الأربعاء 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

بين الإختزالية والشمولية: هل الجزيرة مشروع حضاري ؟

د.أحمد قطامش *
الأربعاء 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

كتب المفكر الكبير محمد حسنين هيكل أن شبكة الجزيرة هي العنوان الأكبر في مجال الأعلام العربي ..... أنها مشروع حضاري يطرح نفسه على أقليمة .ولئن صحت مقولة أن لا نظرية سياسية دون نظرية للتاريخ ، يجوز ببعض المجازفة القول أن لا نظرية أعلامية دون نظرية فكرية .وفي زمن الصوت والصورة من الطبيعي أن تتضاعف أهمية الأعلام في الحيز الثقافي ، حيث يكاد يكون الأعلام الوسيلة الأكثر فاعلية في المشهد الثقافي بل يكاد يكون الأعلامي أقوى تأثيراً من أقرانة من المثقفين العضويين غرامشي سوف تنحصرمقالتي في قناة الجزيرة التي تأسست عام 1996 ببث يومي مدتة ست ساعات وضمت نخبة من أفضل الأعلاميين العرب ، وتنامى جمهورها الرائي ليصبح بعشرات الملايين .

وأنني شخصياً أحد المدمنين على نشراتها الأخبارية وبرامجها دون نسيان أن الجزيرة باتت اليوم شبكة متشعبة تبث برامجها على أمتداد الساعة من خلال 12 قمراً صناعياً تغطي أربع جنبات الكرة الأرضية ، بعد أن فرّخت الجزيرة نت بالعربية عام 2001 و نت بالأنجليزية عام 2003 و الجزيرة الرياضية بقنواتها عام 2003 و مركز التدريب والتطوير عام 2004 و الجزيرة مباشرة عام 2005 ، ناهيكم عن الجزيرة موبايل بثلاث لغات و مركز الجزيرة للدراسات و قناه الجزيرة الدولية بالأنجليزية و الجزيرة للأطفال و الجزيرة وثائقية ..
أعترف أنني لست خبيراً في حقل الأعلام ، ولكن مضمار عملي أوجب علي أهتماماً وتعاطياً وأنتاجاً على أمتداد زمني الواعي ، ذلك أنني أنتمي لمدرسة فكرية ترى في الأقتصاد – الأجتماع – السياسة – الثقافة – والأعلام – الأبداع بنيه مترابطة مرجعيتها رؤيه فلسفيه ،ولا حركة تاريخية دون مرشد نظري تاريخي ، ولا ممارسة أجتماعية دون ممارسة أعلامية ، بما يعد تطويراً لكلمات بن خلدون بأن الحياة التجارية والعمرانية... محرك للحياة الأجتماعية ،أكتفي هنا بتسجيل أنطباعاتي وملاحظاتي التي تقبل الأستصواب والتصويب في آن .

هنالك من يصنف الأعلام بثلاث أنواع :

إعلام أبيض ينقل الحقيقة واعلام أسود يفبرك الأكاذيب و أعلام رمادي يجمع بين هذا وذاك ، بهذه النسبة أو تلك ، أرتباطا بالمصالح وألايديولوجيات والتمويل والأخلاق والمعايير المهنيه ....وفي عصر الثورة التقنية أسْتغول الأعلام المرئي الى درجة أن يدفع البعض للأعتقاد أن الحقائق هي ما يصنعة الأعلام ، في نفي للقول الفلسفي أن الحقيقة هي ما يثبت صوابيته و أدراك ذاتي صحيح لواقع موضوعي .

