور حول إحدى أهمّ القضايا المطروحة على طاولة منتدى الحوار الاستراتيجي بين تل أبيب وواشنطن، والذي يشكّل هو أحد أعضائه. مع ذلك، ليس تشخيصه جديداً، بل كان حاضراً منذ السنوات الأولى لولاية بنيامين نتنياهو التي استمرّت من عام 2009 إلى عام 2021، حيث اعتبر الأخير، في إحدى المناسبات، أنّ المشكلة تكمن في أنّ ايران لا تصدّق تهديدات الولايات المتحدة وإسرائيل، في إشارة إلى ثقتها بارتداعهما عن الخيارات العسكرية المباشرة ضدّ منشآتها النووية.

شيئاً فشيئاً، تعزّز حضور ذلك التقدير، توازياً مع تزايد القلق الإسرائيلي من المسار التصاعدي الذي تسلكه إيران، وتحديداً بعدما تجاوزت القيود التي يفرضها الاتفاق النووي عليها، ردّاً على خروج الولايات المتحدة منه وفرضها عقوبات جديدة عليها، وأيضاً في ظلّ تمسّك الأولى بخطوطها الحمراء، وعدم إبدائها أيّ استعداد لتقديم تنازلات جوهرية تتّصل بنشاطاتها النووية والعسكرية والإقليمية. ولعلّ مفاوضات فيينا نفسها تمثّل، في وجه من وجوهها، أحد تجلّيات قوّة الردع الإيرانية تلك، وإلّا لما كان المعسكر الغربي مستعدّاً للتفاوض مع طهران من موقع الندّية. ومن هنا، تُجاهر إسرائيل بانتقاد أداء الولايات المتحدة، انطلاقاً من كونه «مُسلِّماً» بواقعيّة هذه الصورة، الأمر الذي يدفع الأميركيين إلى التمسّك بالخيار الدبلوماسي، وتجنُّب استفزاز إيران أو تفعيل الخيار العسكري في وجهها. وفي هذا الإطار، يأتي حديث هرتسوغ ليُعبّر عمّا يدور من مداولات بين الجانبَين، ويكشف، كما مواقف بقيّة المسؤولين الإسرائيليين، عن أنّ الهمّ الأساسي لتل أبيب اليوم هو كيفية ردع طهران وتحجيمها داخل حدودها، وهو ما لن يكون ممكناً بمجرّد العودة إلى الاتفاق النووي، إلّا إذا استندت الصفقة إلى قوّة ردع جادّة، مطلوبٍ تحقيقها باتّفاق أو من دونه، حتى يكون بالإمكان إعادة المارد الإيراني إلى القمقم.
ولكون هذه القضية هي الأهمّ التي يتمّ التداول بها بين الطرفَين الأميركي والإسرائيلي، سأل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، على هامش «لقاء النقب» قبل أسابيع، عن بديله للاتفاق النووي وكيفية منع إيران من امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي، بعدما بلغ تطوّرها مرحلة يمكنها فيها فعل ذلك لو أرادت في غضون أسابيع معدودة. من الواضح أن السؤال الأميركي أصاب نقطة الضعف الإسرائيلية - والأميركية أيضاً -، خاصة بعد فشل خطط المراحل السابقة في تحقيق النتائج المؤمَّلة، والذي دفع إسرائيل في هذه المرحلة إلى محاولة تحسين صورتها الردعية - ولو نسبياً -، عبر الإعلان عن خطط جهوزية وامتلاك قدرات جوّية وصاروخية تُمكّنها من توجيه ضربات إلى إيران. مع ذلك، فقد كان بينت صريحاً في جوابه، برمْيه الكرة في الملعب الأميركي والغربي؛ إذ أقرّ بأن المسألة تتجاوز قدرة إسرائيل، معتبراً أن ثمّة حاجة إلى فرْض عقوبات قاسية جماعية مِن مِثل تلك المفروضة على روسيا بعد غزوها ​​أوكرانيا، محذّراً من أنّ إسرائيل هي التي ستتلقّى تداعيات الاتفاق النووي، كونه سيتضمّن رفع العقوبات على نحو سيساهم في تعزيز اقتصاد إيران ومكانتها الاستراتيجية، وسيكرّس التكيّف الدولي معها بوصْفها قوّة إقليمية تفرض سقوفها الخاصة بها.

