الثلاثاء 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2023

قراءة في عقلية القيادات الصهيونية واعلامها الموجّه

الثلاثاء 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 par رجا اغبارية

بعيداً عن مظاهر الابتهاج الشعبي الفلسطيني والعربي والبعض الإسلامي المقاوم ، بنجاح الاجتياح العسكري للمقاومة الغزية والتمكن من احتلال ( تحرير ) عدد كبير من مستوطنات غلاف غزة ، لمدة زمنية لم تنته حتى كتابة هذه السطور ، حيث ما تزال وسائل الاعلام العبرية تسجل على شاشاتها ان القتال ما زال مستمراً في 5 كيبوتسات وبلدات كبيره مثل سديروت وكفار غزة وغيرها …

فان ما يمكن تسجيله من ملاحظات مشتقة من المحللين العسكريين والمخابراتيين والصحفيين العسكريين ، انهم لم يستوعبوا بعد المفاجأة التي صنعتها حماس بعمليتها النوعية التي اخترقت من عشرات المواقع السياج الأمني الذي تباهت به دولة الاحتلال ووصفته انه غير قابل للاختراق حتى من عصفور …

لم يستفيقوا من سهرة العيد او من سكرة العيد ، ولم يصدق احد ان حماس قامت بهذا العمل الاستراتيجي الخطير الذي حول المخابرات الصهيونية والعسكرية منها الى مسخرة استراتيجية ، ” لم يحن الوقت بعد لمحاسبة المسؤولين عن هذا الفشل الاستراتيجي داخل الكيان” على حد قولهم .

يعزوا البعض هذا الفشل الى عدة أسباب أخرى ، أهمها عنصر المباغته وعدم اكتشاف هذا الاجتياح من أي موقع مراقبة عسكري يعمل على مدار الساعة كل الأيام على الجدار الأمني ” الخارق ” .

ونوم حكام ” إسرائيل ” في عسل الأموال القطرية التي ظنوا انهم اشتروا بها موقف المقاومة في غزة ، خاصة عندما لم تشارك حماس مع الجهاد الإسلامي في التصدي للعدوانين التي قامت بهما ” إسرائيل ” ضد الجهاد في السنة الأخيرة . وقد تأكدوا ان حماس ستحافظ على هدوء الجبهة الجنوبية لانها مستفيدة مالياً ولا يهمها الا تثبيت حكمها على قطاع غزة ، بمساعدة ” إسرائيل ” .

كذلك ، ربما ما رشح اليوم عن مصدر مخابراتي امريكي ، بانه سبق الاجتياح الغزاوي اجتياحاً الكترونياً قامت به المقاومة بحيث عطلت كل أجهزة المراقبة والمتابعة المخابراتية للجيش الصهيوني … والا كيف يصدق المراقب دخول وخروج مقاومين ومجرد شباب الى بلدات غلاف غزة اليهودية ، مصطحبين معهم عشرات الاسرى العسكريين والمدنيين بشكل مريح لم يسبق له مثيل لمدة 8 ساعات على الأقل ، دون ان يتمكن “الجيش الذي لا يقهر” من أي عملية رد او ملاحقة …

هذه الصدمة التي استفاق عليها الكيان بكل اركانه من القيادة الى الجيش الى الجماهير ، حولتهم الى ابواق صراخ وتهديد ووعيد وانهم سيمسحون غزة ويهجرون قسماً كبيراً من أهلها ، وسيقضون على حماس اشخاصاً وبيوتاً وعسكريين ومدنيين ، وسوف ” تتراجع غزة 50 سنة الى الوراء ” كما صرح وزير الحرب غالانت .

فالاعلام والمحللين يزأرون ويتباكون على قتل واختطاف النساء والشباب ، متناسين تماماً انهم يفعلون ذلك بالفلسطينيين منذ احتلال 48 وبعدها 67 حتى يومنا هذا . لقد اعتبروا ما قام به جند حماس بانه عمل بربري وانهم حيوانات آدمية .. الخ هذه الاوصاف ، دافنين رؤوسهم بالرمال عما تقترفه ايدي جيشهم الاحتلالي يومياً. بل انهم لا يعتبرون انفسهم محتلين ، بل ان الفلسطينيين هم الطارئين على ارض ابائهم واجدادهم ، وان أي مقاومة لاحتلالهم هي غير شرعية ، بل ان احتلالهم هو الشرعي وكل ما عدا ذلك فهو مخرب وغير شرعي ويجب قتله .. يدفنون رأسهم برمال غزة التي لم يستفيقوا منها بعد .

واذا ما استفاقوا فانهم يهددون باطلاق العنان لوحشهم العسكري بكل امكانياته المعروفة المدعوم امريكياً بكل ما يحتاج من أدوات قتل للفلسطينيين لاستخدامه ضمن عملية الثأر التي يتوعد بها حماس وكل المقاومة في غزة ، وكذلك حزب الله ، في الأيام القادمة !!!

