ثواب تطبيعي ...

رمضان شهر القرآن أولا وشهر الصيام ثانياً، هذا هو التوصيف السليم لأهمية هذا الشهر عند المسلمين وليس العكس، وطالما هو شهر القرآن فإن أحكام القرآن في الولاء والبراء نافذة وقاطعة وخاصة في أيام وليال تنزيله العظيم، والمسلمون كلهم حرص على ختم القرآن أكثر من مرة من استطاع إليه سبيلا، ولذا فإن كل أفعال العبد فيه تحمل البشرى إن كانت صالحة فثوابها مضاعف ومانعها من وسواس وخناس مصفّد متلف.

لكن في ذات الوقت فإن الجرم فيه والخطيئة فيه عظيمة، وقطعا عقابها سيكون أضعافا مضاعفة وحكما أوقعها جميعا غضب الله تعالى، أليس آيات القرآن قد امتلئت تهدد وتتوعد في مسألة انتهاك حرمات الله تعالى وأولها حرمة شهره الفضيل!

وفي هذا الشهر الحرام الذي تنتهك فيه أول مقدسات الإسلام وأغلاها على الإطلاق كرامة عند الله تعالى في القدس الشريف جمع فيها كل أنبياء الله ورسله لنبيّه محمد ليلة الإسراء مأموماً بصلاته ودعائه، فيعمد المحتل الغاصب إلى تعطيل شعيرة من أهم شعائر رمضان بعد الصيام وهي الاعتكاف والتي وردت نصاً في القرآن، فالتراويح الرمضانية سنة غير واجبة أما الاعتكاف فسنة واجبة محببة مطلوبة يعمد المحتل إلى تعطيلها علناً بالحديد والنار ويتواطأ معه آخرون.

وفي هذا الوقت نفسه يقوم أناس يفترض أنهم صائمون وأنهم مسلمون بالتوافد إلى موائد تعدها حكومات ترى في نفسها مشرّعاً فوق القرآن وفوق أحكامه وهي تحدد ما ينبغي وما لا ينبغي في رمضان وغيره، وهي تسوق هذا ليقيم شعيرته على هذا النحو أو ذاك، مطمئنا إلى أنه وفق إرادتها هي لا زال مسلماً ولا زال مفترضاً لنيل الثواب التطبيعي، طبعا هذا خارج الأرض التي باركنا حولها أما فيها ومن حول مسراه فتقيم الإدارة المدنية الاحتلالية موائد مشتركة لتحصيل ثواب تفطير من يفترض كذلك أنهم أيضا من أبناء هذا الشعب المحتل والمعطّلة كرامته وفرائضه،ويصل هؤلاء البؤساء وفي خيالهم أنهم لا زالوا فعلا صائمين فضلا عن أن يكونوا لا زالوا مؤمنين، فهل بعد ذلك من مفارقات مضحكات مبكيات؟!