الاثنين 3 نيسان (أبريل) 2023

تطبيع رمضاني بره وجوه : افطارات بلا ثواب

زهير أندراوس
الاثنين 3 نيسان (أبريل) 2023

- افطار واشنطن

في الوقت الذي تُواجِه فيه دولة الاحتلال الإسرائيليّ توترًا متصاعدًا مع الولايات المتحدة الأمريكيّة على خلفية الانقلاب القضائيّ الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته السادِسة، فقد شهدت الأخيرة لقاءً تطبيعيًا لافتًا، شارك فيه 150 ضيفًا في حدثٍ رمضانيٍّ أصبح تقليدًا في سفارة إسرائيل بالعاصمة الأمريكيّة واشنطن، وقد عقد هذا العام لأوّل مرّةٍ بالتعاون مع بعثات عددٍ من الدول الإسلاميّة، بزعم لتعزيز وتحقيق رؤية مشتركة لمستقبل أفضل، وفي الوقت نفسه أقام سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن وليمة في منزله، زاعمًا أنّه في العام المقبل سيتحدّث باللغة العبريّة.

وفي هذا السياق كشف إيتمار آيخنر، المُراسِل السياسيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة النقاب عن أنّ “سفراء إسرائيل وأذربيجان والبحرين لدى الولايات المتحدة، أعدّوا وجبة إفطار معا في واشنطن بمناسبة شهر رمضان، وقد أقيم حفل الإفطار في السفارة الإسرائيليّة منذ عدّة سنوات، لكنّه العام الأوّل الذي تستضيفه بالاشتراك مع سفارات الدول الإسلاميّة، وقد حضر الحدث 150 ضيفا، بينهم كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكيّة، ومشرعون وسفراء ودبلوماسيون ورجال دين مسلمون، وقادة يهود وممثلون عن المجتمع المدنيّ”.

وأضاف المُراسِل نقلاً عن مصادره بوزارة الخارجيّة في تل أبيب، أنّ “السفراء المشاركين في هذا الحدث أكّدوا في كلماتهم العلاقات القويّة بين الدول الثلاث، وقال سفير أذربيجان في واشنطن كازار إبراهيم، إنّنا “نُشجِّع العلاقات بين الأديان المتجذرة فينا، ونعتّز بقبول الاختلاف من خلال تعدد الثقافات لدينا”، فيما أضاف السفير البحرينيّ الشيخ عبد الله بن راشد آل خليفة، أنّ “رمضان مثل يوم الغفران وعيد الفصح وقت التأمل والتسامح، يتيح لنا الصوم التركيز على العلاقة الروحية التي تجمعنا بخالق العالم”، على حدّ وصفه.

علاوة على ذلك، نقلت الصحيفة العبريّة عن السفير الإسرائيليّ بواشنطن، مايكل هيرتسوغ، زعمه خلال الإفطار، أنّ “إفطار اليوم حدث رائد ليس فقط من حيث الحفاظ على تقليد طويل الأمد، لكنّه يرمز لبناء الجسور بين الأديان، والمجتمعات والمناطق المختلفة، وشهر رمضان فرصة لنا لتعزيز وتحقيق رؤية مشتركة لمستقبل أفضل، يسعدني أن أحتفل الليلة مع أصدقائنا الأعزاء”، كما قال.

في الوقت عينه، أوضحت الصحيفة أنّ سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في إسرائيل محمد آل حاجة، أقام وجبة إفطار في منزله لأوّل مرّةٍ، جامعًا مختلف قطاعات المجتمع الإسرائيليّ، ومن بين الضيوف المدعوين رئيس الاحتلال السابق رؤوفين ريفلين، ومحافظ بنك إسرائيل أمير يارون، ورئيس مجلس إدارة بنك (هبوعليم) سامر حاج يحيى، والمدير العام لوزارة الخارجية رونين ليفي (ماعوز)، عرّاب التطبيع، وسفيرا المغرب والبحرين في تل أبيب، وقد تحدث السفير الإماراتيّ عن شهر رمضان، واعدًا بأنّه سيتحدث باللغة العبرية في العام القادم، على حدّ تعبيره.