ماالذي شدني للجزيرة في البدايات ؟

في سنوات الإعتقال الأداري كنت كسّواي من الأسرى في سجون الأحتلال محرومين من فضائية الجزيرة . وما أن تحررت أجريت عشرات المقابلات التلفزيونية والصحافية ، بعضها من برنامج الجزيرة أكثر من رأي. وما أن خفت لّجة الآف المهنئين توافر لي ما يكفي من وقت لمتابعة برامج الجزيرة ونشراتها الخبارية .لم يتطلب مني الأمر عميق تفكير لأدرك أن الجزيرة متحررة من العبارات الأنشائية والأستطرادات التي لا تضيف شيئاً ، أما ترتيب الأخبار فهو يخضع لأعتبارات صحفية مهنية ويخلو من اي حديث عن امير البلاد وسفراتة وزياراتة التاريخية ولا كلام عن العلاقات الأخوية العربية ومجالات التعاون لخص الأعلامي المثقف محمد كريشان ، وأندهشت من جراة ومزايا برنامج الأتجاة المعاكس للدكتور فيصل القاسم ،فثمة تعددية صريحة تذهب للنهايات من حق التعبير والقراءات وأختيارات العقل.,... ورأيت في ذلك متطلباً ضرورياً للوعي العربي لكي ينعطف من النقل الى العقل ومن قول أهل الحكم الى قول أهل الرأي وجمهرة الناس .

رحت ألاحق نشرات الأخبار و أفتش عن جديد البرامج ، الى أن أصبحت شغوفاً بها متلمساً طريقي أليها مطلع كل صباح متتبعاَ ومستفيداَ من سعة فضائها والأفاق الرحبة والملفات الساخنة التي فتحتها للجمهور العربي .ومن هنا أستخلصت أنها تسهم بدور توعوي يلقي حجارة كثيرة في المياة الراكده بما يسهم في عملية التغيير . فدون وعي ، أو بصورة أدق وعي نقدي يهشم التابو لا مجال لأرساء مقدمات التغيير .ومقولة غرامشي هيمنة ثقافية فهيمنة سياسية وثفافة تنتمي للكتلة التاريخية التقدمية هي صحيحة فلسطينياً طالما تفهم أن السياسة ، أي الصراع القومي والطبقي لينيين ، هي العامل الحاسم في التغيير .

أي ليس الأقتصاد كما حال قانون التاريخ ، بعد أن سرق معظم الوطن الفلسطيني وشلت ميكانيزمات التطور الأقتصادي ، ولا الثقافة بالمنظور الغرامشي الذي يشترط تبلور طبقي ومدني غير متوافران فلسطينياً . فالسياسة ، هنا ، هي العامل الأول ، سياسات الأحتلال العنصرية و ما ينتج عنها ، والسياسات التحررية و ما يتصل بها ، بل وحركة سياسة قوية تنشر ما تشاء من رؤى ، سواء كانت قومية برجوازية أو كوزموبوليتية أو يسارية أو جبرية أو توليفية من هذا وذاك.

للثقافة دور ، للوعي دور ، وهذالا مراء فية ، وفي النهاية الفكر يرشد والسياسة تحسم د. جورج حبش .
وأحدى أخلالات تجربتنا الفلسطينية ،هي ، هذة الخصيصة تحديداً . ذلك أن حركة سياسة غير ديمقراطية وغير مثقفة مؤهلة لقمع أتباعها وأقصاء سواها .

تماهياً مع الأعداء باولو فريري . فالمضّطهد يضطهد أخاه المضّطهد أن لم يتسلح بثقافة معادية للاضطهاد ويتربى على المواطنة و والرأي والراي الاخر كعملية بناء طويلة . فالثورة عملية حوارية وليست عملية عجرفة فريري ولا أحد يحتكر الحقيقة ، أما أن يسقط الفكرمن أعلى فامريكا تفكر لكم بريجنسكي ، وأن الحقيقة ما يفكر بة الدوتشي موسوليني الآن وكأن الحقيقة معطي جاهز، ففي ذلك وصفة لتعميق أزمتنا وتجفيف الشتلات الحيه التي يمكن أن تخترق جمود العقل التقليدي السائد والتي كان ما يشبهها في زمن التنوير الأوروبي في القرن السابع عشر ، بما مّهد للثورة السياسية في القرن الثامن عشر ، والفقزة اليابانية في القرن العشرين ، والمشروع التنموي الهائل في الصين هذة الأيام ....

