الجمعة 7 تموز (يوليو) 2023

هكذا حوّل مقاومو جنين عملية “بيت وحديقة” الصهيونية إلى “خفي حنين”

يوسف الشيخ
الجمعة 7 تموز (يوليو) 2023

بخفي حنين عادت 6 سرايا من الوحدات الخاصة الصهيونية، والمدعومة بكتيبة من المشاة، بعد 40 ساعة من التخبط في زواريب وأزقة ومتاهات مخيم جنين، واستطاعت قوة فلسطينية متواضعة التسليح أن تقهر قوة صهيونية تفوقها بأربعة أضعاف، يؤازرها سلاحي الجو والمدفعية ووحدات سرية وغير سرية جندت كلها للمس بهيبة جنين الرمز والنموذج الكبير في المقاومة الفلسطينية. أما أمر الانسحاب المفاجئ والذي أصدره رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ـ الذي أشرف على العملية من مكان قريب ـ مع المشاهد التي أظهرت هروب الجنود وهم يحملون جثث رفاقهم، والآليات الثلاث الفارغة التي تركها أصحابها بعد صدور الأمر جعلهم الجمهور الصهيوني أضحوكة تندر بها وتداولها على وسائل التواصل.

في البداية لا بد من الاشارة إلى أن العملية التي انطلقت الساعة 1:15 من فجر الاثنين 3-7-2023 بضربة افتتاحية من سلاح الجو لـ 16 هدفاً داخل وخارج مخيم جنين، تعتبر من أكثر العمليات تكلفة في الجهد الاستخباري والتي جمع لها كمية العدو معلومات ضخمة واستغرق الاعداد لها 11 شهراً .

أهداف العدوان على جنين

في مراجعة لما صرح به العدو، أو سربه عبر مصادره الاعلامية، بدا سقف التوقعات عالياً بعد النجاح الجزئي الذي ظن جيش العدو أنه حققه في الساعات الاربع الأولى، ولم يعرف أن المقاومة وحتى لا تتسبب بأذى للمدنيين وضعت ضمن مخططها تنفيذ مناورتها الدفاعية الكبرى عن جنين من المخيم وليس من المدينة، وهذا ما أدخله في الفخ، فبناءاً على الاانجازات الوهمية التي ظن انها تحققت في بعض الابنية الفارغة على تخوم المخيم، حاول العدو تطوير هجومه سريعاً فاندفع إلى حيث أعدت له المقاومة ما يلزم من كمائن ومناطق قتل (حارة آل الدمج – مسجدي الطوالبة والانصار ودوار السينما والجابريات) وساعة فساعة كان سقف التوقعات الصهيونية يتهاوى حتى وصل إلى الحضيض.

بدأت العدو معركته على جنين بالاهداف التالية :

1ــ القضاء على مخيم جنين كنموذج للمقاومة.
2ــ اجتثاث حاضنة للمقاومين والمطاردين تعتبر ملاذاً آمناً وعصياً عن العدو لكل من يريد المس به.
3ــ ترميم الردع الصهيوني المتهاوي على جميع المستويات وفي شتى الساحات بمواجهة المقاومة.
4ــ القضاء على البنية التحتية للمقاومة (مخازن ــ مصانع تطوير أسلحة وعبوات ــ هيكلية عسكرية كاملة ــ انفاق... الخ).
5ــ تصفية البنية البشرية للمقاومة في جنين (قادة العمل المقاوم في جنين ــ مخططين ــ قادة مطاردين ــ أفراد ومقاتلين مدربين جيداً اكتسبوا الخبرة على مدى المواجهات الــ 6 الأخيرة خلال 24 شهراً).
6ــ محاولة أيجاد شرخ بين البيئة المدنية الحاضنة والمقاومة في جنين وذلك من خلال تبيان التكلفة التي يمكن أن يدفعها أهالي جنين مادياً لقاء احتضانهم للمقاومة من خلال تدمير البنية التحتية ( طرقات ــ خطوط ماء وكهرباء ــ هاتف ــ انترنت ... الخ ) والتي عملت الجرافات الصهيونية (عامدة) على القضاء عليها وتجريفها.