في سياقٍ ذي صلة، أفاد الموقع الإخباريّ-العبريّ (YNET) أنّ وزير خارجية أذربيجان وصل إلى الكيان يوم السبت وافتتح أوّل سفارةٍ لدولةٍ إسلاميّةٍ شيعيّةٍ في تل أبيب، وخلال اجتماعه مع وزير الخارجيّة الإسرائيليّ، إيلي كوهين، قال الأخير إنّه تمّ الاتفاق بين الطرفيْن على تشكيل جبهةٍ موحدّةٍ ضدّ إيران، لافتًا إلى أنّ الأمر أثار غضب طهران، التي ردّت بالقول إنّ إسرائيل تسعى لتحويل أذربيجان إلى قاعدةٍ عسكريّةٍ أماميّةٍ ضدّها، في حين ردّت باكو على التصريحات الإيرانيّة بالقول إنّه في الفترة الأخيرة تزايدت التهديدات الإيرانيّة ضدّها.

- افطار الخليل

يسعى الاحتلال الإسرائيليّ بشتّى الطرق والوسائل وعمليات الترهيب والترغيب إلى دقّ الأسافين بين أبناء الشعب الواحِد، مُتسلّحًا بسياسة (فرِّق تَسُد)، ووصلت به الوقاحة والصلف إلى استغلالٍ رخيصٍ ومُهينٍ لشهر رمضان الفضيل لتحقيق مآربه وأهداف مَنْ يدورون في فلكه.

وفي هذا السياق، دانت اللجنة الوطنيّة الفلسطينيّة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) لقاء الإفطار الذي وصفته بالخيانيّ الذي جمع بين بعض ممَّنْ يدّعون تمثيل بعض العشائر من محافظة الخليل مع ضباط من جيش الاحتلال الإسرائيليّ، تحديدًا من (الإدارة المدنية) وبعض الضباط السابقين في مصلحة السجون الإسرائيليّة.

ودعت اللجنة الوطنيّة الشعب العربيّ الفلسطينيّ في كلّ مكان، بالذات في جبل الخليل المناضِل، بعزل رموز الخيانة ومقاطعتهم شعبيًا لإجهاض مخططات الاحتلال لإحياء (روابط القرى) كأداةٍ لخدمة مشروعه الاستعماريّ.

وجاء في بيانٍ رسميٍّ لحركة المقاطعة، تلقّت (رأي اليوم) نُسخةً منه: “يأتي هذا اللقاء الخيانيّ في يوم استشهاد الدكتور محمد العصيبي من عشائر النقب العربيّة الفلسطينيّة الصامدة، وفي الوقت الذي يصعّد فيه الاحتلال من جرائمه بحقّ شعبنا بالذات في المسجد الأقصى ومحاولته منع المصلين من الوصول إليه في شهر رمضان المبارك”، على حدّ تعبير البيان.
وتابع البيان قائلاً: “كما يأتي هذا الاحتفال بممثلي نظام الاستعمار-الاستيطانيّ والأبارتهايد الإسرائيلي ليُقدّم ورقة توت مهترئة للتغطية على سياسة التطهير العرقيّ الممنهج لشعبنا الصامد المقاوم في ربوع فلسطين التاريخيّة، من النقب إلى مسافر يطا ومن سوسيا إلى القدس، فعلى مرمى حجر من مكان عقد الإفطار الخيانيّ، يعمل الاحتلال على تهجير أكثر من 1200 فلسطينيّ من منطقة المسافر، ناهيك عن منع المواطنين من الوصول إلى المياه والأراضي والتهديد المتكرر بالقتل”، على حدّ تعبيره.