وكفلسطيني ، ألحْظ ، أن فريق الجزيرة في فلسطين ، من خلال جهده ومثابرته و وبتحّدية للمخاطرة بات يعرف العالم حيثيات ما يدور في فلسطين ، بل وأكتسب هذا الفريق صدقيّة وطيّدة جعلت من تقاريرة الحيه والفورية مرجعية موثوقة ومصّدراً مؤتمناً للمستجدات.ناهيكم أن تنوع أشكاله الصحفية من تقارير أخبارية وميدانية وأخبار ومقابلات وتصريحات ورسائل أخبارية لا تخلو من تحليل أضفى رشاقة على الجزيرة لم نعد نقرأ أخباراً من صحافة غيرنا أو من وكالات الأنباء الأجنبية ، حيث تسيطر خمس وكالات أنباء رأسمالية على % 90 من أخبار العالم ، ولم تعد
فضائية ال سي أن ان أو سواها ملاذنا ، كما لم يعد أعلام القصر الأحادي والمّوجة بطريقة فجة خيارنا الوحيد .
الجزيرة في الميزان لاإبداع دون حرية مارسيل خليفة . ومن الواضح أن الجزيرة وفرت مناخات من الحرية بالقدر الذي جعل منها ظاهرة أخترقت قيود الأعلام الرسمي ، و سّلطت الأضواء على موضوعات وزوايا أزعجت العديد من الرسميين العرب الذين دأبوا على تبهيت أعلامهم وتكليس وتجميد أعلامييهم واعتبار تصريحاتهم و وعكاتهم وخطاباتهم التاريخية أهم الأخبار ،بينما واقع العرب في تدهور مضطرد الى درجة أن تنتج أسبانيا أو أيطاليا (دولتان صناعيتان من الدرجة الثانية ) ما يفوق أنتاج العرب ونفطهم وأن تحرز أفريقيا تنمية صناعية عامّي 008-2009 بينما العرب على حالهم حسب تقارير الأمم المتحدة ومن بين 500 جامعة في العالم ليس للعرب جامعة واحدة علماً ان العرب 5% من البشرية يدرسون في الجامعات كل مايلزم للحفظ والنسيان دون ربط الجامعة بالصناعة والبحث العلمي الأ لماما.وأن تخصص أمريكا لمراكز البحث سنوياً مئة ضعف ما تخصصة الأنظمة العربية ، وأن تتوحد أوروبا بينما تتمزق العراق دموياً بين المذاهب والعصابات ، وأن ينهض الشعب الفنزويلي لتحرير رئيسه تشافيز الذي أعتقلة العسكر وأن ينهض عسكر الأكوادور لتحرير رئيسهم من شلة الأنقلابيين بينما يترك ياسر عرفات أسيراً في مقاطعة رام الله الى أن ذهب في ظروف غامضة ،

وفيما أختلفت حركات التحرير الوطني في العالم الف مرة ، لكنها لم تعدم السبيل الذي يمكّنها من توحيد أرادتها على اهداف مشتركة .أمافلسطينياَ فلم نكتسب هذه الحكمة بعد . إلا يستدعي كل ذلك الأجابة عن سؤال لماذا؟
أما الحالة المعنوية للمواطن العربي ، فهي على قدر من الأستعصاء بما يشكل تحدياً كبيراً للمحللين و المعالجين النفسانيين، ولولا عوامل الصمود العفوية وغريزة البقاء والذاكرة الجمعية ، إي ليس أبداعات و خطط و نجاحات أولي ألامر ، لأفضت الأمور لما هو أكثر كارثية .

