السبت 29 حزيران (يونيو) 2019

“أمل” لـــجمال سلقان

السبت 29 حزيران (يونيو) 2019

الاصدقاء الأعزاء
السادة والسيدات رجال وسيدات الإعلام المحترمين، أفرادا وتجمعات
السادة والسيدات رجال وسيدات الأعمال المحترمين، أفرادا ومؤسسات
السادة والسيدات الاقتصاديين بمختلف تخصصاتهم واهتماماتهم،
الإخوة والأخوات المهتمين بالشأن العام، أفرادا ومؤسسات ومنظمات،

تحية واحتراما،

لا تخفى عليكم حقيقة الأزمة المركبة التي يمر بها الشعب العربي الفلسطيني في ميادين السياسة والاقتصاد والدبلوماسية، أزمة تهدد الوجود الفلسطيني، وتهدد بالاطاحة باحلامه وحقوقه وحضوره وحضور قضيته استراتيجيا فيما لو استمرت الحركة الفلسطينية بالمراوحة في نفس المكان على النحو الذي نشهده حاليا. وحتى لا يقال في يوم من الأيام “ماذا قدمتم من بديل؟” أو “أين كان صوتكم”، نرجو التذكير اننا قدمنا في هذا السياق رؤية استراتيجية لمعالجة المخاطر الإستراتيجية التي تحيط بالنظام السياسي الفلسطيني وكيفية مقاربة قضيتنا في محافل العالم السياسية والقانونية والاقتصادية، وقد تم نشر ذلك على الملأ منذ شهر آب في العام 2018 المنصرم (نعيد التذكير به بارفاق رابط النشر)، وقد تم استكمال هذه الرؤية في الميدان الاقتصادي وتم وضع حلول مالية حقيقية وواقعية مستندة للعلم لتجاوز خطر بقاء الاقتصاد الفلسطيني تحت رحمة قرار المقاصة لسلطة الاحتلال، تم وضع هذا الحل امام الحكومة السابقة ولم نشهد اي تجاوب معه، وقد تم إحاطة الحكومة الحالية علما بهذه الرؤية، وللأسف دون أي اكتراث أو حتى دون إجراء أي اتصال يعبر عن الاهتمام بالاستماع للتفاصيل، هذا برغم تفاقم الأزمة المالية ووصولها لحد الاقتراب من العجز التام!
وكما فعلنا سابقا بنشر الرؤية الإستراتيجية للتعامل مع/ ومعالجة المخاطر السياسية والقانونية والاستراتيجية، سنقوم الآن بعملية نشر واسع النطاق للطريقة التي نقترحها لحل أزمة الرواتب وشح السيولة والعجز الماليين اللواتي تعاني منها فلسطين في ظل ارتباط السلطة باتفاقية باريس المجحفة، كنا قد تحدثنا منذ شهرين عن فكرة “أمل” وهي عبارة عن ورقة مالية تحمل صفة الوعد بالوفاء بالدين، نسعى من خلال تقديمها تجنيب الاقتصاد الوطني من المعاناة من شح السيولة والانكماش وتراجع الأداء، ووعدناكم بنشر التفاصيل بعد استكمال بعض الخطوات الضرورية الهادفة لوضع الفكرة امام اصحاب القرار، وقد تم ذلك، حيث تم تقديم الفكرة امام المنتدى الاقتصادي الداخلي لمعهد ماس بتاريخ 21/4/2018 ، كما وتم إحاطة العديد من رجال السياسة والاقتصاد بالفكرة، واظن قد حان موعد خروجها إلى الفضاء الإعلامي، شاكرا كل من يعمل على نشرها ووضعها امام الرأي العام المحلي مع مراعاة حقوق النشر بالإشارة للمصدر والمؤلف، مبديا بذات الوقت الاستعداد للرد على اي استفسار على الخاص او العام لجعل ذلك ممكنا.

أضع الملخص التنفيذي للفكرة هنا بنفس النسخة التي تم إيداعها لدى معهد ماس.

- ملخص تنفيذي لورقة عمل -

إصدار أوراق مالية (أنا مدين لك: أمل) تحمل صفة السند الإذني (التعهد بالدفع) كبديل نقدي لحل مشكلتي نقص السيولة النقدية وعجز التمويل
مقدمة الى معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية - ماس بتاريخ 4/4/2019
المؤلف: د. جمال السلقان

1)تمهيد تأصيلي للفكرة
2) كيفية عمل أمل
3) مدى ملائمتها للواقع الفلسطيني
4) أهمية الفكرة

تمهيد:

عندما لا تملك المال الكافي للدفع مقابل شراء سلعة أو خدمة ما في لحظة ما، وعندما تكون بحاجة لهذه السلعة او الخدمة، فإن ما تقوم به هو إصدار وعد بالدفع للبائع. انت في هذه الحالة تكون قد تعهدت بدفع الدين في فترة تكون فيها امتلكت المال الكافي. هذا تدبير عادي ومألوف، ويمكن للأفراد والشركات والحكومات اللجوء إليه في حالات نقص السيولة والعجز.
الأوراق المالية المعروفة ب (IOUs) والتي تعني حرفياً (أنا مدين لك) جاءت للإيفاء بهذه المهمة، وهي مهمة الاعتراف بالدين (قيمته، والعملة المستخدمة لسداده وطرفي الدين: الدائن والمدين)، وحتى يكون التعهد بالدفع رسمياً وموثقاً فإنه سيكون على شكل ورقة مالية توثق هذا الاعتراف وعلى نحو لا يقبل التزوير. وهي تختلف من حيث بعض الصفات عن السند الإذني (Promissory Note) في أنها غير قابلة للتفاوض كونها لا تحمل موعداً معينا بالدفع مما يجعل قبولها غالبا ما يتم مع خصم على قيمتها الأصلية. هذا في حين أن السند الإذني يلاقي قبولاً أكبر كوسيلة لتسوية المدفوعات المؤجلة بسبب إلزاميته.

كيفية عمل "أمل:

تعمل الورقة المالية “أمل” بشكل يجمع ما بين ورقة IOU وبين ما هو معروف بالسند الإذني Promissory Note في آن واحد، فهي ورقة مالية تستعمل لتسوية الدين والدفع المؤجل بحيث يتم تحديد قيمة الدين، والعملة سقف الدين، وهوية الدائن والمدين، هذا بالإضافة لنص قانوني يعزز من ثقة الدائن في قدرته على تحصيل الدين بدون انتقاص وذلك غب الطلب. بالعادة، عندما يتحلى المدين بسمعة جيدة من حيث الإيفائية Solvency والثقة Creditworthiness ، فإن من المألوف أن يستعمل الدائن ورقة التعهد بالدفع لتسوية مدفوعات أخرى لدى دائنين آخرين الذين سيقبلونها لهذا الغرض وسيستعملونها في معاملاتهم المالية الأخرى، مما يجعل هذه الأوراق أوراقاً سائلة تؤدي بعضاً من وظائف النقود.

الواقع الفلسطيني:

تشير مؤشرات المالية العامة في فلسطين الى اعتماد المالية الفلسطينية لحد كبير على تحويلات المقاصة الاسرائيلية، وهذا يجعل قدرة مالية السلطة على الإيفاء بإلتزاماتها محدودة ورهنا للإبتزاز الاسرائيلي، وبالطبع، يعتبر هذا من أكبر المخاطر الاستراتيجية التي ينبغي أن تجد السلطة لها حلاً بطريقة خلاقة، لأن وقف انسياب أموال المقاصة بشكل سلس يهدد قدرة السلطة على الإيفاء بدفع رواتب الموظفين وكذلك الوفاء ببقية الالتزامات المالية عليها للموردين ولكافة المستفيدين من بند النفقات الحكومية، وهذا أمر لا يمكن للإقتصاد الفلسطيني احتماله.
في نفس الوقت، يمكن للمالية الفلسطينية ان تفي بما يقارب/ أو يزيد عن نصف هذه الالتزامات بمعزل عن تحويلات المقاصة؛ وفي المعدل فإن الايرادات المحلية المتكونة من تحصيلات ضرائب الدخل والقيمة المضافة وغيرها قادرة على سد ما يزيد عن نصف هذه الالتزامات. يبقى السؤال: لماذا يترتب على الاقتصاد الفلسطيني ان يعيش حالة انكماش وتراجع في كل مرة تنشأ فيها أزمة المقاصة مع المحتل الاسرائيلي؟ هذا علماً أننا على يقين أن أموال المقاصة ستعود للخزينة الفلسطينية بعد انقضاء الأزمة، وطالما أن هناك اعتراف اسرائيلي بهذه الأموال.
ما الذي يمكننا عمله: يمكن للخزينة الفلسطينية أن تستمر في دفع نصف الراتب نقدا كما تفعل الآن، وبنفس الوقت تقوم بإصدار أوراق مالية تحمل إسم “أمل” لتغطية النصف الاخر من الراتب، اي بنفس قيمة الدين القائم والمستحق على الخزينة الاسرائيلية، بحيث تقوم الخزينة بصرف كامل راتب الموظف العام ( نصفه نقدا بالشيكل كما تفعل الآن ونصفه إلكترونيا بوحدات “امل”)ويتم تداول هذه الاوراق بالسوق الفلسطينية وقبولها لأغراض التبادل التجاري، وستقوم الحكومة الفلسطينية بالإعلان عن قبولها لأوراق “أمل” في حال قرر دافعي الضرائب استخدامها لتسوية المستحقات عليهم.
في البداية، أي قبل أن تتمكن الحكومة الفلسطينية من طباعة هذه الأوراق وتأمينها على النحو المطلوب، يمكن اعتماد حساب رقمي لدى البنوك الفلسطينية لهذا الغرض، وبناء على ذلك تقوم البنوك بإصدار كروت ممغنطة لكل زبون ويتم ترصيد وحدات “أمل” في حسابه/ا ، وبهذا يمكن لكل موظف استعمال هذا الكرت لدفع مشترياته بشكل الكتروني وبنفس آلية عمل الكروت الممغنطة بحيث يتم خصم قيمة المشتريات من رصيد المشتري وترصيد هذه القيمة لصالح البائع.

