الأحد 3 أيار (مايو) 2020

التلفزيون العبريّ: المسلسلات الرمضانيّة المؤيِّدة لإسرائيل رفعت نسبة المُشاهدة

الأحد 3 أيار (مايو) 2020

- زهير أندراوس

في الساعة الـ11 والنصف ليلاً، الخميس 30.04.20 بثت القناة الـ13 في التلفزيون العبريّ تقريرًا عن البرامج الدراميّة لشهر رمضان المُبارك، واستضافت بطبيعة الحال مُراسِل الشؤون العربيّة، حيزي سيمانطوف، ليشرح للمُشاهدين والمُشاهِدات عن طبيعة الأعمال الدراميّة التي أثارت عاصفةً في الوطن العربيّ، لأنّ اثنين منها، يتبنيان عمليًا الرواية الصهيونيّة حول حقّ اليهود (ليس الصهاينة) في فلسطين، أيْ أنّ إسرائيل لم تعُد بحاجةٍ إلى اختلاق الأكاذيب، بل كما الحروب بالإنابة والثورات بالوكالة، باتت العديد من الدول العربيّة، وتحديدًا الخليجيّة، تلعب دور تمثيل التنكيل بالضحيّة، أيْ اليهود، على أحسن وجهٍ، وقبل الولوج في مآلات البرنامج الإسرائيليّ، لا بُدّ من أخذ ما قاله المُراسِل خلال اللقاء معه على محملٍ من الجدّ: المسلسل المذكور ما كان ليُنتَج ويُعرَض بدون ضوءٍ أخضرٍ من صُنّاع القرار في الرياض، إذن، يقول الإسرائيليّ، إنّ السعوديّة تقوم بتجيير الدراما من أجل ترسيخ الرواية الصهيونيّة، على حساب “الإخوة الأشقّاء” من فلسطين.
مُضافًا إلى ذلك، فإنّ السعوديّة بأذرعها الإعلاميّة (الغنيّة ماليًا) قررت على ما يبدو إذكاء الفتنة التي افتعلتها مع الفلسطينيين، قيادةً وشعبًا، وباتت تلعب على المكشوف في الحرب التي يشّنُها الثلاثي غير المُقدّس: الإمبرياليّة، الصهيونيّة والرجعيّة العربيّة، إذْ اتخذّ النظام الحاكِم في الرياض قرارًا بتمرير الرسائل إلى الأمّة العربيّة بشكلٍ عامٍّ، وللشعب الفلسطينيّ بشكلٍ خاصٍّ بطريقة دراماتيكيّة عن طريق استغلال الدراما في مسلسلات رمضان للترويج للرواية الصهيونيّة.
ضمن هذا السياق السياسيّ جاء مسلسل “أم هارون” (تأليف محمد وعلي شمس، إخراج محمد جمال العدل)، الذي نجح في إثارة الجدل منذ طرح إعلانه الترويجي قبل أيام من رمضان. تعالت الأصوات، متّهمةً المسلسل بأنسنة الجلاد، واستخدامه الدراما للولوج صوب التطبيع. المسلسل الذي مُنع في الكويت، بسبب تعارضه مع توجهات البلد الخليجي حيال الشعب الفلسطينيّ، تصدرت بطولته الممثلة الكويتية حياة الفهد، التي جسّدت سيرة “أم هارون” اليهوديّة، في إطلالة على حياة يهود الخليج، وتحديدًا في الكويت خلال أربعينيات القرن الماضي. تتشارك الفهد في إنتاج العمل من خلال شركتها “الفهد” بالتعاون مع شركة “جرناس” للإماراتي أحمد الجسمي. وكلاهما يعمل كمنتج منفّذ لدى الشبكة السعودية، علمًا أنّ المسلسل صوّر بالكامل في الإمارات، بعد حيازته إجازة نصّ هناك.
وكم كان طبيعيًا، أنّ وسائل الإعلام العبريّة في كيان الاحتلال استغلّت هذين البرنامجيْن لإذكاء، لا بلْ تأجيج الخلاف بين السعوديّة وفلسطين، إذْ أنّ الدراما في هذا السياق، تخدِم من حيث أرادت المملكة أوْ لا، الرواية الصهيونيّة الكاذِبة أصلاً حول فلسطين، مُحاوِلةً نسف المعتقدات الفلسطينيّة أوْ بالأحرى الثوابت بأنّ فلسطين، كلّ فلسطين، هي للفلسطينيين.