على رغم ما تَقدّم، ليست معادلة الردع هذه صِفرية أو كاملة، كما أنها ليست حالة ثابتة بالضرورة، بل قد تتأثّر بالعديد من المتغيّرات التي قد تساهم في تبديل تقديرات أحد أطرافها وخياراته، وبنسب متفاوتة. ولذا، قد تُسجَّل في المرحلة المقبلة مستويات من المواجهة بين طرفَين أو أكثر، من دون أن يخلّ ذلك بأصل وجود الردع، كما قد يحاول أحدهم توسيع هامش المبادرة والردّ لديه، مع الالتزام بسقوف معيّنة. لكن تجربة أكثر من عقدَين أثبتت أن الضربات الموضعية التي تبقى تحت سقف الردع الإيراني، لم تنجح في كبح طهران في المجالات التي تشكّل خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي، من البرنامج النووي إلى الصواريخ إلى النفوذ الإقليمي. وفي السياق نفسه، تَحضر حقيقة أن أيّ رئيس أميركي لم يجرؤ على تبنّي خيار دراماتيكي عسكري مباشر ضدّ المنشآت النووية الإيرانية. ومع أنّ الانتقادات أكثر ما تتركّز في هذه المرحلة ضدّ إدارة جو بايدن، إلّا أنّ الواقع الذي تدركه مؤسّسة القرار الإسرائيلية، هو أنّ كلّ الإدارات الأميركية تجنّبت الخيار العسكري المباشر بوجه إيران، بدءاً من جورج بوش، مروراً بباراك أوباما وحتى دونالد ترامب (باستثناء اغتيال قائد «قوّة القدس» قاسم سليماني)، وصولاً إلى الإدارة الحالية، وهو ما يؤشّر إلى أنّ هذا الارتداع ليس مسألة ظرفية، وإنّما هو قرار المؤسّسة الأميركية بالاستناد إلى تقديرات الكلفة والجدوى. وهكذا، فإنّ الفشل لم يقتصر على الطرف الإسرائيلي الذي نجحت إيران وحلفاؤها في فرْض طوق صاروخي حوله يمتدّ من لبنان إلى غزة، بل شمل أيضاً الطرف الأميركي الذي لم تنجح جميع سياساته، بما فيها الحرب الاقتصادية غير المسبوقة، في ثني طهران عن ثوابتها.

- دورة تصعيد جديدة تنتظر العدو: تل أبيب تتحضّر لـ«يوم القدس» / يحيى دبوق

على رغم التهدئة النسبية السارية حالياً في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، لا يبدو أن التصعيد سيتأخّر قبل أن يطلّ برأسه مجدّداً. إذ تنتظر إسرائيلَ مناسبتان تشكّلان موعداً سنوياً للفاعليات الفلسطينية بوجه الاحتلال، وهما «يوم القدس» وذكرى «النكبة». وعلى رغم أن تل أبيب تحاول، ما أمكنها ذلك، امتصاص عوامل التصعيد، إلّا أن الواقع الأمني بينها وبين المقاومة يبدو هشاً إلى الحدّ الذي يمكن معه لأيّ «خطأ» عملياتي أن يدفع نحو مواجهة واسعة

ينتظر تل أبيب تصعيدٌ واختبار أمنيّان كبيران، من الآن وحتى نهاية شهر رمضان. الساحات الفلسطينية، وفقاً لتقديرات الاحتلال، باتت مشبعة بالحوافز على اختلافها، في فترة حسّاسة جدّاً، تتطلّب، نظراً لهشاشتها الأمنية، من تل أبيب مزيداً من الانكفاء والامتناع ما أمكن عن الاحتكاك مع الفلسطينيين، سواءً في القدس، حيث منطلق التحفيز الرئيس، أو في الساحات الأخرى التي التحق بها في الأيام الأخيرة الجنوب اللبناني، على رغم تعقيداته ومحاذيره الخاصة. في خلفيّة التصعيد المنتظَر، يَبرز «يوم القدس»، المناسبة السنوية لتوافد الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه في الجمعة الأخيرة من رمضان. وهي مناسبة كفيلة، ربطاً بالحشد الكبير والاستفزازات السابقة والاحتقان المتمركز في الوعي الفلسطيني، وكذلك ربّما استفزاز الاحتلال في حينه، بالدفع نحو تصعيد، سرعان ما قد يتدحرج إلى مواجهة واسعة. في الخلفيّة أيضاً، ثمّة مناسبة أليمة لا تغادر الوعي الفلسطيني، وهي ذكرى ما يسمّيه الاحتلال «استقلال إسرائيل»، أي يوم النكبة عام 1948، والذي يحمل سنوياً عوامل تصعيد، ليس في القدس فقط، بل أيضاً في أراضي عام 48 وغيرها من الساحات.

