الاثنين 5 حزيران (يونيو) 2023

عن وليد دقّة... وسموتريتش وأشكاله

الاثنين 5 حزيران (يونيو) 2023 par رشاد أبو شاور

وليد دقّة مصاب بالسرطان، وهو سرطان نادر يفترس جسده، ومع ذلك لا يوفّر الاحتلال لوليد علاجاً يخفّف آلامه، ويعين جسده على الشفاء، بل يترك السجين وليد دقّة ليفترسه السرطان.

مرّة واحدة تكلّمت مع الأسير البطل المفكّر ومؤلّف كتب للفتيان، وليد دقّة، وذلك عندما كنّا نحتفل بكتابه القصصي “حكاية سرّ السيف” في مقرّ رابطة الكتّاب الأردنيين بحضور زوجته السيدة سناء سلامة، وقد طلب منها أن تعطيني رقم الهاتف الخلوي، وبلهفة سألني عن وضعي الصحي، قبل أن أسأله أنا عن صحته التي أعرف أنها ليست على ما يرام.

قلت لنفسي: هذا مناضل متميّز، كما عرفت عنه، وكما تابعت ظروف سجنه، ومن خلال قراءتي لكتاباته، ولما سمعته عن صلابته من أسرى عرفوه في سجون الاحتلال وأُفرج عنهم بعد انتهاء فترة سجنهم.

هو يطمئن على صحتي لأنه سمع بأنني أُصبت بنزف دماغي، هو الذي في الزنزانة ويكابد ظروف السجن منذ 37 عاماً، يطمئن على حالتي الصحية.

هذه واحدة من صفات هذا الأسير البطل، وكل مقاوم مناضل ثائر كبير النفس يعرف واجبه تجاه شعبه، وكل فرد من أبناء شعبه: التفكير في غيره، وعدم الانطلاق من وضعه كأسير، رغم أنه أمضى 37 سنة في سجون العدو. يا للنفس الكبيرة العظيمة، النفس التي تعطي، ولا تقنط من طول سنوات السجن، وما تعانيه من قهر واضطهاد وصنوف التعذيب، والعزل الانفرادي في الزنازين.

وليد دقّة مصاب بالسرطان، وهو سرطان نادر يفترس جسده، ومع ذلك لا يوفّر الاحتلال لوليد علاجاً يخفّف آلامه، ويعين جسده على الشفاء، بل يترك السجين وليد دقّة ليفترسه السرطان، أي يستعين العدو بالمرض الخبيث لتنفيذ مآربه الخبيثة بقتل الأسير الفلسطيني غير آبه بردود الفعل عربياً ودولياً، وهي على العموم مجرّد ردود فعل كلامية لا تردع العدو، ولذا لا يأبه لها، ولا يأخذها على محمل الجّد، فقد اعتاد على استنكار وشجب ولوم وعتب جهات عالمية، وفي زمن التطبيع: عربيّة رسمية، ولا عجب.

تعليقاً على خطورة ما يعانيه المفكّر البطل وليد دقّة صرّح سموتريتش بأنه تواصل مع زميله في وزارة نتنياهو بن غفير، واتفق معه على إبقاء وليد دقّة في الأسر وعدم الإفراج عنه “حتى يتعفّن”.

قضاء الاحتلال، قضاء الكيان الصهيوني يماطل في الاستجابة لطلب الإفراج عن وليد دقّة لتتم العناية به، ويتوفّر له علاج ينقذ حياته قبل أن يفقدها بالإهمال المتعمّد، وعدم توفّر العناية الضرورية.

يوم الأربعاء 17 أيّار/مايو صرّحت زوجة وليد الناشطة سناء سلامة من بلدة باقة الغربية، وهي بلدة زوجها وليد: نخشى على وليد من ظروف سجن الرملة حيث لا يتوفّر له علاج مناسب، ومستشفى الرملة معروف أنه غير مجهّز أو مهيّئ للعلاج الجدي، لأنه من المعروف بأنه عيادة غير مجهّزة كمستشفى لعلاج مريض سرطان.

سموتريتش وبن غفير وبقية عصابة الحكم في الكيان الصهيوني، وبقيادة رئيس حكومتهم نتنياهو، تركوا الشيخ خضر عدنان يموت ولم يهتمّوا بحياته رغم تقدّمه في العمر، ورغم كل الدلائل بأن حياته في خطر، ولم يُسلّموا جثمانه لأسرته إمعاناً في قهرها.

قبل أيّام اقتحم الشاب علاء خليل قيسيّة مستوطنة “تانا عومريم”، وعُرضت صوره التي التقطتها كاميرات تلك المستعمرة، وكان يمرّ بمجموعة أولاد يهود يلعبون أمامه، فلم يتعرّض لهم، وواصل طريقه باتجاه هدفه، لأنه لا يقتل الأطفال... ووصل إلى هدفه واشتبك واستشهد!

أترون الفرق بين أخلاق وقيم المقاوم الفلسطيني بشكل عام وبين انحطاط القائمين على الكيان الصهيوني وقيمهم التي يشربونها مع حليب أمهاتهم، وينشأون وهي تملأ عروقهم وعقولهم بالحقد والكراهية للعرب عموماً، وعرب فلسطين خصوصاً؟!

إنه لا يكفي أن نباهي ونفخر بأخلاقنا وقيمنا بينما أبطالنا يقضون عشرات السنوات في السجون فتأكل أجسادهم الأمراض بأنواعها كافة، وتمضي أخواتنا السنوات وراء القضبان، وأطفالنا يتم تدميرهم تحت عيوننا في سجون العدو... ونحن نباهي بعظمتهم!!

إذا كان سموترتش والمأفون بن غفير يحكمان على أبطال شعبنا بالموت تعفّناً في الزنازين، فإن المطلوب من كل فصائل شعبنا ألّا تقف عاجزة، ومن قوى شعبنا ألّا تبدو متفرّجة، أو مستنكرة، وتحتجّ بوقفات متواضعة تنمّ عن العجز وقلّة الحيلة، فلا جهة عربية فاعلة، ولا جهة دولية تتحرّك لتدين جرائم الكيان الصهيوني الذي يقتل الفلسطينيين في الشوارع، والسجون، وينفّذ أحكام الإعدام علناً، ولا تصدر بحقّه قرارات تعاقبه جديّاً، ولا يعاقب من الفلسطينيين عقاباً رادعاً يضع حداً لـ “بلطجيّته وعنجهيّته”!

حياة المفكّر والكاتب والمناضل وليد دقّة في خطر، ولا بدّ من تحويل الكلام إلى أفعال، ونحن نستطيع، ولا مبررات تدفع للتقاعس، أو التردّد... فافعلوا!

إن من العار أن يقضي أيّ مقاوم فلسطيني عشرات السنين في الزنازين، ويعاني من الأمراض التي تفترس عافيته. وإنّ من العار أن يكون في سجون الاحتلال أسرى من قبل أوسلو وسلام (الشجعان) وحتى اليوم، ومنهم البطل وليد دقّة!

قضاء العدو يماطل في الإفراج عن وليد دقّة رغم أنه قضى الـ37 عاماً المحكوم بها، فهو يريده أن يموت عقاباً له على فكره الثوري الذي تجلّى في كتابه صهر الوعي، وفي كتاباته التعليمية لفتيان فلسطين!

وليد دقّة والأسرى والأسيرات والأطفال يضعون فصائلنا بشكل خاص وشعبنا بشكل عام أمام المسؤولية الوطنية التي لا تحتاج إلى توضيح...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2183584

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع مقالات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2183584 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40