أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن ما تشهده مصر حالياً من توتر طائفي هو أكبر من كونه «فتنة طائفية» بما يوجب على الجميع مواجهته بنزاهة.
وقال هيكل في مقال بجريدة «الأهرام» أمس : «في هذه الأزمة بالفعل جانب طائفي له أسبابه والذي تأخرنا كثيراً في علاجه، مثلما تأخرنا في علاج مشكلة مياه النيل مع تماثل في أهمية المشكلتين : واحدة تتعلق بحياة البلد، والثانية تتعلق بسلامته، وكلتا المشكلتين دخلت مرحلة التعقيد ولا أقول الاستعصاء بسبب عدم الفهم، أو بسبب قلة العزم»، لافتاً إلى أن الكثيرين تحدثوا في المشكلة الطائفية و«طمأنوا وحللوا واقترحوا» وكانت الفرصة متاحة للنظام السابق مرة تلو الأخرى، «وضاعت الفرص، كما ضاعت فرص كثيرة سبقتها في نواح أخرى».
وأكد أن كل المشكلات في مصر بما فيها المشكلة الطائفية هذه اللحظة يمكن أن تأخذ أبعاداً أكثر خطورة، معتبراً أن أبرز الأسباب وراء تلك المشكلات تتمثل في «أن هناك التباساً في ممارسة سلطة الدولة» بما يتطلب حلاً سريعاً، موضحاً أن درس التاريخ يعلم الجميع أن حالة الفوضى ملازمة بالطبيعة لحالة الثورة في ظروف تغييرات أساسية تجري في أي مجتمع. وقال هيكل : «ما حدث هو أن قوى الثورة في مجتمعنا انصرفت لكي تعطي الفرصة للتغيير، لكن قوى الفوضى اندفعت لكي تستغل فرصة التغيير»، مضيفاً أنه «مع وجود شراذم من نظام قديم، وهاربين عمداً من السجون، وعناصر جموح يتعلل بالدين، ومطالب عيش تأخر الوفاء بها، وفساد يتفجر يومياً على صفحات الجرائد، وموجات الإذاعة وشاشات التلفزيون، فإن هناك بالفعل حالة قلق، تحاول أن تبحث عن نقاط ضعف تفلت منها».
ونوه هيكل إلى أن كل ما جرى ويجري في مصر «يتدافع في مناخ إقليمي خطر ودموي، وفي مناخ عالمي متحفز ومتوجس»، موضحا أنه في الوقت الذي تشتد فيه الحاجة إلى ضابط إيقاع ينظم الأداء السياسي فإن السلطة في مصر تواجه معضلة تتمثل في أن «القرار هناك في مجلس أعلى للقوات المسلحة موثوق فيه لكنه يدير دون أن يظهر، وتنفيذ القرار هناك في مجلس وزراء وفيه عديد من الرجال المحترمين لكن هذا المجلس يظهر دون أن يدير»، كما أن «قوى الإجبار في الدولة وهي ركيزة أي استقرار ونظام وحسم معلقة على بوليس هو حالياً لا يقدر، وعلى قوات مسلحة هي بالحق غير مختصة».
وختم الكاتب الكبير بالقول إن «المجال مفتوح لفراغات كبيرة، وبصراحة فذلك أول ما يجب الوقوف أمامه وعلاجه، ليس للمشكلة الطائفية فقط، ولكن لغيرها كثير، بحيث تبين وتتأكد خطوط السلطة ومصادر ومسارات صنع القرار واحترامه وتنفيذه، وأن تكون الخطوط محددة، خصوصاً في مرحلة انتقال، فالانتقال تأسيس لما بعده وليس تأجيلاً محولاً إلى غد لم تظهر بعد سلطته».