وعلية فأن تأتي فضائية ، لديها الكفاءة وحرية العمل لهتك الستار ، فهذا العمري يخدم المأثور الشائع أن معرفة الداء نصف الدواء .
ولأن الجزيرة خرجت عن النص قصفت قوات الأحتلال الأمريكي مقرها في بغداد واغلقت مكتبها في كابول ، ولم تترد أجهزة الأمن في غير عاصمة عريبة من فرض العقوبات على مكاتبها ومراسليها ...

وبفعل المعايير المهنية العالية للجزيرة أضطرت الفضائيات الأخرى للحاق بها ، بما أزعج النخب الحاكمة للمرة الثانية ، فاللحاق يتطلب تخفيف القيود عن أعلام وأعلاميي السلطة . فجوهر الخلل ليس في الأعلاميين بل في السياسة الرسمية للحكومات وتكلس صناعة الأعلام ... فأنظمة غير ديموقراطية أعلامها على شاكلتها وأنظمة غيركفؤه أعلامها على شاكلتها ، وسياسات فاشلة اعلامها على شاكلتها .فالديموقراطية وحرية ألاعلام والنجاعة بنيه واحدة .
وهنا ثمة مفارقة كبيرة ... كيف أستطاعت قطر الدولة الصغيرة ، التي بالكاد يبلغ عدد سكانها ثلاثة أرباع المليون وضعفهم من الأجانب وحكمها الأميري المتوارث وموروثها التقليدي العشائري ، أن تنتج فضائية بهذا الحضور والزخم ؟

أجاب المفكر هيكل لقد حلت الرؤية محل القوة ... والكفاءات والأسئلة الطليقة في كيمياء وفيزياء التاريخ . ويمكن الأضافة أيضاً أن النخبة الحاكمة تتحلى ببعض النزعات البرجوازية الليبرالية المحدوده ، الأمر الذي يفسرة ألغاء وزارة الأعلام عام 1997 ومنح المراة حق التصويت والترشح وإجراء أنتخابات بلدية ، و لكن دون الذهاب لما هو ابعد بأجازة أنشاء الأحزاب ومنح الأجانب حقوقا نقابية .

أما أن يكون لدى الحكم نزعة برجوازية قومية ، فهذا ثمة مظاهر له ومظاهر نقيضة ايضاَ ... فالحكم أقام دائرة مستديرة لحوار اللبنانيين ومائدة اخرى لحوار السودانيين وثالثة لليمنيين ، وكان ثمة أرهاصات لم تستكمل للفلسطينين ، ناهيكم عن اعمار قرى لبنانية هدمتها الحرب الأسرائيلية الفاشلة عام 2006 ومؤتمر تضامني مع غزة أثناء العدوان الأسرائيلي في عام 2009 .. دون أن ننسى دور الجزيرة الحيوي في تغطية يوميات أحتلال العراق بما أفقد ال سي أن أن أحتكار الرواية الأمر الذي دفع رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق لتوصيف الجزيرة بالشريرة ...
وشيء مشابة حصل في تغطية الجزيرة للأنتفاضة الشعبية في الأراضي الفلسطينية عام 2000 و الأجتياح الأسرائيلي عام 2002 ومعركة مخيم جنين الأسطورية والعدوان التدميري الأسرائيلي على لبنان عام 2006 ... فلولا الجزيرة كيف سيتابع العالم يوميات الحصار والعدوان والقتال ، وما هي الرواية التي سيتعبأ بها ؟
هل هي الرواية الأمريكية أم الأسرائيلية أم روايات اقل كفاءة و امكانات وأقل جرأة في تحدي المخاطر ؟
وفي الجهة المقابلة ، هناك ،في قطر، أكبر قاعدة عسكرية لوجستية امريكية وراء البحار ، وهناك ، في الدوحة ، تم أستقبال بيرس ، وكان ثمة مكتب أسرائيلي تجاري قبل اغلاقة ، أما في نيويورك عام 2000 فقد التقى أمير قطر بباراك بحضور 150 رئيس دولة وحكومه .

