الأحد 13 شباط (فبراير) 2022

هل مازالت تونس نموذجا للديمقراطية العربية الناجحة؟

الأحد 13 شباط (فبراير) 2022 par لارا ايراهيم

تعد تونس النموذج الديمقراطي العربي الوحيد الذي خرج بسلسلة من الإنجازات خاصة على الأصعدة السياسية و صعيد حقوق الإنسان وحرية الصحافة أكثر من الصعيد الاقتصادي وذلك بعد انتفاضات ما يعرف بالربيع العربي.
الإنجازات التي حققتها تونس بعد الثورة:
شهدت تونس إنجازات سياسية مهمة ومشرفة أهمها عقد انتخابات سياسية حرة ونزيهة وسن دستور تقدمي وانتقال سلمي وسلس للسلطة في مناسبتين، بعد انتخابات 2014 وبعد وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي. الا أن الديمقراطية التونسية تبقى مهددة في ظل الفشل الواضح في إدارة الملف الاقتصادي للبلاد وتراجع القدرة الشرائية للمواطن التونسي وزيادة معدلات التضخم وزيادة نسبة عدم التوظيف لفئة الشباب حيث أن الإنسان لا يحتاج فقط للحريات بل هو بحاجة أيضا إلى ما يقتات عليه ليتمتع بحياة كريمة…
فترة شهر العسل في العلوم السياسية:
في علم السياسة هناك ما يعرف ب “فترة شهر العسل” وهي فترة رضا شعبي عادة ما تكون متعلقة بالرئيس الجديد أو الحكومة الجديدة حيث يسعى هذا الرئيس او الحكومة إلى كسب التأييد الشعبي عبر مجموعة من الوعود والقرارات التي تصب في مصلحة الشعب، وهذا ما مرت به تونس حين تولى الرئيس التونسي قيس سعيد كونه أستاذ في القانون الدستوري ويلقبه مجموعة واسعة من التونسيين بالنظيف وابن الشعب والفقراء غير المنخرط في الفساد. وجد مركز جالوب أن فترات العسل الرئاسي أصبحت أقصر وأقصر وذلك بحلول القرن العشرين حيث تقلصت فترة شهر العسل السياسي النموذجية إلى 7 أشهر بعدما كانت ما تقارب ال26 شهرا في التاريخ الأمريكي.
فترة ما بعد شهر العسل في العلوم السياسية:
في علم السياسة هناك أيضا ما يعرف بفترة ما بعد شهر العسل وهي الفترة التي تلي الثورات الشعبية وهي فترة تذبذب تتميز بتشكيك الشعب بإنجازات الثورة وما قدمته لهم و قد تصل إلى الحنين للنظام السابق نظرا لأن غالبية الشعب لا يستوعبون أن الثورات بحاجة إلى مدة عشر سنوات على الأقل ليبدأ الشعب في جني ثمارها.
قرارات قيس سعيد الإستثنائية:
قيس سعيد الذي وصل لسدة الحكم في تونس بعد انتخابات شفافة بشهادة مراقبين محليين ودوليين في 2019 كان مصدر أمل كبير للتونسيين لأسباب سبق ذكرها إلى أن خرج الأخير بمجموعة من القرارات الاستثنائية التي وضعت الديمقراطية التونسية في محل التساؤلات والتشكيك مع وجود مخاوف مشروعة من العودة لزمن الدكتاتورية الذي تصدى لها وثار عليها التونسيون في ال2011. تمثلت هذه القرارات في إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من صلاحياته مع تجميد اختصاصات مجلس النواب ورفع الحصانة عن جميع أعضائه بالإضافة إلى توليه جميع السلطات، وقد توجها أخيرا بحل المجلس الأعلى للقضاء والذي يتهمه بالتراخي في البت في قضايا الفساد المالي والسياسي والتستر على الجرائم الارهابية. جميع هذه الإجراءات بررها الرئيس التونسي بأنه ينقذ الدولة من خطر داهم. هذا وقد تباينت ردود أفعال التونسيين بين من رأى أن سعيًد يعمل على تصحيح المسار الديمقراطي ووضع حد للفساد والفوضى الحاصلة داخل البرلمان بينما اعتقد قسم اخر من التونسيين بأن ما قام به الرئيس خرق واضح للدستور وانقلابا عليه.
هل كان انقلابا عسكريا أم خطوة ضرورية لحماية البلد؟
يصف الباحث القانوني التونسي عياض بن عاشور الخطوة التي اتخذها قيس سعيُد بأنها انقلاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى إلا أنه في حالة عدم تواجد محكمة دستورية لن يكون لدى المعارضين أي سبيل قانوني للطعن في قرارات الرئيس. تخبرنا العلوم السياسية أن قرارات الرئيس سعيًد لا تشكل انقلابا لأنها لا تستهدف رئيس الدولة ولا تهدد بالعنف. يمكن تصنيف التحركات التي قام بها سعيُد أقرب إلى مفهوم الانقلاب الذاتي حتى أن تصرفاته للاحتفاظ بالسلطة تعد محدودة جدا وفقا لمعايير الانقلابات الذاتية في أمريكا اللاتينية.
هل رفع سقف الحريات يكفي لاستمرار الحرية في تونس؟
رفع سقف الحريات لا يعتبر حلا سحريا للمشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية والوضع الاقتصادي المتدني الذي يعد الخطر الأكبر الذي يهدد نجاح أي ديمقراطية ولذلك على الرئيس سعيد أن يسعى إلى التركيز على الحلول الإقتصادية حيث أن التركيز على الإصلاح السياسي وحده لا يكفي حيث أن الأزمة الاقتصادية الخانقة نهشت حياة الشعب خاصة في ظل أزمة كورونا التي رمت بظلالها سلبا على قطاع السياحة دافعة كثير من الشباب التونسي نحو الهجرة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 112 / 2184495

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2184495 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40