تزامُن المناسبتين، مدعاة قلق لدى الاحتلال، الذي عمد إلى تكييف وجوده المباشر وإجراءاته وسلّة حوافزه مع أوامره العسكرية والأمنية، كي يتجنّب ما أمكن تبعاتهما، وأن لا يكون هو نفسه سبباً إضافياً في التصعيد. وعلى هذه الخلفية، جاءت قراراته الأخيرة، ومن بينها فتح المعابر، ومواصلة السماح للعمّال الفلسطينيين بالوصول إلى أعمالهم في الأراضي المحتلّة، وأيضاً الامتناع عن الردّ على ما يسمّيه «تنقيط» القصف الصاروخي من قطاع غزة، والاكتفاء بالردّ الاقتصادي (المؤقّت)، فيما دخل قرار منع وصول المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى حيّز التنفيذ الفعلي. لكن هل يكفي كلّ ذلك لمنع التصعيد؟ تتأرجح الإجابة بين عدّة احتمالات لا يخلو أيّ منها من وجاهة، فعوامل التصعيد موجودة، والأمر نفسه ينسحب على التهدئة النسبية السارية حالياً. لكن بين هذا وذاك، يبدو الوضع الأمني هشّاً إلى الحدّ الذي يمكن معه لأيّ «خطأ» عملياتي من قِبَل الاحتلال أو المقاومين، أن يدفع نحو التصعيد، ليس في القدس والضفة والأراضي المحتلة عام 1948 فقط، بل وأيضاً في مواجهة قطاع غزة، وإن ثَبُت أن الجانبين يريدان أن يتجنّباها.

ثبت أيضاً أن الجانب الإسرائيلي يدرك أن للقوة حدوداً يتعذّر عليها تجاوزها

إلّا أنه بناءً على المواجهات التي استعرت في الأيام الماضية من رمضان حول القدس والحرم القدسي، وما سبقها من عمليات فلسطينية موجعة للاحتلال داخل أراضي عام 1948، وكذلك التعاطي الفلسطيني «الحكيم» مع الأحداث عبر محدّدات فرضتها المقاومة على الاحتلال هذه المرّة، يمكن، من الآن، الحديث عن نتائج لا يمكن إغفالها، تتمثّل في الآتي:
أوّلاً: تجميد مساعي إسرائيل للتغيير في «الوضع الراهن» في الحرم القدسي؛ فلا تقسيم زمانياً أو مكانياً كما كان يخطّط له، على رغم معاندة الاحتلال حتى اللحظة الأخيرة. لكن بين التجميد والإلغاء فروقاً كبيرة، إذ قد تعيد تل أبيب الكَرّة ثانية، وإن بالتدرّج، فيما ستكون في المرّات المقبلة أكثر حذراً، مع إدراكها أن للقوّة حدّاً، مهما علت، عليها مراعاته وتكييف مواقفها وتطلّعاتها وفقاً له.
ثانياً: نجحت فصائل المقاومة في قطاع غزة، وفي المقدّمة حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، في ربط الساحات الفلسطينية بعضها ببعض، ضمن معادلات وقواعد اشتباك ما زالت حتى الآن غير منتهية الحدود والمعالم. ويُعدّ هذا الربط فشلاً ذريعاً للاحتلال، لا يقتصر على خطّة آنية، وإنّما يشمل سنوات من السعي لفصل الساحات الفلسطينية وتفريقها، بحيث تبقى لكلّ ساحة همومها وتطلّعاتها وأولوياتها. والفشل الإسرائيلي، هنا، مركّب ومضاعَف، بالنظر إلى أن القدس نفسها هي صلة الوصل بين الساحات، الأمر الذي يعظّم التحدّي أمام الاحتلال، على رغم رهانه على التخاذل العربي في هجمته الأخيرة على القدس.
ثالثاً: ثبت أن السلطة الفلسطينية على هامش الأحداث، ليس لدى النخبة الفلسطينية فقط، بل في الوعي الفلسطيني الجمعي أيضاً. ففي الوقت الذي ظهر فيه للفلسطينيين أن هذه السلطة وأجهزتها الأمنية هي جزء لا يتجزّأ من بنية أجهزة الاحتلال، تأكّد أيضاً أنها غير معنيّة، إلّا عبر بيانات باهتة ومكرّرة، عندما يتعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية عامّة، والقدس خاصة، والحرم القدسي بالأخص. ومن هنا، يمكن القول إن السلطة سقطت في الوعي الفلسطيني، حتى لدى مريديها من أولئك الذين كانوا يتماهون معها في الأمس القريب.
رابعاً: ثبت أيضاً أن الجانب الإسرائيلي يدرك أن للقوة حدوداً يتعذّر عليها تجاوزها؛ فأن تمتلك مزيداً من القوة العسكرية لا يعني أن بإمكانك أن تستحصل مزيداً من النتائج، بخاصة في ظلّ إصرار الفلسطينيين على منع المحتلّ من التمادي في اغتصابه لحقوقهم. وهنا، يَظهر التمايز بين خيار السلطة الفلسطينية، المتماهي مع الاحتلال، والذي لا يستجلب إلّا مزيداً من إهدار للحقوق، وبين خيار المقاومة بأشكالها المتعدّدة، والتي تأكّد أنها قادرة، وربّما هي فقط، على تحصيل ما أمكن من حقّ فلسطيني، وفي الحدّ الأدنى وفقاً للظرف الضاغط على القضية الفلسطينية، من القريب والبعيد، الدفاع عمّا أمكن من حقوق ما زالت على مهداف المحتلّين.

