عملية التسوية الفلسطينية - "الإسرائيلية" دخلت مرحلة الخيارات، في ظل ما وصلت إليه الأوضاع من انسداد يتحمل كيان الاحتلال والضم مسؤوليته بالدرجة الأولى، نتيجة تعنته وإصراره على تحويل المفاوضات إلى مجرد عملية من أجل العملية، يتمكن خلالها من كسب الوقت، لتنفيذ ما تبقى من مخططاته الهادفة إلى إلغاء أية إمكانية أو احتمال لحل القضية الشائكة .
وإذا نظرنا إلى ما وصلت إليه الأوضاع حالياً، فإننا نصل إلى معالم عامة للحالة الراهنة تتمثل في محاولة حكومة التطرف "الإسرائيلية" تعظيم المكاسب من خلال سياسة فرض الوقائع، وتحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية إفشال المفاوضات التي استؤنفت فاشلة ومتعثرة وبلا أسس أو حتى من مقومات لتحقيق الحد الأدنى من النجاح، كون "الوسيط - الطرف" الأمريكي لم يتوانَ للحظة واحدة عن المشاركة في إفشال العملية، من خلال تبنيه الكامل لمطالب وضغوط الاحتلال، وحرصه على الضغط باتجاه واحد لمصلحة الأخير .
ماذا عن الخيارات الحالية لكل من أطراف هذه العملية في ظل ما باتت تشهده من انتكاسة غير مسبوقة؟ هذه الخيارات تبدو قليلة جداً، وقد تكون معدومة، وهي بالنسبة للجانب الفلسطيني محددة جداً ومنحصرة في اتجاه واحد، يتمثل في عدم التراجع عن خطوات فضح ممارسات الاحتلال، وملاحقته دولياً، والانضمام إلى المنظمات والمعاهدات الدولية المهمة، والمضي في الأمر رغم الضغوط الكبيرة المتوقعة، وفي موازاة ذلك إنهاء مهزلة الانقسام المقيت، الذي بات مسألة تثير الشكوك والمخاوف، خصوصاً في ظل حالة الأخذ والرد بين طرفي الانقسام .
الخيارات الفلسطينية محددة ومحدودة، من ضمنها إحالة الأمر إلى صاحب الحق والإرادة، إلى الشعب الفلسطيني، الذي بيده أن يقرر الخطوات اللاحقة، وبإمكانه أن يواجه الاحتلال وسياساته وجرائمه، وأن يضعه أمام مسؤولياته كمجرم حرب، ما يعني أن أحد الخيارات يتمثل في العودة إلى المربع الأول، ونموذج المواجهة الشعبية المفتوحة مع الاحتلال .
على الصعيد الأمريكي، تبدو الخيارات محددة وواضحة، فواشنطن حسمت أمرها منذ البداية، منذ إشرافها على المفاوضات السرية، ومن ثم تطورها إلى مسيرة أوسلو، والاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة، وانحازت إلى جانب الكيان الذي فرض من خلالها مطالبه، ودفعها إلى الضغط أكثر فأكثر على الجانب الفلسطيني، ويبدو انتظار موقف أمريكي مغاير، أو حتى تحول ولو كان شكلياً، ضرباً من العبث السياسي، وقصر النظر . فالإدارات الأمريكية المتعاقبة ليست مستعدة لأي تغيير، والأدلة على ذلك أكثر من أن تذكر .
على الجانب "الإسرائيلي" الخيارات واضحة وعديدة، فالكيان يشارك في اللعبة على أساس أنه اللاعب الأساسي، إن لم يكن الوحيد، ومعنى ذلك أنه غير مستعد للخضوع إلى أي ضغط، أو تقديم أي تنازل، والتصريحات المتصاعدة من كبار متطرفي الاحتلال، والتهديدات الكثيرة بفرض عقوبات جماعية على الشعب الفلسطيني، من قبيل منع أموال الضرائب، وتصعيد حملة الاستهداف بالاغتيال والاعتقالات، والمساومة على مصير وحياة آلاف الأسرى، تثبت أن الكيان حسم أمره منذ زمن بعيد .
لا خيارات كثيرة أمام الفلسطينيين، والمنتظر أن تعالج الأوضاع الحالية بمقاربة مختلفة، تتبنى مواجهة مفتوحة مع الاحتلال، بصرف النظر عن النتائج .
الاثنين 7 نيسان (أبريل) 2014
خيارات
الاثنين 7 نيسان (أبريل) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
58 /
2487614
ar الإعلام المركزي أرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
150 من الزوار الآن
2487614 مشتركو الموقف شكرا