هكذا حوّل مقاومو جنين عملية “بيت وحديقة” الصهيونية إلى “خفي حنين”

الدخول الارادي إلى أفخاخ جنين

اضطر العدو خلال العدوان إلى تنفيذ ثلاث وقفات تعبوية خلال العملية، وهذا يعني في الجيوش الكثير، حيث أن الوقفات التعبوية تنفذ عادة من قبل القوة المهاجمة بعد تحقيق انجازات وفي جبهات ومحاور عارضها لا يقل عن 8-10 كلم.

فأدخل بداية القوات الخاصة، ثم قام بتخفيفها وسحبها، وكلف المشاة المؤللة بدخول المخيم، ثم أعاد بعد ساعات تنفيذ وقفة تعبوية أخرى ودمج القوات الخاصة بقوات المشاة، ثم قام في الوقفة التعبوية الثالثة مساء يوم الثلاثاء قبل ساعتين من إنهاء العملية بزج كل القوات البرية في المعركة، حيث نفذ هجوماً شاملاً على 10 محاور تبين أن معظمها هجمات تثبيتية (خداعية)، وأنها تختبر نقاط الضعف لدى المقاومة التي كانت تستبق تحركاته وكأنها تعلم ما يفكر فتقوم بإعداد ما يلزم في كل محور حسب خصوصيته ومتطلباته العسكرية والاسلحة اللازمة، ويبدو أن الخدعة الكبرى كانت إيهام العدو أن نقطة الضعف الرئيسية للمقاومة هي منطقة دوار السينما كانت ناجحة بامتياز.

هناك حشدت المقاومة ما يلزم من قوات وعبوات جديدة وتكتيكات خاصة، استطاعت إيقاع خسائر كبيرة في صفوف العدو الذي اعترفت قيادته حتى الآن بثلاث قتلى، إلا أن المقاومين الذين قاتلوا العدو وجهاً لوجه في هذه المنطقة، وعند النقطة صفر أكدوا أن العدو خسر 5 جنود قتلى على الاقل في معركة دوار السينما، والتي كانت المعركة الختامية والدرس الاكبر الذي لقنته جنين لعدوها فخرج منها سريعاً يجر أذيال الخيبة.

المقاومون

في المقابل طبق المقاومون ومعظمهم من الجيل الجديد الذي خبر أرضه جيداً في المخيم واستفاد من صغر حجمه وطابعه التكتيكي ومتاهاته ليحرم العدو من جميع عوامل قوته وأهمه (الطيران ــ الاستطلاع الجوي والفني ــ امكانية تدخل الدروع والمدفعية)، وقد نفذ المقاومون أسلوب المناورة بالحركة بشكل ممتاز معتمدين على تطبيق دقيق ومميز لحرب عصابات المدن والتجمعات الحضرية، وعلى الحركة الفردية واستغلال عوامل الاختفاء والغطاء والرؤية والرماية بالاستفادة من الموانع والتحصينات الطبيعية والاصطناعية بالقدر الممكن، اي الاستفادة القصوى من عامل الجغرافيا لاستغلالها في الجوانب العسكرية (تكتيك ــ تشغيل ــ مناورة ) طوال ساعات المعركة الـ 40، من زرع عبوات ونصب كمائن اعتمدت بشكل أساسي في هذه المعركة على كفاءة الفرد وشجاعته وروحيته التي أثبتت مرة أخرى أنها هي التي تقاتل في كل ساحات مقاومة العدو.

بناءً على ما تقدم كان لا بد من أن يفرض الفن التكتيكي والتعبوي المقاوم نفسه على حساب الفن التعبوي للعدو، والذي برز تكتيكياً كعامل تفوق قتالي وفرض نفسه تعبوياً في انتصار المقاومة ومسارعة الجحافل الصهيونية الغازية إلى الفرار من جحيم جنين مرة جديدة بعد 21 عاماً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2183342

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

27 من الزوار الآن

2183342 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40