- إعمار غزة متوقّف: «الأونروا» تنفض يدها .../ يوسف فارس

بعد مرور عام على انتهاء معركة «سيف القدس»، لم يجد العشرات من أصحاب البيوت المدمّرة سوى مقرّ رئاسة «الأونروا» غرب مدينة غزة، للتعبير عن غضبهم إزاء سياسة المماطلة في إعادة الإعمار، والتي تنتهجها إدارة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين»، على الرغم من توافر الأموال المطلوبة في أرصدتها

غزة | أمام مقرّ رئاسة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» غرب مدينة غزة، تجمَّع المئات من أصحاب البيوت المدمَّرة بشكل كلّي، في وقفة احتجاجية على تأخير إعادة إعمار بيوتهم من دون مبرّر، على الرغم من وجود الأموال اللازمة في أرصدة «الأونروا»، وتوافر مواد البناء. ورفع المواطنون لافتات ندّدوا فيها بتراخي الوكالة في إدارة الملفّ، فيما أشعل آخرون النار في الإطارات المطّاطية. رجب سعيد، وهو أحد المواطنين الذين فقدوا منازلهم خلال حرب العام الماضي، قال في حديثه إلى «الأخبار»، إنه أتمّ كافّة الاستعدادات الفنّية اللازمة للبدء في بناء بيته، إذ جهّز الخرائط ووثّقها في نقابة المهندسين وأخذ موافقة البلدية، وأنجز عقداً إشرافياً مع مهندس، ولم يتبقَّ له إلّا أن يأخذ الدفعة المالية للبدء في البناء، إلّا أنه ينتظر الخطوة الأخيرة منذ سبعة شهور. وتابع سعيد: «نسكن في بيت سيّئ، هو ما استطعنا استئجاره عقب الحرب، من دون أثاث، بعدما دمّر القصف كلّ مقتنيات منزلنا المكوَّن من طابقين، وكلّما ماطلت الجهات المسؤولة في البدء في إعادة البناء، يزداد وضعنا النفسي والمعيشي سوءاً».