عُلاوةً على ما ذُكر آنفًا، تواصل الحديث على شاشة القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ بين المُراسِل سيمانطوف وبين مُقدّمة البرنامج الإخباريّ حول المسلسلات التي تُعلِن جهارًا نهارًا عن تأييدها للرواية الإسرائيليّة، ليقول المُراسِل، نقلاً عن مصادره في الوطن العربيّ وإسرائيل، إنّ المسلسلات العربيّة التي تنحاز لإسرائيل رفعت نسبة المُشاهدين إلى الحدّ الأقصى، ولم يكتفِ سيمانطوف بذلك، بل قام بعرض فيديو لصحافيّ سعوديّ، نواف السعين، يقول فيه إنّ نتنياهو جُبان، ويُطالِبه، بلغةٍ مُباشِرةٍ، بالعمل فورًا من أجل القضاء على الفلسطينيين، لكي “نرتاح نحن وأنتم منهم”، على حدّ تعبيره. إذن الصحافي السعوديّ يُطالِب بقتل جميع أبناء الشعب العربيّ الفلسطينيّ، وهذه الدعوة بحدّ ذاتها جريمة يُعاقِب عليها القانون الدوليّ، لأنّ قانون المملكة يتّم تحويله وفق مصالح الطغمة الحاكمة بالرياض.
ونشرت صفحة (إسرائيل تتكلّم بالعربيّة) على فيسبوك، وهي تابعة لوزارة الخارجيّة ما يلي: “مسلسل أم هارون والخلط بين التاريخ والتسييس.. في مقال نشرته على موقع قناة الحرة، تكتب نيرڤانا محمود مدونة وطبيبة مصرية أنه كالعادة وجهت اتهامات التطبيع مع إسرائيل ضد المسلسل الخليجي “أم هارون” حتى قبل عرضه، متمنيةً من سكان الدول العربية ألا يستقبلوا المسلسل الذي يتناول التواجد اليهودي في دول الخليجية في أوائل القرن العشرين بلا تشنج أو رفض: هناك فارق كبير بين ثقافة النضج وثقافة التطبيع. فالنضج هو أن تتعامل مع حقائق التاريخ بموضوعية، وألا تطمس تفاصيل الماضي خوفا من عدو، أوْ حبًا في صديق. والنضج هو أنْ نرفض سياسة التعتيم الإعلامي ضد أقلية من أهل الكتاب عاشت بيننا لقرون عدة. النضج أنْ تجعل الفن يشفي جروح الماضي ويفتح الباب لمستقبل أفضل، وفق تعبيرها.
المفارقة، أنّه في الوقت الذي تجري فيه شيطنة الفلسطينيين، يجري في المقابل تلميع وجه إسرائيل (العدوّ)، ومدّ جسور العلاقات معها، والأخطر هو محاولة جعلها مقبولة على مستوى الشعوب العربيّة، فهل يُمكِن أنْ يتحقق ذلك، يجب أنْ نعرف، وبدون خجلٍ أوْ وجلٍ، وما يجب أنْ يعلمه الجميع أنّ الاستهداف لا يطال فلسطين فقط، فلسطين الأرض والشعب، بل يطال كلّ الأرض والشعوب والمقدرات العربيّة، وإنْ لم تكُن الثورة عربيّة وعيًا وممارسةّ على كل هذه النظم الرسميّة التابِعة والخاضِعة، ستتجاوز الشيطنة الفلسطينيين لتطال كلّ الشعوب العربيّة، من المُحيط إلى الخليج.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 73 / 2184416

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع منوعات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2184416 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40