وفي سنوات الإنفتاح على «إسرائيل» أنفتحت الجزيرة على الرسميين« الإسرائيلين» .... ناهيكم أن الجزيرة الديموقراطية لا تتعرض للأوضاع في قطر ، بما يخالف الديموقراطية .
وهذة الإنتقادات وسواها متداولة في الأوساط الصحفية ، وتمثل قناعتي أيضاً ، كيساري قومي ، ولكنني أضيف أيضاً مقولة أبن خلدون أن تعميم الجزء على الكل يفضي الى الخطأ فأرى الجزء ضمن حجمة دون تعميمة على الكل . او تعمية عن الأنظار عن الصورة الكلية ، ناهيكم أن الجزيرة تقّيم كوسيلة أعلامية وحسب .

وما أعتقد أنة جدير بالمتابعة ، هو تغليب الجزيرة للحدث الساخن ، وهذا ربما أحد عوامل نجاحها ، ولكن ، ربما، يجدر أيضاً تخصيص مساحات أكبر للبرامج العميقة ، كبرنامج (في العمق) الذي يتولاة الصحافي المجتهد ، علي الضفيري ... وهناك كتائب من المثقفين العرب المرموقين لاستضافتهم .
فبرنامج من تجربتي للأستاذ هيكل أضاء الكثير ، وأحاديث الدكتور عزمي بشارة تبّصر وتضيف ، والمقابلات مع العالم الباز لها رونقها الخاص .

ثمة العديد من الملفات التي تتطلب الدراسة المعمقة ، بما يتجاوز بكثير حلقة لمدة ساعة : المنهاج التعليمي ،الفلسفة والدين ، التراث والمعاصرة ، التفكير المنطقي والتفكير النصي ، عوامل فشل المشروع النهضوي العربي ، التجربة الناصرية ، الخطاب المقاوم الفلسطيني وما آلت إلية الساحه الفلسطينية ثقافياَ وسياسياَ وأجتماعياً ....، الدولتان والدولة الواحدة ، مسألة الأقليات والحل الديموقراطي أنسداد أفق التنمية العربيه ، القطرية والقومية ، المذهبية والطائفية والمواطنه، مقارنة بين التجربة العربية والتجربة اليابانية ، الحركات الأجتماعية في القارة اللأتينية ، تجربة المقاومه في الجنوب لبنان ، المرأة في الدول الأسكندنافية وفي المنطقة العربية ، القيادات السياسية العربية وقيادة الثورة الفرنسية عام 1789 وفنزويلا اليوم ، السلطات العربية والمثقف العربي ، صفحات مشرقة من الثقافه العربية ، وصولاً الى لماذا أخفق المشروع النهضوي العربي بينما نجح في أوروبا منذ قرنين وها هو يحرز قفزات في الصين وأمريكا اللاتينية

وهناك قارة هى ألاغنى في حركتها الأجتماعية – النقابية- السياسية- الثقافية ، وتشهد عملية تنموية هائلة وتناقضات في غاية التنوع ، مهملة في وسائل الأعلام ....أنها الهند ، بينما تشكل درساَ نظرياَ معقداً وسيروره سيكون لها أبلغ الأثر.

وهناك أيضاً مقطع فلسطيني له أهمية هو الأسرى في سجون الأحتلال ، تجاربهم ، قضاياهم ، أنتاجهم الأبداعي، تعذيبهم ، مسيرتهم ، نمط حياتهم حياتهم داخل قلاع السجن وبعد التحرر ، تقاطعاتهم ، خلافاتهم ، على أمتداد أربعة عقود . فهذا المقطع مغيب ومثابة تاريخ مسكوت عنة ، اللهم تقارير خبرية سريعه لا تغني ولا تسمن من جوع ..
وصولآ الى تجربة المقاومة الفلسطينية في الوطن المحتل ، ومكتب الجزيرة في فلسطين الذى بدأ ( كنت أزود الجزيرة بنص هاتفي .

