الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021

قصّة اللّحظات الأخيرة

تعريب .لينا الحسيني
الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021

تعريب .لينا الحسيني
ليلة القبض على تشي غيفارا أقمنا احتفالاً في فندق صغير في قرية Vallegrande، على ضوء الشّموع بسبب انقطاع الكهرباء، احتفاءً بالحدث.
عند السّاعة السّابعة من صباح اليوم التّالي، هبطت طائرتنا التي كان يقودها الطيار نينو دي غوزمان بجوار المدرسة الصّغيرة حيث كان تشي مسجونًا.
كانت بحوزته محفظة جلديّة، وفي داخلها دفتر يومياته، بعض الصّور العائلية، أدوية للربو، كتيّب صغير يحوي رسائل رقميّة يستحيل فكُّ شيفرتها، بعض الكتب الصّغيرة المطبوعة على الآلة الكاتبة، بالإضافة إلى الرّسائل التي تلقاها من كوبا.
كان تشي مستلقيًا على الأرض، تحت نافدةٍ صغيرةٍ وخلفه جثتي رفيقيه.
حاول استجوابه العقيد Zenteno Anaya لكن تشي لم يردّ على أسئلته. فقال له العقيد: “اسمعني، أنت أجنبي، لقد غزوت بلادي، أقل ما يتوجب عليك هو أن تجيبني من باب المجاملة.” لكن دون جدوى
في هذه الأثناء رنّ الهاتف، القيادة العليا أمرت بإعدامه. حين أبلغته بذلك قال:
«من الأفضل أن يحصل ذلك، ما كان يجدر بي الوقوع في الأسر» ثم أخرج غليونًا من جيبه وقال: «أريد أن أعطي هذا إلى جنديٍّ بوليفيٍّ تعامل معي بلطف».
بعد ذلك سألته: «هل تريد أن تترك شيئًا لعائلتك؟» أجابني، بسخرية: «حسنًا، إذا استطعت، أخبر فيديل بأنّه سيشهد قريبًا ثورةً في أميركا” وأردف: “قل لزوجتي أن تتزوج مرةً ثانية، وأن تحاول أن تكون سعيدةً”. كانت تلك كلماته الأخيرة، بعدها اقترب مني، وصافحني، ثمّ عانقني، وتراجع إلى الوراء خطواتٍ قليلة، ظنًّا منه أنّني الشّخص الذي سينفّذ فيه الحكم.
في هذه الأثناء جاء الطيار نينو دي غوزمان وطلب التقاط صورة معه ثمّ نظر إليه وسأله: “أيّها القائد، هل أنت خائف؟” أجاب: “لا، ليس أنا من يخاف”. ثم تابع المسير بصعوبة بسبب إصابته في ساقه اليسرى.
قال نينو: “يا قائد، انظر إلى العصفور الصّغير (الكاميرا)”، فضحك تشي، لأنّ الكوبيين كانوا يعتمدون هذا التعبير حين كانوا يرغبون بتصوير أطفالهم.
كان في التّاسعة والثلاثين من عمره، ملابسه رثّةٌ، حذاؤه كان عبارة عن قطعٍ من الجّلد مربوطة حول قدميه وشعره أشعث. أحيانًا حين كنت أتحدث معه، لم يكن يبالي بكلامي. لقد بدا هزيلاً وحزينًا.
تمّ تنفيذ الإعدام عند السّاعة الواحدة والرّبع بعد الظّهر.
بعدها جاء الرّقيب ماريو تيران، قائلاً:
“أريد الغليون! لقد قتلته، أنا أستحقّ ذلك!”. ولتجنب المواجهة مع رغبته اضطررت لاعطائه إياه.
لينا الحسيني
(مقتطف من تعريبي لمقابلة أُُجريت مع الكوبي فيليكس رودريغز، العميل لدى وكالة الاستخبارات الأميركيّة، الذي شارك في القبض على تشي غيفارا في بوليفيا.)
#Che_Guevara



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2184554

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع مواد  متابعة نشاط الموقع مقالات ومحطات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2184554 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40