السبت 29 شباط (فبراير) 2020

فيلم : 6 ايام لــاقتحام السفارة الايرانية في لندن

السبت 29 شباط (فبراير) 2020

- علي المسعود

فيلم ستة ايام (6 ايام) ، الذي اأطلق للعرض في شهر اغسطس من عام 2017 ، يعيد الى الذاكرة حادثة أقتحام ستة مسلحين من الجبهة العربية لتحرير الأحواز لمبني السفارة الإيرانية في لندن في ساوث كنسنغتون واحتجزوا 26 رهينة ، وكان ذالك في تاريخ 30 أبريل إلى 5 مايو عام 1980م وقد هددوا بقتلهم إن لم تسلم بريطانيا 91 سجينًا سياسيا من عرب أحوازيين في السجون الإيرانية ، كما طلبوا من سفراء الدول العربية التوسط مع إيران ومن أجل السيادة الوطنية العربية في منطقة (خوزستان) الجنوبية الإيرانية، وقد اتضح أن المقتحمون كانوا ينتمون إلي إقليم خوزستان في إيران ومركزه الاحواز، وقيل إنهم كانوا ينتمون إلى تنظيم سياسي في ألاحواز ، وتم تجنيدهم وتدريبهم من جانب النظام العراقي السابق للقيام بالهجوم.
وتمكن هؤلاء الستة في دخول لندن بجوازات سفر عراقية. واستخدموا في الهجوم الأسلحة الأتوماتيكية والقنابل اليدوية، واحتجزوا ( 26 ) رهينة ، 17 شخص من أعضاء السفارة و 8 من المراجعين وشرطي السفارة. كما كان من بين الرهائن اثنان من موظفي هيئة الإذاعة البريطانية وصحفيان كانا متواجدان عند اقتحام السفارة ، هددوا المسلحون بإعدام الرهائن اذا لم يتم إجابة مطالبهم .
وقد أعلن المسلحون مطالبهم عبر قناة بي بي سي : ” نحن نطالب بالإفراج عن 91 سجينًا سياسيا من عرب أحوازيين في سجون إيران. وان الحكومة الإيرانية لديها 24 ساعة من الوقت لإطلاق سراح هؤلاء الأشخاص وإحضارهم بطائرة إلى لندن. وعند وصول هذه الطائرة إلى لندن، سنطير مع الرهائن إلى عاصمة عربية في الشرق الأوسط ، ومن هناك سيتم إطلاق سراح الرهائن ” ، كما طالبوا بالحصول على حكم ذاتي لإقليم خوزستان ، وكذالك اعتراف رسمي إيراني باستقلال الإقليم . كما طلب المسلحون حضوراحد دبلوماسي الدول العراق أو الجزائر أو الأردن او من الجامعة العربية في المفاوضات . لكن حتى نهاية الحصار لم يوافق أي من دبلوماسيين هذه الدول القيام بذلك .
وأعلنت الحكومة الإيرانية على الفور أنها لن تتفاوض مع المسلحین. ومن ناحية أخرى، أعلنت حكومة المملكة المتحدة أنها لن تُسمح لهم بمغادرة الأراضي البريطانية. وبعد مضي ستة أيام من احتلال السفارة نجحت الجهود الدبلوماسية في الإفراج عن 5 من المختطفين على مدى هذه الأيام . لكن أثر قيام المسلحين بقتل أحد الرهائن في الخامس من مايو/أيار امرت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر القوات الخاصة ، باقتحام السفارة ، فهاجمت قوة مكونة من 30-35 جندى قوات خاصة المبنى، وتمكنت في 14 دقيقة من إنقاذ 19 شخصاً ، فيما لقي خمسة من المهاجمين إضافة إلي أحد الرهائن مصرعهم، لكن قتل المقتحمون أحد الرهائن وأصيب بجروح خطيرة اثنين آخرون خلال عميلة الاقتحام ، في حين قتلت القوات الخاصة كل المسلحين ماعدا كل المسلحين ماعدا واحد منهم الذي استسلم . وكان فوزي بدوي نجاد هو المسلح الوحيد الذي نجا من العملية ، حين تعرف احد ضباط القوات الخاصة على هويته جره بعيدا ، يُزعم أنه كان ينوي إعادته إلى المبنى وإطلاق النار عليه ، وبحسب ما ورد أنه توقف عندما أُشير إليه أن العملية تذاع على التلفاز ، في عام 1981 اعترف فوزي بدوي نجاد الناجي الوحيد من المقتحمين في المحكمة امام القاضي بأنه قد خدع في بغداد وهو الآن آسف لما فعله. وقال إن ضابطًا في حزب البعث العراقي يدعى سامي محمد علي كان قائما على توجيه العملية في بغداد وتنظيم المجموعة في لندن . اصدرت المحكمة البريطانية حكماً بالسجن المؤبد بحقه بعد أن ادانته بتهم القتل وامتلاك أسلحة نارية ، وفي نوفمبر 2008 تم إطلاق سراحه لكن لم يتم تسليمه إلى إيران. وقد سمحت الحكومة له بالإقامة في المملكة المتحدة على نفقة الدولة.
عندما اقتحمت القوات البريطانية السفارة الإيرانية وبثت شبكات التليفزيون الهجوم ، باتت القوات الأمنية البريطانية واحدة من أشهر القوات الخاصة في العالم بين عشية وضحاها، بسبب أدائهم البطولي في إنقاذ الرهائن . واليوم وبعد مرور ثلاثين عاما علي هذه العملية وإنقاذ رهائن السفارة الإيرانية في لندن، ولايزال التكتيك والاسلوب الذي اتبعته القوات البريطانية في تنفيذ الهجوم بمثابة المصدر الاول لتعلم مهام الهجوم ومواجهة الإرهاب الدولي حتي اليوم ، وكانت مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية في ذلك الحين تتابع الموقف لحظة بلحظة ونجحت في التعامل مع الأزمة.