سيكون من المفهوم أن تعزيز الثقة بهذه الأوراق يتم من خلال :

أولا: قبولها من قبل الحكومة كوسيلة لدفع الضرائب

ثانيا: أن كمية وحدات “أمل” ستكون دائما مساوية بالقيمة لدين المقاصة ولا تزيد عنه مما يولد الانطباع بوجود التغطية النقدية الكاملة لها، وهذا بدوره سيعزز قبول قيمتها بنفس القيمة المصدرة ويمنع تداولها بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية.

والحالة هذه، سيبقى المستفيدون من الرواتب والنفقات الحكومية يتقاضون جزءاً من رواتبهم ومستحقاتهم بالشيكل الاسرائيلي، وهنا تقوم أوراق أمل بسد الفارق لتجنب إشكاليات نقص السيولة وتجنب آثارها الإنكماشية الكبيرة على الاقتصاد الفلسطيني وتحافظ على نفس مستوى السيولة المطلوب للإقتصاد ليعمل بلا تشويش وكالمعتاد.

أهمية الفكرة:

ليس فقط لأغراض ضخ السيولة، وإنما تخدم كوسيلة لبديل نقدي على المديين المتوسط والبعيد، حيث يمكن الاستمرار بإصدار أوراق “أمل” حتى بعد استعادة أموال المقاصة، وهنا يمكن استعمال هذه الأوراق لعمل إحلال نقدي مقابل الشيكل الاسرائيلي ، وهذا سيحقق لخزينة السلطة الفلسطينية دخلا كبيراً لطالما حرمت منه جراء استعمال الشيكل كعملة رسمية في السوق الفلسطيني على شكل ما يعرف بالسينيوريج.

في حالة وقوع السيناريو الأسوأ، أي في حالة استمرار حجز مستحقات المقاصة، فسيكون من المفيد التفكير بإكساب أوراق “أمل” خاصية التحويل لعملة أجنبية (بمعنى قابليتها الاستبدال بأوراق نقد اجنبية)، وذلك من خلال السعي لتأمين غطاء من إحدى الجهات الدولية أو العربية (أو كلاهما) بحيث تتعهد الجهة الضامنة بضمان قابلية “أمل” للتحويل لعملة أجنبية غب الطلب. وهذا بحد ذاته سيكون فرصة وتحدياً كبيرين.

خلاصة:

يمكن للأوراق المالية “أمل” أن تسد العجز لدى خزينة السلطة جراء حبس أموال المقاصة، ويمكن أن تتسبب في در دخل إضافي لها إذا ما أُحسن استخدامها. كما أنها فكرة قابلة للتطبيق ولا يمكن اعتبارها “عملة قام الطرف الفلسطيني بإصدارها من طرف واحد بمخالفة الاتفاقات الاقتصادية المعقودة مع دولة الاحتلال” ، لأنها ستحمل صفة أوراق تعهد بدفع الدين. ان استعمال اوراق “امل” هو حل عملي ليس لفلسطين فحسب، بل لجميع البلدان والسلطات الاي تعاني أزمات سيولة وعجز ماليين، وهو خطوة أولى على طريق إعادة فائض الشيكل الإسرائيلي للخزينة الإسرائيلية التي ترفض استعادته بعد أن قامت بتزويد السوق الفلسطيني به مقابل عملات صعبة من الفلسطينيين، مما يجبر هذه الخزينة على “اطفاء” مليارات الشواكل بطريقة تفوت عليها الاستمرار بجني المنافع الناجمة عن إجبار السوق الفلسطيني على طلب الشيكل الإسرائيلي كعملة “يشتريها” الفلسطينيون بالعملات الصعبة التي تستقر في بنك إسرائيل المركزي دون أن يكلفها شيئا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5633 / 2184235

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع تواصل   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2184235 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40