الأحد 13 آذار (مارس) 2022

رجا إغبارية: فلسطين وأوكرانيا والكيل بمكيالين

الأحد 13 آذار (مارس) 2022

لقد أكدنا في بداية العملية العسكرية الروسية ان الشعب الأوكراني هو من سيدفع الثمن، كما في كل حروب البشرية تاريخياً. رغم ان اهداف العملية هي عسكرية بحتة مرتبطة بالأمن القومي الروسي ومنع تمدد الناتو وسلاحه النووي للجوار الروسي عبر نظام كييف الصهيونازي امريكي الذي دفعته أمريكا لعدم تنفيذ اتفاق مينسك، كذلك رفض الورقة الروسية لحفظ السلم العالمي وسلامة شعب أوكرانيا وشعب روسيا والإنسانية جمعاء، وهذا هو الشيء المبدئي الوحيد في كل هذه العملية العسكرية.

المعسكرات المتناحرة:

وعندما تبدأ الحرب تظهر المعسكرات المتناحرة على ظهر الشعوب التي تدفع الثمن! فها هو معسكر مقاومة الاستعمار الاممي يتبلور، كما المعسكر النيوليبيرالي الاستعماري بقيادة أمريكا يظهر بكل اطرافه حتى طابوره السادس “الثقافي ” كما يصفهم عادل سمارة.
“اخلاق الاستعمار”:

والحقيقة التي تظهر من تكشف المعسكرات انه لا جديد تحت الشمس، فمن كان ضد سوريا وانفق المليارات للقضاء على الدولة وتفكيكها بحجة انه يحارب “النظام الديكتاتوري” الوطني والقومي والاشتراكي ، يقف اليوم ضد روسيا بقيادة “الديكتاتور القومي الروسي” بوتين مثلما كان في السابق، رغم ان شعوبهما هي التي انتخبتهما بطريقة لا يعترف بها الغرب الرأسمالي ” الديمقراطي جداً والذي يحافظ على حقوق الانسان للشعوب جداً “، واذا نسيتم، انظروا الى احتلال أفغانستان منذ 20 عام وقتل نحو مليون انسان أفغاني، لتتحرر أفغانستان من جديد وتهزم ديمقراطيو كرزاي الامريكان، وانظروا الى حرب العراق والديمقراطية التي جاءت على ظهر دبابة أمريكية لتخلف النظام “الديكتاتوري” الصدامي القومي الاشتراكي، وقتل مليون عراقي واستبداله بنظام طائفي راكباً على الدبابة الامريكية حتى الآن .. انظروا كيف قضى الناتو على معمر القذافي لأنه “ديكتاتور” قومي ناصري اشتراكي، مستبدلينه بنظام قبلي ديني عميل يشرع أبواب دولته للاستعمار ..

وهل تتذكرون كيف فكك هذا الاستعمار نفسه “الاتحاد السوفياتي” وحوّله الى دويلات هزيلة كما اوروبا الشرقية التي عملت تحت كنف الاتحاد السوفياتي الاشتراكي الاممي، حيث يتمركز بها اليوم الاستعمار، لمحاصرة القوة العسكرية الأساسية في العالم التي تقف حجر عثرة امام سيطرة الإمبراطورية الامريكية العظمى عسكرياً، اقتصادياً وسياسياً على العالم برمته …

حرب دولرة :

صدام حسين والقذافي توقفا عن استعمال الدولار كعملة متداولة لبلادهم ولهذا قطعوا رأسيهما، ليس من أجل الديمقراطية ولا حقوق الانسان، بل من اجل الدولار وبسبب التمرد على السيد الأبيض.. وان لم يكن كذلك فاين هي الديمقراطية وحقوق الانسان الأوروبية والأخلاقية التي تحققت في العراق وليبيا وأفغانستان وحتى أوكرانيا والثورات الملونة ..

