الجمعة 7 تموز (يوليو) 2023

«حماس» و«الجهاد» بعد اتفاق بكين: هل لا تزال الرياض ترى أنّ المقاومة «وجه إيراني»؟

عباس بوصفوان *
الجمعة 7 تموز (يوليو) 2023

في ضوء التهدئة الإيرانية - السعودية المعلنة، يُطرح السؤال: هل لا تزال الرياض، وعدد من حلفائها في المنطقة، يرون أنّ انتصار المقاومة المتحقّق في جنين على العدوان «الإسرائيلي» انتصار لخطّ وتوجّه إيراني، وليس ظفراً فلسطينياً مستحقاً على احتلال غاشم طال أمده؟

هل أدت المصالحة الإقليمية إلى «تحييد» فلسطين من المنافسة بين قطبَي المنطقة؟ أي ألّا تقف السعودية ضد المقاومة المشروعة وفق أدبيات القانون الدولي، إذا لم تستطع دعم حق الفلسطينيّين في الدفاع عن مالهم وعرضهم وتحرير أرضهم من الاحتلال.
تقليدياً، يدفع التباين الإقليمي أطرافاً عربية إلى العمل بكل جهد لتخرج المقاومة الفلسطينية منتصرة في كل معركة تخوضها مع كيان الاحتلال. ونجد أطرافاً أخرى لعلّها تتمنّى العكس. وثالثة تفضّل، ربما، أن «تقف على التل» (الحياد). أو هي تجد في انتصار المقاومة، كما في هزيمتها، تداعيات وسلبيات عليها.

فهل انتقلت الرياض إلى المجموعة الثالثة؟ إذا افترضنا أنها لم تعد ترى «حماس» و«الجهاد» مجرد وجه إيراني، كما يحاول أن يروّج الصهاينة في إعلامهم، وكما فعل الإعلام السعودي خلال سنوات طويلة سابقة، بل الفلسطينيون، قبل أي شيء آخر، أصحاب الأرض المعتدى عليهم.

أم لم يعد حتى من الصعب إدراج السعودية ضمن الفريق الأول في ضوء «تفاهم بكين» في آذار المنصرم؟ أم أن مثل هذا السؤال يبدو مغالياً، وكأن السعودية (أو إيران بطبيعة الحال) بصدد تبديل حمضها النووي حتى مع التوقيع على اتفاق، «تاريخي» بلا شك، «إيجابي» على الطرفين والمنطقة بلا شك، ومن حق البعض القول إنه سيغيّر الكون؟

وعلى رغم إن الإمارات والبحرين لم تتحدّثا، هذه المرة، عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، كما فعلتا أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، ما دام القصف الصهيوني يطال «أصدقاء إيران» في سوريا التاريخية، كما قالتا، ونحن نعلم أن ليس للبحرين، على الأقل، سياسة مستقلة ولا اقتصاد مستقل، وهي تعبّر حين تتحدث عن رأي الرياض، فإن تصريحات الطرف السعودي بشأن اجتياح قوات الاحتلال لجنين في الثالث من الشهر الجاري، استمرت باردة وباهتة، ولم تصل في أي لحظة إلى تأييد الحق المقاوم، ولا إلى إزاحة التطبيع، الذي لا يُعتقد أن شروطه السعودية تتضمّن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، عن الطاولة.
في ذروة التوغل الصهيوني في قلب المخيّم، المتميّز موقعاً، والذي يضم مهجّرين من «أراضي الـ 48»، يحتاج القارئ إلى وقت طويل ليعثر على خبر عن الأحداث العدوانية منشور في إحدى الصفحات الداخلية في عدد صحيفة «الرياض»، الصادر الثلاثاء الماضي. و«الرياض» أولى الجرائد السعودية التي تأسّست منتصف ستينيات القرن الماضي، باعتبارها الناطق «شبه الرسمي» باسم الحكومة.

لا يغيّر من ذلك كون الاحتلال جاثماً على «أراضي الـ 67»، وتكرّسه حكومة أكثر يمينية ممّا عهدته الدولة العبرية، فيما تتموضع الكتائب المقاومة المسلحة تسليحاً من صنع أيديها، في موضع رد الفعل.

الإعلام الصهيوني يتحدّث عن عمل ممنهج يجري القيام به، بقيادة حركة «الجهاد» خصوصاً، الحليف الأقرب لإيران من وجهة نظر دولة الاحتلال، لنقل تجربة جنوب لبنان وغزة في المقاومة إلى الضفة الغربية، وهو أمر لا تخفيه الفصائل، والطرف الإيراني الداعم لها.

هذه التوصيفات لا تزال تجد لها بعض مكان على بعض صفحات الإعلام الخليجي، فيما تكاد لا ترى صوتاً محسوباً على «حماس» و«الجهاد» على أي شاشة سعودية وإماراتية، التي استمر بثّها كالمعتاد، حتى إن كانت هذه الحركات معنية أكثر من غيرها بالحدث المتفجّر في جنين.
هل لا تزال «حماس»، الفصيل الفلسطيني النافذ في غزة والضفة والشتات، من المنظور السعودي - الإماراتي لا تعدو أن تكون حليفاً لإيران؟

وهل لا تزال الرياض تتضايق أشدّ الضيق، كما يفعل، يا للغرابة، بعض الإسلاميين المحسوبين على خط «الإخوان»، من علوّ صوت «حماس» شكراً لطهران، التي تمدّها بالسلاح، وحاضنة سياسية إقليمية مؤثّرة، وهذا المديح لم يعد سراً، وإنما يقال على رؤوس الأشهاد؟

وهل لا تزال الرياض ترى «حماس»، إضافة إلى ما سبق، مجرّد فصيل من فصائل «الإسلام السياسي»، يمثّل نموذجاً سياسياً مغايراً، ويمدّ الحركيين، أو من تبقّى منهم، المقموعين في الرياض بالأمثولة والأمل، وليس حركة مقاومة نبتت من الوجع الذي زرعه البريطاني قبل قرن من الزمان؟
أما «الجهاد»، التي تقرّبت منها قطر أخيراً، فهي، على ما يبدو، ليست محلّ ترحيب الرياض، التي استضافت قياديّين من «حماس» في نيسان الماضي، هي الأولى من نوعها منذ أن قطعت الرياض علاقتها بطهران في 2016.
لكن الرياض أعادت علاقتها بسوريا، وبدأت حواراً مع اليمن الجديد، عليه. هذا صحيح، بيد أن الصحيح أيضاً أنها نفضت يديها ممّا حلّ بدمشق وصنعاء من دمار، وهذه ليست قضية أخرى.
مهما يكن، فإن السؤال يزداد إلحاحاً على النظام العربي الرسمي، الذي تقوده الرياض، وهو العاجز عن رؤية القوى الفلسطينية حركات تحرير وليس وجهاً إيرانياً: كيف يمكن الوصول إلى حلّ الدولتين، الذي أزاحه نتنياهو عن الطاولة، من دون استخدام السلاح؟ وقد فشلت تجربة التفاوض التي لا تزال الأطراف العربية تعوّل عليها، هرباً من القيام بواجباتها المفترضة تجاه احتلال بغيض لأراضٍ ومقدسات عربية، لكن الاحتلال صديق للغرب، الصديق للأنظمة.

* كاتب وصحافي من البحرين



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2183366

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2183366 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40