الأحد 4 نيسان (أبريل) 2021

أطفال التوحّد

الأحد 4 نيسان (أبريل) 2021

- حجر أطفال التوحّد: صعوبات وفرص

تقرير فاطمة جوني

منذ بدء انتشار فيروس كورونا، اعتمدت معظم المدارس بقطاعيها الخاص والحكومي آلية التعليم عن بعد حفاظاً على السلامة العامة. تحديات وصعوبات وأعباء نفسية واجهت الأهالي والتلامذة عموماً. لكن المعاناة كانت مضاعفة لدى الأطفال المصابين بالتوحد.
مقالات مرتبطة

في اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد: قصّة حسن وسارة على لسان أمّيْهما يارا سعد
جمعيات التّوحّد في لبنان: التحدّيات في ازدياد يارا سعد

تراجع طفل زهراء حسين كثيراً في فترة الحجر المنزلي. الطفل المصاب بالتوحّد لم يتأقلم مع التعليم عن بعد. عانت الأم من “عودة كل الحركات التكرارية والعصبية المفرطة التي كنا قد عملنا على التخلص منها سابقاً. فيما شهدت شخصيته تراجعاً كبيراً وأخذ يتهرب من الحصص التدريسية”. اضطرت حسين لبذل مجهود إضافي مع طفلها المتوحّد. “مهما حاولنا تعبئة الفراغات والسعي لاكتساب الأهداف من جديد ستبقى الثغرات واضحة تملئ حياة أي طفل مصاب بالتوحد وليس ابني فقط”.

زميلتها تانيا موسى عاشت فترة الحجر مع ابنتها ترايسي. “لا تنكر بأن الحجر سمح لها بمتابعة طفلتها أكثر ومنحتها الوقت لتبتكر وسائل لكسر الروتين”. العمل المكثف لموسى جعل ترايسي “أكثر ليونة مع اكتساب عادات جديدة مثل التنويع في الأطعمة”.

الجهد المضاعف الذي واجهه أهل الأطفال المصابين بالتوحّد لم يكن أقل مما واجهه الأساتذة والمدربين. متشعبة كانت التجربة التعليمية لهدى جوني الأستاذة في إحدى المؤسسات التعليمية التي ترعى اضطرابات التواصل واللغة. “لولا تعاون الأهالي لم يكتسب الأطفال الأهداف. حاولنا سوياً كسر الجمود من خلال التواصل بحسب الأدوات المتاحة لكن مواكبة الحلول لا تعوض بشكلٍ كلي عن التعليم المباشر” تقول.

تحتاج جوني دوماً لتدخل الأهالي خلال الحصص التدريسية، نظراً لغياب التفاعل في بعض الأحيان. “بالتعليم عن قرب نستطيع بالحس الحركي دعم الأطفال بشكلٍ مباشر، من خلال تعابير الوجه والتفاعل الجسدي، ومساهمتنا بتفريغ طاقاتهم. الأمر الذي انعكس سلباً على سلوك الأطفال داخل المنزل، ما أدى إلى تلقي شكاوى يومية جراء المعاناة. كان دوري في احتواء تلك المعاناة والتعب عبر تقديم الدعم وزيادة الأنشطة تدريجياً عبر تقييم كل حالة لتحقيق الأهداف التعليمية” تشرح.

تباينت قدرة التحمّل بين عائلة وأخرى خلال فترات الحجر الطويلة. فئة من استصعبوا متابعة أطفالهم بمفردهم في الحجر و في التعليم عن بعد، دفع مركز الشمال للتوحّد إلى كسر قرار الإقفال والعودة إلى الدوام للتواصل مع الأهل ومتابعة الأطفال عن قرب. بحسب مديرة المركز سابين سعد فقد علت صرخة الأهالي بعد مرور فترة على الاقفال. “لا شيء يعوض الطفل المصاب بالتوحّد عن اللقاء الشخصي ولأن الأهالي كانوا بحاجةٍ ماسة لنا اضطررنا للعودة ضمن فترة الإقفال”. الضغط الذي تسبب به كورونا والحجر المنزلي الذي فرضه، عدل في خطط الجمعيات المتخصصة. في اليوم العالمي للتوحد، 2 نيسان، أطلق المركز بالتعاون مع الاتحاد الوطني للإعاقة حملة تمتد على مدى شهر نيسان تحت شعار “blue smiley is sad” . تركز الحملة على كيفية إعادة الضحكة لـ blue smiley، والذي يرمز لونه إلى اضطراب طيف التوحّد، كما تشير الحملة إلى التحديات التي واجهت أطفال التوحّد وذويهم خلال فترة الحجر المنزلي. “المعلومات حول اضطراب طيف التوحّد ما زالت خاطئة، ولهؤلاء الأطفال ولكل من يعمل معهم الحق والأولوية في أخذ اللقاح فهم فئة أساسية في المجتمع.” تؤكد سعد.

