الأحد 14 حزيران (يونيو) 2020

محمود درويش في اروقة “المثقفين”: من افشاء سر “أبوّته” الى تحليل شخصيته “التراجيدية”

نادية عصام حرحش
الأحد 14 حزيران (يونيو) 2020

حياة المثقفين الجدد عبارة عن فرصة دائمة للتفتيش عن شهرة على حساب مثقف نجم … رحل الكلام ينطبق على من يحللون ويرمون الحكايات بين حق وباطل. كذب وصدق … لا أحد يعلم لأن النجم المعلِّقون أحلام لمَعانِهم عليه لم يعد موجود.
كلهم بالمتفقين والمختلفين سواسية، يقتنصون أي فرصة للايقاع ببعضهم الاخر. الكل يقتنص فرصة للايقاع بخصمه. والخصومة شاسعة تملؤها الغيرة والحسد.
بكل الاحوال هذه قصص لن يعترف بها صاحب الشأن في حياته لأنها قصص تمثل تابوهات وفضائح.. من يخرج بالعلن ليعترف بأخطائه التي ارتكبها او التي هو عليها بمجتمع لا يرحم؟
اليوم فجّر كاتب عراقي- مقيم بألمانيا- يدعى نجم والي موضوع المقال الخاص بسليم بركات عن محمود درويش بعنوان جديد، ربما أراد به ان يكون قنبلة كذلك.
وهو لا يختلف كثيرا عن زميله الذي استخدم صورة له مع درويش وهو في لباس داخليـ فانيلا- ( بكل جدية اسأل، من يضع هكذا صورة لتكون واجهة مقال ادبيّ. سألت نفسي لوهلة قبل ان اعرف ان سليم بركات علاقته كانت وطيدة بدرويش، أي انه كان لديه الكثير من الصور معه التي لا بد ان تكون اكثر لائقة للنشر من هذه). اما الكاتب العراقي ليثبت لنا احقيته بالكلام والخوض بالتفاصيل والتحليل، فأرفق صورة له فيها درويش وادونيس.
من ناحية، يمكن التفكير ان الكاتب العراقي اجاب ربما عن لغز ما بذلك المقال، المتمثل بضبابية اللغة وتعمد استخدام مصطلحات صعبة، ومفردات كان على القارئ التمعن بها لفهمها، مما اثار الريبة والانتقاد لكثير من القراء. كان يمكن كما وصف الكاتب العراقي ان سليم بركات يلف ويدور بالكلام ويتمنى البوح في امر غير القنبلة التي رماها على القراء بشأن اعتراف محمود درويش بأبوته..
اتفق مع الكاتب العراقي ان سليم بركات بمقاله ما يمكن وصفه بالغيرة ومبدأ من الحب ما قتل او بالأحرى ما فضح. فهو بالفعل كان يحوم حول امر ما وفلت منه بتركيز على امرين: أهمية سليم بركات بالنسبة لمحمود درويش وتخصيصه بقصيدة. وابوة محمود درويش التي لم يردها.
عليّ الاعتراف انه من الصعب ان اقرا كلام الكاتب العراقي- والي نجم- بحيادية، بعدما تم نشره على نطاق واسع تطبيعه العلني مع الاحتلال الاسرائيلي بمشاركته بإحدى سنوات جائزة الكتاب التي يقيمها الاحتلال بالقدس ويمنح بها جوائز لشخصيات عالمية. نتالي بورتمان الإسرائيلية اليهودية الامريكية مثلا رفضت اخذ هذه الجائزة لأنها ضد سياسة نتانياهو.. القصد من خلط الجائزة بالموضوع المتصل بالكاتب العراقي ان كل ما يتعلق بالقدوم الى إسرائيل هو سياسي ولا يوجد به خلط للألوان… لون اسود حالك.
مما يجعل مقال الكاتب العراقي مثير للشكوك من حيث نيته.
ولكن بالعودة الى المقال، الذي لا يمكن الثقة بكاتبه بسبب حبه لدولة احتلال وتغنيه بها …. وهنا لا يمكنني الا احكم عليه مرة اخرى لان هذا الامر يعمل غصة حقيقية بالقلب.
ما طرحه بالمقال من تحليل عن مثلية ربما لدرويش، لا تعيب درويش … الهوية الجنسية الخاصة بدرويش كانت شأنه وليست شأننا، ولا اعرف لم علينا نقاشها كأنها تهمة…
