الثلاثاء 16 آب (أغسطس) 2022

مقتضيات الوجود الفلسطيني

بقلم :نزار السهلي
الثلاثاء 16 آب (أغسطس) 2022

اشتداد الهجمة الاستعمارية الصهيونية على الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية، من غزة والضفة والقدس إلى الجليل والمثلث والنقب، يؤكد حقيقة أساسية وهي أن نضال الفلسطينيين بانتصاراتهم المؤجلة وانكساراتهم المتكررة، يمكنها أن تفرض نفسها كعامل أساسي في الصراع مع إسرائيل.
مع بديهة هذه الحقيقة بالنسبة للشعب الفلسطيني والعربي، إلا أنها مُصابة بداء التجاهل الدولي، والعجز العربي، الاستعلاء الرسمي عن هذه المعضلات بالتخبط في التفكك والانقسام وغياب استراتيجية الحد الأدنى فلسطينياً من الإلتزام بمراجعة سياسية شاملة، وفقدان التنسيق العام لخوض المواجهة التي يفرضها العدوان الإسرائيلي المستمرعلى الأرض والبشر والحجر، فرضا خسائر متتالية على الفلسطينيين وقضيتهم على الأقل في العقد الأخير، وأفقد قياداتهم السياسية المصداقية كما أفتقدتها الزعامات العربية وسياساتها المتعلقة بقضية فلسطين.
معظم ما يقال قبل وأثناء كل عدوان إسرائيلي، عن «ضرورة الإلتزام» بدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، وعن توصيف جرائم الاحتلال ومطالبة المجتمع الدولي أن يشفى من أمراض التجاهل والنفاق وإزواجية المعايير، أو التعلق بآمال عربية سقفها صندوق بريد لرسائل تهديد الاحتلال لإخضاع الضحايا الفلسطينيين، وأقلها صمت عن الجرائم وتبريرها، مع التصريحات والمقترحات الفلسطينية لصد العدوان المستمر، أصبح لها صفة الشلل من سياسة عملت على تقليص عوامل القوة الذاتية للقضية الفلسطينية الممثلة بالشارعين الفلسطيني والعربي، وما استتبع من سياسات المؤسسة الصهيونية غير المعنية بأوهام «السلام والتعايش» ومن وضوح استراتيجي لإسرائيل من وراء العدوان والجرائم بحق الشعب الفلسطيني، التي تمس صميم المصير والوجود الفلسطيني، فنحن بحاجة لشجاعة مختلفة عن سوبرمانية وتذاكي وفهلوة سياسية مجربة بنزيف الخسارات والفشل، والقضية الفلسطينية كي تسجل نقاط قوة على المشروع الصهيوني، بحاجة لإعادة تعبئة وإلتزام ذاتي بثوابت فلسطينية أولاً، ترتكز على تفعيل قوة الشارع ومؤسساته في منظمة التحرير وفي المجلسين المركزي والوطني، بعيداً عن إنتاج الشلل والفشل الذي يتحمل مسؤوليته من يتباكى على عجز المجتمع الدولي وهو من كبل نفسه به، مقابل أوهام أوسلو.

اشتداد الهجمة الاستعمارية الصهيونية على الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية، يؤكد حقيقة أساسية وهي أن نضال الفلسطينيين يمكنها أن تفرض نفسها كعامل أساسي في الصراع مع إسرائيل

من يعمل على محاولة استغلال الإرهاق الناتج عن العدوان الإسرائيلي المستمر لفرض الإخضاع الكلي على الشعب الفلسطيني، والاستسلام للأمر الواقع كمدخل للقبول بأي شكل من أشكال الحلول البعيدة عن الحقوق الفلسطينية، متناسياً أطماع إسرائيل وسياستها العدوانية المستمرة وإنكارها للحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة ولقرارات الشرعية الدولية والإمعان في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة، وتحميل من يدافع عن أرضه مسؤولية الإخفاق الشامل، كل ذلك تغليف لفشلٍ دولي ولانهيارات عربية أمام المؤسسة الصهيونية.
يتراءى لنا أنه في النتيجة الموضوعية، لمقتضيات الوجود الفلسطيني، إزاء عدوانية شطبه بالجرائم والتدمير الممنهج والسطو والتهويد والحصار وعمليات الإعدام الميداني، أنه بغير الإصرار على التمسك بترميم البيت الفلسطيني ومؤسساته وبموقع الشارع الفلسطيني الطليعي بالمواجهة والاشتباك مع المشروع الصهيوني، لن تكون هناك فاعلية نضالية وسياسية قادرة على صون الحقوق الفلسطينية، وكل عمليات تجيير رصيد «النضال السابق» من أجل تأمين سلطة فلسطينية بوظيفة محددة لإجهاض تراثها حتى تكون التصفية ذاتية، فشلت في جانب من هذه الجوانب، وينبغي الإقرار بهذا الفشل والمأزق الخطير، كذلك الأمر ينسحب على عملية تصوير أن المقاومة الفلسطينية بمقدورها إلحاق هزيمة عسكرية بالكيان المحتل وبتعليل أسباب استخدام السلاح على أنه أحد أسباب الكارثة على القضية، فهذا أمرٌ سخيف وبعيد عن جذر الصراع وأسبابه.
اتضح للفلسطينيين في سنوات خبرتهم الطويلة مع النظام الرسمي العربي، ومع ذرائع حصارهم وتطويقهم والانقضاض عليهم إسرائيليا، أن معظم النظام العربي يدفعهم حتى يكونوا بمرتبة متساوية مع عجزه في تحريف المقاومة و التحريض عليها، وإن شذ الضحايا وقاموا بصد المحتل بأدواتهم يكثر الفضل بادعاء نسب «البطولة والدعم» لهم، وعليه يبقى من مقتضيات الوجود الفلسطيني، رفض كل مزاعم الدعم وعدم شكر نزاهة الوسيط العربي بين المستعمر الصهيوني وضحاياه العرب الفلسطينيين، لأن المقتضيات العربية الرسمية تلتقي بالتطبيع فيما بينها وبين المؤسسة الصهيونية، وذلك ينسف الوجود الفلسطيني وحقه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2184593

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2184593 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40