الأحد 8 آب (أغسطس) 2021

حمى الله قضية العصر.. القضية الفلسطينية.. من أعدائها ومن أهلها على حد سواء

الأحد 8 آب (أغسطس) 2021 par ناديا حرحش

يقول ادوارد سعيد على لسان فرانز فانون ان الوعي الوطني سوف يُصادر من قبل النخب البرجوازية الاستعمارية والقادة القوميين، وبدل ان ينتج الاستقلال فإنه سوف يعيد انتاج الاستعمار في شكل جديد. ومعضلة هذه الاستقلالات انها سوف تعجز عن “ابتكار الارواح الجديدة”، ولن تفلح في الخروج من دائرتين قاتلتين: ماضي الاستعمار وماضي القبيلة. يسمي ادوارد سعيد هذا ب “شراك الوعي الوطني”.
قد يبدو لوهلة هذا الكلام حتى متأخرا، فنحن تعدينا مفهوم الكلمات في هذه العبارة من شراك الى وعي الى وطني. لأننا لسنا في شراك، ولكن في حفرة سحيقة. وكلمة وعي تبدو ساكنة في أعماق لا وعينا، والوطني كما الوطن صار كقطعة قماش يتم قصها على حسب من يحمل المقص، كل يحاول اخذ قطعة أكبر، لتصبح النتيجة فتات قماش لا حجم ولا شكل ولا هيئة له.
بقي الاستعمار وتأصلت القبيلة. بين جريمة مقتل نزار بنات وما تلاها من تواطؤ علني بين قوى الاستعمار المتمثلة في الجيش من تأمين دخول لقوات الامن الفلسطينية لقتل نزار، واجتياحات للجيش الإسرائيلي بقلب رام الله لاعتقال ناشطين وتخريب ممتلكات ومصادرة معدات من مؤسسات كما حصل في مركز أبحاث بيسان الذي يبعد أمتار معدودة عن مقر رئاسة الوزراء، واعتقال على الحواجز بسبب المشاركة بتظاهرات كما حصل مع المحامي فريد الأطرش. اما القبيلة فالمشهد في الخليل لا يحتاج الى أي تفسير او توصيف. استحكام كامل ومطلق للعشائر على كل واردة في الجنوب.
في نابلس، تم تداول مقطع فيديو، يمكن ان يجسد كارثية الحال بما يمكن ان نسميه بالفعل تراجيديا. في المشهد يخطب أحد القادة في تنظيم فتح ويقف وراءه جموع المتسلحين مرحبا بالكتائب التي تحمل اسم شهداء المسلحة التي لن تطلق الرصاص في الهواء ابدا ورسالتهم انهم خلف القيادة الشرعية لمنظمة التحرير، وبعدها بدأ الطخ من كل اتجاه، والناس بدأت بالركض للاختباء من الطخ غير المنقطع. تحول مشهد الشباب المكبرين والمصورين للمشهد الخطابي وأولئك المتفرجين لحفل التسليح بفناجين قهوة على زوايا ما بدا وكأنه ميدان عام الى مشهد عارم بالخوف والفوضى.
مضحك مبكي بالفعل المشهد.
مشهد يشبه الواقع كما هو: خطاب منفصم عن الواقع امامه. سلاح يرفع للطخ بالهواء او طخ الناس على بعضهم للانتقام.
السلاح الذي رأيناه منذ اقتتال العائلات في الخليل، وذلك الذي نراه كما في مشهد نابلس ليس استثناء على منطقة بذاتها، فالحال لا يختلف بالمخيمات والبلدات والمدن الفلسطينية المختلفة. يخرج السلاح بكثافة واستعراض مريب بالأتراح والافراح والطوش والعطاوي والخطابات الفصائلية والتوجيهي.
التوجيهي، صار الاحتفال به بقذيفة وصاروخ وطلقات كلاشنكوف، بالإضافة الى المفرقعات الممنوعة من التداول بالطبع.
نتائج التوجيهي كانت عالية بدرجة تجعل المرء يفكر، هل حلت العبقرية والذكاء الخارق على هذا الجيل فجأة، ليجعل أكثر من ثلث المتقدمين للامتحان هذا العام يحصدون نتائج فوق التسعين؟ المئات حصلوا على ٩٩. تعدت نسبة النجاح العامة ما يقترب من ال ٨٠٪، هل يعقل ان الكورونا جعلت من الطلاب أكثر قدرة على التركيز والبصم؟ ام ان الغش لم يكن بالإمكان ردعه إذا ما تخيلنا تسلح المواطنين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة على اشكالها واحجامها بدلا من التسلح بالتعليم. كما الوطن لم يعد به ما يعرفه، التعليم كذلك، صار قطعة ورقية تعلق على حائط، يمكن ان يصير صاحبها حاملا للقب يسبق فيه حرف الدال اسمه بغمضة عين.
بينما تفشل السلطة بما لا يترك مجالا للشك بكل شيء، تتوالى التعيينات في صفوف أبناء أصحاب السلطة وتستمر المداولات على تشكيل حكومة او تعديل وزاري مرتقب.
كما مشهد الرجل على المنصة الذي أكد على عدم إطلاق طلقة بالهواء وكان وابل الرصاص في الفضاء قبل انتهائه من الجملة. هذا هو المشهد الذي يحكمنا.
مر أربعون يوم على مقتل نزار بنات، وتحول الرأي العام ضد أخيه بسبب تصريحاته التي اعتبرها البعض مسيئة لبعض أصحاب السلطة- وقد تكون- ولكن نسي الجميع او تغاضى عن ان هذا الرجل مكلوم. ان هناك انسان قتل ظلما وغدرا وبغتانا، ولم يحاسب قاتل ولا مسؤول عن هذه الجريمة حتى اللحظة.
مر شهور على اعلان تأجيل الانتخابات، ولم نعد نسمع عن الانتخابات ولا عن إمكانية حدوثها وننشغل في تعديل مرتقب ربما، وصل الحديث فيه الى إمكانية اتفاق طرفي الانقسام عليه.
انقسام توطن بين شقي الوطن، وأكبر مساعي القائمين عليه من كل الاتجاهات محليا ودوليا هو سماح إسرائيل باستخدام المنحة القطرية لغزة.
ووسط كل هذه الهزلية التي تستمر بين اشاعات لتشكيل حكومة وتعيين وزراء، وبين فصل لوزراء وأصحاب سلطة، طالت اخرها قضية مؤسسة ياسر عرفات، فكان فصل للقدوة وتعيين لشعث. يبدو ان عمرو موسى أوجز برسالته المفاجئة باستقالته من رئاسة مجلس أمناء المؤسسة، الحال الفلسطيني الذي وصل ترديه الى خارج حدود مقاطعات الولايات البنتسوتانية في فلسطين، ليطنّ في اذاننا عل هذه القيادة تسمع… ولن تسمع …. “حمى الله قضية العصر، القضية الفلسطينية، من أعدائها ومن أهلها على حد سواء”
لنا الله…



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2184651

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع مقالات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2184651 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40