- جمعيات التّوحّد في لبنان: التحدّيات في ازدياد

تقرير يارا سعد

جمعيات التّوحّد في لبنان: التحدّيات في ازدياد

كثيرة هي التّحدّيات الّتي تواجه جمعيات التّوحّد في لبنان، والظّروف في السّنتين الأخيرتين لم تأتِ إلّا لزيادتها. فالبقاء في البيت، بحسب رئيسة جمعيّة الأهل لدعم التّوحّد غادة مخّول، لم يبدأ مع كورونا، بل يرجع إلى احتجاجات 17 تشرين وما تلا هذا التّاريخ من قطع للطّرقات. ومن بعدها، انتشر فيروس كورونا في لبنان، ووضِعت الجمعيّات أمام تحدّيات جديدة، لعل واحدة من أبرزها «تفسير كورونا لأطفال التّوحّد، لأنّهم يحتاجون إلى شيء ملموس ليفهموا ما يحصل حولهم» كما تقول رئيسة الجمعيّة اللّبنانيّة للتّوحّد أروى الأمين حلاوي.
مقالات مرتبطة

في اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد: قصّة حسن وسارة على لسان أمّيْهما يارا سعد
حجر أطفال التوحّد: صعوبات وفرص فاطمة جوني

خلال الحجر المنزليّ، حرصت الجمعيّات على التّواصل مع الأهالي بالصّوت والصّورة، لتدريبهم ومدّهم بالمواد المصوّرة والمسموعة اللّازمة، ولمواكبة أطفالهم. ومن خلال العالم الافتراضيّ، وخصوصاً مواقع التّواصل الاجتماعيّ، استطاعت أن تصل الجمعيات إلى عدد أكبر من أهالي أطفال التّوحّد في لبنان. لكن في ما خصّ أهالي الأطفال المسجّلين، فقد واجهت بعض الجمعيات مشاكل مثل انقطاع الإنترنت الدّائم، وانشغال الأهل إمّا في أعمالهم أو عدم قدرتهم على ترك أطفالهم وحدهم للالتحاق باجتماعات الأونلاين. «كان تحدّياً بالنّسبة لنا، وفرصة في الوقت نفسه لتدريب الأهل، وقد حاولنا قدر الإمكان مواكبة الأطفال وعوائلهم، خصوصاً العوائل الّتي تضرّرت من الوضع الاقتصادي ومن كورونا، وحرصنا على تأمين الألواح الذّكيّة للأطفال» يقول مدير «مؤسسة الإمام الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل» إبراهيم الزّين، «أمّا بالنّسبة لمخطّط العودة، فأخذنا كلّ الاحتياطات اللّازمة، وعملنا على سلسلة من التّدريبات، مثل تدريب الأطفال على وضع الكمّامة لأنّهم في البداية كانوا ينزعجون منها، وحاولنا تعويدهم على شكل المعلّمة الجديد وهي ترتدي الكمّامة، وغيرها...».

عودة الأطفال إلى الجمعيّات بعد الإقفال، «كانت مصدرَ فرحٍ لهم، فعندما رجعوا كانوا سعيدين جدًّا» بحسب مخّول، «لكنّ البعض رفضوا إرسال أولادهم إلى الجمعيّات خوفاً من كورونا، وهو حقّهم، رغم أنّهم دائماً ما يقولون إنّ أولادهم ملّوا من البيت». توقّفت النّشاطات الّتي اعتاد عليها الأطفال، مثل نشاطات بعض الظّهر، ونشاطات اليوغا والرّياضة والموسيقى وغيرها، واقتصرت على الجلسات الفردية لكلّ طفل على حدة، وهذا ما سيتركُ أثراً على تقدّم الطّفل، خصوصاً أنّ الجمعيات لم تستطع أن تستقبل كلّ الأطفال معاً بعد، بل فضّلت تقسيم حضورهم على أيّام الأسبوع. وهو ما يزيد التّكاليف المرتفعة أساساً، ليس فقط على الجمعيّات بل على الأهالي الّذين فقدت رواتبهم جزءاً كبيراً من قيمتها. وتقول مخّول «نحنُ نحتاج إلى تمويل الدّولة، لأنّنا نريدُ أن نعطي بعد وأن نعمل أكثر».