ولاحفاً وصلتنا آلة تصوير صغيرة . وفي صيف عام 1999 أستأجرنا كاميرا مع وحدة أنتاج وليد العمري . وأصبح اليوم مجهزاً بإمكانات تقنية وطاقم ديناميكي يغطي أرجاء الوطن لا تعوزة الجرأة لأقتحام المخاطر والحصول على المعلومات من منابعها وتسجيل الأحداث ببراعة وتشويق .. وكم من مرة تعرض وليد وشرين وجيفارا وإلياس وسواهم لتهديدات المستوطنين ورصاصات الجنود ؟ وأن تظهر صحافيات فلسطينيات على شاشة الجزيرة ، بما يتمتعن بة من حضور ،لا يبعث على الفخر ، قمقياس تحرر الشعوب هو تحرر المرأة ومقياس نجاح الشعوب هو نجاح المرأة ، فقط بل وينسف الصوره النمطية التي تروجها النظره الأستشراقية عن المرأه العربية .

وفي مرحلة الجزر والتقهقر تتعاظم أهمية النجاحات .
والذين اخرطوا في المشروع التحرري الفلسطيني مبكراً يعلمون أن النضال الوطني أحتاج بضعة أعوام من الكفاح التضحوي لأثبات وجود شعب فلسطين وقضية فلسطين ، وأحتاج لتضحيات أكبر لتأكيد هويتة الكفاحية وأنه ليس مجرد مجموعات من اللأجئين البائسين الذين يتسولون أردء أنواع الأرز والعدس والزيت من وكالة الغوث وملابس الروببكيا التي أستغنى عنها اهالي العواصم الغربية ..

وفيما تجري عملية منهاجية لإقصاء الفلسطيني من التاريخ بعد أقصائه من معظم الجغرافيا الفلسطينية وأذكاء دنيامية تفكيكية لوحدتة الشعبية وتشظية كيانة الوطني وأختراق نخبة ، تأتي مبادرات من هنا وهناك ، كنموذج بديل يبعث الأمل والوعد . وفي هذا السياق تقومالجزيرة بتغطية كل حدث وكل جديد ، كمرآه لنبض الوطن وأرشيف لأحداثيات الوطن من البحر الى النهر ،وتتسلل تقاريرها الى كل بيت فلسطيني في الوطن والشتات بما يعزز الأنتماء الوطني والتضامن الجمعي و الأهتمام بكل ما هو فلسطيني .

لقد لاحظت أن فضائية فلسطين أستضافت شخصيات فلسطينية من داخل الداخل من طراز حنين الزعبي وحسن جبارين ووو ... وهذة أضافة نوعية وتنافس أيجابي مع برنامج تهيئ لة الجزيرة أصحاب البلاد بما يشبة حوار بين أ+ ب في مرحلة لا يتحاورفيها أ + ب ، بل لا يرى أحدهما أية أيجابية في الآخر ، بل وتطغى النرجسية والسادية د. بلقزيز ، على الكثير من العاملين في الحقل الثقافي .

لقد مر زمن على الفلسطينين في أواخر القرن الثامن عشر ومعظم القرن التاسع عشر ، بعد اخفاق ثورة ظاهر العمر الزيداني الاستقلالية عن العثمانيين أن عصفت فيهم الصراعات الأقطاعية والعوائلية المحلية بتناحراتها. واليوم لولا مقاومة الوطنيه الفلسطينيه وصمود الناس في قراهم ومخيماتهم ومدنهم وما راكمتة الثقافه الوطنية من روابط وأهداف مشتركة ،لأمكن تصور أن يتكرس الأنقسام دون رجعه بين الضفة وغزة و48 وأن تشرئب العشائرية والطائفية والفئويات السياسية والتشظيات من كل طرز .

