لمعركة على طاولة التفاوض يحضر فيها الخصمان: السيف والدم. وهذا أيضا وارد بقوة في حالة العدوان على قطاع غزة وفي المفاوضات في القاهرة. ومعروف طبيا ـ مثلا ـ أن زيادة جرعة مميع الدم يمكن أن تؤدي إلى انفجار وريد أو شريان أو حتى شعيرات دموية .. بدل أن يكون المميع وسيلة منع التخثر أو التجلط. وما ينطبق على الحال الفردية لمريض ينطبق على (مفاوضات) كانت تجري والسيوف مشهورة وليست في أغمادها.
التمييع عادة وسيلة لامتصاص قدرة الخصم التفاوضية التي تتحكم في السيف نفسه. وهذا يعني محاولة إيصال الطرف المعني إلى اليأس أو حافته بغية الحصول منه على الطاولة على ما لم يحصل عليه العدو في الميدان. القلم والسيف هنا يتحاوران. والفلسطيني يتعرض إلى ضغوط من جهات عدة: العدو المباشر .. والعدو غير المباشر، إضافة إلى ضغط شديد نتيجة الاستنزاف الذي حصل في أثناء العدوان، وهو من استهداف البشر والبنى التحتية ووسائل البقاء على قيد الحياة. والتهديد بمزيد من الدمار والقتل في أية لحظة.
والطرف المشارك إشرافا على المفاوضات يميل إلى كفة ما قدمه هو من اقتراحات لحل (مؤقت) للحالة وهو مسنود من قوة فلسطينية سلطوية هي ذاتها محكومة بنواظم واشتراطات (أوسلو). وللحقيقة والتاريخ فإن الفلسطينيين انتفضوا في العام 2000 ضد أوسلو وناتجها. وأثبتوا أن موقفهم كان سليما من استمرار المفاوضات التي لم يحصل الفلسطيني منها وبعد عشرين سنة على أي شيء. كانت فعلا مفاوضات عبثية. وأهم شروط الوحدة الحقيقية هو إنهاء الناتج السيء لأوسلو وأعني التنسيق الأمني.
أعلن عن الاتفاق وأعلن التمديد. وتمديد آخر وآخر والذريعة إنسانية. العدو يريد استنزاف الصمود والتمسك الفلسطيني بالمواقف. وأعلن الكثير من المواعيد المؤجلة لشهر أو أكثر من المطالب الفلسطينية المحقة التي توجت بالدم: آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى والمعوقين والمشردين من بيوتهم المتهدمة والمدمرة. إلى جانب الجوع والظمأ وفقدان أبسط مقومات الحياة الطبيعية.
أبسط ما يمكن الحصول عليه هو ـ بعد الاحتفاظ بالبندقية ـ إنهاء الحصار والمعاناة. وهذا مفروض على الطرفين (الاحتلال ومصر). وإذا كان الشرط عودة الشرعية فأهلا بها وعليها التخفف من أعباء أوسلو والتمسك بالوحدة الفلسطينية الوطنية وألا تتخلى أبدا عن المقاومة بكل أنواعها وتجلياتها من البندقية إلى الإضراب والمظاهرة ومطاردة الجناة دوليا.
وأهم ما ينبغي الالتفات إليه هو رفض تمييع المواقف وعدم الموافقة على الحلول التي تسرق حالة الانتصار الفلسطيني .. العدو يراهن دائما على الزمن لتفكيك الموقف الفلسطيني وإضعافه، وكذا لتفكيك وإنهاء جدوى أي موقف عربي سليم مطلوب.
على الجميع ـ المقاومة التي وحدها الدم في القطاع ـ والمقاومة المكبوتة حتى الآن في عموم فلسطين في الضفة وداخل الثمانية وأربعين، وعلى المنظمات والسلطة رفض تمييع ما يمكن التوصل إليه ورفض إفراغ أي اتفاق محتمل من محتوياته بالذهاب دائما إلى ما يريده العدو عبر المماطلة والتسويف والتضليل والتفسير الأحادي الجانب للنصوص المبرمة .. أي تصدوا جميعا لمناورات المحتلين ومن يواليهم ويدعمهم دوليا أو إقليميا وحتى عربيا. ولتبق اليد على السلاح قابضة وليبق الجميع واعين لأحابيل ومناورات العدو وأصدقائه وحلفائه.
الجمعة 22 آب (أغسطس) 2014
مناورات الاستراحة بين الدماء
الجمعة 22 آب (أغسطس) 2014
par
نواف أبو الهيجاء
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
8 /
2194085
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
8 من الزوار الآن
2194085 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 8