صحيح ان نتنياهو لم يحدد أي من هذه الأهداف خشية عدم قدرته على تحقيقها ، باستثناء التوعد بالانتقام وتدفيع حماس الثمن باهظاً ، الا انه لم يلتزم بالقضاء على حماس ، لانه ربما لن يتمكن من ذلك او انه ليس على استعداد لدفع ثمن دخول القطاع على نطاق حرب شاملة ، كذلك يضع امام عينية ان هناك مئات الاسرى من جنود ومدنيين رهائن في غزة ، تعلن حماس انها ستبيض السجون الصهيونية مقابلهم ، الامر الذي بدأ نتنياهو بمعالجته دون اعلان ، وذلك بتعيين ضابط كبير تخضع له كل الوزارات لمعالجة موضوع الاسرى والمخطوفين المحتجزين لدى المقاومة في غزة .

يعترف العسكريون والمحللون ان اكبر انتصار ستحققه حماس إضافة لانتصار المباغته حتى الآن ، هو تمكنها من تحرير كل الاسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال ، حيث لمح بعضهم ان هذا الامر اصبح تحصيل حاصل ، فنتنياهو لا يستطيع الصمود امام أهالي الاسرى ، خاصة المدنيين منهم ، وان هذا الموضوع ، يعتبر احد أسباب عدم الرد السريع على المقاومة وتنفيذ تهديداته ، وان تحدث البعض عن ان العملية العسكرية المزمعة ستكون احدى مهماتها تحرير الاسرى الصهاينة المختطفين في غزة !

تقديرنا ان نجاح حماس في تحرير كل الاسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال ، حتى لو ذهبوا جميعاً للعيش في قطاع غزة ، خوفاً من إعادة اعتقالهم ، سيضع حماس على رأس الشعب الفلسطيني بشكل مطلق . فقضية الاسرى حالياً هي القضية الأولى التي تتعب كل ام فلسطينية والشعب برمته .

لقد كسر الاجتياح الحماسي المقاوم بعمليته النوعية ” طوفان الاقصى ” عنجهية قادة الاحتلال الصهيوني واظهر ضعفهم امام جماهيرهم وامام العالم ودول التطبيع ، تماماً كما حصل في حرب تشرين 1973 ، الامر الذي يرفع من صراخهم وتهديداتهم . الا ان الخسائر التي نجمت عن هذا الاجتياح تفوق نسبياً خسائر جيش الاحتلال في حرب تشرين 73 التي خاضها امام اكبر جيشين عربيين سوريا ومصر .

لقد تفتق عن عقلية هؤلاء الصحفيين والمحللين العسكريين ان ما يردع نتنياهو من دخول غزة حتى الآن هو تخوفه من دخول حزب الله هذه الحرب وفتح جبهة الشمال التي خشيها دائماً وعمل المستحيل على ابعادها وعن توحيدها مع جبهة الجنوب ، لانه يعلم ان قدرات حزب الله لا تتوقف عند قدراته النوعية فقط وانما تشمل قدرات ايران وفتح معركة إقليمية لا تستطيع الوقوف بها ” إسرائيل ” لوحدها دون أمريكا وحليفاتها ، وقد جاء تصريح بلينكن اليوم الذي ابعد التهمة عن ايران بانها تقف خلف اجتياح حماس ، امعاناً منه في مساعدة ” إسرائيل ” بتحييد حزب الله عن المعركة القادمة في اليومين القادمين !

مع ذلك كانت هناك أصوات لمحللين عسكريين مطّلعين ، بان حكومة نتنياهو تدرس عدم انتظار دخول حزب الله في الحرب على غزة ، والمبادرة لضرب حزب الله والفوز بقصب السبق قبل ان يفعل ذلك حزب الله ويحقق انتصار الضربة الأولى كما فعلت حماس . ، التي حققت استراتيجية حزب الله باجتياح وتحرير الجليل عملياتياً قبل حزب الله . خاصة وان ” اسرائيل” قامت امس بتفريغ المستوطنات الحدودية الشمالية من سكانها خشية احتلالها من حزب الله ، اذا ما دخل الحرب في الايام القادمة .

لقد ذكرت أوساط مقربه من حماس وحزب الله ومحور المقاومة ان حماس قامت باجتياحها النوعي الناجح ، استباقاً لحرب كانت ستبدأها ” إسرائيل ” بعد عدة اشهر ، وهذا الامر ينطبق الآن على حسابات حزب الله من جهة وحكومة نتنياهو من جهة أخرى ، بدليل سعي الاخير لادخال المعارضة من غانتس ولابيد الى حكومة الحرب الشاملة التي ستحصل في الأيام القادمة ، ليس فقط ضد حماس والمقاومة في غزة ، وانما ضد حزب الله ايضاً ، وربما لحرب إقليمية ، ستدخلها أمريكا وحلفائها بهدف التخلص من العقبة الإيرانية التي تطارد أمريكا في المنطقة بغية إخراجها منها .

في هذه الحالة ، سوف تتدخل روسيا رغم حربها ضد الناتو في أوكرانيا ، كذلك سيكون دوراً فاعلاً للتنين الصيني .

انها أيام خطيرة وحبلى باحداث ربما ستكون اكثر دموية مما عليه اليوم وامس …



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2184617

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع مقالات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184617 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40