وعلية فمن نافل القول الحديث عن الفائدة الكبيره لأي منبر أعلامي أو ثقافي يعكس الهوية بتنوعها والشعب بمكوناته وأمتداداتة، وحسب الجزيرة أن توفر المزيد من المناخات للرأي ولرأي الآخر والرأي قد يكون سياسياً أو ثقافياً أو دينياً أو جنسوياً أو مجرد ذائقة وميول ... أما أن طغى الراي وأزيح الرأي الآخر فقد أنتقى التنوع وعم الموت الجماعي . ففي التناقض الحياة وفي التماثل الموت مهدي عامل ، فما بالكم إذا جرى قهر الأطراف المتناقضة بالسيف والأعتقال وأغلاق المؤسسة والعسس والتخويف وقطع الأرزاق .
وأن تعتمد تقارير وبرامج الجزيرة على الأدلة والبراهين والحجج مدعومه بالصوت و الصورة ، أنما تعزز بذلك العقل العلمي والتفكير المنطقي في بلاد لم يصل مساحات واسعه من الوعي الأجتماعي منطق أرسطو ( مقدمة ونتيجة ) فما بالكم بمنطق هيجل – ماركس ( الأضداد وحركتها والكلية وأرتباطاتها والكم والكيف ....) .

وفي النهاية لقد أستجابات الجزيرة للمواطن العربي للسماع للصوت الآخر وتناول قضايا حساسة من قبيل المحرمات علي كنانة .. ولكن لكي يستقيم هذا الشعار الرأي والرأي الآخر لايمكن أفراد حيّز واسع للتنظير الديني الأسلامي وتجاهل التنظير الديني المسيحي وتهميش التنظير الليبرالي وتغيب التنظير اليساري .

اتهامات متضاربة لم تحل دون تحولها لرواية نجاح عندما تلتبس الظواهر أو تصبح عصية على الفهم أو تتعقد ويكسوها الضباب ، يسهل على العقل المبسط الأحادي أتهامها وأسقاط أحكامه الذاتية عليها . وهذا حال العقل النمطي المصاب بالنمذجة الذي يرى الحياة مكعبات متماثلة كمثلثات أقليدس المتساوية ، فلا يستوعب التعددية والجديد وما يخالف مقاييسة المألوفة .

فالجزيرة تجاوزت الإعلام المحلي وطقوسة ومستوياته ، وحملت أبعاداً متشعبة ومتناقضة ، كمرآه لواقع عربي وعالمي متشعب ومتناقض ، فهي ليست خطابا أيديولوجياً متسقاً ولا بوق أعلامي لسياسة واحدة وثقافه واحدة ومفردات مكرورة، وموضوعات محدودة ، فهي طليقة ، متنوعة تطير بإجنحة نسر ، ويطير مراسلوها في أرجاء العالم ، ويقتحم كادرها الكثير من بوابات التابو .. لذا لم يكن صدفه أن تتهمها جهات عديدة بإتهامات متضاربة . فقد نعتت بالخيانة والعمالة لصدام وبن لادن واسرائيل و أمريكا و الأسلاميين والبعثيين ... فهي صنيعة أمريكية مرة و بوق للأرهاب مرة اخرى وحليفة للقوميين مرة ثالثة و مؤأمرة لتمزيق العرب مرة رابعة و منصة انطلاق للأخوان المسلمين مرة خامسة .

ومن تجربتي الشخصية ، اذكر أتهامها بأنها رأس حربة لبيان العشرين الذي أنتقد فساد السلطة وكنت أحد الموقعين علية ، وما جّرة ذلك من أعتقال ... ، وبعد أعوام أتهمت بإنها بدلت ولاءها وأصبحت بوقاً لرئيس السلطة المحاصر في مقاطعة رام الله .