الآن تعلن روسيا والصين انهما لن تتداولا بعملة الدولار، حيث صنفهما بايدن منذ حملته الانتخابية على

رأس سلم الدول المعادية لأمريكا والعالم “الحر” المتوحش، الذي يقتل الشعوب بالملايين لتحقيق اهدافه.

شتان ما بين استعمار معلن ومقاومته:

روسيا والصين لم يحتلا أي دولة مثل أمريكا ولم يقتلا ملايين من شعوبها، قدمتا مساعدات عسكرية واقتصادية حسب طلب الدول ذات السيادة، لتقف في وجه الغول الأمريكي، نعم، منعوه من تحقيق رغبته وسياسته في السيطرة على العالم اقتصادياً ونووياً، نعم. اوقفوهم على أبواب دمشق العروبة، نعم .. واليوم بوتين يوقفهم على حدود أوكرانيا، نعم .. فالحرب اقتصادية نووية، تلعب فيها سيادة الدولار عالمياً مركباً اساسياً، إضافة الى عامل السلم العالمي.

محور روسيا والصين وسوريا وايران واليمن وفلسطين هي محاور مقاومة للاستعمار الصهيوأمريكي وأعوانه الخونة أينما كانوا ومن أي نوع كانوا، نحن نعرفهم بالاسم والدولة، والشعوب المظلومة تعرفهم.

ان أي مقارنة ومساواة بين هذا المعسكر الذي يدافع عن استقلاله وسيادته واقتصاده مع معسكر أمريكا الامبريالي الامبراطوري الذي “جر” العراق على دخول الكويت كي ينقض عليه، كما دفع الآن روسيا الى أوكرانيا ظناً منه انه سيتمكن ان يفضحه ويكشفه كدولة استعمارية، فشتان ما بين هذا وذاك. فالعملية الروسية ستحقق أهدافها المعلنة وسيخرج الجيش الروسي بعد ضمان امنه القومي، وهذا حقه ويعود اللاجئون الأوكرانيين الى بلادهم.
الطابور الخامس والسادس:

اما الطابور الخامس العميل والطابور السادس ” المثقف ” المأجور، فهو جاهز وينتظر رفع رأسه من تحت تراب انتصار دمشق على دواعشهم الدينية والعلمانية والاستعمار برمته الذي وقفت له روسيا بالمرصاد في سوريا واوقفته عند حده، الامر الذي خلق غصة عند الطابور السادس ” المثقف ” – مدفوع الأجر.

ها هم هؤلاء ينفذون أوامر السيد الممول القابع في القاعدة الامريكية قطر ومن لف لفها ليخرجوا ببيان العجزة الخالي من أي رصيد شعبي ، ليخرجوا من جحورهم ضد “الاحتلال الروسي” لأوكرانيا قبل ان يتم ذلك، وربما في كل يوم سيتم تسوية الأمور العالقة بين البلدين تفاوضياً ، الا اذا حارب بايدن وزيلينسكي حتى آخر جندي اوكراني وآخر مرتزق من الذين جلبهم الاستعمار ، نحو 100 الف، لجعل أوكرانيا وحلاً افغانياً لروسيا، الامر الذي يدركه بوتين جيداً، ولن يسمح به، خاصة وأنه فرز ممرات آمنة للمدنيين كي لا يمسهم بسوء، بهدف انهاء العملية العسكرية بأسرع ما يمكن ضد المدافعين عن التمدد النووي الأمريكي الى بلادهم .