وتشكو رئيسة الجمعيّة اللّبنانيّة للتّوحّد أروى الأمين حلاوي هجرة المتخصّصين أو تفكيرهم في الهجرة، خصوصاً الفترة الأخيرة، وتقول إنّ الوضع الاقتصاديّ ترك تأثيراً سلبيّاً على عمل الجمعيّات ونشاطاتها، والتّبرّعات الّتي تعتمدُ عليها الكثير من الجمعيّات انخفضت إلى النّصف تقريباً، بالإضافة إلى فقدان الموظّفين لقيمة رواتبهم. «لدينا عقد مع وزارة الصّحّة وعقد مع وزارة الشّؤون، لكن ما يعطونا إيّاه غير كافٍ، ووزارة الشّؤون تحاسبنا على أساس سعر التّكلفة في 2011 فيما نحن في 2021، كما أنّها تدفع لنا بعد انقضاء كلّ سنة».

غير أنّ التّحدّيات الّتي تواجهها الجمعيّات، والّتي يطمحُ العاملون في مجال التوحّد إلى وضع حدّ لها، لا ترتبط بالوضع الاقتصاديّ المتأزّم في لبنان والكورونا في العالم فحسب، بل تتعدّى ذلك إلى وضع الشّخص المصاب بالتوحّد في لبنان، فالنّوادي الرّياضيّة والأماكن الترفيهيّة والمدارس الخاصة بهذه الفئة، يكاد وجودها ينعدم. ليس هذا فحسب، بل إنّ «غالبيّة النّاس الّذين يفكّرون بالتّوحّد يذهب تفكيرهم إلى الأطفال وما يواجهون» تقول مخّول، «لكن ماذا عن الأشخاص المصابين بالتّوحّد الّذين تخطّوا سنّ الطّفولة وتجاوزوا العشرين من أعمارهم، ماذا عن توفير فرص كثيرة من بينها التّعليم والعمل وغيرها؟ ماذا بعد؟».

- في اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد: قصّة حسن وسارة على لسان أمّيْهما

يارا سعد

في اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد: قصّة حسن وسارة على لسان أمّيْهما

القصّة الأولى: حسن هشام حر

«حسن رسالة بالنّسبة لي» تلخّص علياء منعم قصّتها مع طفلها حسن هشام حرب البالغ سبع سنوات من العمر. «أفتخرُ عندما يُناديني أحدهم بأمّ حسن، أشعر بأنّ حسن جعلني أمّاً مميزة». استطاع طفلها صاحب العينين الزّرقاوَين أن يغيّرها إلى الأحسن، أن يجعلها تقدّر أقلّ التّفاصيل. قبل أيّام تفاجأتْ به يتلو الأحرف الإنجليزية (ABC)، تغيّر نهارها. حسن قادر بأيّ تصرف يبدر منه أن يجعل البيت يطير فرحاً. «سعدتُ كثيراً. أحياناً كنتُ، ومع محاولاتي الكثيرة، أفقد الأمل في أيّ تغيّر بحال حسن، لكنّه كان يفاجئني، مثلاً لم أكن أعرف أنّه يعرف الأحرف. في مثل هذه اللّحظات يزداد إيماني بأهمّية متابعة حسن الدّائمة. وكلّما شعرتُ بفتور الهمّة، أقول يجب أن أبذل قصار جهدي، لأنّه في الغد سيفاجئني، وسأندمُ إن لم أقم بذلك». تندفعُ علياء في حديثها «طفل التّوحد يحتاج إلى الفرصة والوقت، وأهمّ ما في الأمر أن يستمتع بالأشياء الّتي يقوم بها».

