على الرغم من الاعتقاد السائد واليقين الراسخ بأن هذا الوقت بالتحديد هو الموسم الإسرائيلي بامتياز لجني الحصاد الوفير الذي أفرزه الوضع العربي الراهن بسبب ما تموج به الأرض العربية من فوضى وإرهاب جراء مؤامرة ما سمي بـ”الربيع العربي”، فإن الاعتقاد الراسخ المقابل له هو أن تحرك المشاعر في الجسد الفلسطيني وارتفاع درجة الحنين إلى التكامل والوحدة والمصالحة وإنهاء الانقسام، هو السبيل الوحيد لإيقاف النزيف الحاصل في جسد القضية الفلسطينية.
فواقع حالة الفوضى والإرهاب المستشرية في دول ما سمي “الربيع العربي” يجري توظيفه في السياقات الخادمة للمشاريع الاستعمارية للدول الغربية الساعية إلى تجديد حقبها الاستعمارية والاستيلاء على ثروات المنطقة واستلاب مقدرات شعوبها، وترسيخ الاحتلال الإسرائيلي ليكون رأس حربة لضمان بقاء استعمارها وهيمنتها.
ربما الفلسطينيون يدركون هذا الواقع المأساوي والخطير أكثر من أشقائهم العرب لاكتوائهم المستمر بالممارسات اليومية لكيان الاحتلال الإسرائيلي الذي نجح بسياسة الترويع والتدليس والمراوغة الكاذبة مسنودًا من قبل قوى الاستعمار تلك، في خلق وقائع على الأرض جديدة وكبيرة وسريعة لم تكن في ظل أنظمة ما بعد حقبة الاستعمار على هذه الدرجة من السوء والخذلان والتراجع حقق خلالها الاحتلال «الإسرائيلي» نتائج على النحو الذي نراه.
نعم، إن سياسة الترويع والتدليس والمراوغة الكاذبة سياسة اتبعها كيان الاحتلال« الإسرائيلي» منذ اغتصابه أرض فلسطين التاريخية، إلا أنه حاليًّا يجد المحتلون الإسرائيليون العوامل المواتية لمواصلة هذه السياسة في ظل ما يعتري المنطقة من فوضى وإرهاب وعدم استقرار تصب في صالح الاحتلال الإسرائيلي وتكريسه. ولا ريب أن الاحتلال الإسرائيلي مدعومًا بحلفائه الاستراتيجيين نجح في شرخ الحركة الوطنية الفلسطينية عموديًّا وأفقيًّا وحرص على تعميق الشرخ بصورة مستمرة وعلى نطاق واسع بإحداث الفتنة بين حركتي فتح وحماس وما نتج عنها من آثار كارثية على القضية الفلسطينية برمتها، وقد استطاع المحتلون الإسرائيليون جني ثمار هذه الفتنة على النحو الذي يراه الجميع بالتهام كامل الضفة الغربية تقريبًا وتهويد مدينة القدس بأكملها والنيل من المسجد الأقصى تدميرًا وتدنيسًا، وبالتالي لم يبقَ شيء بيد الشعب الفلسطيني ولا السلطة الفلسطينية تفاوض أو تراهن عليه.
ولذلك فإن ما تمخض عنه اللقاء الذي جرى بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة أمس يجب أن يكون منصة متقدمة للانطلاق نحو إكمال الاتفاق الموقع في قطاع غزة بين فتح وحماس، وإيقاف حالة التدهور والانهيار بـ”استعادة اللحمة الوطنية لمجابهة الاحتلال صفًّا واحدًا، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة ونيل حقوقه الوطنية، وتنسيق الجهود والتحركات الفلسطينية في مواجهة ما تتعرض له القدس والأقصى من انتهاكات وحملات تهويد”. فالشعب الفلسطيني الذي خرج ولا يزال يخرج في مسيرات معبرة عن فرحته بالاتفاق واللقاءات المتتالية بين قيادات فتح وحماس ومطالبته بالتنفيذ الفوري له، وكذلك الشعوب العربية تعول الكثير على قوة الموقف والمصداقية وحسن النيات التي يعلنها المتصالحون الفلسطينيون، ويرجون أن يكون هذا الاتفاق مختلفًا عن سابقاته تنفيذًا صحيحًا والتزامًا حقيقيًّا، يعبر عن إرادة صادقة وعزم أكيد، وأن يعوا أن عدوهم لن يلين له جانب حتى يتم مؤامرته ومشروعه الاحتلالي التصفوي، وأن كرهه وحقده وتلويحه بالعدوان على قطاع غزة والمقاطعة الاقتصادية يعني ذلك أن الفلسطينيين باتفاقهم في الطريق الصحيح الذي يريد أن يحرفهم عنه.
الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014
الوطن:الوحدة أداة الفعل في وجه “إسرائيل”!
الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
12 /
2189817
ar المرصد صحف وإعلام ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
2189817 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 20