وشدّدّ البيان على أنّ “هذه اللقاءات الوقحة مع ممثلي الاحتلال لا تجري في الفراغ، بل في سياق تفاقم التطبيع الرسميّ، والمتمثل بالاستمرار في التنسيق الأمنيّ على الرغم من قرارات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، القاضية بوقفه بشكلٍ كاملٍ، وفي اللقاءات التطبيعيّة الأخيرة بمشاركة جهاتٍ رسميةٍ فلسطينيّةٍ والتي كان آخرها اجتماعا شرم الشيخ والعقبة مع قيادات العدوّ الإسرائيليّ، والتي تمّ عقدها بإملاءٍ أمريكيٍّ وبمشاركة حكومتيْ مصر والأردن، بحجة البحث عن سبل (التهدئة في الأراضي الفلسطينية)”، وفقًا للبيان.

ولفت البيان إلى أنّه “في الوقت الذي يناضل فيه شعبنا الفلسطينيّ من أجل حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها التحرّر والعودة وتقرير المصير، ولإفشال خطط الاحتلال الساعية لتصفية القضية الفلسطينيّة بغطاءٍ من بعض الأنظمة العربية المنخرطة في التطبيع والتحالف العسكريّ معه، وفي الوقت الذي تصر الشعوب العربيّة الشقيقة، من المغرب إلى البحرين وما بينهما، على مركزية قضية فلسطين وعلى رفض التطبيع، يبقى التطبيع الفلسطينيّ، بالذات الرسميّ، أهم ورقة توت تُغطّي على وتُستخدم لتبرير التطبيع مع الاحتلال”، طبقًا للبيان.
وخلُص بيان حركة المُقاطعة وسحب الاستثمارات إلى القول “إنْ كانت مقاومة التطبيع هامّة في كلّ زمان، كونه يشكل سلاحًا إسرائيليًا فعّالاً يستخدم لتقويض نضالنا من أجل حقوق شعبنا، فإنّ مناهضة التطبيع، والتصدّي له على المستويين الرسميّ والشعبيّ في هذا الزمن تُعدّ ضرورةً نضاليّةً ملحةً لمنع تصفية القضية الفلسطينيّة”، على حدّ تعبير البيان.
وعبَرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن “استنكارها الشديد للإفطار الجماعيّ التطبيعيّ”، وأكّدت أنّ هذه “اللقاءات المرفوضة وطنياً تأتي في وقتٍ يواصل فيه الاحتلال إرهابه المتصاعد بحق أبناء شعبنا”.

وقالت إنّ هذه “اللقاءات والإفطارات التي تنظّم في شهر رمضان من كلّ عامٍ تتجاوز الأعراف الوطنيّة لشعبنا” وأضافت: كلّ مَنْ يُشارك فيها يُساهم في التغطية على جرائم الاحتلال وتغوّله على شعبنا وحقوقه الوطنيّة”.

جديرٌ بالذكر أنّ روابط القرى، هي عملية تنظيمية طبقتها الحكومة الإسرائيليّة في الأراضي المحتلة بالضفّة الغربيّة عام 1978 في أعقاب اتفاقيات (كامپ ديڤيد)، بين إسرائيل ومصر، تحت الادارة المدنيّة الإسرائيليّة.

وكانت الأهداف المعلنة لهذه الروابط القروية هو حلّ المنازعات والخلافات السكانيّة ومساعدة المزارعين في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، إلّا أنّ الأهداف الحقيقية لتلك الروابط كان دعم سلطات الاحتلال لها بالمال والسلاح، في محاولة لخلق قيادةٍ فلسطينيّةٍ بديلةٍ عن منظمة التحرير الفلسطينيّة، تكون مستعدة لتأييد )كامپ ديڤيد) وقادرة على المشاركة في مفاوضات الحكم الذاتيّ وتنفيذ مخطط إسرائيل للإدارة المدنية وتولي المناصب أوْ المهام التي توكل إليها في هذا السياق.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2184625

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع بعد الطبع   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2184625 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40