لا تخفي علياء تفاؤلها بالمستقبل، «أشعر أنّه سيتغيّر وسيتحسّن كثيراً». لكنّ الأمور لا تسير كلّها بهذه السّلاسة. احتاجت علياء إلى سنتين حتّى اكتشفت أنّ حسن مصاب بالتّوحد. لم تعرف ماذا عليها أن تفعل. حاولت أن تبحث عن أمّهات عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ، لتستفيد من خبراتهن، لكنّها لم تجد إلّا أمّاً واحدة، «هذه الأم لم تتفاعل معي، ولم تجبني عن أسئلتي». فتحت علياء حساباً في إنستاغرام باسم (Life of Autism Mom)، وتقول عن حسابها «أردتُ أن أكون الأم الّتي لم أجدها عندما أردتُ المساعدة»، وهي حاضرة دائماً للإجابة عن أيّ سؤال. وفي الحساب نرى بعض الأنشطة الّتي يقوم بها حسن، يرتّب أحرف اسمه، يسبح مع أبيه، يركب درّاجة هوائيّة، يسكب الماء في الأكواب، يلعب بالطّابة، وغيرها من النشاطات الّتي بحسب علياء، جعلت النّاس يصدّقون أنّ الطفل المتوحّد لديه قدرات، «فمن دون هذا الحساب، لم يكن كثيرون يصدّقون ما أحكيه لهم، لكن عندما شاهدوا الصّور والمقاطع تغيّرت نظرتهم لطفل التّوحد».

القصّة الثّانية: سارة شعشوع

«هاجسي الوحيد هو عندما تكمل ابنتي سارة صفوفها في مؤسّسة الهادي، أين ستذهب؟ هل ستبقى طوال اليوم في البيت؟»، تقول سوسن حدرج. سارة اليوم تبلغ من العمر 16 سنة، تحبّ أن تكون موجودة في مجموعة من الأصحاب، وتستهويها الألعاب والأغاني واللّوح الذّكي. «لديها ذاكرة قويّة، أطفال التوحّد يحفظون الأشياء التي يحبّونها». فسارة، بحسب أمّها، تحفظ الطّريق الموصل إلى أيّ مكان تحبّه مثل «بيروت مول»، وعندما تمرّ من هناك، ترفع يديها، وتبدأ بالتّصفيق. وتحبّ أيضاً المشي، وقضاء الوقت مع أخيها الأكبر وأبيها، «تربطها بأبيها وأخيها علاقة مميّزة، تسمع كلامهما ولا تعترض، عكس ما تفعل معي» تقول سوسن ضاحكةً. اكتشفت سوسن أنّ سارة مصابة بالتوحّد عندما كانت تبلغ سنتين، يومها قرّرت أن تترك عملها (معلّمة لغة فرنسيّة) لتتفرّغ للاهتمام بها، ووالد سارة كان يعمل مهندساً في الجزائر، فقرّر أيضاً أن يترك عمله، ويأتي بعائلته المكوّنة من أربعة أفراد إلى لبنان.

في لبنان، خضعت سارة لعدد من الدّورات التّدريبيّة، ومضى على دخولها مؤسّسة الهادي الّتي تحبّها كثيراً 12 سنة. «بدأت شيئاً فشيئاً بالتّحسّن. لا يمكنني أن أقول إنّه تحسّن كبير جدّاً، لكنّ التّحسّن كان موجوداً، كان هناك تقدّم دائم ولو بطيء، ولم يكن هناك أيّ تأخّر». ومع أنّ سارة لا تستطيع التّحدّث، لكنّها ذكيّة، «تعرفُ كيف تحصل على الأشياء الّتي تريدُها، فعندما أمنعها من شيء، تعرفُ كيف تتصرّف معي لأعطيها ما تريد»، وأمّها لا تستطيع أن ترفض أيّ شيء لسارة «أنا حنونة عليها، سارة نقطة ضعفي، لا أعرف، لكنّها طيّوبة جدّاً». وتضربُ سوسن مثلًا آخر عن ذكاء سارة، «إذا أرادت شيئاً من المطبخ، تأخذني بيدي، وتدلّني إليه، وإن كانت تريدني أن أشتري لها شوكولا معيّن، تحضر لي غلاف الشّوكولا وتعطيني إيّاه، أو تأخذ بيدي إلى الدّكان الّذي اشتريت منه لوح الشّوكولا». تعرفُ أمّ سارة أنّ المسؤوليّة الملقاة على عاتقها ليست سهلة، لكنّها تجد في أيّ شيء فرصة إيجابيّة، كالحجر المنزليّ مثلاً، فخلال هذا الوقت «لقيت مفتاح سارة»، تقرّبتْ من ابنتها، وصار بإمكانها أن تفهمها أكثر. «أولاد التوحّد يحتاجون إلى الصّبر والمثابرة، هذا هو العنوان الكبير» تختمُ سوسن قصّتها.

- الاخبار



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2184585

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ملفات  متابعة نشاط الموقع قضايا اجتماعية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2184585 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40