الأحد 19 أيلول (سبتمبر) 2021

الإختراق الثقافي لبيئة المقاومة

بيداء حامد
الأحد 19 أيلول (سبتمبر) 2021

لكي تعرف ما هو مستقبل أي جماعة، أنظر الى فتيتها وشبابها، من المراهقين بعمر 15 و16 وصولاً الى العشرينات، بماذا يفكرون ماذا يشغلهم ما الذي يجذب إنتباههم، وهذا ينطبق أيضاً على جماعة المقاومة وبيئتها الحاضنة، لأن هؤلاء هم الدماء الجديدة التي تحمل الراية وتحمي القيم وتصون القضية.
ولذلك يضعهم العدو المحترف في قلب الإستهداف
وهنا المعركة ثقافية بحتة، يتحتم على العدو تغيير ثقافة هذه الأجيال الناشئة، وبما أن المقاومة حالياً إسلامية، فهذا يجعل ضرب الإسلام هدفاً أساسياً له، لكن ليس أي إسلام، يتوجب عليه ضرب الإسلام الثوري فقط وتفريغه من محتواه عن طريق صنع بدائل إسلامية محلية تتكفل بإبعاد الخطر عن الإحتلال وإستبداله بإيران أو بعدو طائفي من نفس البلد، وهو ما فشلوا به في لبنان فشلاً ذريعاً لكن للأسف عوضوه بنجاح كبير في العراق.
أهم أسلحة العدو على فئة الشباب، هي وسائل الترفيه التي تحاول ضرب القيم الأخلاقية والترويج للشذوذ وخلق رموز شبابية فاسدة يتم تقديمها على أنها صور النجاح والتفوق والشهرة، إضافة لنشر ثقافة التفاهة والهامشية واللامبالاة. وقد لاحظ العدو أهمية خلق وكيل ثقافي محلي يكون مقبولاً في البيئة المستهدفة، فهو يخترق المسلمين بأداة مسلمة والسنة بأداة سنية، والشيعة بأداة شيعية، والمتدين بالمتدين، والعلماني بالعلماني .. الخ.
أنا سأتجنب ذكر الأسماء، لكن جميعنا يستطيع أن يميز المعممين الذين إنقلبوا الى الطعن بالإسلام والإساءة إليه، أو الشيوعيين الذين يطبلون لقيم الليبرالية الأمريكية، والشخصيات الإعلامية السنية التي تطعن بالحشد والشخصيات الشيعية التي تحرض على السنة، والتشارنة الجاهزين لإتهام كل من يدعم المقاومة، بالولاء لإيران .. وهكذا.
ومن الأمثلة الشائعة على مشروع نخر الثقافة الإسلامية بواسطة وكيل ثقافي، هو المشروع الذي مولته إمبراطورية الإم بي سي. فمنذ 2008 إجتاحت موجة هائلة من المسلسلات التركية القنوات العربية وجذبت نحو 85 مليون مشاهد معظمهم من النساء والشباب، وقد كان تأثيرها أكبر بكثير من المسلسلات المكسيكية أولاً لأن لهجة الدبلجة السورية أكثر جاذبية وأكثر قابلية للتصديق كما أن التركية تتضمن تقاليد يعرفها المشاهد مثل إحترام المسنين والرموز مثل الأسماء والحجاب، وكذلك تقديم دور المرأة بإسلوب الحياة الغربية وقيمها والعلاقات الجنسية وشؤون الحب وشرب الكحول والإجهاض. هذا المزيج جعل البرامج تظهر مألوفة ومثيرة للجماهير حتى في البيئات المحافظة وتوفر المسلسلات رؤية بديلة للعالم. كما قامت الإم بي سي بتعريب برامج الترفيه مثل ستار أكاديمي والإكس فاكتر وغيرها في محاولة لتكييف المنتج الأمريكي ليتلائم مع الثقافة المحلية، وأثبتت وثائق الويكيليكس الدعم الكبير الذي تقدمه السفارة الأمريكية في لبنان لمحطات الإل بي سي والأم تي في.
(لمن يرغب في تفاصيل أكثر ـ أرجو الرجوع الى كتاب الدكتور حسام مطر “ما بعد القتال” الفصل الخامس)
هذه هي بعض أدوات الهجوم .. فكيف كان دفاع المقاومة في لبنان لتحصين بيئتها الحاضنة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2184632

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع مواد  متابعة نشاط الموقع مقالات ومحطات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2184632 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40