السبت 3 أيلول (سبتمبر) 2022

إحياء المؤتمر الصهيوني الأول … تلميع صورة الحركة الصهيونية وإسرائيل!

بقلم : نبيل السهلي
السبت 3 أيلول (سبتمبر) 2022

في وقت انكشفت فيه عنصرية الحركة الصهيونية وإسرائيل أمام العالم بأسره؛ يستضيف الاتحاد السويسري هذه الايام الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ ، للاحتفال بالذكرى الـ 125 للمؤتمر الصهيوني الأول في بازل وهو الحدث الذي تنظمه المنظمة الصهيونية العالمية، ويحضره آلاف المندوبين من إسرائيل ومن جميع أنحاء العالم، حسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت.
الهدف من وراء الاحتفال تلميع صورة الحركة الصهيونية ووليدتها إسرائيل التي أنشئت قبل أكثر من 74 عاًما بدعم غربي مطلق، ليكون عنوان استمرار دولة الأبارتايد في قتل وتهجير الفلسطينيين واعتقالهم ، وصولاً إلى طمس هويتهم المتجذرة والعصية عن التغييب.
وفي هذه المناسبة تبرز أسئلة ملحة حول حلقات المشروع الصهيوني الإجلائي الإحلالي في فلسطين ، وبالتالي الحلقات التي لم تنجز حتى اللحظة الراهنة.
حلقات متداخلة
رسمت الحركة الصهيونية عبر مخطط ممنهج الحلقات المتداخلة لتحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين، وقد ارتكز المنطلق الاستراتيجي لسياسة الإحلال والتهويد الصهيونيين في فلسطين على أربعة أسس، تتفرع عنها جملة مبادئ لأغراض مرحلية التنفيذ وفق الإمكانات الصهيونية المتاحة.
وتحدد الأسس والركائز بما يلي: العمل الصهيوني الدؤوب لتهجير يهود العالم إلى فلسطين لكونها العامل الحاسم ديموغرافيا، فضلاً عن العمل على تهويد الأرض العربية، بعد احتلالها ومصادرة ما يمكن مصادرته بطرق عديدة، إضافة إلى محاولة تهيئة الظروف السياسية لطرد ما أمكن من العرب الفلسطينيين ومن ثم إقامة المستوطنات لتغيير الجغرافيا والديموغرافيا لصالح المشروع الصهيوني، وأخيراً تم التركيز على إيجاد اقتصاد صهيوني، من شأنه أن يكون عاملا جاذبا لمزيد من يهود العالم، من خلال تحقيق مستويات معيشة مرتفعة ومعدلات نمو عالية في آن .
ماذا تحقق من أهداف للمشروع الصهيوني، وماذا عن الحلقات المفقودة ؟
أسئلة سنحاول الإجابة عنها في سياق عرضنا. في الجانب الاحلالي التهويدي، أولى قادة الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال الصهيوني أهميةً فائقة لموضوع هجرة اليهود من بقاع الأرض كافة باتجاه فلسطين، وذلك لتأمين المادة البشرية اللازمة لتنفيذ حلقات المشروع الصهيوني المتصلة والممرحلة، ولوحظ أن الهجرة اليهودية لم تتخذ طابع الجذب والطرد وفق العوامل الموضوعية، وإنما اتخذت طابعاً منظماً تقف وراءه المؤسسات الصهيونية، ومنذ مؤتمر بال استطاعت الحركة الصهيونية وإسرائيل استغلال الظروف الدولية لجذب مزيد من يهود العالم وإسرائيل، فكانت بريطانيا المؤسس الأول لدفع المادة البشرية اليهودية إلى فلسطين أثناء انتدابها على فلسطين خلال الفترة (1922-1948) فحصلت كبرى الهجرات اليهودية إبان تلك الفترة حتى وصل مجموع اليهود عشية الإعلان عن إقامة إسرائيل في 15 مايو/أيار 1948 إلى نحو (650) ألف يهودي ارتفع نتيجة الهجرة بشكل أساسي، وبفعل استمرار الهجرة ليصل إلى (6،7) مليون يهودي في منتصف العام الحالي 2019.
تراجع عوامل الجذب
وقد كانت السنوات الأولى لإقامة دولة الاحتلال الصهيوني (1948-1960) سنوات ذهبية بالنسبة لعامل الهجرة اليهودية، فقد ساهمت الهجرة بنحو 69 في المئة من إجمالي الزيادة اليهودية في فلسطين خلال تلك الفترة، وتراجعت هذه النسب بسبب تراجع عوامل الجذب إلى فلسطين المحتلة، وكذلك عوامل الطرد من دول المنشأ، إلى أن عاودت الظروف المناسبة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وتم جذب أكثر من مليون يهودي خلال الفترة (1989-2000)، وتبعاً لذلك ساهمت الهجرة خلال السنوات المذكورة بنحو 67 في المئة من إجمالي زيادة اليهود في فلسطين.