بسام الفار، هو المتحدّث نيابة عن الفصائل المشاركة في الوقفة، أعلن أن «الأونروا» التي تتوافر لديها كلّ متطلّبات إعادة الإعمار، «لم تنجز في هذا الملفّ شيئاً». وطالب الوكالة بمحاسبة كلّ «من أسهم في تأخير عملية الإعمار من دون مبرّر»، محذّراً من «موقف صارم للفصائل في حال لم يتمّ البدء بالعملية». وكانت لجنة المتابعة في الفصائل الوطنية والإسلامية قد أصدرت بياناً، أكدت فيه أن ما يجري من تأخير لا مبرّر له، وقالت: «فوجئنا أثناء المتابعة مع كلّ الجهات المعنيّة أن ملفّ إعادة الإعمار لأصحاب الهدم الكليّ من اللاجئين، والذي تكفّلت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بإنجازه، وهو يضمّ حوالي 700 بيت موزّعة على كلّ محافظات القطاع، لم يُنجز فيه شيء حتى اللحظة، على رغم أن كلّ متطلّبات الانطلاق في إعادة الإعمار متوافرة، حيث دُفعت الأموال من المانحين وتتوافر المواد اللازمة للبناء، وعملت وزارة الأشغال على حلّ كلّ الإشكاليات التي تواجه الوكالة في إدارة الملفّ».

تسبّبت حرب العام الماضي في تدمير أكثر من 700 منزل بشكل كلّي

من جهته، علّق المتحدث الرسمي باسم «الأونروا»، عدنان أبو حسنة، على الوقفة، بإعلانه أنه تمّت الموافقة على البدء بإعمار بيوت لقرابة 90 اسماً، مشيراً، في تصريح صحافي، إلى أن الأموال ستُرسَل خلال أيام إلى البنوك، من أجل البدء بالإعمار ضمن دفعات. ولفت أبو حسنة إلى أن الوكالة أنهت ملفّ الأضرار الجزئية، إذ قدّمت تعويضات لـ7 آلاف منزل تضرّرت بشكل متفاوت خلال الحرب، فيما تتولّى مهمّة صرف بدل الإيجار لأصحاب البيوت التي دُمّرت بشكل كلّي، لمدّة 6 شهور، ثمّ أعادت صرف أربعة شهور أخرى. إلّا أن محمود خلف، وهو منسّق «اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين»، شدّد على أن المطلوب من «الأونروا» هو وقف المماطلة في إعادة الإعمار، والشروع في دفع الأموال للعائلات التي دُمّرت منازلها، خصوصاً أنها تمتلك كامل الموازنة الخاصة بذلك. وقال خلف، في تصريحات صحافية، إن هذه المماطلة تحدُث على رغم «عدم ممانعة إسرائيل تسديد مبالغ الإعمار للمتضرّرين»، غير أن الأخطر، بحسبه، هو أن الدول المانحة تهدّد بسحب أموالها إذا لم يتمّ صرفها.
إزاء ذلك، أوضحت مصادر مطّلعة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «الأونروا ليست سوى جهة تنفيذية تخضع لقرارات الجهات المموِّلة والمانحين، وهي في مماطلتها في إنجاز الملفّ، تنفّذ رغبة إسرائيلية في إطالة أمد إعادة الإعمار إلى أطول مدى». وتحدّثت المصادر ذاتها عن وجود تباين في الرؤى في شأن الآلية التي ستتمّ بها إعادة الإعمار، إذ ترفض إسرائيل الآلية المعروفة، القائمة على تقديم الأموال إلى المواطن، الذي يتولّى بدوره كافّة الأمور الفنّية. كما لفتت إلى وجود عراقيل عمدت تل أبيب، ومعها العواصم المانحة، إلى وضعها بما يُجبر أصحاب البيوت المدمَّرة على تقديم كافّة التفاصيل المتعلّقة بالبناء الجديد، من الخرائط إلى المهندس المشرف وصولاً إلى مساحة البيت وعدد الطبقات ومكانه بالتحديد، وهو ما يسهم في تأخير الحصول على الموافقات التي يتمّ بموجبها صرف الدفعات المالية.

وكانت إسرائيل قد شنّت حرباً على قطاع غزة في 10 أيار الماضي، استمرّت طوال 11 يوماً، وتسبّبت في تدمير أكثر من 700 منزل بشكل كلّي، وتضرُّر آلاف المنازل الأخرى، إلى جانب تدمير سبعة أبراج سكنية وعشرات الطرق الرئيسة والمرافق العامة، فضلاً عن استشهاد 255 فلسطينياً، بينهم 66 طفلاً، و39 سيدة، و17 مُسنّاً، وإصابة أكثر من 1948.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2184548

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع تقدير موقف   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184548 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40