قد يكون وجود ابنة لدرويش بالسياق الذي كتب عنه زميله سليم بركات قد اثار الراي العام لما يلحقه من نتيجة، ربما تمنى الكثيرون لو تكون حقيقة، من فرط الحب بالشاعر الراحل. بالإضافة كذلك للصدمة…
إذا ما كان لدرويش ابنة فهذا ممكن ومحزن، ولكن هذه قصة تعيد تكرار نفسها بالتاريخ وكل يوم وتدخل تحت مسميات البيوت اسرار.
يضايقنا الامر لأنه يتعلق بأخلاقيات وسلوك … فبالمحصلة… من منا بلا خطيئة؟
ولكن الخوض في مسألة هوية درويش الجنسية فهو امر اخر، بكل الاحوال لا يعيبه ان كان مثليا.. وهذه ليست تهمة… ولكن كان حقه بحياته ان يخفيها وكما هو حقه بمماته… لأنه هذا شأنه لا شأننا…
وقد يورط هذا المًوضوع سليم بركات الذي تكلم بمقاله المثار عن علاقة غريبة حاول الكاتب العراقي توريطه يبوح أكبر يمكن…
موضوع المثلية في مجتمع شوفيني يسمح ويمرر لرجل كل العيوب الا ان يكون مثليا. فيستطيع الرجل الشرقي ان يعلن علاقاته ويستعرض بدنجوانيته. يستطيع ان يقتل ويغتصب ويضرب، هناك منظومة كاملة ستبرر له. ….
نحن شعوب نعيش في رهاب هذا المًوضوع افهمه لأنه يذكرني برهابي من الفئران!!!! لا يمكن التحكم بما نشعره… نستطيع ان نتنكر له ونستمر في رفضه ولكنه شئنا ام ابينا موجود، ولا يعيب صاحبه. مهما اعجبنا ام لم يعجبنا. اتفقنا ام اختلفنا..
محمود درويش يبقى علامة فارقة في تاريخ الشعر العربي، سيبقى ملهما في شعره لأجيال كثيرة قادمة … ما يهم فيه شعره الاستثنائي لا ما كان عليه سلوكه الخاص…. وسنقبل هذا مهما كانت حقيقة حياته الخاصة … لأنه مهما استغربنا او صدمنا … ما كان عليه هو ما الهم ابداعه الذي نتغنى به.
الامر الاخير هنا هو رياء ونفاق المجتمع وازدواجية المعايير، التي لا مشكلة عند اصحابها ان يكون الانسان زير نساء مرتكب للخطايا الجسيمة، ونحميه لأنه أيقونة لا يمكن لها ان تخطيء… فاذا ما كان زير نساء فلا ضير من ذلك، هو رجل ولا يعيبه امر، ولكن إذا ما كان لهذا الفعل نتيجة فهناك اخر مسؤول عن هذا مغرض حسود كاره … وإذا ما كان لا قدر الله مثليا فهذه تهمة نكراء يراد منها النيل منه.
عفوا ايها السادة المدافعين عن شرف ورجولة محمود درويش… لو كان محمود درويش ما ذكر عنه هل سيغير هذا من شان قيمته في نفوسكم؟
وجوابي لنفسي، انا التي لم اتيم ابدا بمحمود درويش الشاعر، ولكن أقدر بلا شك قيمة شعره الكبيرة والعظيمة والمهمة، انه لا يعنيني ان كان له ابناء ولا يعنيني ان كان مثليا.
افتخر به لأنه قدم لفلسطين بقاء مشرفا سيبقى محفور بالتاريخ … وما ألهمه ليكون ما كان عليه هو جزء لا يتجزأ من حقيقته… حقيقته هو التي لا يعنينا منها الا عذوبة واسطورية شعره القيم.
كأثر الفراشة لا يزول….هو جاذبية غامض…يستدرج المعنى، ويرحل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 172 / 2184595

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع مواد  متابعة نشاط الموقع مقالات ومحطات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184595 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40