هدية “أمير المؤمنين” في عيد الثورة الجزائرية، هو سحب أو استدعاء السفير المغربي من الجزائر لإجراء “مشاورات” في المملكة، وكان الأولى بالمغرب أن يفتح “مفاوضات” مباشرة مع الجزائر، قبل أن يستدعي سفيره ويحرّض “بلطجية” لمحاصرة السفارة الجزائرية بالمغرب.. ولسان حالهم يردّد بهمّاز غمّاز لمّاز: “وخـّا مولاي كي يبغي”!
تـُرى: ما هي خلفيات ومبررات هذا التكالب الذي يشنه المخزن ومعه أحزابه وصحافته، في حقّ الجزائر؟ وبطبيعة الحال، فإن المملكة المغربية تختبئ وراء قضية الصحراء الغربية، لتبرير ما لا يبرّر، وتغطية الشمس بالغربال، بالرغم من أن القضية هي من صلاحيات هيئة الأمم المتحدة!
استدعاء السفير المغربي، من طرف بلاده، هو حلقة جديدة من حلقات الاستفزاز والابتزاز ومحاولات ليّ ذراع الجزائر لمراجعة موقفها الذي أكدت مرارا وتكرارا أنه ثابت وهو مبدأ غير قابل للتنازل أو التفاوض.
هذا هو المغرب، في كلّ مرّة يُخطئ، يرتكب حماقات تنتهي دائما بالانتكاسة والعجز، ولعلّ حكاية فرض التأشيرة على الجزائريين من جانب واحد ودون استشارة الجزائر، هو الذي أدخل المغرب منذ 1994 في الفخّ، حيث ينادي ويغالي ويتوسّل لإعادة فتح الحدود المغلقة بقرار جزائري سيّد!
المخزن يُريد فتح الحدود، لكنه لا يُريد الاستجابة لشروط الجزائر الشرعية والمشروعة، المختزلة أساسا في وقف تهريب المخدرات وتسريب السلاح وشنّ حملات مسعورة في حقّ الجزائر، وكذا الاعتراف بحرية البلدين في مواقفهما من قضية الصحراء الغربية!
رسالة الرئيس بوتفليقة إلى قمّة أبوجا، ليست سابقة أو سرّا تمّ إعلانه، وإنّما هو موقف ثابت لم ولن يتغيّر أبدا، فلماذا ثارت إذن ثائرة المغرب بما جعله يستدعي سفيره ويصعّد حملته المسعورة في حقّ الجزائر؟
لقد استعدى المخزن كذلك، أحزابه الموالية والمعارضة، واجتمع بإعلامه ونخبته، في سياق تجنيد العام والخاص، وتعبئة الرأي العام المغربي، قصد مواصلة الحملة المفضوحة والاستمرار على نهج زعيم “حزب الاحتلال” المدعو شبّاط الذي زعم زورا وبهتانا أن بشار وتندوف الجزائريتين هما “قطعة مغربية”!
هذا هو البلاط الملكي، يتنازل عن سبتة ومليلية المغربيتين لأصدقائه الإسبان، ويحشد جيشه وصحافته وأحزابه لـ“احتلال” بشار وتندوف الجزائريتين المحرّرتين من الاستعمار الفرنسي بدماء وسلاح المجاهدين والشهداء الجزائريين الأبرار.
كان الأولى لـ“أمير المؤمنين” أن يستدعي سفيره في إسبانيا، إلى غاية تحرير سبتة ومليلية، وكان الأجدر بالمخزن أن يُوقف زراعة وتصدير الحشيش و“الزطلة” إلى الجزائر قبل أن يُنشد أغاني فتح الحدود، وكان المطلوب منه أن يلتزم بوعوده ويطبق اتفاقياته والتزاماته الدولية مع الجزائر قبل أن يطالبها بتغيير موقفها من قضايا التحرّر وتصفية الاستعمار في العالم!
مشكلة المخزن -(ولا علاقة للشعب المغربي الشقيق بما حدث ويحدث)- أنه يسبق دائما إلى العيب والعار ويعتمد بانتظام منطق “اضربني وأبكى واسبقني واشتكى”، وعندما ينقلب السحر على الساحر يقول: “ألـّي خانو سعدو يقول بيّى سحور”، والأيام وحدها ستثبت “ندم” المخزن من استدعاء سفيره، مثلما ندم على فرض التأشيرة وما انجرّ عنها من غلق للحدود!
*كاتب جزائري