الأسطوانة المشروخة جاهزة، ابتداءً من “أنظمة ديكتاتورية، قتل المدنيين وحقوق الانسان والحرية والديمقراطية “.. انها الأدوات المعدة في غرف “السي آي ايه”، لخداع الشعوب وهي لا تمر حتى على شعوبنا، فقد جربوها وما زالوا … يتذكرون ويعيشون ملايين قتلاهم على يد أمريكا، الذي صمت عنه طابور النيوليبيرالية السادس، لأنه في نهاية الموقف يؤيد القضاء على انظمتنا الوطنية والقومية ويحارب شعوبنا مع أمريكا و”إسرائيل” والأنظمة الوراثية من اجل تحويله “بكبسة” دبابة أمريكية الى شعوب ديمقراطية، وكأن أوروبا لم تستغرق 400 سنة من اجل الوصول الى ذلك، يا أكاديميين وباحثين. هنا يكمن الفرق بين الاستعمار والتطور الطبيعي للشعوب في أي اتجاه كان.

مقارنة احتلال فلسطين وأوكرانيا:

ان مقارنة احتلال “إسرائيل ” لفلسطين بعد عام 48 يكشف انهم “إسرائيليون” حتى النخاع وان “إسرائيل” التي تقوم على ارض الشعب الفلسطيني من البحر الى النهر هي بديهية وجود واحتلال بالنسبة لهم، تماماً كما تعتبرها أمريكا وتحويل الدولة اليهودية الى دولة ” لكل مواطنيها ” ودولة مساواة، حتى لو أدانوا احتلالها الذي لا يقاومونه الا “بالكنيست ” وعلى جزء من فلسطين (67)؟

فمن يدين بالولاء لدولة الاحتلال، يدين بالولاء لأسياد هذه الدولة المصطنعة، أمريكا والناتو، تحت عنوان الحرية والكرامة والديمقراطية، حيث يروج هؤلاء الى انهاء احتلال فلسطين عبر صناديق الانتخاب فقط، داخل “إسرائيل” الكبرى الموحدة تحت الاحتلال على كل ارض فلسطين … الى آخر هذه المشاريع التي تخدم الاحتلال الصهيوني، مشاريع مدفوعة الاجر من هذه الجوقة المأجورة.

لو خجل هذا “الكورس” من جماعة البيان (المرفق في مقال عادل سمارة) الذي يساوي بين احتلال فلسطين مع أوكرانيا لتواروا عن الأنظار. نقول لهم ان الفلسطينيين يتمنون ان يكون احتلالهم مطابق لاحتلال أوكرانيا الذي لم يحصل بعد ..

فالفلسطيني لا ينتظر “التفوق الأخلاقي النيوليبيرالي” الذي تتغنون به، بل يناضل ويقاوم الاحتلال بتقديم الشهداء منذ عام 1881، من اجل ان يصنع تحريراً وانتصاراً على الارض من الاستعمار الصهيوامريكي حاضنتكم، في “ارض الآباء والاجداد”، في ارض احتلال التطهير العرقي المستمر منذ عام 1881 ..

فهل حقاً احتلال أوكرانيا وفلسطين متشابه من حيث الجوهر والأسباب والاهداف مع أوكرانيا !!! يا ليتنا أوكرانيا، لنخرج الروس مثلما أخرجت الأقطار العربية الاستعمار القديم، بريطانيا وفرنسا.. المسألة ستكون مغايرة تماماً. أمريكا تحمي الاحتلال الصهيوني وتدعي “تحرير” أوكرانيا، انها سياسة الكيل بمكيالين الاستعمارية التي يتلقفها البعض المستنفر ليبيض وجهها.

يا أعداء سوريا وروسيا السياسيون، الشعب يعرفكم وقام بعزلكم، انظروا حولكم لتتأكدوا انه لو توقفت أموال قطر و”الكنيست” الصهيوني، لأصبحتم في خبر كان ..

قلوبنا مع الشعب الاوكراني ونتمنى له السلامة والسيادة، وجميعنا كمستضعفين مع قطبي روسيا والصين وكل المحور المقاوم للاستعمار الصهيوامريكي الرجعي، لان هؤلاء هم أعداء الشعوب ومصاصي دمائها واقتصادها وسيادتها. فلا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار، عندما تستعر الحرب بين معسكري الخير والشر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2184520

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2184520 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40