وأصدرت أوامرها بألا يسدل الستار عن تفاصيل الحادث، فكانت تسيطر عليها رغبة شديدة في أن تكشف للعالم أن بريطانيا تقف بالمرصاد للإرهابيين. فما حدث كان بمثابة مخاطرة كبري فمستقبل الحكومة البريطانية برئاسة تاتشر كان يعتمد علي التدريب والإدارة والشجاعة لقوات الأمن البريطانية . كما أماط الفيلم اللثام عن هوية المسلحين الستة الذين نفذوا الهجوم . واتضح أنهم ينتمون إلي إقليم خوزستان الإيراني علي الحدود مع العراق ، وقيل إنهم عناصر من الجبهة العربية لتحرير الأحواز ، كان قد تم تجنيدهم وتدريبهم من جانب النظام العراقي السابق للقيام بالهجوم وإطلاق سراح 91 سجينًا سياسيا والحصول علي الحكم الذاتي للإقليم ، واعتراف رسمي إيراني باستقلال الإقليم حيث إنهم ذاقوا ألوانًا من العذاب علي يد قوات الحرس الثوري الإيراني .
واستخدم المسلحون الذين كانوا علي أتم استعداد للموت ، الأسلحة الأتوماتيكية والقنابل اليدوية في الهجوم ، ونجح المسلحون الستة في دخول لندن بجوازات سفر عراقية . وإزاء إصرار إيران علي موقفها الرافض للإفراج عن المعتقلين السياسيين، شرع المسلحين في التفاوض، مطالبين بحافلة تقلهم إلي مطار هيثرو ومن ثم تكون في انتظارهم طائرة وعلي متنها الكثير من النساء والسفراء العرب تنقلهم إلي إحدي الدول العربية لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لهم بمغادرة الأراضي البريطانية أحياء، الفيلم اعتمد على كتاب بعنوان(القصة وراء حصار السفارة الإيرانية” والذي شارك في تاليفة كل من “رستي فيرمن “و “ويل بيرسون” والفيلم إنتاج مشترك بريطاني – نيوزلندي ومن إخراج المخرج ” توا فريزر” ومن بطولة جيمي بيل، وموارك سترونج، وآبي كورنيش، ومارتن شاو .
لابد من الاشادة بالاداءالتمثيلي المتميز لكل من جيمي بيل ومارك سترونج، وكلاهما استطاعا أن يقدما دورهما بشكل متميز ومتطابق مع الشخصية ، أما بخصوص سيناريو الفيلم والحوار و الاخراج ، يمكن القول سيناريو الفيلم كان مملاً بعض الشيء خاصة في الجزء الأول من الأحداث ، لكن بعد تعقيد الاحداث وتطورها وحين تبدأ في التسارع بسرعة شديدة بشكل تجعل المشاهد مشدودا في تلاحق الاحداث خلال الايام الستة . تتكشف الأيام الستة من وجهات نظر ثلاثة أفراد على الأرض : ماكس فيرنون (مارك سترونج) ، المفاوض مع المسلجين و الذي يعمل جاهدا من اجل الخسائر و انقاذ حياة الرهائن داخل السفارة ، والثانية كيت آدي (آبي كورنيش) ، وهي مراسلة ألاخبار في قناة ال ( بي بي سي ) ، والطرف الثالث روستي فيرمين (جيمي بيل) ، قائد وحدة الخدمات الجوية الخاصة والتي تنتظر خارج السفارة الضوء الأخضر لبدء هجومها. يكشف لنا فيلم (6 أيام)- تفاصيل حادث إقتحام السفارة الايرانية ، على الرغم من أن الفيلم ينتقد حقًا الأساليب العنيفة للجماعة المسلحة و يصنفها بالارهابية ، إلا أنه لا يقدم أي خلفية تاريخية أو جيوسياسية قد تساعد في تفسير اليأس الذي أدى إلى تصرفاتهم او الكشف عن حقيقة الممارسات الانسانية التي يمارسها النظام الايراني في طمس هويتهم العربية، إن فشل المخرج “فريزر” في تحديد سياق هذه الإجراءات بشكل صحيح يؤدي فقط إلى تضخيم ميل صناع فيلم “6 أيام” في التغاضي ايضاً وبهدوء عن أساليب “تاتشر” دون دراسة الفلسفة والمنهجية وراء قراراتها المتشددة . فيلم ستة أيام هو إعادة وسرد منهجية ومختصة للأحداث ، تتبعها إهتمام الرأي العام والصحافة مع تطور كل يوم ، ووفقًا لردود أفعال كل من الشرطة (المتروبوليتان) وال(بي بي سي ) وقوات ( ساس) ، والفيلم يعكس بدقة التدريب والتخطيط والإعداد للمهمة التي أطلق عملية نمرود ، وكذلك مدى استجابة القوات الخاصة. يلخص فيلم (6 أيام) أيضاً في العلاقة المعقدة بين إيران والغرب التي ظلت في مواجهة متوترة بعد سقوط الشاه وإستبداله بالجمهورية الاسلامية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2184609

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع فنون مسرح وسينما   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2184609 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40