لقد أدمن الوعي الأجتماعي على الأخفاق ، فمنذ العهد العباسي ، الذروة التي بلغها العرب ، والأمة العربية في تقهقر ، وفيما تقدمت على أوروبا ودقت أسوار باريس بعد الأندلس ، أحرزت أوروبا قفزاتها ومزّقت الجسد العربي في أتفاق سايكس – بيكو الذي ما فتئ سارياُ لهذا اليوم ، ومحاولات نهوض محمد علي وعبد الناصر بددت ، والعراق الذي كاد يحقق الأكتفاء الذاتي جرى احتلالة وتدمير الكثير من مقوماتة وتلغيمة بفايروس المذهبية والميليشياواتية التي لا تحترم خطوطاً حّمر . والحركة الفلسطينية التي اقتحمت السماء في زمن الجزر أصبحت احد عوامل الجزر ...

أن الأمة العربية حية ، حافلة بالطاقات والمحاولات الساعية للخروج من أزمتها ومن التاريخ المفّوت كما أن الشعب الفلسطيني حي ولم يتحول لغبار الأرض كما تمنت وثائق الخارجية الأسرائيلية بعد 48 ... وهذا موضوع يستحق وقفة منفصلة .

فما سر نجاح الجزيرة ؟

أولآ : العامل الذاتي ، فهي تضم نخبة من الكفاءات الأعلامية والأدارية المثابرة والمتفانية والموهوبة والمتسلحة بموقف وليس مجرد وظيفة فقط ، وسيرورة الجزيرة تشهد أنها غدت جامعة لتخريج المزيد من الكفاءات والكادرات . وهذا درس كبير لمن يستسلمون للشرط الموضوعي المجافي ويلوكون أخفاقائهم وكأنها بديهيات
.
ثانياً : تنوع طواقمها ، فهي تضم مختلف المشارب الفكرية و مختلف التخصصات من ذوي الخبرات المحلية والوافدة من الخارج من عشرات الجنسيات ، تحفزهم روح المنافسة والولاء المؤسسي في آن وأحترام عقل المشاهد وحقة بالمعرفة والأبتعاد عن التطبيل والهتاف للزعامات ، ناهيكم عن تفوقها في السبق الصحفي ( بدايات القصف الأمريكي للعراق ، بث عمليات لحزب الله ، تحطيم تمثال بوذا ، خطابات بن لادن ، التسلل لغزه المحاصرة .

وهناك بحث أكاديمي في جامعة بيرزيت أستخلص أن فلسطين والعراق تحضران في الجزيرة أكثر من سواها من الفضائيات).

ثالثاً : الجرأة في تناول مختلف القضايا وملاحقة الأحداث المتفجرة وأستضافة العديد من المثقفيين والمفكريين وأهل الرأي والراي الآخر ، رغم الملاحظة على الحضور المحدود لليساريين العرب الذين يتمتعون بمزايا ثقافية وتحليلية قادرة على التشخيص والتأشير على المستقبل ، وبعضهم من ألمع العقول في سوريا ولبنان والعراق و مصر، كما الملاحظة السلبية على عدم الحضور الواضح للمواطن العادي ، فهو صاحب رأي أيضا ربما يكون أكثر صفاء واستقامة.

رابعاَ : الحرية الواسعة للجزيرة وطواقمها ، بالأحتكام للمعايير المهنية دون مقص رقيب .إذ دون حرية عمل لا مجال لصناعة أعلام محترف .

أما الضغوط على الجزيرة فلم تؤت اُكلها . دون نسيان التمويل اللازم للجزيرة ، سواء كان حكومياً أو من عوائد الأعلانات ... ومن الواضح أن أضرار التمويل الحكومي لم تظهر على نحو يخصّيها طالما ان الجزيرة تتمتع بشخصيتها التي دأبت عليها ، بل يا حبذا لو تقوم السلطات العربية بتخصيص ما يكفي من موازنات لوسائل الأعلام ومراكز البحث دون احتواء ولجّم و زيارة خفافيش الليل .

ثمة تجربة جديدة ، لا يجوز أختزالها في بعد واحد أو تعظيم بعد وتهميش أبعاد أخرى ، فهي تجربة مركبة لها ما لها وعليها ما عليها ، تجربة تستحق الدرس والتعميم

*كاتب فلسطيني



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2182974

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

2182974 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 39


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40