وبعد تراجع أرقام الهجرة خلال السنوات الأخيرة ، مقارنة بالفترة (1989-2000)، فإن السلطات الصهيونية تسعى جاهدةً لفتح قنوات جديدة لهجرة يهود من الدول الآسيوية، خصوصاً في ظل عدم وجود احتمالات هجرة اليهود إلى فلسطين من أوروبا وأمريكا بسبب ارتفاع مستوى معيشتهم في تلك الدول.
وستظل الهجرة اليهودية هاجساً قوياً لأصحاب القرار في دولة الاحتلال الصهيوني؛ لكونها حجر الأساس في تأمين المادة البشرية اليهودية لتحقيق أحلامها التوسعية في المنطقة العربية من جهة، وتحقيق التفوق الديموغرافي الدائم على العرب في فلسطين من جهة أخرى في المدى البعيد.
في مقابل ذلك تمثل الجانب الإجلائي، باعتماد الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال على ارتكاب المجازر لحمل العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين على الرحيل عن أرضهم بقوة السلاح وارتكاب عشرات المجازر المسجلة وغير المسجلة، أدت بمجملها الى طرد (850) ألف فلسطيني من ديارهم عام 48 ، ليصبح مجموعهم نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني خلال العام الحالي 2022؛ وفي العام 1967 إبان احتلالها للضفة والقطاع، استطاع جيش الاحتلال طرد نحو (460) ألف فلسطيني، أصبح مجموعهم نحو مليون وثمانمائة ألف نازح فلسطيني حالياً.
وبالنسبة إلى الركيزة الصهيونية الأهم والمتمثلة بتهويد الأرض الفلسطينية فإن تلك العملية تطلبت السيطرة على الأرض الفلسطينية بشتى الطرق والوسائل، وقد وضعت لها آليات منظمة ومؤسسات تنفيذية تعمل بدقة عبر وسائل عديدة من بينها المجازر والإجلاء القسري والاستيلاء على الأرض الفلسطينية بالقوة وحجج مختلفة.
وقد لعبت المؤسسات الصهيونية المختلفة، مثل الصندوق القومي اليهودي، والوكالة اليهودية ومنظمة ييكا، فضلاً عن الانتداب البريطاني، لعبت دوراً مهما في نقل ملكية الأراضي العربية الفلسطينية لليهود. واستطاعت الحركة الصهيونية حتى العام 1948 من خلال نشاط مؤسساتها المحموم السيطرة على (9) في المائة من مجموع مساحة الأراضي الفلسطينية التي أنشئت عليها دولة الاحتلال في العام 1948، ولم يتبق لفلسطينيي الداخل سوى (2) في المائة حالياً.
تابعت السلطات الصهيونية خطواتها التهويدية بعد احتلالها الضفة والقطاع، فكانت القدس مركز التهويد لأهداف سياسية معروفة في مقدمتها اعتبارها العاصمة الأبدية لإسرائيل.
ومنذ العام 1967وحتى العام الحالي 2022؛ استطاعت دولة الاحتلال مصادرة القسم الأكبر من مساحة الضفة الفلسطينية واجتذاب نحو 700 الف مستوطن صهيوني لإسكانهم في (151) مستوطنة في الضفة وطوقين من المستوطنات حول القدس .
وقد اعتبرت الحركة الصهيونية وإسرائيل إقامة المستوطنات وتطور الاقتصاد الإسرائيلي، ركيزتين مكملتين لعملية الاحتلال والتهويد والتفريغ والسيطرة الديموغرافية، فضلاً عن كونهما الحزام الأمني والاقتصادي للتجمع الاستيطاني الصهيوني، فمنذ العام 1948 وقبله أقامت الحركة الصهيونية وإسرائيل مستوطنات تستحوذ على المهاجرين من اليهود من جهة، وتحقق عملية العزل والحصار للقرى العربية من جهة ثانية.
ومن أجل ذلك هدمت السلطات الصهيونية (478) قرية من أصل (585) قرية عربية وأنشأت على أطلال الكثير منها مستوطنات صهيونية أوبالقرب منها، وما زلنا نلحظ أن للمستوطنات وكذلك النشاط الاستيطاني بشكل عام أهمية قصوى في إطار نشاط المؤسسات والحكومات الصهيونية المتعاقبة لكونها ركيزة من ركائز المشروع الصهيوني وانطلاقه لتحقيق خطوات لاحقة؛ وعلى الرغم من الدعم الأمريكي والغربي المطلق لدولة الأبارتايد الصهيوني، استطاع الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه مواجهة المخططات الصهيونية والحفاظ على هويته الوطنية ، رغم تواطؤ النظم العربية العربية، وشعب بحجم التحدي سينتصر حتماً .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 340 / 2184571

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2184571 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40